رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

50 ألف محلاوي تحت الحصار

بوابة الوفد الإلكترونية

على حافة الكوبري وقفت سيارة الإسعاف تحمل مريضاً في حالة حرجة لم تسمح له الطرق البديلة من الوصول إلى المستشفي..  وخلف سيارة الإسعاف اصطفت سيارات كثيرة تحمل مواطنين من كل الأعمار منهم من يحلم بالوصول إلى عمله في موعده ومنهم من يسعى إلى اللحاق بالمحاضرة الأولى في كليته ومنهم الطبيب الذي يسعى إلى الوصول للمستشفى الذي به يعمل.

هذا ليس مشهدًا سينمائيًا ولكنه واقع يعيشه أكثر من 50 ألف مصري محاصرين في قرى المحلة الكبرى والسبب انهيار الكوبري الوحيد الذي يربطهم بما حولهم من القرى والمدن لتعيش قرية «فيلة» و«الكمالية» ومجموعة من العزب والقرى المجاورة لها  في عزلة تمامًا، خاصة وأن الكوبري المنهار  يعتبر الطريق الوحيد  الذي يمر عليه الطلاب والموظفون والعمال والفلاحون والذين أصبحوا اليوم يعيشون في «سجن» لا يخرجون منه، والغريب أن كل المسئولين اكتفوا أمام هذا الحصار بجملة من 3 كلمات هي «أعمل لكم إيه».

تجولت «الوفد» داخل قرية «فيلة» و«الكمالية» والعزب المجاور التابع لمركز المحلة الكبرى للقرية التي تضم أكثر من 50 ألف نسمة لترصد تفاصيل واقعة كوبري «الخواجة» والمأساة التي يعيش فيها الأهالي.

انهار الكوبري منذ أيام ومنذ سقوطه لم يعد أمام سكان تلك القرى والعزب سوى السير وسط الزراعات للوصول إلى مدينة المحلة الكبرى.. هذا الطريق البديل عبارة عن ممر ضيق لا يزيد اتساعه على 2 متر فقط وينحصر بين ترعة عميقة وزراعات منخفضة كثيراً عن الطريق.

أحد سائقي الميكروباص قال لـ«الوفد» مافيش غير الطريق دا حتي نعود إلي بيوتنا «بعدما سقط منذ عدة أيام الكوبري الوحيد الذي يربط القري بالمحلة الكبري وهو الطريق الوحيد الذي يستطيع السير عليه في أمان وبانهياره أصبحنا نعاني يومياً من أزمة المواصلات».

كانت السيارات التي تمر على الطريق المتواجد داخل الزراعات تتأرجح يميناً ويساراً، وكثيراً ما تتقابل سيارتان وجهًا لوجه فيحدث الأزمة المفزعة للركاب نتيجة الاصطدام التي حدث بين السيارتين.

بعد مرور 45 دقيقة وسط الزراعات وصلنا إلي موقع «كوبري الخواجة» وهناك لم نجد غير الحجارة متناثرة على الجانبين وتلال من الحديد المتهالك، وبجانبه كوبري «الباشا» الذي يمر غيره المزارعون إلى حقولهم علي الرغم من أنه تم تأسيسه عام 1948وصدر له قرار إزالة منذ 12 عامًا ولم يتحرك أحد من المسئولين  لإزالته أو إصلاحه وتركوه مليئًا بالثقوب ليرعب كل من يمر عليه.

عبدالنبي أبوعلام أحد أهالي عزبة شكارة ومدرس في الأزهر الشريف أوضح أن كوبري الخواجة أنشأته هيئة الكباري  قبل سنوات وليكون الطريق الوحيد المباشر للوصول إلى مركز المحلة الكبرى وكفر حجازي وبانهياره لا يوجد بديل غير السير داخل الزراعات مردداً «ولا طلاب عارفين ينزلوا مدارسهم ولا جامعتهم ولا عارفين نخرج من بيوتنا»، وأضاف سائقو السيارات استغلوا هذا الحال ورفعوا تعريفة الركوب ولم يعد الفلاحون قادرين على الذهاب إلى حقولهم خوفاً من الثقوب المتواجدة في وسط الكوبري المجاور لكوبري «الخواجة» والذي اضطر الجميع للسير فوقه للوصول إلى حقولهم، وتقدم الأهالي بأكثر من مذكرة لهيئة الري وهيئة الطرق والكباري منذ عدة سنوات ولم يفعل أحد أي شيء، وحالياً كل الموظفين والطلاب غير قادرين على الذهاب إلى عملهم، وأصبحت وسيلة المواصلات الوحيدة هي التوك توك «وأجرته 30 جنيهًا نجيب منين علشان نوصل التلاميذ من القرية للمحلة».

وأشار محمدعلي، خطيب مسجد الكمالية، المقيم في مركز المحلة الكبرى إلى انه مكلف بخطبة الجمعة ولكن بعد انهيار كوبري «الخواجة»

  صار الوصول للقرية صعبا، وقال عندما أوصل إلى المسجد أجد كثيراً من المصلين غادروا المسجد نظرا إلى التأخر.

وأوضح الحاج سعد نعيم سائق سيارة أجرة داخل تلك القرى: منذ حوالي سنة سقطت مساحة لا تقل عن متر مربع من كوبري «الخواجة» فوضع الأهالي أحجارًا عليها حتى لا تؤدي إلى كارثة، وبعد 3 أشهر عاد الوضع مرة أخري كما هو، وقال: ناشدنا المسئولين في مجلس المدينة والوحدة المحلية، وكان الرد أنهم سوف يقومون بوضع ميزانية لإصلاح الكوبري وحتي الآن لم يفعلوا شيئاً، وأصبحنا نسير وسط الزراعات ولا يوجد طريق آخر بديل، والطريق كان يستغرق أقل 20 دقيقة ولكن اليوم أصبح لا يقل عن 35 دقيقة، وفي الصباح الباكر من كل يوم يحدث تجمعات في القرى لعدم قدرتهم على ركوب سيارات، والخوف من حدوث أي شيء «حريق أو غيره» في ذلك الوقت لا يستطيع أحد الدخول إلى كل هذه القري، حتي سيارة الغاز لا تستطيع الدخول إلي البلد وأصبحنا نعيش في مأساة حقيقية.

وأكد هاني مطر من أبناء قرية الكمالية وهو في حالة من الغضب الشديد أن أحد المسئولين في مجلس المدينة، قال لهم اركبوا حمير وامشوا من طريق قرية صفط الزراعي، وقال: وبعد انهيار الكوبري لم تتوقف حوادث السيارات وكأنها مسلسل يعرض في السينما. مختتمًا كلامه «احنا هنا أموات».

وأكدت إحدى سيدات عزبة شكارة والتي تعمل في شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبري أن الكثير من الأهالي والعمال والموظفين يومياً ينتظرون ما لا يقل عن 4 ساعات حتي يتمكنوا من ركوب سيارة نظراً لأن عدد سيارات الأجرة التي تخدم هذه المناطق «35سيارة» ولكن بعد المرور وسط الزراعات توقف عن العمل الكثير منهم ولم يتبق غير 4 سيارات تخدم قريتين و13عزبة مجاورة.

وأوضح إبراهيم عبدالله المقيم في قرية «فيلة» بعد انهيار كوبري «الخواجة»

أصبح لا يوجد طريق بديل غير كوبري «الباشا» التي تم تأسيسه عام 1948 علي يد الانجليز، وحاليًا يوجد به الكثير من الثقوب التي تدفع أرواح المواطنين ثمناً للاهمال «احنا من 10 سنين بنحط عليه دبش علشان نمشي بس خلاص احنا بنموت»، وأضاف ولا يمر أسبوع إلا تحدث كارثة ويسقط جرار زراعي وسط الترعة فيموت من عليه ويدمر الجرار تماماً.

كما أشار أحد الفلاحين بقرية «الكمالية» إلى أن المعدات «جرارات وماكينات» التي تساعد الفلاح لا تستطيع الدخول ولا السير من أعلى كوبري «الباشا» نظراً لكثرة الثقوب المتواجدة في وسطه وأصبحوا حالياً يدخلون من إحدى المناطق التي تبعد عن القرية بحوالي 25 كيلو وكل ذلك أصبح عبئًا على الفلاح البسيط ، مؤكداً أن كوبري «الخواجة» كان شريان الحياة بالنسبة للأهالي.

 

كارثة منتظرة

ومن جانبه، أكد عقيل شامة، رئيس الوحدة المحلية لقرية «فيلة»، أن كوبري الخواجة الذي انهار منذ عدة أيام يخدم حوالي 50 ألف نسمة وهو الطريق الوحيد لهؤلاء الناس، مؤكداً أن كوبري «الباشا» البديل الوحيد لكوبري الخواجة صدر له قرار إزالة منذ 12 عامًا، الخوف من الأيام القادمة لان مياه الشتاء ومع وجود تلك الثقوب سوف تؤدي إلي كوارث.

 

صيانة الكباري

أكد المهندس أسامة الحسيني، الخبير في هندسة الكباري أن فترات الفحص والتفتيش أو المدة الزمنية المقررة لتكرار فحص الكباري تتحدد طبقًا لمجموعة عوامل منها خصائص المرور وعمر الكوبري وحالته وزيادة أعباء التحميل.

من جانبه، قال المهندس علي أحمد، خبير الطرق، إن الهيئة العامة للطرق والكباري لابد وأن تقوم بتدعيم الكباري ورفع كفاءتها.

وأضاف الخبير أن انهيار الكباري يرجع الي عدة عوامل من بينها اصطدام بعض المعدات الثقيلة أثناء مرورها بجوار أحد الحوائط الجانبية للكباري وهو ما يؤدي الي حدوث شروخ وكسور تؤثر علي الكباري بشكل كبير، بالإضافة الي عوامل أخري منها عدم صيانة الكباري.

ويوضح المهندس كمال المنجى،  رئيس الهيئة العامة للطرق والكبارى سابقًا، أن بعض الطرق تتبع مديرية الطرق بالمحافظة وهناك طرق تتبع الهيئة العامة للطرق والكباري، وأضاف أن كل إدارة مختصة بنفسها وتعمل وفق اختصاصاتها وبحسب الموارد المالية المخصصة إليها، وأشار إلى أن الحواجز الخرسانية إذا لم تعالج بسرعة «بتترحل»، ومن الممكن أن تتسبب فى حوادث.

 ومن جانبه، أكد الدكتور عماد نبيل، خبير الكباري أن لكل منشأ عمر افتراضي وأن رئيس الجمهورية أكد في أحد المؤتمرات علي ضرورة فحص جميع الكباري كل 10سنوات لمعرفة جوانب الضعف وصيانتها وتشمل مراجعة الفواصل والخرسانات.

ويجب وضع تقرير هندسي لموقع الحدث بأقصي سرعة من خلال هيئة الطرق والكباري والمحليات التابعة له حتي يتم التنفيذ ويجب منع السير علي الكوبري المجاور للكوبري المنهار لتهالكه هو الآخر حتي لا تحدث كارثة لحين الانتهاء من العمل.

ونوه بأن أي كوبرى يتكون من ثلاثة أجزاء أولها جسم الكوبرى وهو من الخرسانة ويعتبر هو أساس الكوبري، وهذا الجزء لا يحتاج لصيانة دورية، أما الجزء الثاني فيتكون من الاكسسوارات الخاصة بالكوبرى من العلامات والإشارات والجزر الوسطى والأسوار وهذا الجزء يحتاج إلى صيانة بصفة دورية كل 6 سنوات  علي الأقل.

وأضاف: أما بالنسبة للجزء الثالث فيعتبر هو الجزء المهمل في الكباري وهو سبب رئيسي في انهيار الكباري، ويعد هذا الجزء أيضاً مهملاً في الصيانة لأن هذا الجزء خاص بالأسفلت والرصف والفواصل وهو السبب الذي يقف خلف حدوث أكثر من 90% من الحوادث التي تحدث على الكباري.

وأشار الخبير إلى أن انهيار وتهالك الكوبري نتيجة مجري مائي مجاور له أو حمولة زائدة عليه أو تآكل الحديد والخرسانات.