رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صفحات مضيئة من حياة «السادات» بطل الحرب والسلام

السادات
السادات

يبقى الرئيس الراحل أنور السادات شخصية نادرة وزعيماً استثنائياً بمعنى الكلمة، أعطى الكثير لمصر، وبعد مائة عام على ميلاده، ما زلنا نتذكره، بل وننهل من إنجازاته حتى الآن.

 الكثيرون يعرفون عن الرئيس «السادات» أنه شخصية ثرية بمعنى الكلمة، ولكن ما زالت فى حياة «السادات» صفحات مجهولة أو أشياء يجهلها الكثيرون نستعرضها فى هذا التحقيق ليوضح لمحات من حياة «السادات»، «الإنسان» قبل السياسى.

أسعدنى الحظ شخصياً أن أشاهد بعينى موقفاً رائعاً للرئيس الراحل، وذلك بالتحديد يوم الجمعة 11 فبراير 1977 فى مدينة طنطا بلدى، حضر الرئيس «السادات» فى العاشرة صباحاً، وذلك لأداء صلاة الجمعة بمسجد «السيد البدوى»؛ حيث هبطت الطائرة الهيلكوبتر فى ملعب نادى طنطا الرياضى، ثم استقل الرئيس سيارة مكشوفة ومعه نائبه وقتها حسنى مبارك، واخترق الموكب شارع الجيش، أشهر وأكبر شوارع طنطا، وسط عشرات الآلاف من أهالى مدينة طنطا الذين اصطفوا لتحية الرئيس، وأثناء الموكب فوجئ الرئيس بطفل يدعى «خالد» لا يتجاوز عمره 6 سنوات يحاول اختراق الموكب والاقتراب منه، شعر الرئيس بالخوف على الطفل أن يحدث له مكروه وسط زحام الموكب والموتوسيكلات، فأمر الرئيس سائقه بالتوقف ودعا الطفل للركوب فى السيارة المكشوفة وشعر الطفل بسعادة غامرة، وهو بجانب الرئيس وسط ترحيب عشرات الآلاف من أهالى المدينة بالموقف الإنسانى للرئيس.

 موقف آخر طريف وإنسانى للغاية رواه لى أحد ضباط الشرطة فى أوائل السبعينيات وقبل حرب أكتوبر كان الرئيس «السادات» له عادة أن ينزل بمفرده دون حراسة ومتخفياً فى ساعة متأخرة من الليل بشارع الهرم، كان الرئيس «السادات» يقود سيارة فولكس بيضاء قاصداً استراحة الهرم، وكان يخفى وجهه؛ حتى لا يعرفه أحد، ففوجئ الرئيس بكمين؛ حيث استوقفه عسكرى وأمين شرطة يطلبان من الرئيس إبراز بطاقته وسأله الضابط: بتخبى وشك ليه؟ فأجاب الرئيس بتلقائية انتوا مش عارفنى فردوا: لا، من أنت ورايح فين؟ لم يجد الرئيس مفراً فقال هاتولى الضابط اللى معاكم جاء الضابط وكان برتبة ملازم أول، فقال له من أنت؟ ومخبى وشك ليه؟ فقال له أنا «السادات يا بنى» انت مش عارف صوتى قال لا، وأمام موقف الضابط اضطر «السادات» للكشف عن وجهه فأصيب الضابط بالذهول التام قائلين، آسفين يافندم! إنت ليه ياريس متخفى كده، فقال لهم أنا أريد أن أختلى بنفسى بعيد عن الرسميات، تصور الضابط ومن معه أنهم سيعاقبون فقال لهم «السادات» عايزكم تجولى بكره الصبح، حضر الثلاثة فى الصباح وأصدر «السادات» قراراً بترقيتهم جميعاً للرتبة الأعلى لتفانيهم فى أداء الواجب.

موقف رائع آخر لـ«السادات» يدل على الوقار الشديد، فى يوم 2 مارس 1981 كان الموعد مع صدور العدد الأول من جريدة «مايو» لسان حال الحزب الوطنى، وكان يرأس تحريرها الراحل إبراهيم سعدة، فقرر «السادات» أن يكتب فى الصفحة الأخيرة حكاياته، وكان عنوان الحكاية الأولى «سائق من (دمرو)» وهى إحدى قرى المحلة الكبرى، روى «السادات» فى هذا المقال على صفحة كاملة حكاية سائق أنقذه من الجوع والتشرد فى حقبة الأربعينيات وكيف استضافه بمنزله لمدة ثلاثة أيام بعد أن قابله متعباً للغاية.

كان «السادات» معجباً جداً بهذه الشخصية ولم يحاول الرجل التقرب من «السادات» طوال أكثر من 35 عاماً حتى بعد أن أصبح السادات رئيساً للجمهورية وبعد نشر المقال تم استدعاء السائق لرئاسة الجمهورية لمقابلة الرئيس، رحب «السادات» بشدة بهذا الرجل البسيط وامتدح الرئيس عطاء هذا الرجل وعدم استغلال الموقف بعد ذلك، قال له «السادات» اطلب منى ما تشاء، على الفور قال الرجل «عايز أحج ياريس» على الفور قال له الرئيس بإذن الله هذا العام ستحج لبيت الله الحرام.

ثم سأله «السادات» عايز إيه تانى؟ قال الرجل مش عايز حاجة تانى كفاية أنى قابلت حضرتك ولكن «السادات» سأله عن أولاده وأحوالهم عاملين إيه، قال له السائق «بنتى ستتزوج قريباً» وعلى الفور قال له «السادات» أنا «هجهز بنتك» من جيبى الخاص ليس هذا فقط وسأحضر فرحها بنفسى فى القرية، وفوجئ الرجل بما يقوله الرئيس، وشعر بسعادة غامرة وأوفى الرئيس بوعده وحضر حفل الزفاف داخل القرية البسيطة، سعادة السائق وعائلته وأهل القرية لا توصف، ونشرت الصحف صور الرئيس داخل القرية أثناء حفل الزفاف.

عندما أغتيل «السادات» بيد الغدر فى 6 أكتوبر 1981 كان السائق يحج بيت الله الحرام وعندما علم بوفاة الرئيس سقط مغشياً عليه من هول الصدمة وحزناً على صديقه الرئيس.

 

الوفاء للأصل

الرئيس «السادات» كان وفياً للغاية لقريته ميت أبوالكوم، أهالى القرية دائماً كانوا يروون أنه كان فى منتهى البساطة والتواضع الشديد، يجلس معهم على المصطبة، وسط أهالى القرية، وقرر التبرع بقيمة جائزة «نوبل» التى حصل عليها، وكانت قيمتها مليون جنيه مصرى لخدمة مشروعات القرية وتبرع أيضاً بحصيلة عائد كتابه «البحث عن الذات» لنفس الغرض، وكان دائم التردد على قريته وكان يحتفل بعيد ميلاده بالقرية، ويجرى حديثاً تليفزيونياً سنوياً مع الراحلة همت مصطفى وهو يرتدى العباءة والجلباب.

 

تكريم زينات صدقي

وفى لمسة وفاء نادرة للرئيس الراحل فى عيد الفن الأول 1976، قرر الرئيس تكريم الفنانة زينات صدقى، وعلم الرئيس أن الفنانة الكبيرة تعانى ظروفاً مادية صعبة، المهم حضرت الفنانة، وقابلها «السادات» بترحاب شديد، وقال لها لو احتاجتى أى حاجة كلمينى فوراً، وأعطى لها رقم تليفونه الخاص المباشر لتكلمه فى أى وقت تشاء، وتطلب ما تريد ثم دعاها لحفل زفاف ابنته الصغرى «جيهان» فى يناير 1977.

كان «السادات» شديد الغيرة على أبناء وطنه، وفى شهر يوليو 1978 كان المنتخب المصرى لكرة القدم يشارك فى بطولة دورة الألعاب الأفريقية بالجزائر، وعقب انتهاء إحدى المباريات بين مصر وأحد المنتخبات العربية تعرض لاعبو المنتخب لضرب مبرح من الجماهير بمساعدة رجال الأمن هناك، وكانت العلاقات الدبلوماسية بين مصر والجزائر مقطوعة فى هذا الوقت، على الفور أصدر «السادات» قراراً بعودة البعثة المصرية بالكامل.

الرئيس «السادات» كان رب أسرة يحب أولاده وزوجته ربما نسى الكثيرون أن الرئيس «السادات» حضر بنفسه مناقشة رسالة الدكتوراه الخاصة بالسيدة جيهان السادات فى جامعة القاهرة وجلس على المقعد داخل القاعة كأنه شخص عادى، وكانت الدكتورة الراحلة سهير القلماوى تناقش جيهان السادات على مدار ثلاث ساعات متصلة.

وكان الرئيس يصطحب حفيده للمدرسة، حدث ذلك يوم السبت 12 سبتمبر 1981 عندما اصطحب حفيده شريف مرعى للمدرسة، وحضر طابور الصباح وسط ذهول وترحيب القيادات فى المدرسة والتلاميذ.

قبل يومين من اغتياله ذهب إليه فى منزله الدكتور فؤاد محيى الدين، النائب الأول لرئيس الوزراء والمهندس حسب الله الكفراوى، قال لهما الرئيس بالحرف الواحد، «الحمد لله أنا عملت اللى عليا حاربت وانتصرت وسيناء ستعود كاملة بعد 6 أشهر، ووضعت أسساً للديمقراطية وعادت الأحزاب للساحة السياسية، وبعد 25 أبريل أكون قد أديت رسالتى وجاء الوقت للراحة وعلى الشعب أن يختار رئيساً جديداً».. وهذا المعنى أكده الرئيس الأسبق حسنى مبارك أكثر من مرة، «السادات» كان بالفعل زاهداً فى السلطة، شعر أنه أدى رسالته على الوجه الأكمل، وأراد الراحة بعد أكثر من 40 عاماً من الكفاح والمعاناة والمسئولية الجسيمة.