مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ الْعُلْيَا لِلْأُمَّةِ سَبِيلُ وَحْدَتِهَا
الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ:
فَإِنَّ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ (ص)، وَكَذَلِكَ مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ مِنْ أَهْلِ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافِ وَالْغِنَى فِي الْعِلْمِ، مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ: أَنَّهُمْ يُرَاعُونَ الْمَصَالِحَ الْعُلْيَا لِلْأُمَّةِ، يُقَدِّمُونَ مَصْلَحَةَ الْأُمَّةِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الشَّخْصِيَّةِ.
لَا يَعْتَبِرُونَ الْمَصْلَحَةَ الْخَاصَّةَ وَلَا يُبَالُونَ بِهَا، وَيَنْظُرُونَ إِلَى الْمَصَالِحِ الْعُلْيَا لِلْأُمَّةِ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ مَا نَالَ مِنَ الْأُمَّةِ عَدُوٌّ مِثْلَمَا نَالَتِ الْأُمَّةُ مِنْ نَفْسِهَا؛ بِاخْتِلَافِهَا، وَتَدَابُرِ قُلُوبِ أَبْنَائِهَا!!
وَكَيْفَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَرَسُولُ اللهِ (ص) قَدْ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ هَذَا هُوَ حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْهُمْ؛ «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ»؟!! رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الصَّحَابَةُ كَانُوا يُرَاعُونَ مَصْلَحَةَ الْأُمَّةِ الْعُلْيَا، يَحْرِصُونَ عَلَى الْأَرْضِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ، يُقَاتِلُونَ دُونَهُ، وَيُجَاهِدُونَ مَنْ أَرَادَ اغْتِصَابَهُ وَالِاعْتِدَاءَ عَلَيْهِ، وَلَا يُحْدِثُونَ الْفَوْضَى وَلَا الشَّغْبَ فِيهِ، وَلَا يَكُونُونَ إِلَى ذَلِكَ سَبَبًا وَلَوْ بِكَلِمَةٍ.
فَالنَّبِيُّ (ص) هُوَ الَّذِي عَلَّمَهُمْ، وَهُوَ الَّذِي رَبَّاهُمْ، وَهَذَا سَبِيلُ سَلَفِكَ الصَّالِحِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ.
فَاتَّقِ اللهَ فِي نَفْسِكَ؛ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَتبعَهُ؛ فَإِنَّمَا تُقَامِرُ بِآخِرَتِكَ، وَلَيْسَ لَكَ بَعْدَهَا مِنْ بَعْد؛ فَاتَّقِ اللهَ فِي مُسْتَقْبَلِكِ الْحَقِّ.
إِيَّاكَ وَتَحَزُّبَاتِ الْخَلْقِ، وَأَقْبِلْ عَلَى دِينِكَ، وَإِيَّاكَ
الدِّينُ وَاضِحٌ وَمُبِينٌ، وَعَلَيْهِ نُورٌ وَلَآلَاءٌ، وَفِي السُّنَّةِ بَرْدُ الْيَقِينِ وَطُمْأْنِينَةُ الْإِيمَانِ.
اتَّقُوا اللهَ.
أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الْمَرْحُومَةُ؛ تَمَسَّكِي بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ (ص) بِفَهْمِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ (ص).
عُودِي -أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ- إِلَى الْأَمْرِ الْعَتِيقِ، إِلَى الْأَمْرِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَخْرُجُ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْخِلَافِ، تَتَآلِفُ الْقُلُوبُ، وَتَتَوَحَّدُ الْوُجْهَةُ، وَتَتَآزَرُ الْقُوَى، وَتَتَسَانَدُ الْأَبْدَانُ، وَتَتَعَاضَدُ السَّوَاعِدُ؛ بِنَاءً فِي هَذَا الْوَطَنِ.
اتَّقُوا اللهَ فِي وَطَنِكُمْ -عِبَادَ اللهِ-، وَاتَّقُوا اللهَ فِي أَوْطَانِكُمْ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ-؛ فَإِنَّهَا مُسْتَهْدَفَةٌ مُرَادَةٌ مَطْلُوبَةٌ.
تَآزَرُوا، وَتَعَاوَنُوا، وَنَمُّوا الْمَوْجُودَ؛ حَتَّى تُحَصِّلُوا الْمَفْقُودَ، وَلَا تَتَّبِعُوا السَّرَابَ؛ فَإِنَّهُ هَبَاءٌ يُفْضِي إِلَى يَبَابٍ.
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَعْصِمَهُ مِنَ الْفِتَنِ ظَاهِرَهَا وَبَاطِنَهَا؛ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنْ يَعْصِمَ جَمِيعَ أَوْطَانِ الْمُسْلِمِينَ.
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.