رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجامع الكبير : ((فَضْلُ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ)) (19)

بوابة الوفد الإلكترونية

د. محمد سعيد رسلان

 

إِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- قَدْ مَنَّ عَلَيْنَا فَمَدَّ فِى أَعْمَارِنَا، وَقَدْ أَظَلَّتْنَا أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ وَسَاعَاتٌ جَلِيلَةٌ، إِنَّهَا أَيَّامُ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَهِيَ بِدَايَةُ نِهَايَةِ الشَّهْرِ الْعَظِيمِ.

 

وَصِيَامُ رَمَضَانَ مَا يَزَالُ يَرْتَقِى بِالنَّفْسِ فِى مَدَارِجِ الكَمَالِ؛ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّائِمُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، وَفِيهَا الِاعْتِكَافُ؛ لِعُكُوفِ الْقَلْبِ عَلَى اللهِ، وَلِجَمْعِيَّةِ القَلْبِ عَلَى سَيِّدِهِ وَمَولَاهُ، وَلِلفِكْرِ فِى تَحْصِيلِ مَرْضَاةِ اللهِ، وَمَا يُقَرِّبُ مِنْهُ تَعَالَى فِى عُلَاهُ.

وَفِى العَشْرِ: اِلْتِمَاسُ لَيْلَةِ القَدْرِ، وَهِيَ خَيرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.

*عِبَادَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِى العَشْرِ الأَوَاخِرِ:

فِى «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ العَشْرُ؛ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيلَهُ، وَأَيقَظَ أَهْلَهُ». أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

«أَحْيَا لَيْلَهُ»: بِالصَّلَاةِ، بِتِلَاوَةِ كِتَابِ اللهِ، بِالذِّكْرِ، بِالْفِكْرِ فِى أَحْوَالِ الآخِرَةِ.

«وَشَدَّ الْمِئْزَرَ»: لِلتَّفَرُّغِ لِلْعِبَادَةِ؛ بِالتَّشْمِيرِ، بِالِاجْتِهَادِ، أَوْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ.

وَفِى رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ فِى العَشْرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِى غَيرِهِ»؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ.

*خَصَائِصُ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ:

عَشْرُ رَمَضَانَ الْأَخِيرَةُ فِيهَا الْخَيْرَاتُ، وَفِيهَا الْأُجُورُ الْكَثِيرَةُ، وَفِيهَا الْفَضَائِلُ الْمَشْهُورَةُ، وَالْخَصَائِصُ الْعَظِيمَةُ.

وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صلى الله عليه وسلم مُسَافِرًا فِى جِهَادٍ فِى سَبِيلِ اللهِ لِغَزْوٍ، لِالْتِمَاسِ مَرْضَاةِ اللهِ.

فَالِاعْتِكَافُ سُنَّةٌ مِنَ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ، دَلَّ عَلَيْهَا كِتَابُ رَبِّنَا، وَسُنَّةُ نَبِيِّنَا، وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ.

وَالْمَقْصِدُ الْأَجَلُّ لِلِاعْتِكَافِ: تَفْرِيغُ الْقَلْبِ لِلْعُكُوفِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ؛ لِالْتِمَاسِ الْأَجْرِ بِتَحَرِّى لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَبِالْبُعْدِ عَنِ الدُّنْيَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مِنْ مَآسِيهَا وَمَبَاهِرِهَا، بِكُلِّ مَا يَشْغَلُ الْقَلْبَ عَنِ الرَّبِّ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَصِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ وَطَلَبِ الْآخِرَةِ.

وَفِى الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَهِى خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.

فَعَشْرُ رَمَضَانَ الْأَخِيرَةُ فِيهَا الْخَيْرَاتُ وَالْأُجُورُ الْكَثِيرَةُ، وَفِيهَا الْفَضَائِلُ الْمَشْهُورَةُ، وَالْخَصَائِصُ الْعَظِيمَةُ، وَمِنْهَا:

*وَمِنْ خَصَائِصِ الْعَشْرِ: أَنَّ النَّبِيَّ

صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوقِظُ أَهْلَهُ فِى الْعَشْرِ لِلصَّلَاةِ.

«أَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ؛ حِرْصًا عَلَى اغْتِنَامِ هَذِهِ اللَّيَالِى الْمُبَارَكَةِ؛ لِأَنَّهَا فُرْصَةُ الْعُمُرِ، وَغَنِيمَةٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللهُ.

وَمِنَ الْخُسْرَانِ الْعَظِيمِ وَالْحِرْمَانِ الْكَبِيرِ: أَنْ يُمْضِيَ الْمُسْلِمُونَ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّمِينَةِ فِى اللَّهْوِ البَاطِلِ، وَالْعَبَثِ وَاللَّغْوِ، وَهَذَا مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بِهِمْ، وَمِنْ مَكْرِهِ بِهِمْ، وَصَدِّهِ إِيَّاهُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ، وَمِنْ إِغْوَائِهِ لَهُمْ، وَقَدْ قَالَ رَبُّنَا -جَلَّ وَعَلَا- لِلشَّيْطَانِ اللَّعِينِ: (إِنَّ عِبَادِى لَيسَ لَكَ عليهمْ سُلطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغَاوِينَ) (الحجر: 42).

*سُنَّةُ الِاعْتِكَافِ فِى الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَالْتِمَاسُ لَيلَةِ القَدْرِ فِيهَا:

*مِنْ خَصَائِصِ الْعَشْرِ: الِاعْتِكَافُ فِيهَا، وَالِاعْتِكَافُ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَبِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ.

وَقَدْ اعْتَكَفَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، وَاعْتَكَفَ مَعَهُ أَصْحَابُهُ وَبَعْدَهُ؛ فَاعْتَكَفُوا مَعَهُ، وَاعْتَكَفُوا بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم، وَرَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((الْتَمِسُوهَا -يَعْنِى لَيْلَةَ الْقَدْرِ- فِى الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ)).

فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُصِيبَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِى الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ كُلِّهَا مِنْ غَيْرِ مَا تَمْيِيزٍ، وَإِنْ خَصَّ الْأَوْتَارَ بِمَزِيدِ عِنَايَةٍ فَلَا بَأْسَ؛ لِدَلَالَةِ النُّصُوصِ عَلَى ذَلِكَ.

فَاحْرِصْ فِى الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ عَلَى التَّصْفِيَةِ وَالتَّزْكِيَةِ، عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، وَخَلِّفْ دُنْيَاكَ وَرَاءَكَ، وَأَقْبِلْ صَحِيحًا؛ حَتَّى تَصِيرَ مُعَافَى.

اللهم إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا.