رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

((نِعْمَةُ الْإِيمَانِ وَحَقِيقَتُهُ))26

بوابة الوفد الإلكترونية

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

أَمَّا بَعْدُ:

فَالْحَمْدُ لِلهِ الَّذِى غَرَسَ شَجَرَةَ الْإِيمَانِ فِى قُلُوبِ عِبَادِهِ الْأَخْيَارِ، وَسَقَاهَا وَغَذَّاهَا بِالْعُلُومِ النَّافِعَةِ، وَالْمَعَارِفِ الصَّادِقَةِ، وَاللَّهَجِ بِذِكْرِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَجَعَلَهَا تُؤْتِى أُكُلَهَا وَبَرَكَتَهَا كُلَّ حِينٍ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَالنِّعَمِ الْغِزَارِ.

إِنَّ الْإِيمَانَ هُوَ أَجَلُّ نِعَمِ اللهِ عَلَى الْعَبْدِ،حَيْثُ يَقُولُ (سبحانه): {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِى قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[الحجرات: 7- 8].

هَذِهِ أَكْبَرُ الْمِنَنِ: أَنْ يُحَبِّبَ الْإِيمَانَ لِلْعَبْدِ، وَيُزَيِّنَهُ فِى قَلْبِهِ، وَيُذِيقَهُ حَلَاوَتَهُ، وَتَنْقَادَ جَوَارِحُهُ لِلْعَمَلِ بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ؛ وَيُبَغِّضَ اللهُ إِلَيْهِ أَصْنَافَ الْمُحَرَّمَاتِ.

إِنَّ الْإِيمَانَ الْحَقِيقِيَّ تَصْدِيقٌ بِكُلِّ مَا جَاءَ عَنِ اللهِ -سُبْحَانَهُ-، وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ، وَقَدْ جَاءَ فِى حَدِيثِ جِبْرِيلَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- الْمَشْهُورِ بَيَانُ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ الَّذِى يَنْبَغِى أَنْ يَتَجَسَّدَ فِى قَلْبِ الْمُؤْمِنِ، حِينَمَا سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْإِيمَانِ، فَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:((أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ)).

فَلَيْسَ الْإِيمَانُ كَلِمَةً تُقَالُ بِاللِّسَانِ فَقَطْ، وَلَكِنَّ الْإِيمَانَ مَا وَقَرَ فِى الْقَلْبِ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ، يَقُولُ -سُبْحَانَهُ-:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[الأنفال: 2-4].

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

مِنْ أُصُولِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ: أَنَّ الْإِيمَانَ عِنْدَهُمْ: ((تَصْدِيقٌ بِالْجَنَانِ، وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ وَالْأَرْكَانِ، يَزِيدُ بِطَاعَةِ الرَّحْمَنِ، وَيَنْقُصُ بِاتِّبَاعِ الشَّيْطَانِ؛ بِالْإِتْيَانِ بِالْمَعَاصِى وَالْبُهْتَانِ)).

وَالْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ؛ قَوْلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ, وَعَمَلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ.

فَقَوْلُ الْقَلْبِ: اعْتِقَادُهُ، وَتَصْدِيقُهُ، وَإِقْرَارُهُ،

وَيَقِينُهُ.

وَقَوْلُ اللِّسَانِ: إِقْرَارُهُ بِالْعَمَلِ؛ يَعْنِي: النُّطْقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُمَا.

وَعَمَلُ الْقَلْبِ: نِيَّتُهُ، وَتَسْلِيمُهُ، وَإِخْلَاصُهُ، وَإِذْعَانُهُ, وَحُبُّهُ، وَإِرَادَتُهُ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.

وَعَمَلُ اللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ: فِعْلُ الْمَأْمُورَاتِ، وَتَرْكُ الْمَنْهِيَّاتِ.

((وَلَا إِيمَانَ إِلَّا بِالْعَمَلِ، وَلَا قَوْلَ وَلَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ، وَلَا قَوْلَ وَلَا عَمَلَ وَلَا نِيَّةَ إِلَّا بِمُوَافَقَةِ السُّنَّةِ)).

وَقَدْ أَطْلَقَ اللهُ -تَعَالَى- صِفَةَ الْمُؤْمِنِينَ حَقًّا فِى الْقُرْآنِ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا، وَعَمِلُوا بِمَا آمَنُوا بِهِ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ، وَظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ, وَظَهَرَتْ آثَارُ هَذَا الْإِيمَانِ فِى عَقَائِدِهِمْ، وَأَقْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمُ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ.

وَقَدْ قَرَنَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- الْإِيمَانَ مَعَ الْعَمَلِ فِى كَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ فِى الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [الكهف: 107].

وَقَالَ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِى أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72].

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((قُلْ آمَنْتُ بِاللهِ؛ ثُمَّ اسْتَقِمْ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً؛ فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَالْعِلْمُ وَالْعَمَلُ مُتَلَازِمَانِ لَا يَنْفَكُّ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ، وَالْعَمَلُ صُورَةُ الْعِلْمِ وَجَوْهَرُهُ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.