رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إشراقات ليلة القدر

بوابة الوفد الإلكترونية

 

د. أحـمـد على سليمان عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

 

ليلة القدر لها شأن كبير، فقد وصفها الله –تعالى- بأنها مباركة، وبأنها فوق أن نعرف قدرها، لعظم منـزلتها، وبأنها الليلة التى أنزل فيها الكتاب المبارك، وبأنها خير من ألف شهر، وبأنها تتنـزل فيها الملائكة والروح، وبأنها سلام، وبأنها تمتد إلى مطلع الفجر.. يقول تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ. فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان:3-4)، وقوله جل شأنه: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ القَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ. لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ. سَلامٌ هِى حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ) (القدر:1-5).

والمتأمل فى القرآن الكريم يجد أن هذه الليلة من شهر رمضان لا من غيره، فقد أنزل الله –تعالى- القرآن فى شهر رمضان، كما تؤكده الآية الكريمة: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ..) (البقرة:185).. فتكون من رمضان لا من شعبان كما قيل إنها النصف منه، ولا من أى شهر آخر غير رمضان كما ذهب إلى ذلك البعض.

إن ليلة القدر هى ليلة الشرف العظيم، وليلة الفضل الوافر.. جعلها الله تعالى خيرًا من ألف شهر، وجعلها مباركة طيبة بسبب نزول القرآن فيها.

ففيها تنـزل الملائكة ومعهم الروح الأمين جبريل، ويقولون: هل من داع فيستجاب له، هل مستغفر فيغفر له، وهكذا هى سلام دائم حتى مطلع الفجر... لذلك سنَّ الله إحياءها؛ لنتذكر نعمه على عباده، وبخاصة نزول القرآن الكريم فيها على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بغار حراء، وفيها تتنـزل الرحمات، والملائكة، ويضاعف فيها العمل الصالح أضعافًا مضاعفة، ومَن أخلص لله فى قيامها، وأحياها متعبدًا بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء، كانت له عند الله خير من ألف شهر، لذلك كان النبى (صلى الله عليه وسلم) يحييها، ويحث أصحابه على التماسها، والتعرض لنفحات الله فيها... وقد صح عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يطرق باب فاطمة وعلى ليلًا فيقول لهما: (ألا تقومان فتصليان). وكان يُوقِظ أهله فى العشر الأواخر التماسًا لها. وداوم (صلى الله عليه وسلم) على اعتكافه فيها حتى لحق بربه عز وجل وكان يأمر بخباء فيضرب له فى المسجد، يخلو فيه بربه سبحانه وتعالى، وكان يعتكف كل سنة عشرة أيام. تقول السيدة عائشة (رضى الله عنها): «كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر».

وقال الفراء: «لا يقدر الله فى ليلة القدر إلا السعادة والنعم، ويقدر فى غيرها البلايا والنقم» والله أعلم.

ويقول الإمام الرازى: إذا طلع الفجر فى ليلة القدر نادى جبريل (عليه السلام): يا معشر الملائكة الرحيل، فيقولون: يا جبريل ماذا صنع الله بالمسلمين من أمة محمد

(صلى الله عليه وسلم) فى هذه الليلة؟. فيقول: إن الله نظر إليهم بالرحمة، وعفا عنهم، وغفر لهم، إلا أربعة نفر. قالوا: من هؤلاء الأربعة؟. قال: مدمن الخمر، وعاق الوالدين، وقاطع الرحم، والمشاحن «يعنى: الصارم وهو الذى لا يكلم أخاه فوق ثلاثة أيام».

وقيل إن الرجل فيما مضى ما كان يقال له عابد حتى يعبد الله تعالى ألف شهر، فأعطوا ليلة إن أحيوها كانوا أحق أن يسموا عابدين من أولئك العباد.

وهكذا يجب علينا أن نحيها ونجتهد فى تلمسها لعلنا نصادفنا فنظفر بكرائم الله ورحماته فيها.. ففيها الخير كل الخير.. وكان (صلى الله عليه وسلم) يقول: (ليلة القدر فى العشر البواقى، مَن قامهن ابتغاء حسبتهن، فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهى ليلة وتر تسع أو سبع أو ثالثة أو آخر ليلة).

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله؛ تحريًا لها وحرصًا على تحصيل الأجر والمغفرة والمثوبة.

وينبغى علينا إحياؤها بأنواع العبادة والذكر، وأن نجتهد فى العشر الأواخر منه، روى البخارى عن أبى هريرة (رضى الله عنه) أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (مَن قام ليله القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه). والمراد بقيام ليلتها: إحياء معظمها بالطاعة والعبادة، وأقله صلاة العشاء والصبح فى جماعة. ومعنى إيمانًا: أى تصديقًا بوعد الله تعالى بالثواب. واحتسابًا: أى طلبًا للأجر لا رياء ولا لأخذ أجرة دنيوية، وظاهره أنه يتناول غفران الصغائر والكبائر، وقد يخفف من الكبائر إذا لم توجد صغائر، والله أعلم.

فعلى المسلم أن يحرص على قيامها، وإحيائها بالعبادة لما يترتب على ذلك من غفران الذنوب، والمثوبة الكريمة، والأجر المضاعف من الله جلَّ فى علاه... وفقنا الله تعالى لصيام نهارها وقيام ليلها مرات ومرات... يا رب العالمين..