رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ماذا تأكل لو كنتَ مكاني....قصة قصيرة

بوابة الوفد الإلكترونية

شابان أنيقان جلسا في صفي اليمين واليسار في القطار المتجه من الصعيد إلى القاهرة. هيئتاهما متشابهتان، فهما في سن واحدة تقريبا وبدلاتهما متشابهتان إلى حد كبير.

 

أحمد علي وعبد الرحمن طنطاوي؛ شابان ميسورا الحال اضطرا لركوب قطار الدرجة الثالثة بعد أن فاتهما القطار المميز، وقد تعارفا قليلاً في السيارة التي أقلتهما من القرية إلى محطة القطار.

 

بعد دقائق جاء رجل في الخمسينيات من عمره وبصحبته ابناه اليافعان ومعهم مجموعة من عيدان القصب، وقطع البطاطا الناضجة بالإضافة للفول السوداني وقفص طيور وجلسا بجوار أحمد علي في الصف اليمين من القطار. ما إن تحرك القطار حتى بدأ الرجل المسن وابناه في تقشير القصب والبطاطا والفول السوداني والأكل بشره وبصوتٍ عالٍ مثير للأعصاب، محدثين فوضى وضجة كبيرة حولهما، ناهيك عن تطاير قشر القصب والفول السوداني على بدلة جارهم في المقعد أحمد علي. أحس أحمد علي بضيقٍ شديد ورغبة في ترك المقعد لهم، فنظر حوله متفقداً مقاعد العربة بالكامل فلم يجد كرسياً خالياً.

 

فكر في القيام والوقوف بعيداً عنهم، ولكنه يعلم أن المسافة من الصعيد للقاهرة طويلة جداً، وسوف يقف عدة ساعات، فاستسلم للأمر وقرر البقاء في مقعده محاولاً تجاهل تلك الفوضى.

 

كان الضيف الثاني عبد الرحمن متابعاً لما يحدث باهتمام، وهو ينظر بتأفف شديد. ظن أحمد أن جاره يتعاطف معه، ولكنه لاحظ أنه ينظر بتأفف ناحيته هو، متجاهلاً ما

يحدثه هؤلاء الثلاثة من فوضى، وكأنما أحمد هو المسئول ما يحدث.

 

مضت ساعة على هذه الحال، والوضع على ما هو عليه من الفوضى وتأفف عبد الرحمن الجالس في الصف المقابل.

 

بعد مضي نصف ساعة أخرى على هذا الوضع، استاء أحمد من نظرات رفيقه الجالس في المقعد الآخر الذي يبدو أنه يحمله مسئولية ما يفعله هؤلاء الأشخاص لأنه سلبي ولم يحاول حتى أن يمنعهم. فسأله أحمد بحيرة قائلاً: ماذا تفعل لو كنتَ مكاني، فرد عليه: لو كنتُ مكانك لفعلت الكثير، فباغته أحمد قائلاً: إذن تعال مكاني. وتبادلا الأماكن.

 

بمجرد أن جلس عبد الرحمن مكان الآخر برفقة الأب القروي وابناه، خلع جاكتة بدلته، وفك رابطة عنقه، ثم شمر قميصه عن ساعديه القويين، وأمسك عود القصب الوحيد المتبقي، وكسره نصفين، ثم أمسك قطع البطاطا المتبقية، وأشار ناحية أحمد وقال له: ماذا تأكل لو كنتَ مكاني! وبدأ في التهامهما بسرعة ونهم!