عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رفضت نصائح الطبيب ونسيت آلامها ولبت مطالب الجماهير

بوابة الوفد الإلكترونية

كتب - أمجد مصباح:

اليوم الذكرى الـ43 لرحيل كوكب الشرق أم كلثوم أقوى ظاهرة غنائية فى التاريخ على الإطلاق، وهبة السماء التى وهبها المولى عز وجل للملايين، وهى بحق معجزة غنائية قل أن يجود بها الزمان. أم كلثوم أكثر من نصف قرن على القمة رحلة غنائية رائعة تتعاقب الأجيال وما زال صوتها ملء الأسماع، تحدثنا كثيراً عن مشوارها وأغانيها وقصائدها وصوتها الإعجازى وعشقها لمصر وتبرعها للمجهود الحربى، وحفلاتها فى الداخل والخارج.

اليوم وفى ذكرى رحيلها الـ43، نقول إن أم كلثوم ظلت حتى آخر العمر فى قمة التألق والإبداع والتفرد، رغم أنها عانت كثيراً من المرض فى السنوات الأخيرة من حياتها ولكنها كانت كالجبل حينما تقف على المسرح لتغنى حتى لو امتد الغناء لعدة ساعات، حدث ذلك بالفعل فى حفلها الأخير يوم 3 يناير 1973 بسينما قصر النيل بالقاهرة، وهذا الحفل بالذات لم يذع بالتليفزيون، ولم يتم تصويره لأسباب غير معروفة كانت أم كلثوم تعانى من متاعب شديدة فى الكلى وعمرها تخطى السبعين.

وقفت أم كلثوم على المسرح فى الوصلة الأولى لتغنى رائعة أحمد شفيق كامل ومحمد عبدالوهاب «ليلة حب»، وكانت قد غنتها لأول مرة فى 7 ديسمبر 1972، الأغنية رائعة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لحن جميل كلمات عذبة صوت كوكب الشرق الرخيم كانت تدغدغ مشاعر الملايين، حتى الجمل الموسيقية والتوزيع، وقفت أم كلثوم لتغنى «ليلة حب» على مدى أكثر من ساعتين، نسيت آلامها ولبت مطالب الجمهور أن تعيد كل كوبليه أكثر من مرة وحتى الكوبليه الأخير وهى تقول «فى المكان ده يا حبيبى ياما جينا وياما ضمتنا الليالى فى المكان نفس المكان ياما طيرنا فى العلالى والليلا دى يا حياة الليلة فى نفس المكان حيث أنا وشوقى وقلبى والحنان جينا نستناه جينا نترجاه، جينا نفرش بالأمل سكة خطاه ومهما غبت عليه حتجينى بعد شوية آخد ايديك فى ايدية وأحضن عينيك فى عينية ونعيشها ليلة عمر عمرى كله عمر الدنيا».

عاصفة من التصفيق الحاد لكوكب الشرق داخل المسرح بعد انتهائها من «ليلة حب» كانت تتصبب عرقا وإرهاقا ولا تقوى حتى على الوقوف على قدميها بعد أكثر من ساعتين من الغناء، دخلت غرفتها لكى تستعد للوصلة الثانية، كان زوجها الدكتور الحفناوى يشرف على علاجها دخل غرفتها وطلب عدم دخول أى شخص مهما كان لأن الست تعبانة.

كانت حالة الإعياء الشديدة تبدو عليها، أعطاها حقنة وطلب منها الاعتذار عن الغناء فى الوصلة الثانية والاعتذار للجمهور رفضت أم كلثوم طلب زوجها بشدة، وقالت له مستحيل أنا عمرى ما عملتها، وصممت على الغناء فى الوصلة الثانية واستكمال الحفل حتى نهايته، واضطر الدكتور الحفناوى تلبية رغبتها وغنت فى الوصلة الثانية على مدى أكثر من ساعة رائعة «القلب يعشق كل جميل» لبيرم التونسى والعملاق رياض السنباطى.

شاء القدر أن تكون آخر أغانيها على المسرح هذه الرائعة الخالدة وهى تشدو فى النهاية بصوت مرهق لكنه رائع ورخيم

«جينا على روضة هلة من الجنة فيها الأحبة تنول كل اللى تتمناه، فيها طرب وسرور وفيها نور على نور وكاس محبة يدور واللى شرب غنى وملايكة الرحمة جاية تبشرنا يا ريت حبايبنا ينولوا ما نولنا يا رب يا رب اسعدهم يا رب يا رب وفقنا، دعانى لبيته لحد باب بيته وما تجلالى بالدمع ناجيته».

صفق الجمهور كالعادة بحرارة وطلب من الست أن تعيد الغناء لكنها كانت قد وصلت لقمة الإعياء وأشارت بيديها معتذرة عن الاستمرار تصبب منها العرق وشعرت أنها لن تستطيع مرة أخرى الغناء على المسرح، كان هذا الحفل التاريخى هو آخر حفلات كوكب الشرق، نصف قرن من الإبداع وأصيبت بحالة حزن شديدة بعد الحفل لإحساسها بقرب النهاية، لكن الإبداع لم يتوقف رغم محنة المرض الشديد بعد شهرين فقط من هذا الحفل وبالتحديد فى شهر مارس 1973 سجلت أم كلثوم بصوتها باستديو 35 بالإذاعة آخر أغنياتها «حكم علينا الهوى»، تأليف عبدالوهاب محمد وألحان بليغ حمدى، المرض الشديد كان يبدو على صوتها ولكنها تغلبت على كل ذلك لتغنى وتبدع.

اشتد المرض فى العامين الأخيرين ولكن أم كلثوم لا تريد التوقف عن الغناء، كان الموسيقار الراحل سيد مكاوى يتردد عليها بالڤيللا لعمل بروفات أغنية «أوقاتى بتحلو»، وكانت تدندن معه على العود ولكن حالتها لم تكن تسمح أبدا بالغناء، بعد إصابتها بالفشل الكلوى وأمراض أخرى فى أنحاء متفرقة من الجسد.

وحتى الساعات الأخيرة كان لديها أمل فى الشفاء والعودة للغناء ولكن إرادة الله كانت سباقة ورحلت كوكب الشرق بمستشفى المعادى العسكرى يوم الاثنين 3 فبراير 1975، بكت مصر كلها رحيل كوكب الشرق وفى اليوم الثانى تم تشييع جثمان كوكب الشرق من مسجد عمر مكرم بميدان التحري بحضور نصف مليون نسمة من عشاقها، وتم دفنها فى منطقة البساتين فى مقبرة خاصة كانت كوكب الشرق قد أعدتها قبل رحيلها بعشرين عاماً.

رحم الله ملكة الغناء فى كل العصور، كوكب الشرق أم كلثوم.