الليالي المباركة
بقلم: د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
لا شك أن الله «عز وجل» قد اصطفى بعض الناس على بعض. وبعض الرسل على بعض، حيث يقول سبحانه: {اللَّهُ يَصْطَفِى مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ أن اللَّهَ سَمِيعى بَصِيرى} «الحج : 75». ويقول سبحانه : {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضي} «البقرة : 253». ويقول «عز وجل»: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضى دَرَجَاتي} «الزخرف: 32». كما فضل سبحانه وتعالى بعض الأيام على بعض وبعض الليالى على بعض، حيث يقول نبينا «صلى الله عليه وسلم» : {إن لربكم فى أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا}. ومن الشهور المباركة التى لها فضل كبير شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن الكريم، حيث شرفه وكرمه رب العزة «عز وجل» بنزول القرآن الكريم فيه. فقال سبحانه «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتى مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ»البقرة: (185). وفيه ليلة مباركة هى ليلة نزول القرآن. وهى خير من ألف شهر، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرى مِنْ ألف شَهْرى، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرى * سَلَامى هِى حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} «القدر: 1-5». ويقول سبحانه : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَة مُبَارَكَة إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ، فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرى حَكِيمى، أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} «الدخان : 3-5». وفيه العشر المباركات، وهى العشر الأواخر منه، وفيها كان يجتهد نبينا «صلى الله عليه وسلم» غاية الاجتهاد فى العبادة والتقرب إلى الله «عز وجل». فكان «صلى الله عليه وسلم» إذا دخلت هذه العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله وشد مئزره. وإذا كان رمضان هو شهر العتق من النار، وما من ليلة من لياليه إلا لله «عز وجل» فيها عتقاء من النار، فإن ذلك أرجى وأوكد فى هذه العشر. وإذا كان ربنا «عز وجل» يغفر للمستغفرين بالأسحار، فإن هذه الرحمة وهذه المغفرة أرجى فى هذه العشر، حيث يقول «صلى الله عليه وسلم» : {ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر}. يقول: من
وزير الأوقاف