رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المجموعة القصصية "رغبة".. أنا الآخر والآخر أنا

بوابة الوفد الإلكترونية

هل تساءلت معي للحيظة، من تكون أنت؟ ودعني أتسامج بجوارك في نفس الصف وأعيد كرة السؤال على نفسي، من أكون أنا؟ "الجوهر الكامل للحياة" يتلخص في هذين السؤالين عديمي البلاغة والبيان، كثيري الدهشة والألم" من أنت؟ من أنا؟  تقول الشاعرة الأمريكية (سيلفيا بلاث) متعجبةً عندما كانت في سن الثامنة عشر من عمرها: “أنا: يا له من حرف راسخ، ويال تلك الطمأنينة التي نشعر بها من هذه الخطوط الثلاث: خطُ أفقي يدل على الفخر وتأكيد الذات، ثم خطين قصيرين أفقيين في تتابع سريع وأنيق”.

أكدت "بلاث" على المفهوم الشمولي الذي وضعه قبلها (تولستوي) بقرن من الزمان في مذكرات شبابه، متأملةً الإرادة الحرة وما يجعلنا على ما نحن عليه.

إن هذه الخطوط الثلاثة الأنيقة تشق قلب خبرتنا بوصفنا آدميين، لكن عندما نبدأ في تفكيكها لا نرى ذلك القلب، لا نرى جوهر الحياة؛ فمما صُنعنا إذًا؟ وما الذي يجعلنا على ما نحن عليه؟ "يوجد دائمًا ما هو أكثر من حقيقتين متعارضتين، فالحقيقة الكاملة تتضمن دائمًا عنصرًا ثالثًا، ألا وهو التوافق" يجيء بعد "تولستوي وبلاث" العظيم "جاكوب" ليضع لنا الجواب في أحشاء معطفنا المثقوب، لتجد نفسك في النهاية تحمل الإجابة التي أنت بالقطع لا تفقهها، أي مازلت لا تحملها.

أن تلوح بقطعة من الخبز لأمة جائعة، هذا فعل نبيل لأنك زرعت في نفوسهم الأمل المتمدد لتسكين احتياج بطونهم، أما وأن ترحل بركبك وبقطعة الخبز مبتعدًا عن صفوف المتجمهرين، هذا فعل مشين. بين من شان ونَبِل قلب أناط الشبع ولعن الاحتياج.

وبين أنا وأنت مساحات مشدوهة كتلك التي بين الثغرة وعمق ترقيعها. ولأننا بني البشر فإن الصراع الحياتي يتعاظم عند أنا وأنت وعند الشبع والاحتياج وعند الثغرة ورقعتها.

أي صراع من أجل البقاء! من أجل عدم الاختفاء وهذا هو جوهر الصراع، فيجب أن نساعد بعضنا بعضًا في هذا الصراع، أنت بالسؤال وأنا بالجِد في محاولة الإجابة، فهذا هو قانون الحب الذي يحكم الكون.

*المجموعة القصصية (رغبة) للكاتبة سمية عبدالمنعم: 

ماذا لو كان قانون الكون رغبة؟ تتلاطم الإجابات على مسامعي الآن من طيات العمل القصصي ذاته، فهل الإجابة ستكون:  سعاد أم زبيدة أم الآخرون أم ثورة النهود أم ختان القلوب أو قمع الأنثى بداخل كل أنثى. أنثى من ورق رأيتها تتراقص بغنج في أزقة السطور تارة وعلى ناحيتي الكلمة تارات أخرى، تكشف ساقًا وتغطي الأخرى وتخجل بحياء في نفس الآن الذي تشير لي برغبة متوحشة تخمدها أو تشعلها، تثور وتعشق، تخون وترفض تميل ناحية التطهر رغم أن عيونها تفضح نواياها. يقول صديقي الأديب الشاب تعليقًا على إحدى رواياتي: لا تدّعوا الفضيلة، لكن ادعوا لها!! ومن ذلك الحين كلما رفعت يدي مهدهدة رحمة الرحمن، أدعوا لها وأدعوا ألا

أدعيها، ويقول صديقي الفيلسوف موليير "أكثر الناس تصديرًا للفضيلة هم أكثرهم احتياجًا لها" ونحن معشر الكتاب جُل مرامنا أن نرسي ببواخر الخلق النبيل في عقول القراء بشرط أن تكون الدراما محاكاة للواقع، إعمالًا بمبدأ أستاذنا رشاد رشدي عن ملكة النقل والتعبير لكسب شغف القارئ وعن تضافر شرطي الدراما وهما إثارة الشفقة والفزع! وهذا ما لمسته في هذا العمل بكامل أناقته، فتعاطفت وفزعت حد التطويق الحسي الذي قصده الكاتب.

*اللغة:

قطعة فنية من لوحة عربية ممتلئة بالأصالة والسلاسة، وأكثر ما أدهشني بحقِ هو ربط الصورة بمحركات الثروة اللغوية حتى تنطق في عيناك، بدلًا من أن تقرأ فقط.

*حافظ الكاتب على وحدة النسق القصصي إلا من قليل قد شابه التقريرية والموضوعية في السرد، الذي بالطبع لا يهدر حق الكاتب في إصباغ قصصه بسردِ حركي وتصويري، اعتمد على تطبيق قاعدة الأثر الكلي على وحدة النص واستيضاح تفاصيله الجسدية، مزينًا بالترابط الذي أضفى المتعة والشغف.

*درامية أغلب القصص جاءت تعبر عن قضايا المرأة بنكهة فلسفية ورؤية حياتية تعبر عن حصاد خبراتي تخلله التأمل والترقب، ثم صناعة الحكاية.

*الحوارات التي لا إسهاب فيها محلاة بالحركة والانفعالات التي تنقل القارئ لمكان الحدث، فيرى ويسمع ويعاني، وقد حافظ الكاتب بحرفية على المسافة الأدبية والتي ميزت حوارات شخوص قصصه.

*رمزية بعض الشخوص كانت تتلألأ في نظري على أنها نوعية من الاسقاطات وللحق تمنيت أن يكون الكاتب يقصدها كما استقرأتها لا كما قرأتها.

*وكما تقول "سادي شتاين" : إنه لمأزق أن تنتهي من قراءة عمل جيد، فإني إلى هذا المأزق اعتكفت ثلاث ليالي لأجيد التعبير والصياغة عما قابلته في هذا العمل، والذي فتح أمامي مجموعة من التساؤلات الفلسفية العديدة ريثما كان أولها: من أنت؟ من أنا؟ وأما إجابتها فهي كما قالها "نيدلمن": أنا لست أنا، وكذا أنت وأنا.