رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد صلاح يكتب : الصمت في الواحات

محمد صلاح
محمد صلاح

 

سريعاً نُصب الاحتفال وبدأت معزوفة الشماتة ودقت طبول الفرح، على إيقاع العبارة الشهيرة للقيادي الإخوانجي محمد البلتاجي: «إن ما يحدث في سيناء يمكن أن يتوقف إذا ما تراجع السيسي وأعاد محمد مرسي إلى المقعد الرئاسي»، هذه المرة لم يكن الحدث في سيناء وإنما في الصحراء الغربية المصرية، التي تمتد لتصل إلى الحدود مع ليبيا، ومنها تتكرر كل فترة محاولات الأصوليين المتطرفين العائدين من كل بلد هُزموا فيه، لينصروا إخوانهم الإرهابيين المهزومين في مصر، متسلّحين بدعم مالي قطري ومعنوي تركي وإعلامي إخوانجي، وبغطاء نسجه كل طرف أو جهة أو شخص تعرّض للضرر أو تأثرت مصالحه بفعل إطاحة الإخوان عن حكم مصر أو انتظر مكافأة على ما اعتبره مساهمة منه في إسقاط الإخوان ولم ينلها، فتحول ناشطاً ثائراً ساعياً إلى الثأر ممن حرموه تحقيق طموحه. وفي الجانب نفسه هناك طوابير المستفيدين من بقاء المناخ ملتهباً والأجواء ساخنة والأرض تغطيها الدماء، فالخيوط التي تربطهم بمنظمات حقوقية أجنبية ووسائل إعلام غربية ومراكز بحثية أميركية تجعل مناخاً كهذا يبرز كفاءتهم ويؤكد انتماءاتهم ويثبت ولاءهم للمانحين!

ولأن مواقع التواصل الاجتماعي فرضت واقعاً مغايراً، جعل من يُسطّر بعض العبارات كاتباً وربما أديباً يتلقى تعليقات المحبين، ومن يطرح وجهة نظر، وإن كانت سطحية أو غير منطقية، خبيراً إستراتيجياً، ومن يلاحق الأخبار ويتنقل بين المواقع والصفحات عالماً ببواطن الأمور، فإن أجهزة استخبارية ولجاناً إلكترونية استغلت الحالة ودفعت بتسجيلات مفبركة ومشاهد مركبة وأغرقت الفضاء الإلكتروني بمعلومات كاذبة تداولها الناس وصدق بعضهم ما جاء فيها، بينما انهمك آخرون في إدانة الصمت وانتقاد الدولة التي تأخرت في طرح التفاصيل والمعلومات التي حجبت الحقائق التي اختُصرت، من دون أن يستعيدوا ما جرى في دول أخرى يرونها متقدمة، وقعت فيها حوادث إرهابية من الوزن الثقيل، كان تعاطي السلطات هناك عقلانياً منطقياً صارماً واقتصر دائماً على بيان قصير لمتحدث باسم الشرطة لا يحوي أي تفاصيل، من دون أن تتجرأ أي وسيلة إعلامية وتنسب إلى مصادر أمنية ما تحصل عليه، أو ما تؤلفه، من معلومات صحيحة أو خاطئة، ولا تكشف الحقائق كاملة إلا بعد انتهاء العملية بالقبض على الجناة أو قتلهم أو فرارهم وتأمين القوات المشاركة في مطاردتهم. استمر الصمت الرسمي تجاه أحداث الواحات ليوم كامل حتى صدر بيان كشف تفاصيل ما جرى، لكن فترة الصمت فضحت الإعلام الإخوانجي الذي

احتفل بعدما شمت، والجهات الإعلامية الغربية التي تورطت، فكذبت وفبركت، وبعض نجوم الشاشات المصرية الذين تسرعوا وارتبكوا فاكتشف الناس قدراتهم الضعيفة.

عموماً، لن تكون معركة الواحات الأخيرة وستقع حوادث إرهابية أخرى وسيتكرر المشهد وتداعياته، لكن طوابير الشباب المتزاحمين للالتحاق بكلية الشرطة أو الكليات العسكرية لن تختفي أيضاً، وليس أمام الدولة إلا مواصلة الحرب على الإرهاب، فحكم الإخوان لمصر مدة سنة كاملة خلق حالة انتعاش لدى التنظيمات الإرهابية فرسمت أحلاماً بالتوسع والزحف من مصر لتحكم بقية الدول العربية، ضاعت وانقلبت كوابيس بفعل ثورة الشعب المصري ضد الجماعة، فكان رد فعل الإرهاب مدعوماً بقوى محلية وإقليمية ودولية محاولات لإنهاك الدولة المصرية ومؤسساتها السياسية لتسجيل حضور في المشهد بعدما خُلعت عن مقاعد الحكم.

نعم، تعرض الإخوان لهزيمة كبرى في مصر لكن الجماعة لم تنته وأصبح لها جناح مسلح في الداخل ومنصات إعلامية في الخارج، وحقيقي أن «داعش» اندحر في العراق وسورية، لكن التنظيم تناثر في دول أخرى. إلا أن حادث الواحات، وبقدر ضخامته، أثبت أن هذا هو سقف الإرهاب وأقصى إمكاناته وإن كانت هناك قوات إقليمية أو دولية تتحالف معه أو تستخدمه. بغض النظر عن اسم التنظيم الذي نفّذ عملية الواحات، وما إذا كان صمت الأجهزة المصرية ليوم كامل لأسباب أمنية أو رغبة منها في كشف وتعرية وفضح داعمي الإرهاب ومستخدميه، أو حتى الضعفاء أمامه، فإن الناس في مصر لا يفرّقون بين «الإخوان» و «داعش» و «حسم» و «القاعدة»، فكلها جماعات وتنظيمات في سلة الإرهاب، هدفها إسقاط الدولة... والانتقام من الشعب.

نقلا عن صحيفة الحياة