عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسعار «التوريد» تحول موسم الحصاد لـ«موعد مع العذاب»

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق - محمود إسماعيل:

الحصاد هو موسم العيد الحقيقى للفلاح، وينتظره بفارغ الصبر.. ومنذ آلاف السنين وموسم الحصاد مقدس للفلاح المصرى، فهناك عيد خاص عند المصريين القدماء يسمى «شمو»، أى عيد حصاد القمح، وكانت تقدم القرابين والعطايا لــ«رع نينت»، ربة الحصاد. ولكن «دوام الحال من المحال» سرعان ما تبدلت الأوضاع، وأصبح موسم حصاد المحاصيل فى مصر صداعاً مزمناً وأزمة تتكرر مع اقترب موعد جنى المحصول، ففى خلال 6 أشهر فقط شهدت بعض أزمات توريد المحصول، أى تحديد سعره من قبل الحكومة، وكان على رأسها أهم المحاصيل الأرز والقمح، وانضم إليهما، مؤخراً، البصل.

 وترصد «الوفد»، فى هذا التحقيق، أسباب الأزمات وأثرها على الفلاح المصرى، ومن يحدد سعر التوريد، وما مقومات تحديد السعر، خاصة فى ظل سعى القيادة السياسية لتطوير ملف الزراعة المصرية وعودة مصر للإنتاج الزراعى مثلما كان الحال قبل عشرات السنين.

لم يسلم القصب من أزمة فى سعر التوريد الموسم الماضى، إذ اختلف الفلاحون مع الحكومة على سعر التوريد، فى البداية عرضت الحكومة سعر 720 جنيهاً للطن، ما أثار غضب الفلاحين مؤكدين أن تكلفة الطن تزيد على 1000 جنيه.

 من جانبها، زادت الحكومة السعر لـ750 جنيهاً بعد ضغط من لجنة الزراعة بمجلس الشعب ومطالبتها بـ800 جنيه للطن كحد أدنى، وتصاعدت المشكلة وطالبت الأطراف بتدخل الرئيس عبدالفتاح السيسى؛ لحل مشكلة توريد القصب، خاصة بعد أن هدد المزارعون بعدم زراعته مرة أخرى لما يحققه لهم من خسائر فادحة.

يأتى محصول القمح وقد ظهرت أزمة فى تحديد سعر المحصول مع نهاية مارس للعام الحالى. وقال سلطان الشيشينى، فلاح، أعمل فى مهنة الزراعة منذ 14 عاماً، وأسعار توريد القمح هذا العام خيبت آمال الكثير من الفلاحين، وأجرة العامل تخطت 125 جنيهاً، ويحتاج الفدان إلى 7 عمال على الأقل، والسعر الذى أعلنته الحكومة يقصد مبلغ الـ600 جنيه للإردب (150 كيلو) سيضطر العديد من الفلاحين إلى هجرة زراعة القمح، والاتجاه نحو زراعة المحاصيل الأخرى، بالإضافة لارتفاع أسعار الأسمدة الكيمائية، ووصلت شيكارة السماد إلى 250 جنيهاً داخل الجمعية الزراعية وندرة المياه ونقصان المرشدين الزراعيين للمرور على الأراضى الزراعية، مطالباً بأن يكون سعر التوريد يتراوح بين 750 و850 جنيهاً.

ومع نهاية فبراير من العام الحالى، ظهرت أزمة فى توريد محصول البصل. وأكد مظهر عيسى، نقيب فلاحى الصعيد، أن الأزمات تأتى من تأخر الحكومة فى إعلان سعر توريد بعض المحاصيل، وأكبر مثال على ذلك أزمة البصل، ولأنه ليس محصولاً استراتيجياً يترك تحديد سعره للعرض والطلب بين المزارعين والتجار، وقد حدثت أزمة هذا العام؛ بسبب أن سعره العالمى انخفض بنسبة 60%، مقارنة بالعام الماضى؛ حيث وصل كيلو البصل من الأرض الزراعية إلى خمسين قرشاً، بينما كان العام الماضى يُباع من الأرض الزراعية بسعر يتراوح من ثلاثة إلى أربعة جنيهات، وأصبح سعر الطن من 450- 550 جنيهاً.

 وأضاف «عيسى» لـ«الوفد»، أن هناك كميات ضخمة من البصل فى الأسواق، حالياً، وذلك لأن موسم حصاد البصل يبدأ من شهر مارس إلى شهر يونيو، لافتاً إلى أن الفلاح المصرى بات يواجه مشكلات كبرى؛ بسبب ارتفاع سعر السماد وإيجار الفدان والرى وغيرها، والمزارعون يفرشون البصل على الطرق فى الشوارع، كما أن الكثير من المزارعين يؤكلون البصل للمواشى لديهم، بعد انخفاض أسعاره بصورة لا أحد يتصورها، ومحافظة سوهاج كانت المحافظة الأولى على مستوى الشرق الأوسط فى إنتاج البصل، وكانت تضم أكبر مصانع لتجفيف البصل، والمحافظة شهدت فى سنوات ما قبل ثورة 25 يناير خصخصة تلك المصانع ومن ثم بيعها، ومن ثم إلغاء السياسة الزراعية التى كانت تتميز بها محافظة سوهاج، من زراعة البصل.

وفى نهاية أكتوبر من العام الماضى (2017)، ظهرت أزمة فى توريد محصول الأرز.. وقال حسن عيد، مزارع لمحصول الأرز بمحافظة الغربية، إن الزراعة تبدل حالها وأصبح التاجر يعرض سعراً زهيداً علينا، ويقوم هو بتخزين المحصول وبيعه بأعلى من سعره مثلما حدث العام الماضى (2017) عندما اشترى المحصول من الفلاح بـ3.5 ألف جنيه وقام ببيعه بعدها بـ5500 جنيه، والمبلغ الذى حددته الحكومة لا يكفى التكاليف التى أنفقها الفلاح لزراعة الأرز، مشيراً إلى أن الرى من أهم المشاكل التى واجهته أثناء الزراعة؛ نظراً إلى أن المياه منقطعة وإذا توافرت على فترات تكون متباعدة وغير منتظمة، وأيضاً ارتفاع أسعار الأسمدة بعدما أعلنت الحكومة تحديد سعر توريد الأرز لمضارب الأرز، لكننا كنا نطمح منها أن ترفع أسعار التوريد بحيث تتناسب مع تكاليف الزراعة فى ظل ارتفاع الخدمات.

وأضاف «عيد»، أن السعر المناسب لبيع طن الأرز يجب ألا يقل عن 5 آلاف جنيه، لافتاً إلى أن سعر التقاوى والكيماوى زاد حتى وصل 180 للشيكارة الواحدة، قائلاً: إن الحصة المقررة من الأسمدة الزراعية لفدان الأرز فى الجمعيات الزراعية 3 شكائر فقط، مشيراً إلى أن الفدان يحتاج إلى 6 شكائر، وهو ما يعرض الفلاح إلى اللجوء للسوق السوداء لتغطية احتياجاته وسد الفارق، مؤكداً أن سعر الشيكارة الواحدة للأسمدة الزراعية فى السوق السوداء بلغ 240 جنيهاً، مطالباً أيضاً بتوفير الدولة لمكابس قش الأرز ليستفيد منه الفلاح كعلف للحيوانات، بعد ارتفاع أسعار الأنواع الأخرى من الأعلاف، ويضطر الفلاح لحرق قش الأرز ثم تقوم البيئة بعمل محاضر بآلاف الجنيهات.

وقال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن المستلزمات الزراعية ارتفعت فى الفترة الأخيرة بشكل غير طبيعى، والسبب فى المشكلات التى ظهرت بين الفلاحين الفترة الماضية بخصوص توريد بعض المحاصيل مثل أزمة الأرز والقمح كانت بسبب تأخير الوزارة فى إصدار سعر للقمح وإعلان سعر التوريد بالنسبة لمحصول من قبل مضارب الأرز.

وأشار نقيب الفلاحين لـ«الوفد» إلى أن الفلاح يقوم بتوريد القمح بسعر 600 جنيه للإردب، ولكن طالبت النقابة بأن يكون سعر الإردب 700 جنيه؛ لكى يكون مناسباً لحجم التكلفة التى تمت على مدار 6 أشهر ماضية؛ حيث تصل تكلفة زراعة الفدان الواحد لـ9 آلاف جنيه، يبيع الفلاح محصوله بـ12 ألفاً، بعد فترة عمل 8 أشهر ليحصل بعدها على هامش ربح 3 آلاف جنيه فقط، مطالباً لجنة تحديد الأسعار التى تضم وزارة «الزراعة والتموين والمالية» بتقليل سعر مستلزمات الانتاج؛ لأن مشكلات الفلاح تزداد كل عام على العام السابق له وسعر التوريد للعام الماضى بين 555 و575 جنيهاً للإردب حسب درجة النقاء، وجميع المحاصيل المصرية سواء أرز أو قمح أو بصل، وهى المحاصيل التى شهدت أزمات الفترة الماضية معروفة بحسن سمعتها فى السوق عالمياً وتعتبر فرزاً أول مقارنة بمحاصيل الدول الاخرى.

وطالب «أبوصدام» بتطبيق الدولة للمادة 29 من الدستور والتى تنص على: «الزراعة مقوم أساسى للاقتصاد الوطنى.. وتلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها، وتجريم الاعتداء عليها، كما تلتزم بتنمية الريف

ورفع مستوى معيشة سكانه وحمايتهم من المخاطر البيئية، وتعمل على تنمية الإنتاج الزراعى والحيوانى، وتشجيع الصناعات التى تقوم عليهما.. وتلتزم الدولة بتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى والحيوانى، وشراء المحاصيل الزراعية الأساسية بسعر مناسب يحقق هامش ربح للفلاح، وذلك بالاتفاق مع الاتحادات والنقابات والجمعيات الزراعية، كما تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الأراضى المستصلحة لصغار الفلاحين وشباب الخريجين، وحماية الفلاح والعامل الزراعى من الاستغلال، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون» قائلاً وبذلك «الدستور يلزم الدولة بشراء المحاصيل الأساسية (القطن والأرز والقمح) من الفلاح، بسعر يحقق هامش ربح مناسباً له.

 يشار إلى أن السعر العالمى لطن القمح سجل 247 دولاراً، منتصف أبريل لعام 2018، بما يقرب من 4388 جنيهاً طبقاً لبيانات منظمة الفاو.

وقد اشترت الحكومة العام الماضى (2017) نحو 3.6 مليون طن من القمح المحلى، وتستهلك مصر نحو 9 ملايين طن سنوياً من القمح فى إنتاج الخبز المدعم. ويتم تعويض الفارق من خلال الاستيراد، طبقاً لوزارة التموين.

وتنتج مصر من الأرز سنوياً 4٫5 مليون طن تزرع على مساحة مليون و76 ألف فدان بسبع محافظات شمالية؛ لمنع تسرب مياه البحر للدلتا تستهلك منها 3٫5 مليون طن، يبلغ نصيب الفرد من الأرز سنوياً 36 كيلوجراماً من الأرز الأبيض و55 كيلو من الأرز الشعير، طبقاً لوزارة الزراعة. والمحصول الجديد من الأرز يواجه تحديد المساحات المنزرعة؛ ترشيداً للاستهلاك بل تم وضع عقوبات للمخالفين، وهو ما ضاعف المشكلة بين الحكومة ومزارعى الأرز، وستؤثر بالطبع على تداعيات ذلك من قضايا التسعير وحساب تكلفة الإنتاج وتعويض الفلاحين بإيجاد بديل مناسب للزراعة بدل الأرز مثل الذرة.

المتحدث باسم وزارة التموين:

ملتزمون بتسعير المحاصيل الاستراتيجية بالتنسيق مع وزارة الزراعة.. والأرز والبصل عرض وطلب

 

أكد ممدوح رمضان، المتحدث باسم وزارة التموين، أن وزارة التموين غير مسئولة عن تحديد أسعار الأرز والبصل ويتم طرحهما، طبقاً للعرض والطلب والتنسيق يتم فقط فى محصول القمح نظراً إلى كونه سلعة استراتيجية، ويتم تحديد سعر التوريد الخاص بالقمح بالتنسيق مع وزارة الزراعة، ويكون أساس تحديد سعر المحصول بناءً على الأسعار العالمية وحجم المحصول والحكومة وافقت أن يكون سعر إردب القمح 23.5 درجة نقاوة 600 جنيه للإردب و585 جنيهاً للإردب درجة النقاوة 23 و570 جنيهاً بدرجة نقاوة 22.50 والإردب يساوى 150 كيلو أى يتراوح سعر الطن من 4000- 4500 جنيه، مؤكداً أن الاحتياطى الاسترتيجى للسلع مؤمن ويكفى لأكثر من 4 أشهر، ولا يوجد هناك أى أزمات تخص توريد المحصول.

خبير زراعة:

مطلوب قانون يحمى المحاصيل من الانخفاض الموسمى وتطوير السياسة التسويقية ضرورة

 

أكد محمد قنديل، أستاذ الزراعة بجامعة القاهرة، أنه دائماً فى وقت حصاد المحصول يحدث انخفاض فى أسعار المحاصيل، وذلك لكثرة المعروض، لافتاً إلى أنه لا توجد سياسة تسويقية للمحاصيل فى مصر، رغم أن وجودها يحمى المحصول بوجود سعر ثابت فى الأسواق، مطالباً بضرورة إقرار قانون يحمى المحاصيل، ويلتزم بتسويقه بما يتناسب مع تكاليفه الإنتاجية بحيث لا ينخفض سعر المحصول، أو يرتفع بصورة أكبر من سعره الحقيقى، موضحاً أن تسويق المحاصيل لا يقل أهمية عن الزراعة، وهناك أزمات متكررة فيما يتعلق بمحصول الأرز والمحاصيل الاستراتيجية الأخرى منذ أكثر من عامين، فى ظل غياب التنسيق بين وزارتى الزراعة والتموين، وعدم تنفيذ القوانين والقرارات والإصلاحات التشريعية.

رئيس شعبة الأرز: الحكومة تجتمع بكل الأطراف قبل التسعير

وقال رجب شحاتة، رئيس شُعبة الأرز باتحاد الصناعات، إن الحكومة تضع أسعاراً مناسبة للمحاصيل الزراعية وملتزمة بالأسعار العالمية، وقبل وضع الأسعار الخاصة بالمحاصيل تجتمع قبل التوريد بخبراء الزراعة ورؤساء الشُعب باتحاد الصناعات وممثلين من نقابة الفلاحين وتضع عدة اعتبارات، منها تكاليف الزراعة والرى للفلاح، ثم تضع نسبة ربح للمزارع وتحديد سعر البيع للمُستهلك.

وأضاف «شحاتة»، أن الازمة بسبب مطالبة بعض الفلاحين بزيادة سعر التوريد الخاص بالمحصول، وهناك من يطالب بأكثر من السعر العالمى المتداول بكثير، فمن غير المعقول أن تدعم الحكومة الفلاح والمستهلك بشكل كبير، خاصة فى ظل الظروف الحالية، فالحكومة تدعم أكثر من 50 مليون مواطن ببطاقات التموين، بالإضافة لدعمها الفلاح والزراعة وأكبر مثال لذلك أن بعض مضارب قطاع الأعمال تشترى الطن من مزارعى الأرز بقيمة 4500- 5000 جنيه، ويباع للمستهلك داخل المنظومة التموينية بسعر يتراوح بين 6.5 جنيه و8.5 جنيه حسب نوع الشركة الموردة للوزارة.

كما أن السعر العالمى لطن الأرز الهندى كسر 25% يساوى 385 دولاراً منتصف أبريل للعام الحالى أى حوالى 7000 جنيه طبقاً لبيانات منظمة الفاو.