عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الصَّوْمُ لِى وَأَنَا أَجْزِى بِهِ

بوابة الوفد الإلكترونية

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ:

فَإِنَّ الْأَعْمَالَ الَّتِى تُعْمَلُ فِى رَمَضَانَ مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ كَثِيرَةٌ:

أَوَّلُهَا: الصِّيَامُ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِى «صَحِيحَيْهِمَا»، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ؛ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ».

لِمَاذَا كَانَ الصَّوْمُ بِهَذِهِ الدَّرَجَةِ مِنَ الْأَهَمِّيَّةِ، وَهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ مِنَ الرِّفْعَةِ؟

لِلْعُلَمَاءِ فِى شَرْحِ هَذَا القَوْلِ مَسَالِكُ.

يَقُولُونَ: إِنَّ الصِّيَامَ مِنْ دُونِ الْعِبَادَاتِ لَا يَلْحَقُهُ الرِّيَاءُ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَرْكٍ بِنِيَّةٍ، فَمِثْلُ هَذَا لَا يَدْخُلُهُ الرِّيَاءُ وَلَا يَلْحَقُهُ بِحَالٍ.

وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: إِنَّ اللهَ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ-لَمْ يُتَعَبَّدْ بِمِثْلِ الصِّيَامِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَا هُوَ صِفَةٌ لِلهِ -جَلَّ وَعَلَا-؛ إِذْ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ، فَكَمَا أَنَّ اللهَ مِنْ صِفَاتِهِ أَنَّهُ يُطْعِمُ خَلْقَهُ وَلَا يُطْعَمُ؛ إِذْ هُوَ الصَّمَدُ -وَالصَّمَدُ فِى قَوْلٍ: هُوَ الَّذِى لَا جَوْفَ لَهُ؛ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ إِذْ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وَمِنْ مَعَانِى الْقَيُّومِ أَنَّهُ قَائِمٌ بِذَاتِهِ، قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، لَا يَحْتَاجُ غَيْرَهُ وَلَا أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، قَائِمٌ بِمَصَالِحِ

خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ-؛ فَلَمَّا كَانَ هَذَا مِنْ صِفَاتِ رَبِّنَا -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ-، وَكَانَ الصَّائِمُ مُتَعَبِّدًا لِلهِ  بِتَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ كَانَ فِى ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ.

وَهَذَا الصِّيَامُ اخْتُصَّ اللهُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْرِيفِ «إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي»، فَجَاءَتِ الْإِضَافَةُ هَاهُنَا إِضَافَةَ تَشْرِيفٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَمَا أَشْرَفَهُ! كَمَا يَقُولُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} [الحج: 26]؛ فَيَجْعَلُ الْبَيْتَ مُضَافًا إِلَيْهِ -هَكَذَا- عَلَى سَبِيلِ التَّشْرِيفِ وَالتَّعْظِيمِ، وَرَفْعِ الْقَدْرِ وَالْمَكَانَةِ وَالْمَنْزِلَةِ.

فَالصَّومُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ خَالِصًا, وَهُوَ يَجْزِيِ عَلَيْهِ بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ وَبمَا لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى؛ شَرِيطَةَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ فِى ذَلِكَ مُمْتَثِلًا أَمْرَ اللهِ, مُتَّبِعًا هَدْيَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَجمَعِينَ.