رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الضيف».. يفض الاشتباك بين الدم والمستنير

بوابة الوفد الإلكترونية

  أن تقدم للجمهور فكرة ورسالة محددة أمر سهل، لكن أن تحوله إلى طرف فى مناظرة، ليدخل بعقله فى سجالا فكرياً، هنا يصبح الأمر صعبا للغاية.

«الضيف» فيلم يستخدم مُشاهده كوسيلة لفض الاشتباك بين تيار متشدد يستحل الدم وآخر مستنير لديه حجُة ورأى فى كل امور الدين، وشعاره كيف تجعل جمهورك يؤمن بالرأى والرأى الآخر حتى لو كلفه ذلك حياته.

الكاتب الكبير إبراهيم عيسى أخذ على عاتقه تقديم فيلم يحمل من المغريات الحوارية ما يجعلك تتساءل فى كل ما يدور حولك فى الحياة، تمحورت تجربته حول مدّ جسر جدليٍّ خفيٍّ بين الفرد وعقله، وهذا ما جعل الفيلم أشبه ببحث ناضج ومختلف، فى وقت تعانى فيه مصر من حرب حقيقية ضد الإرهاب الفكرى .

عرف الباحث الروسى ستانسلافسكي «البلاغة فى الأداء بأنها التعبير المكثف الذى يصل إلى حد الإعجاز «وهو المنهج الذى اتبعه أبطال الفيلم بقيادة مخرجة هادى الباجورى الذى قدم شخصيات ممتدة فى كل منها جزءا من المشاهد داخل ديكور ثابت طوال الأحداث، أحمد مالك البطل النموذجى للفكر المتشدد، وخالد الصاوى النموذج المتجسد للفكر المستنير.

حالة الجدل التى صنعها الفيلم فى قاعات السينما، قد لايحدثها فى شباك التذاكر باعتباره فيلما للنخبة، و من الصعب ان يتم الاتفاق عليه، لكنه خطوة جريئة نحو سينما تتيح الرأى والرأى الأخر وتترك للمشاهد أن يحدد موقفه من الاشتباك.

أكد أن الإقناع هو العدو الحقيقى للإنسان

أحمد مالك: لم أتخوف من المتطرفين.. والتشدد أخطر من القتل

يجسد الفنان الشاب أحمد مالك شخصية «أسامة»، وهى نموذج خطير لشباب موجودين فى المجتمع، هو شاب وسيم مثقف دكتور مهندس خريج الجامعة الأمريكية، كل أسرة تتمنى ان يكون جزءاً منها، ولكن الأفكار التى يعتنقها، هى افكار ارهابية تتجسد فى كل افعاله تصل به الى الايمان بتطبيق حد القتل، لكن «الحُجة» التى يعتنقها لامبرر لها فلا هو فقير يفعل شيئا من اجل المال ولا ضعيف مهدد، لكن ايمانه بفكر متشدد يجعله اكثر خطورة من الممولين.. وهى الشخصية التى تفنن مالك فى تقديم شخصياتها.. حاورناه عن تفاصيلها وصعوبتها فقال..

< فى="" البداية="" سألته..="" حدثنا="" عن="" استعداداتك="" لشخصية="">

- سعدت كثيرا اننى تم ترشيحى لهذا الفيلم، خاصة وأن الشخصية بعيده كل البعد عما قدم فى السينما من قبل، فهو اسلامى متشدد يحارب الفكر المخالف له «بالحُجه» وهو اصعب انواع الحروب، الشخصية هنا لا تعتمد على تلقين استخدام السلاح، او الفكر المتخلف، لكن الشخصية مقتنع بما يقوله، ولذلك الشخصية كانت صعبة للغاية، وتطلبت منى تحضيرات كثيرة، فبجانب السيناريو المميز الذي تناول كل الافكار المتعلقة بالقضية بشكل موسع، لكنى بحثت عن الفكر الذي أقدمه وحاولت أن أفهم الحالة الإنسانية للشخص الذي يؤمن بفكرة قد تجعله يتحول تماما، كما استعنت بكتاب لخالد البري، ودرست لمدة 3 أشهر مع شيخ أزهري اللغة العربية وكيفية قراءة القرآن الكريم بشكل صحيح.

< ماذا="" اضاف="" لك="">

- حالة التساؤلات التى فرضها السيناريو جعلتنى افكر فى كل شئ ،وخلال البحث تكونت لدى عدة تساؤلات خاصة بسبب وجودنا في الحياة، ووجدت ان الشخص عندما يقتنع بفكرة ما، فأنه يوجه كل افكاره وابحاثه لاثبات هذه الفكرة، وليس من السهل ان يصل لعكسها، وتعلمت ان هناك مبرر لكل شئ، الامور الخاطئة لها مبرر عند مرتكبها، كما هى الامور الصحيحة بالضبط، ولذلك العدو الحقيقى للانسان هو الاقناع، اما على المستوى المهنى فانا من مدرسة ان اظهر تلقائيا وطبيعيا فى كل مشهد واقنع من امامى بالشخصية.

< هل="" تخوفت="" من="" فكرة="" تصوير="" الفيلم="" فى="" مكان="">

- مغامرة كبيرة فكرة الاعتماد على تقديم 4 شخصيات فى مكان واحد، فهم يظهرون طوال الاحداث والعلاقة بينهم وبين الجمهور هى شعره اذا احس بالملل وفقد جاذبيته للعمل، فشل العمل ككل، لذلك فالفيلم قائم على قدرات اقناعية طوال الاحداث، وهذا من وجهه نظرى صعب جدا، سواء فى الاداء او الاخراج، وهنا المخرج الكبير هادي الباجوري الذى شرفت بالعمل معه وجهنى لهذه النقطة وخرجت الشخصية مقنعة للناس.

< ردود="" الفعل="" التى="" جاءت="" عن="" الفيلم="" لم="" تكن="" كلها="" ايجابية="" ..="" كيف="" استقبلت="">

- من المستحيل ان يتفق الجميع على طريقة تفكير ومعتقد واحد، الانتقادات التى جاءت للفيلم تسعدنى، كل الاراء انا أتعلم منها، وتفيدنى، لكن الحقيقة الفيلم صادم وان يتقبله الجميع امرا صعبا لانه فى الاساس جدلى، والاصعب فيه انه يحكى اراء مختلفة وهناك رأيى للجمهور ممكن ان يكون له اراء ثالثة بعيدة تماما عما يقدم فى الفيلم، وهنا الجدل، ولابد ان اعترف اننى نفسى فوجئت بهذا الجدل داخليا، فلست محبذا لشخصية اسامه فهو بعيد تماما عن معتقداتى، ولا موافق تماما لرأى دكتور يحي فهو ايضا بعيدا عنى فمعتقداتى حتى مع الجمهور فى البحث عن رأى ثالث، وهنا الصعوبة فى كل فيلم هى بحث الجمهور عن شيئا مشتركا معه، واقناع الجمهور بذلك فى هذا الفيلم امر صعب.

< هناك="" تخوفات="" دائما="" من="" اصحاب="" الفكر="" المتشدد="" فى="" التعامل="" مع="" من="" يجسدون="" شخصياتهم..="" واخرها="" مسلسل="" «السهام="" المارقة»="" فكيف="" تقبلت="" هذا="">

- لم اضع فى اعتبارى هذا التخوف، أنا ممثل وأقوم بدوري، اتقنه جيدا، وأحاول ان اقتنع به كى اقنع من امامى، وفى الحقيقة اذا وضعت امام عينى اى تخوفات او قلق فلن انجح، وهناك شخصيات تفرض على صاحبها الجرأة والمغامرة فى التعامل معها.

< فى="" رأيك="" ما="" أصعب="" مشاهد="">

- مشهد النهاية، صورنا احداث الفيلم كلها فى شهر ونصف ومشهد النهاية تم تصويره فى توقيت خاص، وحضرنا له كثيرا.

قالت: نحن فى حاجة لأعمال جادة جدلية

شيرين رضا: «الضيف» فرصة للتفكير والتأمل مع النفس

المشهد الأخير كان الأصعب.. واستغرق تصويره أسبوعين

تجسد النجمة شيرين رضا شخصية «ميمى» زوجة المفكر «يحي التيجانى»، اختارت السهل الممتنع كطريق لتقديم تفاصيل شخصية بوضوح باعتبارها الطريق الأقرب للتبليغ الذى يعتمد على الامتاع فى الأداء الفنى، من يشاهد الفيلم يفاجئ فى النهاية بأنها شخصية مسيحية، لكنه لايصٌدم بالمعلومة، لأن الدين فى مفهوم الفيلم قيم سماحة بعيدة عن التكلف والتمائم والتعقيد، لكن يدعو للمحبة وقبول الاخر بفكرة وعقائده.. حاورنا شيرين رضا عن استعدادها للشخصية.

< فى="" البداية="" سألتها..="" ماذا="" جذبك="" فى="">

- اعجابى الشديد بالسيناريو، الفيلم من النوعية التى تعتمد على الحوار والأداء، وهى نوعية معروفه بصعوبتها، بالاضافة الى ان الافكار التى يناقشها السيناريو تهاجم التطرف والتشديد والفكر الارهابى أذى نعانيه الأن، ولذلك قبلت الفيلم لاننى اريد ان اكون جزءا من هذا الكيان الذى لايقدم كثيرا، فمن الصعوبة ان تجد سيناريو فى هذا التوقيت يتناول القضية بهذا الشكل، ووافقت على السيناريو فى أقل من ساعة بمجرد قراءته.

< ميمى="" شخصية="" ذات="" ملامح="" يسيطر="" عليها="" الإرهاق="" والتعب،="" ولكنها="" تتصنع="" الابتسامة="" طوال="" الأحداث..="" كيف="" تخطيت="" هذه="">

- ميمى شخصية بسيطة لكنها جدلية مثل السيناريو، فهى تتقبل الاخر وهو الامر الذى لايفهمه صاحب الفكر المتطرف العقيم الذى يرفض الأخر بكل تفاصيله، ميمى شخصية مرهقة فهى تشعر بالقلق والحيرة والرعب وفى نفس الوقت لديها ضيف لابد ان تتظاهر امامه بانها تتقبله، هى ام تخاف على ابنتها الوحيدة وتمنى زواجها، فتتمحور اسئلتها كلها حول الزواج على عكس الأب الذى يبحث عن الفكر الذى سيتزوج ابنته، ولذلك فالشخصية كانت صعبة واستغرقت منى تحضير ساعتان يوميا حتى اظهر بهذا الشكل.

< وما="" أصعب="" مشاهدك="">

- المشهد الأخير، تصويره استغرق حوالي أسبوعين، وتم اعادته والتحضير له كثيرا لكى يخرج بهذا الشكل، المخرج أراد أن أن يصوره «وان شوت»

< هل="" هناك="" تشابه="" بين="" «ميمي»="">

- لا الشخصية بعيده عنى، لكنها من لحم ودم، تقف بجوار زوجها، تتحمل فكرة الناس عنها انها معدومة الفكر، تؤمن بأفكاره وتتحمل تبعاتها من احتمالية سجنه وتهديده بالقتل، وحراسة على بيته، وهذا بعيد تماما عنى، لكنى اعرف شخصيات كثيرة تفعل ذلك منهم صديقات لي أعيش حياتهم وهم سعداء بها.

< تصوير="" الفيلم="" بلوكيشن="" تصوير="" وملابس="" محددة..="" هل="" مثل="" صعوبة="" فى="">

- بالطبع العمل يعتمد فقط على الأداء وهذا من الصعوبات التى يجدها الممثل احيانا وتحتاج الى تركيز كبير لأن الشخصية اذا فقدت جذبها للجمهور فى لحظة لن تستطيع اقناعه مره اخرى، ولذلك اهتمامى كان بالتحضير للشخصية كثير ،، لا اضع الماكياج وأبدو أكبر من سنى وملابسى لم تتغير بالاضافة الى ان الشخصية كاى زوجة لشخصية معروفة تفقد شهرتها وتفكيرها والجميع يعتمد انها بوق لزوجها، وفى نفس الوقت هى ام تشعر بمشاعر الامومة فى رغبتها باسعاد ابنتها الوحيدة وتربيتها بشكل صحيح، وهنا الشخصية نفسها فى «شغل وتفاصيل» يساعدنى ان أتخطى فكرة تمركز اللوكيشن.

< هل="" ترين="" ان="" هذه="" النوعية="" من="" الافلام="" قادرة="" على="" مواجهه="">

يحي التيجانى ضمن الأحداث فى حواره مع المتطرف اسامه قال له: الفكر لايواجه الا بفكر والسلاح لايهاجم الا بسلاح وهنا الفكرة ان الارهاب هو فكر وسلاح، ولذا لايمكن ان يتم مواجهته الا بتعاون كل الاسلحة، الفيلم يتطرق لافكار البعض ينسبها للدين دون أى أسانيد، بل يعتمدوا على تفسيرات خاطئة هى فى نظرى السبب الأساسى لانحراف الناس، تفجير الاتوبيسات والأماكن العامة يتم بالسلاح والقنابل، لكن السبب الرئيسى هو التطرف الفكرى الذى ادى الى هذه النتيجة، أسامة ضمن الأحداث هو شخصية خريج الجامعة الأمريكية، ولكن فكرة لم يتأثر على

الاطلاق بما درسه، بل تأثر بمشايخ بير السلم الذين يفسرون الدين حسب اهوائهم الشخصية.

< هل="" تخوفتى="" من="" عدم="" عرض="" الفيلم="" بسبب="">

- على العكس، «الرقابة» لم تتوقف امام الفيلم واجازته سريعا لأن حالة الجدل التى يوضحها الحوار، تؤكد اننا فى امس الحاجة لمثل هذه النوعية من الأفلام ،هناك شخصيات عندما يؤمن الإنسان بفكرة لابد أن يعرف علام استندت، حتى لا يصبح مجرد «بغبغاء»، والفيلم يهدف إلى ذلك، أن تسأل المحجبة نفسها لماذا ترتدي الحجاب، وكذلك تسأل التي لا ترتديه لماذا هذا قرارها، والجميل فى الموضوع ان السيناريو لكاتب باحث، معروف «بشطارته « فى البحث يجعلنا نفسنا امام حالة جدلية تساعدنا على اتخاذ القرار الصحيح وهذا ما أراد الفيلم ان يصل به.

< وهل="" تخوفتى="" من="" تصنيف="" الفيلم="" العمرى="">

- بالعكس انا سعيدة ان مصر بها رقابة متفتحة وتعرف تماما قيمة التصنيف العمرى، الفيلم لايقدم رسالة عن الصح والخطأ، لكنه يفرض حالة جدلية للجمهور لن يستوعبها من هم دون 16 عامًا، بل من الممكن ان تحدث لديهم بلبلة فكرية وهذا لانريده بل ان الفيلم مثير للجدل فى كل أحداثه.

< وماذا="" عن="" العمل="" مع="" هادى="">

- سعدت كثيرا للعمل معه فهو مخرج صاحب رؤية مميزه، قدمت معه دور صغير جدا فى فيلم هيبتا وسعدت عندما عرض على عمل مرة اخرى لاشاركه.

< بعيدًا="" عن="" «الضيف»..="" هل="" سنشاهدك="" في="" دراما="" رمضان="">

- ضاحكة.. مافيش مسلسلات فى رمضان.

< تشاركين="" فى="" نفس="" الموسم="" بفيلم="" «رأس="" السنة»="" هل="" تنافسين="">

- أجسد فيه ضيفة شرف وسعيدة جدا بهذا الفيلم، وماجذبنى اليه ان المخرج لأول مرة يخرج فيلما سينمائيا ونفس الأمر مع الشركة المنتجة. أحب دعن الشباب الذين يبدأون طريقهم في السينما، فهذا دورى ووصلت لمرحلة تجعلني ملزمة بمساعدة الشباب.

«الضيف» يخترق عقل السلفي العصري طارحاً بجرأة هشاشة الفكر المؤسس للإرهاب

أداء مُتميز لأحمد مالك وجرأة بلا حدود لإبراهيم عيسى في رسم صراع مُجتمع مع العنف

لأول مرة تغوص السينما المصرية في دماغ الإرهابي بهذا العمق. لأول مرة يتم اختراق رأس وعقل السلفي الجهادي الرافض لكل غير، الكاره للآخر، الذي يرى طريق الجنة مفروشاً بجثث خلق الله من غير المسلمين.

بعمق وصراحة وشفافية يُقدم فيلم « الضيف» من تأليف إبراهيم عيسى وإخراج هادي الباجوري محاورات عميقة نقية قوية عن رؤي المتأسلمين للعالم، والواقع، والدولة، والمجتمع.

في أفلام سابقة بدت صورة الإرهابي أقرب للكاريكاتورية التي اكتفت بتصويره كشخص ملتحي يحرص على تقعير اللغة ويتعامل بجهل وغباء مع كل شئ.

يروي «الضيف» قصة كاتب مُستنير هو يحيي التيجاني، يقوم بدوره الفنان خالد الصاوي كرًس عمره لمشروع إصلاح وتنوير الناس وحضهم على التفكير بعقلانية والتسامح والحوار، وهو ما يجعله عرضة دائماً لدعاوى قضائية تتهمه بإزدراء الأديان، وحملات مُجتمعية تراه زنديقا ومنكرا للسنة. ويعيش الكاتب في أسرة بسيطة مكونة من زوجة تلعب دورها شيرين رضا، وابنة « جميلة عوض» حتى يأتي يوم زيارة أحد زملاء الابنة لهم في البيت العشاء لطلبها للزواج، ويظهر أسامة" أحمد مالك" الذي يبدو شابا عصريا مثقفا وأنيقا، ويقوم حوار تفصيلي على العشاء بين الكاتب والزائر، ليكشف أن الزائر يتبنى فكرا دينيا أقرب للسلفية. ويحاول الكاتب أن يتكئ على العقل والمنطق في حواره لإقناع الزائر بتصوراته حول سماحة الدين، وتعددية الحياة، وضرورة الاختلاف، وينتهي الأمر بتطور مفاجئ يكشف فيه الزائر عن وجهه الحقيقي ساعيا إلى إقامة حد الموت على الكاتب وأسرته.

وتبدو الحكاية بتفاصيلها المدهشة ورموزه الغرائبية دافعا لحوار صريح وعاري عن علاقة السلفيين بالأقباط، ونظرتهم للمرأة، وللعلم، وللغرب، وللفكر، وللمجتمع. وتتسع الرؤية لتشمل كثير من موروثات التراث وأعراف المجتمع وعاداته التي يتم تسويقها كدين سماوي. فضلا عن كيفية مواجهة الإرهاب الديني المتغلغل في نفوس البعض.

ويُمكن القول أن هادي الباجوري، ذلك المخرج النابه نجح بإمكانيات بسيطة، ربما أوضحها قلة عدد الممثلين، وعدم تعدد مواقع التصوير حيث تدور معظم أحداث الفيلم داخل بيت الكاتب يحيي التيجاني في تقديم أفضل أداء معبر عن الإطار الفكري السلفي وكيفية ترعرعه وتخفيه من حين لآخر، وغض المؤسسات الطرف عنه اكتفاء بالمواجهة الأمنية.

وبدت الرمزية ظاهرة بشكل لافت في عدة مشاهد ربما أبرزها مقتل السلفي في النهاية بالرصاص لتسقط فوق جسده مكتبة الكتب في بيت الكاتب المستنير، وكأن المعنى المطلوب هو أن الفكر لابد سينتصر على الإرهاب والعنف.

فضلا عن مشهد لجوء الكاتب الذي كان من المفترض أن سلاحه الدائم هو القلم إلى السلاح التقليدي لإنقاذ أسرته من الإرهابي المتخفي، يكشف بوضوح أن حتى المؤمنين بمواجهة التطرف فكريا فقط، يوقنون أن المواجهة الفكرية تبقى فكرية مادام المتطرفين لم يقتربوا من العنف، لكن حال لجوء المتطرف للعنف فإنه لا مجال لحسم المشكل مع التطرف اعتمادا على الحوار.

ومثّل الفنان الشاب أحمد مالك أداء نموذجيا في التعبير عن شخصية الإرهابي الجهادي المتخفي الذي لا يبدو إلا كشخصية طبيعية أمام الجميع اعتمادا على أناقته وثقافته وحسن حديثه وتعلمه للغات الأجنبية وانتمائه لأسر نخبوية، ثُم تحول في تعبيراته وأدائه عند لحظة الصدام إلى شخصية مهووسة، غير متزنة، إقصائية، وتتصف بالوحشية والدموية.

أما خالد الصاوي، فبدا وهو يُقدم شخصية الكاتب المستنير أقرب في الأداء إلى إبراهيم عيسى نفسه، ولا أدري إن كان ذلك مقصودا أم لا، وإن كنت أفضل أن يقدم شخصية أخرى أداء وحديثا. وبدت شيرين رضا متميزة في إتقان دور الأم المُثقفة، المنفتحة، الأنيقة، المساندة لزوجها، والمؤمنة بأفكاره.

ورغم إطلال ماجد الكدواني في مشهد واحد قدم فيه دور شقيق الزوجة، فقد بدا مرحا ،مُبهجا، مُعبرا عن نقاء الشخصية المصرية ولا اكتراثها بمحاورات الفكر ومواجهات التطرف، وكأنه أقرب للترويج لفكرة أنه لافائدة ولا جدوى من التنوير والتثقيف وغيره.

 أما الموسيقى التصويرية للفيلم، والتي أبدعها الموسيقار هشام نزيه فقد عبرت بشكل مثالي عن تطور الأحداث من البداية الهادئة إلى المناقشات المتصاعدة رويدا حتى ذروة الأحداث وانقلاب الكوميديا إلى لحظات رعب. كذلك، فإن تصميم الملابس الذي أشرفت عليه ريم العدل جاء مُعبرا بشكل حقيقي عن أسرة فوق المتوسطة، منفتحة، لكنها مرتبطة بقيم أخلاقية نبيلة. وعبرت ملابس الإرهابي فجاءت غاية في الأناقة للدلالة على خداع المظاهر.