رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مولد السيدة زينب..أهل مصر المحروسة على عتبات أم هاشم

مولد السيدة زينب
مولد السيدة زينب

تستقبلك أضواء الزينات التي تلضم البيوت بالمحال على امتداد شارع السد المفضي لميدان السيدة زينب هناك يتزين مسجد ومقام "أم العجائز" احتفالاً بذكرى مولد حفيدة الرسول، في حي يضرب بجذوره في تاريخ مصر الفاطمية تتلاطم أفواج البشر جيئة وذهابًا من منبع واحد يفتح ذراعيه مرحبًا بالزوار.

تطأ الحي العتيق أقدام شتى من البشر في مثل هذا الوقت من كل عام، يتشابك النسيج المصري الأصيل بمختلف ألوانه ليرسم صورة رائعة لميدان السيدة زينب رضي الله عنها، وبين الأردية البيضاء وأوشحة الدراويش الخضراء وجلابيب الصعايدة والعمم يتدثر الرجال بالجبب من لفحات هواء إبريل المفاجئ ساعين لتلبية نداء أهل البيت يغدقون على بسطائه بالأرغفة المكدسة بالثريد وينثرون النذر على أعتاب صاحبة هذا المقام.

تصدح التواشيح والابتهالات عن مكبرات الصوت الرابضة في مقدمة خيام نشرت أشرعتها في زوايا الشوارع ومداخل الحارات يقبع بداخلها نساء يفترشون الحصر يجاورهم في خيمة أخرى رجال يتوسطهم "لفيف" يؤدي رقصة المولوية بينما يتمايل العشرات منهم يمينًا ويسارًا طربًا يرسمون سيمفونية من الجمال الذي تطل من الوجوه والأجساد المتراقصة في وجد.

يصدح الأذان في الميدان "الله أكبر"، تهدأ الجلبة رويدًا قبل أن يعود زخم الأصوات من جديد مزيج من نداءات الباعة وأصوات الابتهالات الآتية عن أحد الشوادر القريبة يقطعها صوت صياح الصبية وكركرة الشيشة المتصاعدة عن أحد المقاهي البلدي المتناثرة وتوسلات أبناء السبيل، يزداد وجه الميدان بهاءً مع اقتراب اليوم الموعود ويضوي بريق الزينات فرحًا بمولد الست.

يعبق الجو بمزيج من أريج فريد من البخور المستكي الذي يعانق رائحة حلوى المحال وعبير "الكولونيا المفحفحة" الصادرة عن جماعات متقاطعة من أعيان الريف والصعيد تسري في الأنف فتثير ذكريات الموالد المتوالية.

بائعو الحلوى والطراطير يتصدرون المشهد:

يقف "مسعد السيد أحمد" أمام عربة ترتكز على أربع عجلات صغيرة، هي مصدر زاده في الموالد وعلى أعتاب مقامات الأولياء الصالحين، تحوي شتى ألوان المسليات من "لب" و"سوداني" و"حمص" و"حب العزيز" وغيرهم، مرحبًا بالمارة مناديًا على الزبائن وسط أمواج البشر من زوار وقاطني الحي.

يحمل أمتعته برفقة صديقه "رامي البحراوي" على متن سيارة نصف نقل متجهًا إلى قلب مصر المحروسة قبل المولد بـ 5 أيام يفترشان إحدى الخيام ويتوسدان أمتعتهما البسيطة حبًا في أهل البيت "شالاه يا أم هاشم" وطلبًا في رزق

المولد الوفير، يقتاتان من خيرات المولد ويقضيان يومهما بين الميدان والمسجد إلى الصلاة.

على بعد خطوات قليلة من عربة "مسعد" وصديقه، يجاور "إبراهيم متولي" قاهري الأصل عربته البسيطة التي تضج بالبهجة، تطل عن ألوان الطراطير والطرابيش الزاهية والعصي بألوانها، يتبارى بجودة بضاعته على لفت أنظار الصبية وصغار زوار المقام، يحمل الشاب الثلاثيني "أمتعة السعادة" داخل سيارة أجرة من سيدنا الحسين حيث يعمل بأحد محال الحلوى إلى حيث يسري الزوار بين مداخل الحي القديم في مثل هذا الوقت من كل عام.

بيت الحاجة آمال وزوجها يجمع شمل الأهل والأصدقاء في المولد:

بجدرانه شاهقة الارتفاع وحجراته الضئيلة يفسح منزل الحاجة "آمال عبدالرحمن" موظفة حكومة "سابقًا" وزوجها، الرحابة مد البصر ليجمع شمل الأصدقاء والأقارب في مثل هذا الوقت من كل عام، تتمسك السيدة الستينة بتقليد توارثته أسرتها منذ عقود، يشرف من موقعه على ميدان السيدة وروافدها.

على طاولة تغطيها أوعية شتى تتوسطها "الفتة" والمقبلات من المخللات وتتخذ أكواب العصائر ركنًا منها، تتسلل رائحة "التقلية" لتمنح المشهد بعدًا جديدًا، تجرى عادة الحاجة "نوال" أن تستهل يوم مولد السيدة بمأدبة غذاء ضخمة بصحبة الأولاد والأحفاد والجيران والقاصي والداني من المعارف والخلان.

يعم الدفء المكان وتمشط الجدة أركان المنزل بعيينها ملبية طلبات الضيوف، في زيارات لاتنقطع إلى المطبخ تعود منها محملة بأدوار الشاي وأواني "الأرز بلبن" بينما يضج المكان بأحاديث الزوار التي لايقطعها سوى صوت أذان العشاء معلنًا بدء جولة ثانية من الحلوى وأدوار الشاي قبل الاستعداد لأداء الصلاة جماعة.