رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إفريقيا التى لا يراها المصدرون

بوابة الوفد الإلكترونية

لماذا تبدو أسواق القارة السمراء واعدة للاقتصاد المصرى؟.. هل يُمكن تحقيق مكاسب كبيرة من خلال تعاون أكبر بدول إفريقيا؟.. وإن كان ذلك صحيحاً فلم لم تتحقق تلك المكاسب من قبل؟

إن القول بأن إجمالى صادرات مصر إلى إفريقيا لا تتجاوز الـ1٫5 مليار دولار، قول مؤسف إذا علمنا أن صادرات دولة مثل الهند إلى إفريقيا تقترب من عشرة مليارات دولار، وإن إجمالى ما تستورده إفريقيا سنويا من سلع يتجاوز الـ500 مليار دولار.

كذلك فإنه من المحزن ألا تتجاوز الاستثمارات المصرية فى القارة السمراء 10 مليارات دولار.

التحليل العميق للفرص القائمة يطرح ملاحظات عدة على علاقة مصر بالقارة السمراء وهى ملاحظات جديرة بالطرح والبحث والمناقشة.

الملاحظة الأولى أن الواقع يختلف تماما عن الصورة الذهنية السائدة لدينا عن إفريقيا، كانت إفريقيا بالنسبة للكثير منا على مدى عدة عقود أرض النزاعات والقبائل المتناحرة، موطن الفقر والجهل، ومستوطن الحياة البدائية، كان السائد فى أذهان كثير من رجال الأعمال والمستثمرين أن الحصول على مكاسب مالية من بلدان القارة أمر صعب لأن القوى الشرائية ضعيفة، وأن حجم الاستهلاك محدود، وأنه لا يمكن تسويق منتج مصرى بشكل فعال فى تلك الأسواق نظراً لارتباط حكومات إفريقيا بدول الاستعمار السابقة.

غير أن الواقع يختلف كثيراً خاصة فى ظل السنوات العشر الأخيرة، والتى شهدت بسبب ظروف محلية غيابا تاما للسلع والمنتجات المصرية عن أسواق إفريقيا، اختلاف الواقع يمكن ترجمته إلى كلمة واحدة هى التطور والتقدم الذى شهدته العديد من البلدان حتى وصل الأمر بإعلان رواندا دولة خالية من الفساد، والفقر، وكانت خلال التسعينيات موطناً للموت والقتل والصراع، أصبحت رواندا الآن أولى الدول الإفريقية جذباً للاستثمار والسياحة.

كينيا هى الأخرى سوق ضخم وكبير ومتقدم، ويستوعب سلعا ومنتجات وبضائع من مختلف دول العالم حتى إن كبرى الشركات الهندية تعتبرها مركزاً إقليمياً لصناعاتها.

تنزانيا، وزامبيا، وأوغندا، وغامبيا كلها فرص واعدة بعد أن بدأت مشاوير تنمية حقيقية وعمران لم يتم استغلاله بعد.

الملاحظة الثانية أن مصر ما زالت موجودة باعتبارها «براند» تاريخيا لا يكاد يُنسى، صالح هابيمانا سفير رواندا فى القاهرة قال لى إن مصطلح «منتج مصرى» ما زال معتمداً كدليل على الجودة، وحكى أن أى سلعة مصرية تصل إلى رواندا تباع قبل الوصول، غير أن ما يحزن أن الشركات الصناعية الكبرى فى مصر لا تضع أياً منها فى خططها التصديرية السوق الرواندى حتى إن الصادرات لا تتجاوز بضعة مئات الآلاف من الدولارات.

ويمكن القول إن الصورة التاريخية المثلى لمصر الستينيات كواحدة من دول التحرر والتقدم والريادة ما زالت قائمة لدى معظم الشعوب الإفريقية غير أنها غير مستغلة من جانبنا نحن.

الملاحظة الثالثة أن كثيرا من المصدرين المصريين يبالغون فى استعراض وقراءة معوقات النقل والتصدير إلى أسواق إفريقيا رغم أن دولا بعيدة جداً مثل الهند والصين لها حصص سوقية كبيرة فى أسواق القارة السمراء.. إنك لو سألت أى مصدر مصرى عن المانع الذى يحول دون تصدير سلعه ومنتجاته إلى الأسواق الإفريقية الجديدة لأجاب بسرعة أن الشحن والنقل صعب ومكلف جداً، دون أن يقدم إجابة واضحة عن سهولة تدفق السلع والمنتجات الآسيوية إلى البلدان المستهدفة ذاتها.. وأتصور أنه نوع من الاستسهال السائد الذى يمنع كثيرا من الشركات المصرية العاملة فى مجال التصدير عن المجازفة والمخاطرة بالدخول إلى أسواق جديدة.

رابع الملاحظات يخص تحرك الدولة الداعم للشراكة مع دول إفريقيا، وهو تحرك ما زال منقوصاً، إذ لا تقدم مكاتب التمثيل التجارى المصرى الدعم الحقيقى اللازم للترتيب إلى غزو منتجاتى مصرى لتلك الأسواق، والواقع أن لدينا 11 مكتب تمثيل تجاريا فى إفريقيا وجميع تلك المكاتب تعمل بشكل تقليدى وروتينى لا يتجاوز إعداد دراسات سوقية كل شهر أو اثنين وإرسالها إلى وزارة التجارة والصناعة والتى تعيد إرسالها مرة أخرى إلى منظمات الأعمال للتعميم على الأعضاء، وهذه المهام لا تخلق تواجداً للمنتجات المصرية، وهى أشبه بنوع من التثقيف الأولى، غير أن المهام الحقيقية للتمثيل التجارى يجب أن تتجاوز لتصل إلى ترتيب زيارات للشركات المصرية فى كل قطاع من القطاعات إلى داخل الأسواق وتنظيم لقاءات مباشرة بين رجال الأعمال المصريين ونظرائهم الأفارقة.

إن لجوء بعض المصدرين القلائل الذين لديهم تعاملات مع دول إفريقيا إلى شركات ومكاتب خاصة معظمها يمتلكه أجانب ولبنانيون لترتيب لقاءات مع الشركات التجارية والمستوردين فى دول إفريقيا يؤكد أن مكاتب التمثيل التجارى لا توفر الخدمات المطلوب منها توفيرها.