رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

600 ألف فدان جاهزة للزراعة فى انتظار إشارة بدء التنمية الحقيقية لسيناء

الزراعة النشاط الاكبر
الزراعة النشاط الاكبر لسكان شبه جزيرة سيناء

تحقيق: حمدى أحمد - اشراف : نادية صبحى
 

«نورالدين»: مشروعات التنمية الزراعية فى سيناء أفضل من «توشكى» و«شرق العوينات»

 

إذا سألت مواطناً يسير فى الطريق، ماذا تعرف عن شبه جزيرة سيناء؟ فإن الإجابة المتوقعة عند الأغلبية للوهلة الأولى ستكون هى عبارة عن صحراء ورمال تحتويها مجموعة من الجبال والهضاب العالية التى يصعب معها الحياة، ولكن حقيقة الأمر مختلفة.

ربما لا يدرى الكثير منا، أن الزراعة تعتبر النشاط الأكبر لسكان شبه جزيرة سيناء بجانب الرعى والصيد، وأنها تحتوى على 600 ألف فدان جاهزة للزراعة تنتظر إشارة البدء فى زراعتها، ضمن 1.2 مليون فدان صالحة للزراعة، لكنَّ حجم المساحات المنزرعة فيها يتراوح ما بين 110 و175 ألف فدان فقط، مقسمة على محافظتى شمال وجنوب سيناء، ولكن الجزء الأكبر منها فى الشمال.

وتنتج هذه المساحة نحو 160 ألف طن سنوياً من الخضر والفاكهة و410 آلاف إردب من الحبوب، كما تقدر الثروة الحيوانية فيها نحو 265 ألف رأس من الأغنام والماعز والجمال، ثم بعض الأبقار والجاموس، تعتمد فى معظمها على المراعى الطبيعية.

وتمثل المياه العنصر الأساسى الحاكم للتنمية فى سيناء؛ حيث تعتمد الزراعة فيها بشكل أساسى على الأمطار والسيول والمياه الجوفية التى لم تستغل غالبيتها بعد.

خبراء زراعيون أكدوا، أن سيناء بها مناطق واعدة للتنمية الزراعية لم تستغل حتى الآن من جانب الدولة بإمكانها تنمية منطقة شمال سيناء التى تعانى الإرهاب فى السنوات الأخيرة، حيث تتجاوز هذه المناطق 600 ألف فدان من الممكن استغلالها أفضل من مشروعات توشكى وشرق العوينات.

وتمتلك سيناء عدداً من المميزات الزراعية التى لم نستغلها حتى الآن منذ تحريرها بالكامل فى 1982 بعد رفع العلم المصرى على آخر جزء منها فى طابا، فطبيعة الأراضى فى سيناء تختلف بين الشمال والجنوب؛ حيث تتميز محافظة شمال سيناء بوفرة أراضيها المنبسطة الغنية بالطمى، الذى ترسب فى وديانها على مر العصور، وتمثلها المنطقة الممتدة بين القنطرة وحتى العريش شرقاً، وهى فى جملتها جزء من وادى النيل، إذ كان فيها أحد فروع الدلتا المصرية القديمة، وتقدر المساحة الصالحة للزراعة بالمحافظة بنحو 1.2 مليون فدان.

كما تمتلك شمال سيناء العديد من السدود والخزانات، أهمها سدود الروافعة، الكرم، وطلعة البدن، إضافة إلى 15 خزاناً أرضياً بوادى الجرافى، كما يبلغ عدد الآبار بها 3452 بئراً سطحية منها 80 بئراً عميقة.

أما محافظة جنوب سيناء، فتقوم الزراعة بها فى مناطق متفرقة ومحدودة، حسب تواجد الموارد المائية، وبصفة عامة معظم الأراضى الزراعية المنتشرة فيها ذات تربة رملية، مشتقة من الصخور النارية التى لا تصلح للزراعة باستثناء بعض المساحات الصغيرة.

وتبلغ مساحة الأراضى القابلة للزراعة فى جنوب سيناء حوالى 200 ألف فدان، أما المساحة المنزرعة، حالياً، بمعرفة الأهالى وحول الآبار فمعظمها حدائق فاكهة فى مناطق سانت كاترين، ووادى فيران، ويبلغ إجمالى المساحة المنزرعة حوالى 27 ألف فدان.

وحول منتجات سيناء الزراعية، فهى تتنوع حسب الظروف المناخية بمراكزها الإدارية، فمركزا رفح والشيخ زويد يتميزان بإنتاج الخوخ والتين والموالح، فى حين يتميز مركز العريش بإنتاج الزيتون، ويتميز مركز بئر العبد بإنتاج النخيل، فيما يتميز كل من مركزى نخل والحسنة بإنتاج النباتات الطبية والعطرية.

وقد يتساءل البعض عن كيفية إيجاد الموارد المائية لزراعة هذه المساحات من الأراضى، لكنَّ التنمية الزراعية فى سيناء تعتمد على استخدام مصادر المياه المتاحة سواء آباراً أو أمطاراً أو سيولاً، فمحافظة شمال سيناء يعتمد معظم الساحل الشمالى لها على استخدام مياه الأمطار والآبار التى يتراوح عمقها ما بين 15 و100 متر، ويمتد من شرق قناة السويس حتى رفح.

أما مناطق شمال غرب سيناء، فإنها تعتمد فى الزراعة بشكل رئيسى على ترعة السلام وفروعها، التى أعطى الرئيس أنور السادات إشارة البدء فى حفرها عام 1979، حيث يبدأ مأخذ ترعة السلام غرب قناة السويس عند الكيلو 219 على نهر النيل (فرع دمياط) ثم تعبر أسفل قناة السويس عن طريق السحارة عند الكيلو 27.8 جنوب بورسعيد، ويعتمد عليها، حالياً، فى زراعة حوالى 180 ألف فدان غرب قناة السويس، بالإضافة إلى ترعة الشيخ جابر الصباح، وهى المرحلة الثانية من مشروع ترعة السلام، وتخدم الترعة مساحة 400 ألف فدان.

تاريخياً يرجع الاهتمام بتنمية سيناء زراعياً إلى عام 1994، عندما أطلق مجلس الوزراء المشروع القومى لتنمية سيناء بتكلفة 110.6 مليار جنيه، بهدف تقوية سياسة مصر الزراعية، وربط سيناء بمنطقة شرق الدلتا وجعلها امتداداً طبيعياً للوادى، لكنَّ هذا المشروع لم يُكتب له النجاح.

وتوالت بعد هذا المشروع طوال السنوات السابقة الأفكار لتنمية سيناء، إلى أن أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى تدشن المشروع القومى لتنمية سيناء فى 2016 بتكلفة 150 مليار جنيه، ويشمل إقامة مدن سكنية، وتنمية زراعية ومزارع سمكية، ومشروعات خدمية صحية وتعليمية.

وفيما يتعلق بالتنمية الزراعية فى هذا المشروع، أعلن الرئيس، أنه سيتم إنشاء 350 صوبة زراعية، وتوزيعها على بدو سيناء، والقيام بأعمال البنية الأساسية لـ3915 فداناً بمنطقة بئر العبد، والانتهاء من استصلاح والقيام بأعمال البنية الأساسية، وزراعة 700 فدان زيتون بمشاركة مجتمعية، فضلاً عن الانتهاء من إنشاء سحارة سرابيوم بطاقة 16 متراً مكعباً لكل ثانية، والتى تعد أضخم سحارات العالم لعبور المياه العذبة

أسفل مياه قناة السويس.

كما تحاول الدولة، حالياً، الانتهاء من تحويل 16 تجمعاً بدوياً بجنوب سيناء إلى تجمعات زراعية منتجة، بمساحات تصل إلى 500 ألف فدان تضم زراعات الخضر والفاكهة والمزارع السمكية، اعتماداً على مياه الآبار المالحة وغير المستغلة لتوفير فرص عمل للشباب.

وتسعى، أيضاً، إلى إنشاء مناطق للتصنيع الزراعى شرق قناة السويس، لتحقيق التكامل مع المشروعات الأخرى بالمنطقة، والمتعلقة باللوجستيات، فضلاً عن تنفيذ صندوق تحيا مصر مبادرة مقدمة لأهالى جنوب سيناء، تتمثل فى إنشاء مجتمع زراعى متكامل بطور سيناء على مساحة 120 فداناً لتشغيل 100 شاب تشمل منزلاً ومزرعة لكل شاب.

ومؤخراً، حددت وزارة الزراعة، مساحة جديدة تبلغ ٢٧٠ ألف فدان للنشاط الزراعى بمدينة الطور، تمهيداً لضمها لمشروع استصلاح الـ١٫٥ مليون فدان، على أن تبدأ أعمال الاستصلاح فى ٢٠ ألف فدان و١٠٠ ألف فدان أخرى لمشروعات الإنتاج الحيوانى والداجنى.

 

من جانبه، قال الدكتور نادر نور الدين، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، إن هناك مشروعين يمكن من خلالهما تنمية سيناء زراعياً بشكل كبير، هما مشروع ترعة السلام، وزراعة 400 ألف فدان، ومشروع زراعة 200 ألف فدان وسط سيناء بالمياه الجوفية الصالحة للزراعة.

وأضاف نور الدين، أن مشروع ترعة السلام يمر أولاً بمنطقة بئر العبد، ثم سهل وادى العريش، ونستطيع من خلاله زراعة 400 ألف فدان فى مناطق تحتوى على 29 قرية، فهى تعتبر مناطق واعدة، وكان من المفترض أن يتملك أهالى سيناء جزءاً كبيراً من هذه الأفدنة للاندماج فى المجتمع وكسب الرزق من طرق شرعية، لكن المشروع، حالياً، فى وزارة الزراعة، ولم يتم الانتهاء منه، رغم أنه كامل وجاهز للتنفيذ ويستطيع تنمية وتعمير منطقة شمال سيناء بالكامل.

وأوضح الأستاذ بكلية الزراعة، أن المشروع الثانى هو إمكانية زراعة 200 ألف فدان وسط سيناء صالحة للزراعة؛ نتيجة توافر المياه الجوفية التى تكفى لزراعة هذه المساحة الكبيرة.

وأشار «نور الدين» إلى أننا أمام 600 ألف فدان جاهزة للزراعة مباشرة، ويجب على الدولة التحرك بسرعة فى هذا الاتجاه لتنمية سيناء، وعدم تركها مأوى للإرهابيين؛ لأن الإرهاب ينشط فى المناطق الخالية، ولا نجده أبداً ينشط فى أماكن التنمية والعمران، فنحن تأخرنا كثيراً فى تنمية سيناء وحان الوقت للقيام بذلك الآن.

 

المهندس عاطف عبيد مطر، مدير مديرية الزراعة واستصلاح الأراضى بشمال سيناء، قال إن حجم المساحة المنزرعة فى شمال سيناء كانت 35 ألف فدان فى عام 1982، ووصلت فى 2010 إلى 200 ألف فدان.

وأضاف «مطر»، أنه فى 2013 تراجعت مساحة الأراضى الزراعية إلى 130 ألف فدان، ووصلت إلى 110 آلاف فدان فى عام 2016، بعدد مزارعين يبلغ ألفى مزارع موزعين على مدن المحافظة، فى حين أنهم كانوا نحو 7 آلاف مزارع فى 2013، وكان من المتوقع أن تصل الأراضى الزراعية الصالحة للزراعة فى نهاية 2017 إلى 400 ألف فدان.

وأشار إلى أنه فى حالة توزيع أراضى ترعة السلام للمزارعين والشباب، ستضيف ما لا يقل عن 100 ألف فدان جديدة صالحة للزراعة.

وأوضح أن الحكومة كانت فى 2010 توفر الطرق الجيدة والكهرباء، ولدى المزارعين آبار المياه والأمطار، كما أن المزارعين حينها وما زلوا لديهم الاستعداد للعمل فى أقسى الظروف، لكن فى الوقت الحالى ليست هناك طرق أو كهرباء، لافتاً إلى أن شركة الكهرباء فى شمال سيناء تقوم بمجهود كبير فى ظل الظروف التى تشهدها المحافظة، مؤكداً أن العاملين بشركة الكهرباء يضحون بحياتهم لإيصال الكهرباء إلى الأراضى الزراعية.