عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكايات التصفية فى شركات قطاع الأعمال

بوابة الوفد الإلكترونية

تقرير: حنان عثمان

بصدور قرار تصفية الشركة القومية للاسمنت قبل عد أيام، وتعيين مصفٍ عام عليها دخلت الشركة رسميا ضمن قائمة الشركات تحت التصفية التابعة لقطاع الأعمال العام.

وهى قائمة طويلة تضم العديد من الشركات التى صدرت قرارات بتصفيتها تجاوزت 42 شركة صاحبها تاريخ طويل من المشكلات امتد لأكثر من 20 عاما، ربما تصور البعض أنه بصدور قرار تصفية القومية للأسمنت توقفت مشكلاتها وتمت السيطرة عليها إلا أن الواقع والتاريخ يؤكد عكس ذلك تماما.

أولا تصفية الشركات فى القانون تتم وفقا للمادتين 38 و39 من قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 والتى تشير إلى أنه فى حالة ما إذا بلغت خسائر الشركة نصف رأس المال المصدر وجب على مجلس إدارة الشركة أن يبادر إلى عقد جمعية عمومية غير عادية للنظر فى حل الشركة أو استمرارها، وهذا الامر ينطبق على نحو 48 شركة تابعة للقطاع الآن، وخضوع الشركات للتصفية معناه إنهاء كافة أعمالها وعدم القيام بأى نشاط من أوجه نشاطها الاساسى، فضلا عن حصر كافة الاصول التى تملكها الشركة والتصرف فيها بالبيع لسداد ما على الشركة من التزامات وديون معلقة للغير أو لجهات حكومية أو ديون بنكية، وبالتالى إنهاء أى متطلبات لجهات عليها بالإضافة الى تنظيم تعويضات العاملين فيها.

الغريب أن تاريخ تصفية الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام فى مصر شهد العديد من التجاوزات. فمثلا فى حالة شركة النصر للسيارات والتى صدر قرار بتصفيتها فى 2002 وتم التراجع عنه جرى نقل ملكية كافة مالها من أراض إلى الشركة القابضة للصناعات المعدنية، فضلا عن أنه سبق قرار التصفية قرار آخر بفصلها عن الهندسية للسيارات وتم تحميل كافة المديونيات والمستحقات لجهات حكومية على النصر للسيارات دون الهندسية، ومن فترة تم التراجع عن تصفية النصر للسيارات والإقرار بعودتها للعمل، نفس الأمر تكرر مع الاسكندرية للتبريد والمتحدة للانتاج الداجنى اذ انه بعد اكثر من 10 سنوات خضعت فيها الشركتان للتصفية تم وقف التصفية واتخاذ قرار بعودتهما الى العمل ثم دمجهما مع شركتى المقاولات المصرية «مختار إبراهيم» والنصر العامة للمقاولات «حسن علام» للاستفادة من الاصول التى تملكها الشركتان، الغريب فى أمر تصفية الاسكندرية للتبريد والمتحدة للإنتاج الداجنى أنه بعد أن بدأت إجراءات التصفية بنحو 10 سنوات صدرت توصية من الجهاز المركزى للمحاسبات بإعادة النظر فى امر عودة الشركتين للعمل، نظرا لأن أصولهما كبيرة كما أنه خلال فترة التصفية كانت الشركتان تحققان عوائد.

المشكلة أنه لا قدرة لأحد على تحديد موعد قاطع لإجراءات التصفية وإنهائها، وفى قرار تصفية القومية للأسمنت قررت الجمعية العامة غير العادية إعطاء المصفى مهلة عام لإنهاء التصفية، والواقع يؤكد استحالة هذا الامر نهائيا لانه وفقا لمسئول سابق بقطاع الأعمال العام يرى انه مع بدء إجراءات التصفية تظهر مشكلات كثيرة، كما أن عمليات بيع الأصول والأراضى لا تتم بسهولة كما يرجو البعض فأحيانا تظهر اعتداءات على اراض واصول تملكها الشركات، وبالتالى يستغرق الأمر وقتا لحسم وضعها كما أن أمور التصفية نفسها كانت تتطلب أن يتم مد فترات التصفية لاستكمال تحصيل الأقساط مثل أقساط شركات استصلاح الأراضى وبعد القضايا المعلقة بين الشركات وأطراف أخرى وصلت فى بعض الشركات 200 قضية، ووفقا للقانون تعقد جمعية عامة

للشركات تحت التصفية كل 6 أشهر، لبحث ما تم اتخاذه من خطوات كما أن المصفى وفقا للقانون يسأل فى ماله الخاص إذا حدث أى تجاوز.

وتعد العمالة أهم المشكلات التى تواجه عمليات التصفية، إذ إن لهم حقوق لدى الشركات غير أن وضع التصفية ينتقص من بعض المميزات الأخرى التى كان يحصل عليها العامل مثل العلاوات والحوافز والأرباح، إذ إن الشركة تحت التصفية لا تعمل ولا تحقق عوائد، ويبقى على المصفى مهمة إخراج العمالة وتعويضهم وهى مهمة صعبة وتحتاج تمويل كبير، وفى النصر للسيارات تم انفاق 240 مليون جنيه على خروج العمالة وتعويضاتهم واكدت بعد ذلك لجنة احياء الشركة أنه لو تم إنفاق تلك الأموال على إنقاذ الشركة وقتها لكان أفضل، وفى الإسكندرية للتبريد تم تخفيض العمالة من 2800 عامل إلى 350 عاملا حتى قرار إلغاء التصفية وفى العامة للانتاج والخدمات الزراعية تم خفض العمالة من 1000 عامل الى 40 عاملا فقط عام 2010 وفى شركة سيجال تم خفض العمالة من 662 عاملا وقت التصفية الى 72 عاملا فى 2009 ووصلوا الآن إلى 7 عمال فقط وتم ضمهم إلى العربية للتجارة.

وفى النصر للتليفزيون اختيرت شركتا اليايات وسيجوارت كمنفى إجبارى للعمالة التى رفضت الخروج فى تصفية شركتهم.

المشكلة أنه رغم مرور كل تلك السنوات على قرارات التصفية، ما زالت مشكلات الشركات قائمة حتى الآن وما زالت الشركات تحت التصفية مستمرة فى الإجراءات، وآخرها إعلان من الشركة المصرية للمعدات الكهربائية والأدوات المدرسية  شاهر ورومنى عن بيع كامل أرض ومبانى مخازن روض الفرج التابعة للشركة، ملحوظة هامة، الشركة تحت التصفية منذ 1999.

يبقى أهمية النظر للعمالة فى الشركة تحت التصفية، فإذا كان القانون يوجب التصفية بسبب الخسارة فإن هناك روح القانون والتى يجب ان تمتد الى العمالة التى أفنى معظمهم حياتهم داخل الشركة ويجب ان يحصلوا على تعويضات ملائمة، فإن انهاء مصدر رزق 2300 عمل لا يعنى هؤلاء فقط بل يعنى بحسبة بسيطة نحو 10 آلاف مواطن أضيروا.

ويكفى ان يلقى المسئولون نظرة على مواقع التواصل الاجتماعى الخاصة بالشركة القومية للأسمنت ليكتشف الجميع تحولها الى سرادق عزاء فى وفاة شركتهم.