رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

استقلال القرار الوطني ومصالح مصر بوصلة السياسة الخارجية

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسى

سعى الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه المسئولية إلى إعادة السياسة الخارجية المصرية إلى مبادئها الأصيلة الثابتة التى رسخها قادة مصر العظام فى حقب مصر الذهبية, بما يمثل انقطاعا عن سياسة سلفه السابق الرئيس محمد مرسى, بل وعن سياسات الرئيس الأسبق حسنى مبارك أيضا.

يعتبر استقلال القرار وثوابت الأمن القومى المصرى ومصالح مصر ومحيطها العربى أهم العوامل التى رسمت سياسة مصر الخارجية والبوصلة الوحيدة لوجهتها. كان موقف مصر الواضح فى التعامل مع أزمات المنطقة ينطلق من رغبة صادقة فى الحفاظ على ما تبقى من دول ضربتها الفوضى, رغبة فى الحفاظ على وحدة تراب هذه الدول ومقدراتها وجيوشها النظامية.

وباستعراض جولات الرئيس السيسى الخارجية خلال يمكننا أن نفهم مدى التنويع الذى سعت إليه القيادة السياسية لضمان توازن علاقات مصر مع العالم, بما يخدم مصلحة المواطن المصري.

وكانت زيارات الرئيس السيسى الخارجية طوال عام 2017 والتى استهلت بزيارة العاصمة الإثوبية أديس أبابا واختتمت بزيارة قبرص, وسيلة رئيسية فى دعم سياسة مصر الخارجية.

ركزت زيارات الرئيس فى شهرى يناير وفبراير على البعد الأفريقي, وذلك بحضوره قمة الاتحاد الأفريقى فى إثيوبيا ولقائه بعدد من رؤساء دول القارة ثم زيارته فى فبراير لكينيا. وبحث الرئيس خلالها قضايا القرن الأفريقى ومستجدات الأوضاع القارة عموما.

كما شارك الرئيس فى مارس فى القمة العربية بالبحر الميت بالأردن, وفى أبريل كانت زيارته لأمريكا ولقاؤه بالرئيس دونالد ترامب, وكذلك زيارته للسعودية التى التقى فيها بالعاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز. واستهدف الرئيس خلال الزيارتين تبادل الرؤى حول قضايا الشرق الأوسط.

وفى مايو كانت جولات الرئيس الخليجية, التى زار فيها الإمارات والكويت والبحرين, فضلاً عن مشاركة الرئيس فى القمة الإسلامية الأمريكية. واستهدف تلك الزيارات تعزيز تعاون مصر مع الخليج وتنسيق المواقف فى محاربة الإرهاب فى المنطقة.

وشارك الرئيس السيسى فى القمة الألمانية للشراكة مع أفريقيا, التى عقدت فى يونية الماضى حيث أكد الرئيس تأييد مصر للمبادرات التى أطلقتها ألمانيا لجذب الاستثمارات لأفريقيا. وفى يوليو زار الرئيس السيسى المجر للمشاركة فى قمة الفيشجراد, وكان فى استقباله لدى الوصول رئيس وزراء المجرى فيكتور أوربان وعقدت جلسة مباحثات مع رئيس الوزراء المجرى لتعزيز العلاقات فى مختلف المجالات وخاصة الاقتصادية.

كما زار الرئيس السيسى تنزانيا فى شهر أغسطس الماضى, وعقد الرئيس السيسى جلسة مباحثات ثنائية مع نظيره التنزانى جون ماجوفولى, أعقبتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدى البلدين. كما زار الجابون وتشاد.

وفى سبتمبر, زار الرئيس السيسى نيويورك للمشاركة فى اجتماعات الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة, حيث ألقى الرئيس بيان مصر أمام الجمعية العامة.

وفى أكتوبر, زار الرئيس السيسى العاصمة الفرنسية باريس خلال الفترة من الثالث والعشرين وحتى السادس والعشرين من أكتوبر التقى خلالها بالرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون, وعدد من كبار المسئولين الفرنسين وكذا رؤساء أكبر الشركات الفرنسية.

وفى نوفمبر, قام الرئيس السيسى بزيارة رسمية إلى قبرص فى العشرين من نوفمبر شارك خلالها فى فعاليات القمة الثلاثية الخامسة بين مصر وقبرص واليونان, وذلك فى إطار آلية التعاون الثلاثى التى انطلقت فى القاهرة فى نوفمبر 2014. من ناحية أخرى, اعتمدت السياسة الخارجية للرئيس عبدالفتاح السيسى على عدم تقديم أى تنازلات للخارج بشأن سياسة مصر الداخلية, وهو الأمر الذى تجلى فى رفض أية انتقادات دولية لسياسات مصر الداخلية سواء من منظمات حقوق الإنسان أو من أية دول فى الخارج.

أما الملح الثانى لسياسة مصر الخارجية فقد تجلى فى استقلال القرار الوطنى وتوافقه مع المصالح العليا للبلاد ورفض التماهى مع مواقف لحلفاء وأصدقاء آخرين خصوصا فيما يتعلق بقضايا المنطقة. أبرز مثال على ذلك موقف القاهرة الواضح مثلا من الملف السورى واللبناني, والذى برز فيه تباين الموقف المصرى عن موقف أقرب الداعمين للقاهرة فى الخليج, لأن موقفها كان يأخذ فى الاعتبار مصلحة الدولة المصرية ومواطنيها والدولة السورية ومواطنيها, وهو الوضع ذاته بالنسبة للملف اللبناني. وفى الموقفين ظهر الخط الواضح الذى التزمته مصر من البداية, وهو أهمية الحفاظ على وحدة سوريا وضمان استقرار لبنان.

كذلك, فى الوقت الذى أعلن فيه الرئيس المصرى ضمانه لحماية أمن دول الخليج من أى تدخل خارجى فى إشارة إلى إيران, إلا أن الرئيس المصرى تجمعه عده مشتركات مع المواقف الإيرانية تجاه الإقليم, ويشترك معها فى رفض الإطاحة ببشار الأسد ودعم حلفائها فى العراق, كما التقى وزير الخارجية المصرى نظيره الإيرانى فى سبتمبر 2016 إبان اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وعلى الرغم من الانفتاح النسبى على إيران, إلا أن مصر تتخذ موقفا رسميا مناوئا إلى حد ما لحلفاء الأولى فى اليمن.

أيضا مع تغيير الإدارة الأمريكية شهدت هذه العلاقة تحسناً ملحوظاً مع زيارة الرئيس المصرى للولايات المتحدة فى أبريل 2017, إلا أن هذه العلاقة لازالت محفوفة بالمخاطر بسبب تباين بعض المواقف المصرية-الأمريكية فى المنطقة, وان كانت تتسم المرحلة الحالية بارتفاع مساحة التوافق مقارنة بالفترة السابقة, وعلى رأسها أولوية مسألة مكافحة الإرهاب.

كما سعت السياسة الخارجية لمصر إلى محاصرة الإرهاب بأسلوب يتسم بالحسم والشمول والعمل على قطع خطوطه للإمداد والتمويل بالمال والسلاح إضافة إلى ضرورة القضاء على قياداته باستمرار, وعدم الاقتصار على مواجهة تنظيم دون آخر. ووضح ذلك تماما بالتنسيق مع أصدقائها من دول الخليج, كما أكد خطاب الرئيس أمام القمة الإسلامية الأمريكية فى الرياض على توسيع مفهوم مكافحة الإرهاب إلى مكافحة الممول والمحرضين والداعمين له, وهو فى جرأة يحسد عليها كاد يشير بالاسم لدول بعينها تدعم الإرهاب.  وطالبت الحكومة المصرية فى أكثر من مناسبة من الحكومات الغربية وضع الجماعة فى قوائم الإرهاب, وحرص السيسى على لقاء السيناتور الأمريكى تيد كروز فى زيارته إلى الولايات المتحدة فى أبريل 2017, والأخير هو صاحب مشروع قانون وضع الإخوان فى قوام الإرهاب.

كما لعبت مصر دورا مهما فى إعادة رسم السياسات الليبية ومنطقة الشمال الأفريقى بحيث أصبحت القاهرة أيضا ممسكة بأطراف الأزمة الليبية كما فعلت مع أطراف الأزمة السورية يتم ذلك بالتنسيق مع الجزائر وفرنسا وإيطاليا بحيث حولت مصر ليبيا من مصدر للأزمات والإرهاب إلى ساحة قابلة للإدارة والتفاوض وهو ما قد يساهم فى مواجهة الجماعات الإرهابية العابرة للحدود الغربية مع احتمالية وضع إطار سياسى من أجل فرض السيادة وخصوصا بعدما صدر إعلان القاهرة فى فبراير الماضى ليعبر عن إمكانية تحقيق هذا التوجه.

واستطاعت مصر أيضا أن تعيد بعضا من دروها القيادى فى إنجاز نوع من التوافق بين فرقاء الصراع فى جنوب السودان. وبينما تبذل مصر كل جهدها من أجل ضمان استقرار المنطقة, إلا أنها تفادت تماما التدخل المباشر فى أى نزاع مسلح والاستعاضة عن هذا بتقديم الدعم اللوجيستى والمعلوماتى لحلفائها; تفاديا لتزايد الخلافات مع بعض القوى الإقليمية, ما قد ينعكس سلبا على الاستقرار الداخلى.