عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أبطال.. يستحقون «وسام الشرف»

أرشيفية
أرشيفية

«بعيد عن العين.. لكن فى الصورة أوضح ناس».. وهؤلاء نجوم فى أقرب محيط يحتويهم بين أسرهم.. وعائلاتهم.. شارعهم.. مدرستهم.. مواقع عملهم.. لا يبغون شهرة ولا يسعون إلى نيل مكانة متميزة على من حولهم.. لكنهم ينتمون إلى عالم من القيم الراقية النبيلة التى عزَّ أن يجود بها الزمان.. ويصبح مجرد وجودهم «قيمة فى حد ذاته».

مصر مليئة بهؤلاء المواطنين «النجوم» لن تراهم على شاشات التليفزيون؟ ولن يحتفى بهم مسئولون، لكنهم أبطال من نوع خاص يجتهدون فى صمت وينتقلون من ضيق المحدود إلى رحابة التميز فى رشاقة الواثقين. عم رضا رمز الأمانة.. رغم صعوبة العيش.. وآية فراشة النيل الذهبية.

أستاذ راشد.. مدرس مثالى.. وطارق.. طفل واجه المرض بشجاعة الرجال.. حكايات تستحق أن نتشرَّف.. بأصحابها.

 

«أيقونة الأمانة» يحلم بالستر والحج

«رضا».. عثر على «نصف مليون جنيه» وسلمه للشرطة

حكايته أقرب إلى أساطير المدينة الفاضلة.. وقصته لا يكاد يصدقها عقل, فى زمن يحلم فيه الجميع بالثروة والمال, حتى ولو جاءت على طريقة «آه لو لعبت يا زهر».. ولكنه كان حالة استثنائية, جعلت منه أيقونة للأمانة فى عام 2017.

اسمه «رضا حسن إمام» رجل في نهاية العقد الرابع من عمره.. عامل بسيط دخله الشهرى لا يتعدى 900 جنيه.. فجأة وجد حوالى نصف مليون جنيه.. كان بإمكانه أن يأخذ هذا المبلغ الضخم, دون أن يراه بشر, أو يشعر به بنى آدم واحد.. ولكنه رفض أن يلمسه, وتوجه به فوراً وسلمه للشرطة.

«رضا» يعمل في إحدي شركات النظافة, منذ حوالى عقدين من الزمان, وراتبه بعد هذه السنوات يبلغ 1000 جنيه, يخصم منه 100 جنيه كاشتراك فى السيارة  التى تنقله من محل إقامته بإحدى قرى مركز أشمون بالمنوفية, إلى مقر عمله بمطار القاهرة الدولى, وفي النهاية يجد فى يده نهاية كل شهر 900 جنيه فقط.. وعلى هذه الجنيهات تعيش أسرته التى تضم الزوجة و5 أبناء (3 أبناء وبنتان).

وفى أحد الأيام بينما يمارس عمله داخل صالة الوصول رقم 3 بالمطار, رأى حقيبة سوداء صغيرة ملقاة على أحد المقاعد, تلفت يميناً ويساراً عسى أن يرى صاحب الحقيبة, ولكنه لم يجد أحداً, توجه للمقعد الموجودة عليه الحقيبة, وخشى أن يكون فيها ما يحمل تهديداً للمكان, ولهذا فتحها فوجد فيها ما لم يخطر على باله.. وجد ما يزيد على نصف كيلو ذهب, و3 أجهزة تليفونات حديثة جداً.

كان بإمكانه أن يأخذ الحقيبة وما فيها, دون أن يشعر به أحد, ودون أن يراه أحد, ولكنه اتخذ قراره الحاسم بتسليم الحقيبة فوراً إلى مدير أمن المطار, وتبين فيما بعد أن الحقيبة تخص أحد المصريين العائدين من دولة الكويت, وتم تسليمها له.

التقيت «رضا» وسألته عن شعوره عندما رأى النصف كيلو ذهب داخل الحقيبة?.. فقال: «وقتها لم أشعر إلا بشىء واحد فقط, وهو أن الله يرانى.. ولهذا نظرت إلى السماء وتحسست موضع كليتى التى استأصلتها منذ سنوات, وتذكرت فضل الله علّى بأن جعلنى أعيش منذ سنوات رغم أننى بكلية واحدة».

عدت أسأله: ألم تفكر ولو للحظة أن قيمة هذا الذهب ستكفل لك ولأسرتك حياة أفضل, خاصة أن راتبك الشهرى قليل للغاية?.. فأجاب: «شعرت بعكس ما تقوله.. شعرت بأن هذا المبلغ إذا لم أسلمه فوراً للشرطة فإنه سيجلب علّى وعلى أسرتى كل البلاوى, فلدى قناعة تامة بأن المال الحرام يدمر ولا يعمر, ويخرب البيوت, ولهذا أسرعت بتسليم الذهب خوفاً من أن تصيبنى نار المال الحرام».

■ وماذا كان رد فعل صاحب حقيبة الذهب عندما تسلم حقيبته بعدما ضاعت منه?

- علاقتى بحقيبة الذهب انقطعت بعد تسليمها لشرطة المطار, ولهذا لم أكن موجوداً عندما حضر صاحب الحقيبة لاستلامها, ولكنى علمت أنه من مدينة المنصورة بالدقهلية, وأنه أخذ حقيبته وانصرف تاركاً لى الشكر مع رجال الشرطة.

■ ولكن ألم يكفل لك القانون الحصول على 10% من قيمة الذهب مكافأة لك على أمانتك?

- أنا لم أفكر مطلقاً فى هذا الأمر, وكما قلت لك كل ما فكرت فيه عندما وجدت الشنطة هو أن الله يراقبنى وأننى يجب أن أسلم الحقيبة للشرطة بأسرع ما يمكن, ويكفينى أن شرطة المطار كرمتنى وقدمت لى مكافأة رمزية.

■ وما قيمتها?

- التكريم ليس بقيمة المكافأة وإنما فيما تحمله من معانى كثيرة, وعموماً المكافأة كانت 100 جنيه, وهذا المبلغ سعدت به جداً, لأنه مال حلال, وهذا ما أحرص عليه أن يكون مالى حلالاً, وألا أطعم أسرتى من حرام أبداً, وربما لهذا السبب أكرمنى ربى فى أبنائى كرماً كبيراً, فكبرى بناتى تزوجت, وابنى الأكبر طالب فى كلية الإعلام, ولدى اثنان فى المرحلة الاعدادية, وابنتى الثانية فى المرحلة الثانوية.. والحمد لله على نعمه الكثيرة.

■ ولكن كيف تعيش وأسرتك ب جنيه شهرياً?

- أعيش مثل أغلب المصريين, وأسعى إلى تحسين دخلى من خلال استئجار قطعة أرض صغيرة بقريتى وزراعتها.. والحمد لله «عايش» وأسرتى مستورين, وحامدين ربنا.. وأنام كل ليلة وأنا مرتاح البال لأننى لم أظلم أى إنسان ولم أعتد على حق إنسان.

■ وبرأيك.. لو أن شخصاً غيرك هو الذى وجد حقيبة الذهب.. هل كان يفعل  معها مثلما فعلت?

- أعتقد ذلك.. فالأمانة صفة أغلب المصريين.

■ وما أحلامك فى عام 2018?

- حلمى الوحيد لأسرتى أن نعيش مستورين, وأتمنى أن أحج بيت الله الحرام فى العام الجديد, لكى أتضرع إلى الله فى الحرم المكى وأن يعيننى لأكمل رسالتى فى الحياة حتى يستكمل أبنائى تعليمهم الجامعة.

 

 

صار نموذجاً للطلاب

«راشد».. مدرس من الزمن الجميل

«ربنا يباركلك ويخليك لينا أفضل أستاذ وأحن أخ».. كانت هذه رسالة تلاميذ الصف الثانى الاعدادى بمدرسة الشهيد عبدالمنعم رياض بالدقى, إلى محمد راشد عبدالمنعم, الحاصل على لقب المدرس المثالى.

محمد عبدالمنعم, كغيره من مئات المدرسين الذين يستحقون لقب المدرس المثالى, ولكن ليس لهم حظ مع الأضواء الإعلامية, تمسكهم بالقيم والأخلاق والتعامل بالحكمة صنع منهم نجوماً داخل مجتمعهم الصغير.

حصل «عبدالمنعم» على ليسانس آداب لغة عربية من جامعة القاهرة عام 1985, ومنذ عمله فى مجال التربية والتعليم منذ عام 1988, حصد 3 جواز للمدرس المثالى, واحدة منها على مستوى الجمهورية والثانية على مستوى الإدارة.

خالد وليد طه, تلميذ بالصف الثانى الاعدادى, قال: إن أستاذه محمد عبدالمنعم, يمتاز بحسن الخلق والحكمة فى التصرف مع التلاميذ, وأنه استطاع بحنكته أن يكسب حب الجميع, كما أنه لا يميل للعنف مطلقاً. مضيفاً: «فيه أمور شخصية بتكون معايا باخد فيها رأيه», ويشير إلى أن أستاذه من النماذج النادرة فى التربية والتعليم, فمن خلال أسلوبه التربوى ألتف من حوله التلاميذ وأباحوا بأسرارهم معه بعدما وجدوا فيه حنان الأب وحكمته.

وعلى مستوى أمانته على أسرار تلامتذه, قال «خالد»: «أستاذنا بمثابة الصندوق الأسود لكل التلاميذ, فالمناقشات الشخصية ليس فقط على مستوى المشاكل الأسرية, بل تقرب منه عدد من التلاميذ

وأباحوا له بأسرارهم العاطفية. ‎وتابع: «بنلاقى فيه السند والحماية أكتر من البيت», مشيراً إلى أن مدرسهم المفضل كثيراً ما واجه الصدام مع أولياء أمورهم من أجل حمايتهم من الأخطاء التربوية من قبل الأسرة سواء فى العنف مع التعامل مع الأبناء أو غيرها من التهميش وعدم الرعاية.

وقال عبدالله صبرى, أحد التلاميذ: إن مدرسه يتبع أساليب بسيطة للغاية فى توصيل المعلومة للطالب ما يجعله فى غنى عن اللجوء للدروس الخصوصية, وتابع: «بنلاقيه موجود قدامها مع أول ثانية من بدء حصته ولا يتركها إلا وهو متأكد من وصول المعلومة إلينا».

‎ومن التلاميذ لأحد أولياء الأمور, قال ناصر أحمد حسن, ولى أمر التلميذ «محمد» بالصف الثانى الاعدادى: إن الأستاذ محمد عبدالمنعم يعد من النماذج النادرة فى عصر شابه انعدام الضمير, وذلك لمنهجه فى التعامل مع التلاميذ بطريقة تربوية.

‎«أول مقابلة معاه حسيته مختلف عن أى مدرس تانى».. يتذكر ولى الأمر أول مرة تعرف فيها على المدرس, قائلاً: إنه من المقربين جداً لكل التلاميذ وأولياء الأمور, وأضاف: «بعتبره أبوه التانى فى المدرسة.. ولو فيه أى مشكلة بيحلهاله بطريقة تربوية صحيحة».

‎ومن التلاميذ إلى المدرس المثالى والذى استهل حديثه بجملته المشهورة «أنا بحب اللغة العربية, وبعلم الطلاب من أجل العلم وليس الوظيفة», مشيراً إلى أنه فور الدخول للحصة ومع أول تعامل مع التلاميذ يضع ما يسمى بالعهد بينهم بتبادل الاحترام والتقدير, ومنها يحاول المدرس أن يبذل قصارى جهده فى توصيل المعلومة بأبسط الطرق».

‎لا يبالى المدرس المثالى من إعادة شرح الحصة عشرات المرات من أجل التلاميذ, لمنع اللجوء للدروس الخصوصية, قائلاً: «براعى ضميرى علشان ربنا يكرمنى فى أولادى, وبراعى أولياء الأمور اللى بيصرفوا المئات على الدروس الخصوصية».

‎وأختتم قائلاً: «حبى لتلاميذى يجبرهم على تقديرهم لى».. مؤكداً أنه ضد مبدأ استخدام العصا فى تربية التلاميذ, بل يكتفى بالتجاهل أو التعامل الرسمى للتلميذ حال رغبته معاقبته له».

 

تحدت الإعاقة وقهرت المستحيل

«آية».. بطلة البارلمبية: «ماما  سر نجاحى»

منذ ولادتها وهى جليسة فراشها, حتى بلغت عامها السادس فقررت محاربة عجزها واختارت من السباحة سبيلاً لذلك, وقررت والدتها أن تدعمها نفسياً حتى خاضت أول بطولة محلية فى نادى الشمس, واجتازت كافة الاختبارات, وكبر الحلم معها لتكون بعد ذلك أول سباحة مصرية فى تاريخ رياضات المعاقين تشارك باسم مصر فى دورة بارلمبية, وتفوز بالميدالية ببطولة العالم.

«آية أيمن عباس توفيق» من مواليد منطقة «مساكن الشيراتون» بالقاهرة, رفضت أن تكون مثل غيرها الخاضعات للعجز الخلقى, مؤكدة أن الإحباط وعدم الإيمان بالله بقضائه ذلك هو العجز الكبير.

«ماما دى تستحق لقب الأم المثالية بجدارة».. بهذه الجملة استهلت بطلة البارلمبية حديثها, قائلة: إنها استطاعت أن تحافظ على نشاطها الرياضى, مع عدم التقصير فى الدراسة بمساندة والدتها لها فى المنزل وملازمتها طوال الوقت.

فى عام 2010 وضمن فريق سباحة نادى الشمس, حصلت «آية» على عدد  من البطولات المحلية, ما أهلها لبطولة العالم.

قصة البطلة صاحبة الليس فقط من أجل هوايتها الرياضية بل هو دافع قوى لها للخروج من سجنها على الكرسى المتحرك, وأضافت: «نفسى أعمل لأمي تمثالاً فى الصبر وتحمل المشاق, أدمعت الكثير من أجل راحتى ونجاحى وتنازلت عن الدكتوراه لتحقيق حلمى فى بطولة السباحة».

«نجاح بنتى عوضنى عن كل آلامى».. بفخر شديد قالتها نيفين سعيد, والدة بطلة السباحة, وقالت: إنه فور ولادتها لآية أخبرها الطبيب بعجزها على مدار حياتها, لتصاب بحالة انهيار شديد, وتابعت: «قررت أعالجها بكل ما أملك علشان تطلع من سجن العجز ولكن الطب فشل».

صمتت الأم للحظات وتذكرت السنوات الأولى لطفلتها, موضحة أنها كانت تعشق السباحة فى المياه وحينما سألتها عن سر عشقها للسباحة قالت لها: «بنسى العجز وأنا تحت المياه يا ماما بحس إنى عايشة حياتى الطبيعية».

لم يتوقف تضحية والدة البطلة عن هذا الحد, بل تنازلت عن رسالة الدكتوراه من أجل التفرغ لنجلتها أثناء التدريبات الخاصة لخوض بطولة العالم.

يوم الأم كان يبدأ من الساعة الثالثة فجراً, حيث تنهض فى عجالة وتحضر وجبة الإفطار لآية, ثم تذهب بها للتدريب من الساعة الخامسة حتى السابعة صباحاً, وبعدها تذهب آية للمدرسة, وبعد العودة تستذكر دروسها, وقالت الأم: إنها كانت تواظب على المواعيد ما بين التدريب واستذكار الدروس.

وطالبت الأم الدولة برعاية ذوى الإعاقة فى مصر, وأشارت إلى أن الحكومة لم تصرف أى مبالغ مالية لها برغم حصولها على عدة بطولات, فضلاً عن تهميش تدريب ذوى الإعاقة, وقالت: إن استاد القاهرة كان خالياً من حمامات خاصة لذوى الإعاقة.