رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دِينُ الْعَمَلِ فِى رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ

بوابة الوفد الإلكترونية

لْنَعْلَمْ أَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ الْمُبَارَكَ هُوَ شَهْرُ الْجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ وَالْعَمَلِ، فَلَا يَقِلُّ جُهْدُنَا وَعَمَلُنَا فِى رَمَضَانَ مُقَارَنَةً بِغَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ تَحْتَ دَعَاوَى الْإِرْهَاقِ وَالتَّعَبِ.

لَقَدْ دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى فَضْلِ الِاكْتِسَابِ؛ فَفِى الِاكْتِسَابِ وَالْعَمَلِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ؛ فِيهِ: مَعْنَى التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَطَلَبُ الْفَضْلِ مِنْهُ، وَبِالِاكْتِسَابِ يَتَعَفَّفُ الْإِنْسَانُ عَنْ ذُلِّ السُّؤَالِ.. فِى الْعَمَلِ قُوَّةً لِلْأُمَّةِ لِكَثْرَةِ إِنْتَاجِهَا، وَإِغْنَاءِ أَفْرَادِهَا.

 إِنَّ الْعَمَلَ سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَهُوَ سُنَّةُ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، قَالَ -تَعَالَى- عَنْ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ} (الأنبياء: 80).

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِى «الصَّحِيحِ» عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ».

وَقَدْ تَاجَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى مَالِ خَدِيجَةَ.

إِنَّ الْإِسْلَامَ يَدْعُو الْمُؤْمِنِينَ بِهِ إِلَى الْعَمَلِ، وَيَحُثُّهُمْ عَلَى السَّعْيِ وَالتَّكَسُّبِ، فَهُوَ دِينٌ يُؤَكِّدُ عَلَى الْحَرَكَةِ وَالْحَيَوِيَّةِ، وَيَذُمُّ الْكَسَلَ وَالْخُمُولَ وَالِاتِّكَالِيَّةَ؛ إِذْ لَا مَكَانَ فِيهِ لِلِاسْتِرْخَاءِ وَالْبَطَالَةِ، وَالِاعْتِمَادِ عَلَى الْآخَرِينَ وَاسْتِجْدَائِهِمْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُمْ.

فَالْإِسْلَامُ دِينُ عِبَادَةٍ وَعَمَلٍ، يَحُثُّ الْجَمِيعَ عَلَى الْإِنْتَاجِ وَالْإِبْدَاعِ، وَيَهِيبُ بِفِئَاتِ الْمُجْتَمَعِ كَافَّةً أَنْ تَنْهَضَ وَتَعْمَلَ بِإِتْقَانٍ، وَيَقُومَ كُلٌّ بِدَوْرِهِ الَّذِى أَقَامَهُ اللهُ فِيهِ؛ لِنَفْعِ الْأُمَّةِ وَإِفَادَتِهَا.

وَلَمْ يُحَدِّدِ الْإِسْلَامُ الْعَمَلَ فِى شَهْرٍ دُونَ آخَرَ،

بَلْ حَثَّ عَلَيْهِ فِى الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ كُلِّهَا، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ إِلَى الصِّيَامِ عَلَى أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِضَعْفِ قُوَى الْإِنْسَانِ وَخُمُولِ نَشَاطِهِ قَدْ أَخْطَأوا فِى تِلْكَ النَّظْرَةِ الْعَقِيمَةِ الَّتِى جَاءَتْ سَطْحِيَّةً دُونَ تَأَمُّلٍ وَلَا نَظْرَةٍ فَاحِصَةٍ!

فَالصَّائِمُ حِينَ يَتْبَعُ الْمَنْهَجَ النَّبَوِيَّ فِى إِمْسَاكِهِ عَنِ الْمُفَطِّرَاتِ، وَتَنْظِيمِ غِذَائِهِ فَتْرَةَ الْإِفْطَارِ، وَيَبْتَعِدُ عَنِ الْإِفْرَاطِ فِى الشِّبَعِ، وَيَهْجُرُ النَّوْمَ الَّذِى يَسْتَغْرِقُ مُعْظَمَ نَهَارِهِ.. الصَّائِمُ الَّذِى يُرَاعِى هَذِهِ الْجَوَانِبَ، يُدْرِكُ أَنَّ الصِّيَامَ عِلَاجُ الْكَسَلِ وَالِاسْتِرْخَاءِ، وَالتَّقَاعُسِ وَالْخُمُولِ، وَهُوَ مَبْعَثُ النَّشَاطِ وَالْحَيَوِيَّةِ لِأَعْضَاءِ الْجِسْمِ وَأَنْسِجَتِهِ وَخَلَايَاهُ وَمُجَدِّدُ حَرَكَتِهَا وَانْتِعَاشِهَا.

وَلَنَا فِى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِى صَحَابَتِهِ الْكِرَامِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- أَعْظَمُ قُدْوَةٍ وَخَيْرُ أُسْوَةٍ؛ فَلَمْ يُفَرِّقُوا فِى أَعْمَالِهِمْ بَيْنَ أَيَّامِ الصِّيَامِ وَغَيْرِهَا، بَلْ كَانَتْ حَيَاتُهُمْ كُلُّهَا جِدًّا وَاجْتِهَادًا، وَعَمَلًا وَحَيَوِيَّةً وَنَشَاطًا.

وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَجمَعِينَ.