عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إسماعيل المهدوى..الرجل الذى قال..لا فى وجه من قالوا: نعم!

إسماعيل المهدوى
إسماعيل المهدوى

ـ جامعات العالم فتحت له أبوابها بسبب عقليته الفلسفية الباهرة

ـ رفض الوقوف لتحية الملك فاروق فتم اعتقاله وحرمانه من التدريس فى الجامعة

 

 

ـ«الخوفُ..

ـ صار وطناً

ـ وصارَ عملةً

ـ وصارَ لغةً قوميةً

ـ صارَ نشيداً وهويةً»

 

 (أحمد عبدالمعطى حجازى 1973)

 

 

عندما يخاف الوطن من المثقف، فإنه يصبح وطناً ضعيفاً، مهزوماً، مكسوراً، وأحياناً موتوراً! الخوفُ يجعله يفتش عن المثقف فى كل مكان، يبحث عنه بين طوابير الخبز وفى الحانات وفى الملاعب والمسارح ودور السينما والندوات وبين الفلاحين وعمال التراحيل، وفى قاعات العلم، وعلى عتبات الحلم، وبين الأزقة والحوارى والقرى والنجوع، وفى الأسواق والحوانيت والتوابيت، وعلى شواطئ البحار، وبين صُناع الحلوى ولعب الأطفال والسجاد والفخار، وما إن يسقط المثقف بين أنياب الوطن، فإنه بدواعى الخوف يرسله وراء الأسوار متهماً فى قضية وأحياناً بلا قضية، أو يدفنه فى مقبرة، ليس لها قرار، وفى بعض الأزمة كما حدث مع المثقف والمفكر والمناضل إسماعيل المهدوى (1923- 1996) فإنه يرسله إلى مستشفى للأمراض العقلية؛ ليموت حياً، حتى لا يفكر، ولا يذكر مرة أخرى كلمة حرية! يحدث هذا فى الوطن أى وطن، إذا ما صارَ الخوف فيه عملة، ولغة، ونشيداً وهوية!

<>

 (الحلمية الجديدة 1970)

الساعة الآن الرابعة، زوار الفجر، يستعدون للصعود للشقة رقم 4 فى شارع (على باشا مبارك).أسفل العقار تقف سيارة سوداء دون لوحات، يصعد ثلاثة أشخاص للطابق الثانى، هل أنت إسماعيل المهدوى؟ يرد بعدما طار النوم من عينيه، نعم، اتفضل معنا، وقبل أن يسأل إلى أين؟ كان يُدفع دفعاً للنزول للسيارة التى دار محركها، وتحركت مسرعة، إلى جهة غير معلومة، فى التاسعة صباحاً وجد نفسه أمام وكيل النيابة «صهيب حافظ» الذى حقق معه فى الاتهام الموجه إليه فى القضية رقم 315 لسنة 1970 حصر أمن دولة عليا، وبعد أربعة أيام من التحقيقات قالوا له: أنت متهم بكتابة وإرسال أوراق دعائية ضد الدولة، والإساءة للسلطة! أنا..أنا..أنا، هو يسأل، ولا أحد يرد، وفى نهاية التحقيق وجد نفسه فى عنبر رقم 12 بمستشفى العباسية للأمراض العقلية، لأنه يحتاج إلى علاج عقلى، كونه يتحدث بكلمات غير مفهومة عن الحرية والديمقراطية والإمبريالية العالمية

<>

 (القناطر الخيرية 1978)

بعد مرور 8 سنوات، على وجوده ما بين مستشفى الخانكة ومستشفى العباسية، تحرك الكاتب عبدالرحمن الشرقاوى، وطلب لقاء الرئيس أنور السادات، وبالفعل ذهب إليه فى استراحة القناطر، وكان بصحبته أبويوسف سيف.

ـ خير.. يا شرقاوى؟

ـ يا ريس.. إسماعيل المهدوى قضى حتى الآن 8 سنوات فى غرفة انفرادية داخل العنبر الخاص بالمذنبين فى مستشفى المجانين، دون أن يُحاكم محاكمة عادلة، بسبب معارضته للرئيس الراحل عبدالناصر، ولقد تحمل الرجل، ما لا يتحمله بشر.

ـ يا شرقاوى.. إحنا رجعنا الأرض. الأرض اللى انت كتبت عنها روايتك الشهيرة، والأرض محتاجة للبناء، وأنا ببنى البلد يا شرقاوى! نعم حققنا جزءًا بالحرب والباقى سيتحقق بالسلام.

ـ يا ريس.. إسماعيل ليس مجنوناً ولم يكن مجنونا، وحضرتك يا ريس تعرفه منذ أن كنت رئيساً لمجلس إدارة صحيفة الجمهورية التى كان يعمل بها.

ـ طبعا.. يا شرقاوى أعرفه جيداً، وأعرف أنه كان يطالب بالديمقراطية وأنا مثله- ومثلك- أحب الديمقراطية، (بعد سنوات قال السادات إن الديمقراطية لها أنياب!)

ـ يا ريس.. إسماعيل أحد أفضل عقول هذا البلد، ويحبه ويحب له الخير والعدل والحرية مثلنا جميعا.

ـ شوف يا شرقاوى أنت وأبويوسف: إسماعيل لن يخرج من مستشفى المجانين، إلا إذا كتبت أسرته إقراراً قالت فيه إنه كان مجنوناً بالفعل قبل دخوله المستشفى! الزيارة انتهت يا شرقاوى..وابقى خلينا نشوفك!

وبالطبع رفضت الأسرة طلب السادات الذى كان يعنى ضمنياً، أنه لم ترتكب فى حقه أى جريمة، وأنه- مجنون رسمى- لذلك اعتقل خلف أسوار مستشفى المجانين.

<>

 (القاهرة – 1981)

بعد عدة سنوات أخرى، حدث للمرة الأولى وبعد مرور 11 عاماً على اعتقاله، ليموت مقتولاً أو يعيش مجنوناً، أن تضامن معه 500 من أساتذة الجامعات والكتاب والأدباء والفنانين والمثقفين، ورجال القانون والطلاب والفلاحين والعمال، وأعلنوا رفضهم أساليب قهر وتعذيب إسماعيل المهدوى، لا لشىء؛ إلا لكونه قال آراء مخالفاً فيها الرئيس عبدالناصر منذ عام 1954، وطالب البيان المنظمات السياسية والحقوقية، بالتدخل لدى الرئيس السادات لخروجه، ولكن شاءت الأقدار؛ ألا يصل هذا النداء فى موعده، حيث وصلت قبله، رصاصات خالد الإسلامبولى إلى جسد الرئيس السادات فى حادث المنصة الشهير (أكتوبر-1981) الذى قتل فيه! ليموت السادات، ومن قبله عبدالناصر، ويبقى المهدوى فى مكانه.

<>

(القاهرة – 1984)

الكاتب المناضل الراحل صلاح عيسى اشتبك مع القضية التى وصفها بقضية الضمير العام وكتب فى صحيفة الأهالى بتاريخ 17 نوفمبر العدد 85 مقالاً يمتلئ بالسحر والجمال والحق والجرأة أكد فيه أنه قد جاء الوقت، لإنقاذ إسماعيل المهدوى، صاحب الموهبة المصرية العربية النادرة، والعقل الذكى، المتوهج، المشتعل، الذى أعطى وما زال يعطى كتابة، وتفكيراً، ومواقف حتى وهو خلف أسوار «نفخ المخ» وتدمير الأبدان وإهانة الإنسان! صحيفة «الوفد» أيضاً تفاعلت مع القضية عن طريق أحد أهم محرريها عبر تاريخها، الكاتب الصحفى سيد عبدالعاطى، الذى التقط الخيط من مقال صلاح عيسى حسب قوله- وبدعم من رئيس تحريرها الراحل مصطفى شردى وقام بحملة صحفية ضارية، خاطب فيها الضمائر التى غابت، والعقول التى تاهت، والقلوب التى خافت، من الاقتراب من قضية المهدوى، وتركوه خوفاً أو حقداً فى سلخانات التعذيب، التى دخلها ظلماً، وقهراً، دفاعاً عن العدل والحرية والكرامة الإنسانية، هذه الكرامة التى دافع عنها ضد الملك فاروق منذ صباه.

<>

 (الإسكندرية – 1946)

عندما نعود إلى هذه المدينة الجميلة، نجد المهدوى ولد وعاش وتعلم فيها، وواصل حياته الدراسية بتفوق فى كل مراحلها، وفى الوقت نفسه اهتم بالعمل السياسى والثقافى والإبداعى.وذات ليلة من ليالى الصيف الجميلة، دخل إلى السينما، وجلس انتظاراً لمشاهدة فيلم، كما اعتاد كل أسبوع، الشاشة تعلن عن قرب عرض الفيلم، الحضور من الجماهير، بدأوا الاستعداد للوقوف، بعد دقائق أضاءت السينما أنوارها، على صوت أغنية مبتذلة، تتغنى فى حب وعظمة الملك فاروق، رواد السينما وقفوا جميعاً، وبدأوا يتغنون ويهتفون باسم الملك، فى الصف الأول، يجلس شاب نحيل الجسد، متيقظ الذهن، ويضع ساقاً فوق الأخرى، ولم يقف ولم يهتف مثلهم، هذا الشاب هو المهدوى نفسه، وانتهت الأغنية والفيلم، الحضور بدأوا مغادرة القاعة، إسماعيل بدأ يتحرك مثلهم فى طريقه للخروج، فى الممر يستوقفه رجل متجهم الملامح، طويل القامة، يرتدى بالطو أسود، وقال له: يا هذا قف مكانك! ثم قال: هيا بنا إلى مكتب القلم السياسى، ومنه للنيابة وهناك كانت التهمة «ازدراء الذات الملكية» وبناء على ذلك تم احتجازه فى سجن «الحضرة» بالإسكندرية.

<>

 (بورسعيد 1948)

بعد شهور خرج من السجن، وواصل تفوقه الدراسى، حتى حصل على ليسانس الفلسفة جامعة القاهرة بتقدير امتياز، لذلك عرضت عليه عدة جامعات عالمية، استكمال دراساته العليا لديها، وفى الوقت نفسه قررت جامعة القاهرة تعيينه معيداً فى كلية الآداب، لكن هذا القرار لم ينفذ، بسبب تهمة ازدراء الذات الملكية! وبعد شهور من رفض تعيينه بالجامعة، بدأ رحلة العمل مدرساً للمراحل الثانوية وكثف حضوره السياسى مع تيار اليسار الذى انتمى إليه منذ صباه، وقام بترجمة عشرات الكتب الثقافية منها رواية «الإخوة الأعداء» ونقل الفلسفة الوجودية من فرنسا إلى مصر، ثم انضم للدفاع عن الوطن من خلال المقاومة بعد عدوان 1956 كان قبل ذلك تطوع مع الفدائيين سنة 48 و1951- فى بورسعيد، وهناك التقى مع الآنسة زينات الصباغ التى تزوجها وأكملت معه رحلة الشقاء والعناء فى حب الوطن.

<>

 (القاهرة 1959)

فى شهر يناير قامت قوات الأمن بالقبض على عشرة آلاف يسارى تحت اسم «قضية الشيوعية الكبرى»، وكان من بينهم إسماعيل المهدوى وزوجته زينات التى كانت حاملاً فى طفلها الأول طارق، وتم اعتقالهما معا، والتهمة هذه المرة هى المطالبة بالديمقراطية والحرية وعودة الحياة السياسية الطبيعة، وذهب هو إلى سجن الواحات الرهيب إحدى سلخانات التعذيب فى ذلك الزمان، وذهبت هى وحملها إلى سجن القناطر الحزين، الغارق فى دموع النساء والأطفال، وبعد شهور وضعت طفلها وراء الأسوار، وعن هذه الفترة يتذكر الابن طارق، قائلاً: قالت لى أمى، كنت على صدرى ما زلت طفلاً صغيراً، وأنا لا أملك القدرة على

إرضاعك مثل غيرك، ولا أشترى لك لعبة مثل غيرك، ولا أحكى لك حكاية قبل نومك مثل الأطفال، كنت أحاول ولكن لم أستطع؛ لأن الواجبة كانت رغيف خبز وقطعة جبن وثلاث ورقات من الجرجير مع طبق الفول الممتلئ بالحشرات، يسكت طارق ثم يكمل: بعدما وضعتنى أمى بشهور قليلة، اُصيبت بالشلل، بسبب سوء المعاملة والتغذية حتى أنها عجزت عن إرضاعى، وتسرب الخبر لسجون مصر كلها، فقرر المعتقلون الشيوعيون الإضراب عن الطعام إلى أن تتحسن معاملة أمى، وقبل أن يشمل الإضراب باقى التيارات السياسية، استجابت السلطة، وقامت بتحسين نظام الطعام والشراب للأم وطفلها، وتحسين المعاملة مع أبى فى سجن الواحات.

<>

 (القاهرة – 1965)

بعد خمس سنوات من الاعتقال والتعذيب والتنكيل فى المعتقلات قرر جمال عبدالناصر خروج كل التيارات اليسارية والشيوعية فى صفقة عرفت وقتها أن هدفها هو الترويج للمشروع الناصرى الوطنى الاشتراكى، وإجبار القيادات أو بعضها على السير فى اتجاه حل الحزب الشيوعى المصرى؟ إسماعيل المهدوى كان من الشخصيات التى لم تتجاوب مع هذه الصفقة، وبعد خروجه من المعتقل التحق بالعمل فى صحيفة الجمهورية، وبدأ فى كتابة مقالات نقدية ودراسات سياسية وفكرية يعلن فيها رفضه للديكتاتورية والرأى الواحد، والصوت الواحد، والاتجاه الواحد، وهذا جعله فى حالة مواجهة دائمة، وضارية مع نظام عبدالناصر.

<>

 (القاهرة 1967)

مرت السنوات، وهو يؤمن بالحرية والديمقراطية والرأى والرأى الآخر، إلى أن حدثت نكسة 67.يومها شعر إسماعيل مثل البعض بأنه شريك فى المسئولية، وأن الجميع شارك فى خداع الجماهير، وحان الوقت لمواجهة السلطة التى تسببت فى احتلال سيناء والأراضى العربية.

<>

 (باريس 1968)

هذه الآراء والأفكار جعلت قيادات صحيفة الجمهورية التى يعمل بها تضيق عليه الخناق، فقرر السفر إلى باريس لاستكمال رسالة الدكتوراه فى الفلسفة، وحصل على إجازة بدون مرتب قابلة للتجديد، ومنحته الصحيفة تذاكر سفر مجانية، ووصل إلى باريس وبدأ الدراسة، وبعد ثلاثة أشهر أرسلوا له خطاباً، قالوا فيه: لقد ألغينا الموافقة على منحك إجازة بدون مرتب، وأنت الآن متغيب عن العمل، لذلك إما العودة أو الفصل!

<>

 (القاهرة – 1968)

عاد الرجل مجبراً، وذهب إلى الصحيفة، ومرت الأيام والشهور وهو محروم من عودته للعمل، وممنوع من الكلام، وممنوع من الكتابة، فبدأ يكتب خطابات لكل الجهات يعرض فيها معاناته والتعنت معه والفصل التعسفى الذى أصابه، ثم حرك دعوى قضائية ضد الصحيفة، والمحكمة بعد عدة أشهر حكمت له وأنصفته وطالبت بعودته لعمله، وتعويضه عما لحقه من أضرار مادية ونفسية، وقبل أن يذهب لتسلم صورة من الحكم، تم القبض عليه وحجزه فى مستشفى الأمراض العقلية! وظل خلفها كل هذه السنوات يرسل الخطابات والاستغاثات لكل المؤسسات، ويطالب فيها بالخروج من هذا الجحيم الذى وضعوه فيه، فهو ليس مجنوناً ولا معتوهاً كما يدعون، لكن لم يسمع صوته أحد، إلا القليل من أصحاب الضمائر الحية!

<>

 (القاهرة – 1985)

كبر الطفل طارق والتحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وبدأ يتحرك فى كل اتجاه لإنقاذ أبيه، وظل سنوات يتنقل بين أركان الدولة السياسية والثقافية والقضائية والحقوقية مدعوماً من شخصيات ومؤسسات سياسية وفكرية، ثم انضمت له نقابة الصحفيين- بعدما تذكرت فجأة أن المهدوى أحد أعضائها- ليشتد الصراع بين الحق والباطل، بين العقل والجنون، بين الظلم والعدل، من أجل إنقاذ الرجل الذى كان قد وصل عمره إلى الستين عاماً.

<>

 (القاهرة 1987)

وأخيراً نجحت المحاولات ووافقت الدولة على خروجه، ويوم أن ذهب ابنه لتسلمه من المستشفى قالت له المديرة «إنها راجعت ملفه الطبى ولم تجد فيه ما يستدعى بقاءه فى مستشفى المجانين من الأساس، وإنها لا تمانع فى خروجه وعودته إلى بيته، إذا صدر لها أمر من مكتب النائب العام بذلك». وهكذا بكل بساطة تستطيع الأنظمة أن تحولك من عاقل إلى مجنون، ومن مجنون إلى عاقل، والمدهش فى الأمر أن نيابة أمن الدولة العليا فى ذلك الوقت أكدت أنها بعد التحقيق مع المواطن إسماعيل المهدوى يوم 9 أبريل 1970 قد حفظت القضية ولم تأمر بحبسه أو سجنه فى المستشفى، وتم رفع تحفظ النيابة العامة بعد إعلان النائب العام الذى جاء بعد تدخل نقابة الصحفيين يوم 24 مارس 1987 ليخرج الرجل من مستشفى العباسية، بعد كل هذه السنوات، وهو ما زال- وهذا هو الجنون ذاته- محتفظاً بعقله، وتوازنه النفسى، رغم العذاب والتعذيب البشع الذى عاش وتعايش معه وسط المجانين، يأكل طعامهم، ويشرب شرابهم، ويضحك ضحكهم، ويبكى بكاءهم، ويتعاطى يومياً الدواء، وجلسات الكهرباء مثلهم، لمدة 17 عاما كاملة.

<>

 (القاهرة – 1987)

فى منتصف سبتمبر من نفس العام خرج إسماعيل المهدوى من ذلك الجحيم الذى أُلقى فيه، بلا ذنب أو جريمة، ليعيش ما تبقى من عمره فى الحياة، فى هدوء وسكينة، فقام بتأسيس شقة جديدة بإمكانيات بسيطة، وتزوج السيدة راوية السباعى، وواصل كتاباته الثقافية، وترجماته الفكرية، ودراساته الفلسفية، بحثا عن الحرية والعدل والكرامة والمساواة والرحمة، وهى الأشياء التى تمناها لنفسه ووطنه.

***

..وفى يونيه 1996 رحل عن دنيانا هذا الكاتب والمفكر وهو يؤمن فيما اعتقد- بمقولة الراحل «نجيب محفوظ» التى جاءت على لسان أحد أبطاله:

ـ إذا أردت الرحمة، قتلناك بلا تحقيق.

ـ وأن أردت العدل، قتلناك بعد تحقيق.

ـ وإن أردت الحرية؛ فاقتل نفسك بالوسيلة التى تفضلها»!

...لقد عاش المهدوى..يقول: لا.. من أجل الرحمة، والعدل، والحرية، ومات المهدوى وهو يقول: نعم.. للرحمة، والعدل، والحرية، ومن يطلب، الرحمة، والعدل والحرية- فى أى زمان وأى مكان- يظل حياً لا يموت!