رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الغش التجارى: الرخيص غالى

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق - أمانى زايد

 

فى محاولة للقضاء على الغش التجارى لجأت وزارة التموين لعمل أرشيف الكترونى للعلامات التجارية لتوفير قاعدة بيانات فى السجل الرئيسى، تكون عاملاً رئيسياً فى محاربة الغش التجارى خاصة بعدما غزت البضائع المهربة والمغشوشة الأسواق، وطال الغش التجارى كل ما يصل لأيدى المستهلك الذى يسعى للحصول على منتج يفى بالغرض وسعره على «قد الإيد»، فأصبح ضحية لجشع التجار ومعدومى الضمير.

 

الأزمات المالية وانخفاض الدخل أهم أسباب إقبال المستهلك على شراء المنتجات والماركات المضروبة بصرف النظر عن جودتها، حتى بلغ حجم خسائر تقليد العلامات التجارية 360 مليون جنيه سنوياً، مما ينذر بهروب الاستثمارات وتدمير الاقتصاد المصرى.

تشير البيانات الرسمية إلى أن هناك نحو 500 ألف علامة تجارية فى مصر، بخلاف أكثر من 14 ألف علامة تجارية مضروبة فى السوق المصرية، ويبلغ حجم التجارة فى الأسواق العشوائية بمصر 20 مليار جنيه سنويًّا، وهى تمثل نحو 45% من حجم التجارة الرسمية للدولة، وتقدر الإحصائيات حجم تكلفة الإعلانات المضللة والغش التجارى بنحو800 مليار دولار، بما يوازى 8٪ من حجم التجارة الدولية.

ومنذ أيام ضبطت الإدارة العامة لشرطة التموين 86 قضية غش تجارى خلال حملات تموينية على الأسواق.. لم يعد المستهلك البسيط بعد موجات الغلاء المتكررة يسعى للبحث عن المواصفات الجيدة للمنتج أو يهتم بالعلامة التجارية بل يسعى أغلب محدودى الدخل لشراء المنتج الرخيص، فالبحث عن السعر الأرخص هو ما يسعى إليه الكثيرون، فى حين أن هناك قطاعاً كبيراً من المواطنين وخاصة الفئات ميسورة الحال تبحث عن المنتج الجيد والماركات العالمية والمشهورة سواء فى الملابس أو الأجهزة الكهربائية، وكافة المستلزمات، فالماركات العالمية تمتلك خامات جيدة ويتم تصنيعها بمواصفات قياسية عالية الجودة، وعلى أعلى مستوى؛ لذلك تكون أسعاره مرتفعة.

وفى ظل غياب الرقابة انتشرت منذ سنوات عمليات غش وتقليد العلامات التجارية، والتى سعى القائمون عليها بتقليد كل ما هو متاح فى الأسواق من ماركات ومنتجات لشركات كبرى من أغذية وملابس وقطع غيار سيارات.

وتعد الصين من أشهر الدول المصدرة السلع المقلدة للسوق المصرى، حيث يحرص العديد من المستوردين على استيراد سلع وبضائع درجة ثانية تلقى رواجاً فى الأسواق المصرية لرخص سعرها ووجود زبائن لها.

وتنوعت طرق الغش التجارى، حيث يتم تزوير العلامة التجارية وصنع علامة مطابقة للعلامة الأصلية، ويتم تغيير بعض الكلمات والحروف المدونة على السلعة أو المنتج مع استغلال نفس اسم المنتج الأصلى، فضلاً عن التلاعب ببعض الرموز عن طريق تبديل حرف مكان آخر وصنع أغلفة تطابق الأصلية مع اختلاف الجودة وذلك لخداع المستهلك، فضلاً عن استخدام نفس الألوان الموجودة على المنتجات الأصلية، وتنتشر تلك المنتجات بكثرة فى مواسم الأوكازيونات والتخفيضات التى تستغلها المصانع التى تنتج بضائع بمواصفات رديئة لبيعها بسهولة.

 

عقوبات

سبق أن وقعت مصر على اتفاقيات ومعاهدات لحماية العلامات التجارية من الغش والتقليد، ففى عام 1952 وقعت مصر على اتفاقية مدريد للتسجيل الدولى للعلامات التجارية، كما وقعت على بروتوكول مدريد للتسجيل الدولى للعلامات التجارية عام 2009، والهدف منها حماية العلامات التجارية وحق الملكية الفكرية.

وعلى الرغم من أن هناك العديد من التشريعات التى تعاقب على جريمة الغش، وبيع السلع المقلدة، إلا أن معدومى الضمير استغلوا فرصة غياب الرقابة على الأسواق والعقوبات غير الرادعة ومارسوا الحيل المختلفة لنشر بضائعهم ومنتجاتهم فى الأسواق، فقد نصت المادة العاشرة من قانون الغش التجارى رقم 48 لسنة 1941 على السجن لمدة لا تقل عن سنة، ولا تتجاوز خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تقل عن 10 آلاف ولا تتجاوز 30 ألف جنيه، لكل من شرع فى غش المنتجات أو طرح أغذية مغشوشة بالأسواق.

ونصت المادة 113 من القانون 82 لسنة 2002 المعروف بقانون حماية الملكية الفكرية على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهرين وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من زور علامة تجارية تم تسجيلها طبقاً للقانون أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور، وكل من استعمل بسوء قصد علامة تجارية مزورة أو مقلدة كل من وضع بسوء قصد على منتجاته علامة تجارية مملوكة لغيره. وكل من باع أو عرض للبيع أو التداول منتجات عليها علامة تجارية مزورة أو مقلدة.

فى 2016 الماضى تم إطلاق مشروع العلامات التجارية لمنع الغش التجارى، بالعمل على الرقابة على الأسواق من خلال تعاون الجهات الرقابية والوزارات المعنية، لضبط أى منتجات غير مطابقة للمواصفات القياسية واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين، هذا النظام كان يهدف لتنظيم الأسواق التى تعانى من انتشار الغش فى المنتجات الصناعية والتجارية.

وكان نظام الحماية التفاعلى للعلامات التجارية يقوم على إنتاج ملصقات بها رقم لكل علامة تجارية، حيث يمكن للمستهلك إرسال رسالة نصية بالرقم المسجل على عبوة المنتج حيث تصله رسالة تؤكد إذا كان المنتج أصلياً أم مقلداً، وهذا النظام كان يهدف لحماية حقوق صاحب العلامة التجارية من الخسائر الناتجة عن تقليد منتجاته، إلا أن هذا النظام لم يكتب له النجاح وامتلأت الأسواق بالسلع والمنتجات المضروبة.

 

من كل لون

تتنوع جرائم الغش التجارى فى الأسواق، ففى البحيرة تم إلقاء القبض على صاحب مصنع وضبط كمية 195 كجم شاى سائب،

و896 عبوة شاى منتج نهائى تحمل ماركتى شاى معروفتين، وكميات من العبوات الفارغة والأكياس لذات الماركات المشار إليها، و3 ماكينة لحام عبوات كهربائية، و3 مسدس شمع وميزان، حيث يقوم صاحب المصنع بتعبئة الشاى المغشوش فى تلك العبوات، كما تم إلقاء القبض على صاحب مطبعة بباب الشعرية منذ عدة أشهر، لقيامه بتقليد العلامات التجارية والمطبوعات الخاصة ببعض المنتجات بالمطبعة ملكه دون تكليف من مصلحة التسجيل التجارى.

ومن جانبه، أكد الدكتور صلاح الدسوقى رئيس المركز العربى للإدارة والتنمية أن غش العلامات التجارية يعد إهداراً للموارد العامة لأن تأثيره مدمر على الاقتصاد.. وقال الأسف انتشرت السلع المقلدة فى الأسواق بكثرة، وتنوعت ما بين سلع غذائية وأدوية وأجهزة منزلية، مما أصبح يشكل خطورة على المستهلك لأنه يخرج منتجات رديئة الجودة، وهناك العديد من المصانع العشوائية التى تنتج تلك السلع، فضلاً عن وجود مصانع رسمية فى القطاع الخاص تقوم بتقليد المنتجات أيضاً لجنى مزيد من الأرباح، وأضاف: الصين من أكبر الدول المصدرة للبضائع والماركات المقلدة إلى مصر، فضلاً عن انتشار السلع المهربة من الخارج والتى تجد رواجاً بأسواقنا، وإقبالاً من المستهلك المصرى عليها لرخص سعرها، فظاهرة الغش التجارى وصلت لدرجة عالية من الإتقان بحيث يصعب على المستهلك التفرقة بين المنتج الأصلى والمقلد، حيث يتم تقليد العبوات الخارجية والرسومات والألوان مع الحرص على تغيير حرف من اسم المنتج، أو يتم تصنيع منتج شبيه بالأصلى لكن أقل جودة باستخدام خامات رديئة، فالتلاعب بالعلامات التجارية يهدف لتضليل المستهلك، كما يؤدى لتدمير الاقتصاد المصرى لما يسببه من خسائر جسيمة، ويسىء لسمعة الاقتصاد الوطنى فى الخارج، ويرى الدسوقى أنه لا بد من تفعيل الدور الرقابى للأجهزة المعنية، وعلى البرلمان أن يصدر تشريعات ويضع عقوبات رادعة على القائمين على الغش، فضلاً عن ضرورة تفعيل دور وزارة الصناعة فى الرقابة على المصانع.

ويأمل الدكتور صلاح أن يساهم مشروع السجل الموحد الذى أعلنت عنه وزارة التموين مؤخراً فى محاربة ظاهرة الغش التجارى فى الأسواق.

وفى الاتجاه ذاته، يرى أحمد عودة، المحامى الرئيس الشرفى لحزب الوفد، أن الغش ممنوع شرعاً وقانوناً، لكن أغلب القائمين على التفتيش مرتشون، والمستهلك هو الضحية الأولى للغش، وعلى الرغم من وجود القوانين التى تعاقب من يقلد سلعة أو غشها، والتى تم تعديلها عدة مرات، إلا أن الفشل فى التطبيق يرجع لانتشار الفساد والرشوة فى المحليات، فأغلب المفتشين يتغاضون عن وجود غش فى المنتجات الموجودة بالأسواق رغم أن دوره الأساسى يكمن فى الإبلاغ عن الفاسدين وتحرير المحاضر، إلا أن هذا لا يحدث فى ظل وجود الفساد.

وأكدت الدكتورة سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك، أن المناخ الحالى يساعد على التوسع فى وتقليد السلع والمنتجات، وتقول نحن بلد تعداده السكانى كبير وإنتاجنا قليل، لذا نعتمد بصورة كبيرة على الاستيراد من الخارج، كما أن معظم الصناعات فى مصر تستورد مكوناتها الأساسية من الخارج أيضاً، وأتاحت موجات الغلاء المتتالية الفرصة أمام البعض لاستغلال المواطنين، كل حسب طريقته لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، وكان لابد أن تظهر فئات فى المجتمع لا تهتم إلا بتحقيق مكاسب ضخمة بأى طريقة، ومن هنا انتشر الغش التجارى وتقليد العلامات، وتطالب الدكتورة سعاد الديب بضرورة تصحيح الأوضاع الحالية، بحيث تضع الحكومة المواطن على رأس أولوياتها، وتفعيل دور الجهات الرقابية، لأن الغش أصبح ظاهرة تجتاح كل ما هو موجود بين أيدى المستهلك.