رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسرار جنون الطماطم

بوابة الوفد الإلكترونية

حطمت أسعار الطماطم الأرقام القياسية بعدما تخطت جميع أسعار الخضراوات لتحتفظ بلقب المجنونة بسبب اشتعال أسعارها بين حين وآخر بصورة غير مبررة لتصل لما بين 8 و 10 جنيهات للكيلو، ليطرح المستهلك تساؤلا حول أسباب تلك الزيادة، وعلق الكثير من التجار أعذارهم على شماعة «العروة الشتوية» لإبعاد الشبهات عن جشعهم وحصد المزيد من الأرباح.

«الوفد» بدأت رحلتها مع أول أطراف القضية ورصدت رحلة الطماطم من البذرة وحتى الحصاد ونقل المحاصيل إلى أسواق الجملة ثم إلى تجار التجزئة حتى يد المستهلك لنكشف السبب الحقيقى وراء جنونها.

الأرقام الرسمية تقول إن مصر تنتج سنويا 8 ملايين طن، يستهلك منها 5 ملايين طن فى الطعام، ويصدر مليون طن، ويذهب إلى التصنيع مليون طن، ويبلغ حجم الهالك سنويا مليون طن.

البداية كانت مع «البذور» واتجهنا إلى منطقة درب سعادة والمعروفة ببيع المستلزمات الزراعية من بذور وأسمدة، واكتشفنا عدة أنواع للبذور منها البلدى ويتراوح سعرها ما بين 160 و 200 جنيه للكيلو وهذا النوع الأقل طلبا بسبب تغير حجم ثماره فهى غير متساوية وإنتاجها أقل، أما النوع الثانى ويحمل اسم «فيروز» ويتراوح سعره ما بين 400 و500 جنيه وهذا النوع رغم جودة ثماره إلا أنه قليل الإنبات فى بعض الأحيان، أما النوع الأكثر طلبا وهو «038» وهو كيس يحتوى على 5 آلاف بذرة وتكفى لزراعة فدان وسعر الكيس 2300 جنيه، وهناك أنواع أخرى يتخطى سعره 5 آلاف جنيه، بالإضافة إلى نوع هجين مستورد ويباع الـ 100 جرام بسعر 400 جنيه.

اتجهنا إلى إحدى شركات استيراد البذور حيث رفض المسئول عنها أن يدلى بأى تصريحات مكتفيا بالحديث عن أسباب جنون سعر الطماطم فقال «الطماطم من الزراعات المكلفة إلى جانب أنها مخاطرة للفلاح فأحياناً تحقق له مكسب كبير وأحياناً أخرى تسبب خسارة فادحة، ومعظم الزراع حينما يرى أن سعر الطماطم متدنى يتركه فى الأرض ولا يحصده، والسبب فى ذلك إننا فى مصر لا يوجد لدينا سياسة زراعية أو حتى مصانع لمنتجات الطماطم «كالصلصة والكاتشب».

وأضاف: «إن سوء الأحوال الجوية يؤدى إلى تلف المحصول حيث طالت فترة الصيف وارتفاع درجات الحرارة وتقلص فترة الشتاء، أدت إلى قلة الانتاج وارتفاع الأسعار، كما أن بعض الشركات تستغل حاجة الفلاح لبيع المحصول فتشتريه باسعار رخيصة».

اتجهنا إلى منطقة أبو النمرس بالجيزة لنبحث عن مزارعين الطماطم ونكشف السبب وراء جنون أسعارها، فى البداية لم نعثر على أراضى مزروعة بالطماطم رغم أن تلك أراضى مشهورة بزراعة الطماطم وعلمنا أن اغلب المزارعين ترك زراعة الطماطم واتجه إلى زراعة الكرنب والقرنبيط، وباستمرارنا بالبحث وجدنا ضالتنا بعض المزارعين يزرعون الطماطم.

كمال عبدالفتاح 55 عام ظهرت عليه علامات التعب والارهاق بعد أن قام برش المحصول بالمبيدات خوفاً من السوسة التى تفسد محصوله، تحدث عن السبب وراء ارتفاع اسعار الطماطم قائلا «الحال مش زى زمان والزرع مكلف والمبيدات غالية والفلاح مظلوم».

وعن السبب وراء ارتفاع أسعار الطماطم «التجار السبب الأول والحكاية علشان تزرع طماطم هتبدأ تشترى شتلات وتباع صينية الشتلات بسعر 200 وتحتوى على 100 شتلة، ويقوم أصحاب محلات بيع الأسمدة بزرعة البذور وبيعها شتلات لأنها توفر على الفلاح فترة الإنبات ومدتها 45 يوما، وتكفى الصينيتان لزراعة قيراط ونصف ويحتاج الفدان الواحد إلى 36 صينية، بما يعادل 3.200 جنيه للفدان الواحد، هذه قيمة الشتلات فقط، ويحتاج الفدان بعد ذلك إلى عمليات رش للمبيدات وحرث للأرض أو تأجير جرار بسعر 200 جنيه فى اليوم، ويتقاضى العامل 120 جنيها يوميا بعد أن كان يحصل على 50 جنيها نظرا لارتفاع الاسعار، ويتم فى تلك المرحلة رش الأرض «ردة ودشيشة وسم فحار» وذلك لمنع تأكل الشتلات فى مرحلة النمو إلى جانب إزالة الحشائش الضارة وتحتاج تلك المرحلة إلى 8 عمال للفدان الواحد».

ويكمل كمال: «زراعة الطماطم مكلفة فبعد نمو الشتلة تحتاج إلى رش المبيدات والأسمدة بصورة مستمرة، وأهم تلك المبيدات الكيروجين، ويحافظ على الثمرة من السوس، أما المبيد الثانى فهو «فيرتميك» ويباع بسعر 140 جنيها، بالإضافة إلى شيكارتي كبريت للفدان الواحد بسعر 400 جنيه وبعد انتهاء تلك المراحل هناك مرحلة هامة وهى إيجار الفدان والذى يبلغ 9.600 جنيه فى العام».

وأضاف كمال: زراعة الطماطم زى «القمار» فالموسم قبل الماضى توقعنا ارتفاع سعرها ولكننا فوجئنا بانخفاض سعرها لزيادة المعروض، حتى أن بعض الفلاحين تركوها فى الأرض ولم يجمعوها خشية تحملهم خسارة أكبر بعد الجمع، وهناك من قام بتسويقها وهى فى الأرض واشترط على التاجر تحمل تكلفة جمعها.

أحمد إبراهيم «فلاح» أكد أن المبيدات وراء ارتفاع الاسعار قائلا «المبيدات التى قمنا بشرائها مغشوشة ولم تنه مشكلة الحشرات وخسرنا الكثير من المحصول، فلا يمكننا شراء المبيدات من وزارة الزراعة لعدة أسباب اهمها نحن لا نتملك الأرض وإنما نحن مستأجرون بالإضافة

إلى أن المسافة بعيدة فخسارة يوم عمل من أجل شراء المبيدات غير مجدية، لذا نقوم بالشراء من أقرب مكان.

ويتساءل أحمد لماذا لا توفر الوزارة أكشاكاً لبيع المبيدات فى أماكن قريبة من المزارع لحل المشكلة والقضاء على الغش الذى يتعرض له المزارع من قبل تجار المواد الزراعية، وعن أسباب ارتفاع أسعار الطماطم يقول: «ارتفاع الأسعار يستمر لمدة 10 أيام فقط وما يحدث فى الأسواق السبب وراءه البائعون وليس تجار الأسواق الكبار، فسعر كيلو الطماطم أثناء الأزمة ونقص الإنتاج وارتفاع التكلفة وصل إلى جنيهين ويصل إلى يد المستهلك بسعر 10 جنيهات بسبب جشع التجار.

يقول فارس حنفى، سائق نقل «بعض السائقين يشترون البضائع لحسابهم الشخصى، أقوم بشراء الطماطم من المزارعين للحصول على هامش ربح كبير من بائعى الأسواق، وأكد أن ارتفاع سعر الطماطم أو أى منتجات زراعية يكون سببه أحياناً ارتفاع سعر النقل.. كل مرحلة نقل يضاف إليها هامش ربح لتصل للمستهلك بسعر مرتفع.

الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والرى أكد أن هناك ارتفاعا غير مبرر فى جميع أسعار الخضراوات لأول مرة يصل سعر البطاطس إلى 10 جنيهات والطماطم إلى 12 جنيها والثوم إلى 25 جنيها وهى طفرة غير حقيقية، فالطماطم أسعارها ترتفع وتنخفض حسب كمية المحصول والأمراض التى تصيبه أو الانتقال بين العروات، أما ما حدث هذا العام فإن العروات التى تزرع فى أغسطس وتحصد فى أكتوبر ونوفمبر كانت أسعار بذورها مرتفعة إلى جانب ارتفاع أسعار الشتلات حيث يتكلف الفدان 5 آلاف جنيه للشتلات فقط حسب نوعها، لكن هذه ليست الأزمة وإنما الكارثة التى حدثت هذا العام أن الشتلات التى قام الفلاحون بزراعتها والتى من المفترض انها مقاومة لارتفاع درجات الحرارة والأمراض وجدوا انها مصابة بمرض التفاف الأوراق وهو من أخطر الفيروسات التى تصيب محصول الطماطم.

وأشار نور الدين إلى أن هناك 60 ألف فدان تم حصدها مصابة بالفيروس وتفاجأ الفلاحون بأن الشتلات لم تنتج ثماراً وهو ما سبب خسائر فادحة لهم، وأصبح الفدان ينتج طن واحد بدلا من 20 طناً، وأرسلت وزارة الزراعة لجاناً لمتابعة الموقف إلا أن الغريب لم يتم اتخاذ أى إجراء ضد الشركة المستوردة ولم يتم تحميلها أى تعويضات للفلاحين.

وأوضح نور الدين أن مصر لجأت لأول مرة لاستيراد الطماطم من الأردن رغم أنها مصنفة كخامس دولة عالميا فى انتاج الطماطم، وأشار إلى أن التغييرات المناخية أحد العوامل فى ارتفاع تكاليف الزراعة فدرجة حرارة الشرق الأوسط ارتفعت 4 درجات وبالتالى نشاط أكثر للحشرات والبكتيريا وهو ما يجبر الفلاح على رش أكثر للخضراوات بالمبيدات وهو ما يؤدى إلى ضرر صحى على المنتج ومادى أيضاً على الفلاح فى ظل ارتفاع يومية العمالة التى ارتفعت من 60 إلى 120 جنيها.

ويكمل نور الدين قائلا: إن حلقات الربح التى تمر بها الخضراوات تحتاج إلى مراجعة من الدولة فالهند تعتمد على التعاونيات لمنع رفع الأسعار وتحديدها فتشترى من الفلاح وتبيع للمستهلك أما فى مصر فهناك تاجر الحقل ويشترى من الفلاح ويبيع لتاجر الجملة الذى يقوم بدوره بعمل مزاد لبيع الخضراوات لتجار التجزئة كل هؤلاء يضعون هامش ربح يتحمله فى النهاية المستهلك.