سُنَنٌ عَظِيمَةٌ فِى رَمَضَانَ
يَنْبَغِى لِلْمُسْلِمِ فِى شَهْرِ رَمَضَانَ الْإِكْثَارُ مِنَ الطَّاعَاتِ وَمِنَ الْأعمال الصَّالِحَةِ، وَالِالْتِزَامَ بِمَا أَوْصَى بِهِ النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ يَفْعَلُهُ؛ كَالْقِيَامِ، وَتَعْجِيلِ الْفِطْرِ وَتَأخير السُّحُورِ؛ فَعِنْدَ الْبُخَارِى فِى «الصَّحِيحِ»: «أَنَّ النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى فِى الْمَسْجِدِ لَيْلَةً مِنْ لَيَالِى رَمَضَانَ؛ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، وَفِى اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ كَثُرَ الْجَمْعُ، وَفِى الثَّالِثَةِ كَثُرُوا جِدًّا، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ فِى الرَّابِعَةِ وَقَدِ امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ حَتَّى فَاضَ.
ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِمْ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقَالَ: «أَمَا إِنِّى لَمْ يَخْفَ عَلَى مَكَانُكُمْ، وَلَكِنِّى خَشِيتُ أن تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا».
وَلَمَّا اسْتَقَرَّ الأمر فِى عَهْدِ عُمَرُ -رَضِى اللهُ عَنْهُ-، وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَوَجَدَ النَّاسَ أَوْزَاعًا مُتَفَرِّقِينَ.. يُصَلِّى الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ، وَيُصَلِّى الرَّجُلُ بِالرَّجُلَيْنِ، فِى قِيَامِ رَمَضَانَ فِى مَسْجِدِ النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَقَالَ: «أَمَا إِنِّى أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ لَكَانَ حَسَنًا».
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمانا وَاحْتِسَابًا؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
وَقَالَ النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّهُ مَنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ».
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «تَسَحَّرُوا؛ فإن فِى السَّحُورِ بَرَكَةً». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تَزَالُ أُمَّتِى بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ وَأَخَّرُوا السُّحُورَ». رَوَاهُ أحمد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا
وَمِنْ سُنَنِ الصِّيَامِ: كَوْنُ الْفِطْرِ عَلَى رُطَبٍ أو تَمْرٍ أو مَاءٍ، وَهِى مُرَتَّبَةٌ بِحَسَبِ الْأفضليَّةِ؛ لِقَوْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِى اللهُ عَنْهُ-: «كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أن يُصَلِّى، فإن لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتَمْرَاتٌ، فإن لَمْ تَكُنْ تَمْرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ». أَخْرَجَهُ أحمد، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِى، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَمِنْ سُنَنِ الصَّوْمِ: الدُّعَاءُ أثناء الصِّيَامِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ الْإِفْطَارِ؛ لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ثَلَاثُ دَعْوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ». أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِى فِى «الشُّعَبِ» بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَلِقَوْلِ عبداللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِى اللهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ».
وَهَذَا هُوَ الدُّعَاءُ الَّذِى يُقَالُ عِنْدَ إِفْطَارِ الصَّائِمِ: «ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ -إِنْ شَاءَ اللهُ-».
وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأصحابهِ أَجمَعِينَ.