رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أكراد العراق.. بين تحديات الواقع وحلم الدول المستحيل

بوابة الوفد الإلكترونية

أيها الرقيب سيبقى الكورد بلغتهم وأمتهم باقون للأبد

لا تقهرهم ولا تمحوهم مدافع الزمان..

نحن أبناء اللون الأحمر.. أبناء الثورة

تمعّن بماضينا المخضب بالدماء..

نحن أبناء الميديين وكى خسرو،

ديننا إيماننا هو الوطن..

انتفض شباب الكورد مثل السباع

كى يسطروا بدمائهم تاج الحياة

نحن أبناء الثورات والدم الأحمر انظروا إلى تاريخنا الملىء بالدماء

شباب الكورد على أهبة الاستعداد دائماً للتضحية بأرواحهم

لا يقل أحد إن الكورد زائلون، إن الكورد باقون

باقون كرايتنا الخفاقة الشامخة إلى الأبد 

فى مساء ليلة موحشة بالوحدة والآلام والتعذيب وحصار السجانة، داخل إحدى أقبية معتقلات إقليم كردستان الشرقية بإيران، وبإرادة مفعمة بالأمل والتحدى فى مواجهة محاولات كل أدوات القمع لكسر وإخضاع وإذلال السجناء، ارتفع صوت المناضل والمحامى والشاعر الكردى الشاب يونس بن ملا رؤوف، المعروف باسم دلدار أى «العاشق» بالعربية، وهو يردد هذه الكلمات التى يتردد صداها فى كل الزنازين لتكون درعاً وسيفاً يمنح السجناء مزيداً من الدفء والقدرة على الصمود، هذه الكلمات التى باتت قصيدة شهيرة باسم «أى رقيب»، تحولت إلى النشيد الوطنى الكردى عندما رددت فى ساحة جوار جرا فى مدينة مهاباد شرق كردستان، أثناء إعلان جمهورية كردستان الديمقراطية الأولى عام 1946، والتى سحقتها الجيوش الإيرانية خلال عام.

وخلال عقود من نضال الأكراد ظلت قصيدة «أى رقيب» أنشودة الأكراد المحبين والعاشقين والمناضلين من أجل الحرية والكرامة والمساواة، حتى أصبحت النشيد الوطنى لإقليم كردستان العراق بعد انتفاضة مارس عام 1991.

«الوفد».. تناقش اليوم قضية انفصال إقليم كردستان، وتداعياتها على المنطقة الشرق الأوسط، وخطورتها على الأمن القومى العربى، وتفجير مزيد من الصراعات والاقتتال الداخلى، والموقف الدولى الرافض للاستفتاء، والدعم الإسرائيلى له.

 

الحلم القديم وشبح الحرب الأهلية

 

الحلم القديم عاد من جديد، ولكن فى كردستان العراق، فى 25 سبتمبر الجارى سيذهب الملايين من شعب كردستان للتصويت فى الاستفتاء على الانفصال عن العراق، وإقامة دولة كردية مستقلة، النتيجة معروفة مسبقاً، فحُمى الاستقلال تجتاح الإقليم ومدن تواجد الجاليات الكردية فى أنحاء العالم.

وتعود الأحلام الكردية إلى 10 أغسطس 1920 عندما وقعت معاهدة «سيفر» بين الحلفاء، والتى تضمنت موادها (62 و63 و64)، خطة للحكم الذاتى للمناطق التى يسكنها الأكراد شرق نهر الفرات، وجنوب الحدود الأرمينية، وشمال سوريا والعراق، على أنه إذا حدث خلال عام أن تقدم الأكراد بهذه المناطق بطلب لعصبة الأمم للاستقلال عن تركيا، واعترفت عصبة الأمم به، تعهدت تركيا بقبول ذلك، والتخلى عن كل حق لها فى هذه المناطق، كما نصت على عدم اعتراض الحلفاء على انضمام أكراد ولاية الموصل الاختيارى لهذه الدولة.

وفى مؤتمر الصلح بباريس تقدم الأكراد بطلب للاستقلال ومرفق به خريطة لحدود دولة كردستان، ولكن الرفض التركى الشديد لهذه المعاهدة، وسعى بريطانيا لوضع مملكة العراق التى تضم ولاية الموصل تحت الانتداب حالا دون تحقيق الحلم، الذى جاءت معاهدة لوزان عام 1923 لتقضى عليه تماماً؛ حيث قسمت المنطقة طبقاً للحدود المتعارف عليها الآن، وانتهت كردستان إلى مناطق مقسمة بين تركيا وإيران والعراق وسوريا وأذربيجان وأرمينيا.

لذا ومنذ عام 1918 وفى أعقاب انتهاء الحرب العامية الأولى، وهزيمة الدولة العثمانية، والتمرد عنوان أكراد كردستان الذين وعدتهم بريطانيا بحق إجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم ومعه ولاية الموصل، وهو ما لم يحدث لأسباب دولية وسياسية وجغرافية، ما دفعهم لقتال البريطانيين ومن بعدهم دول العراق وإيران وتركيا، وفى كل مرة كانت الهزيمة والفشل من نصيبهم.

ولكن الحلم الموعود أصبح قريباً وبات على الأبواب، فالأكراد أحكموا سيطرتهم على إقليم كردستان العراق، وبات لهم حكومة وبرلمان وجيش وعلم ونشيد، ويؤسسون لدولة جديدة شمال سوريا، ويقاتلون من أجل دولة أخرى فى جنوب تركيا.

لا أحد يصادر الأحلام ولا حقوق الشعوب، ولكن التاريخ تغير، فلا الحجاز حجاز، ولا الموصل موصل، ولا الشام شام، الحلفاء الذين خانوا الأكراد أقاموا أسساً جديدة للمنطقة، وصنعوا حدوداً وفواصل، فولدت دول واستقرت شعوب، ولم يعد بقدرة أحد أن يعيد عقارب الساعة للوراء.

ولكن لا يريد الأكراد ترك هذه الفرصة التاريخية السانحة، وقد عصفت المؤامرات بدول المنطقة، وتشرذم اقوى جيشين عربيين فى العراق وسوريا، لذلك لم يكن غريباً أن تكون إسرائيل هى الدولة الوحيدة التى تدعم علناً وبقوة انفصال كردستان، كخطوة أولى نحو تقسيم فعلى للعراق إلى ثلاث دويلات أكراد وسنة وشيعة، وكذلك سوريا أكراد وسنة وعلويين، ولم يكن مفاجئاً أن يرفرف العلم الإسرائيلى إلى جانب علم إقليم كردستان فى مهرجانات دعم الانفصال فى مدن أوروبا، فعلاقات التعاون تاريخية وقوية.

قراءة المشهد على الأرض تؤكد أن إعلان قيام دولة كردية، لا يتوافق مع معطيات الواقع الكردى نفسه، أو العراقى أو الإقليمى أو الدولى، وسيؤدى لا محالة إلى نشوب حرب أهلية عراقية شاملة، فالاستفتاء الذى يخالف الدستور العراقى، ويعد عملاً غير مشروع، يرفضه العديد من القوى الكردية المؤثرة مثل حركة التغيير والأحزاب الإسلامية الثلاثة التى لديها 40 مقعداً، مدعومة بـ11 مقعداً للأقليات التركمان والعرب وغيرهم، وهو ما يقارب نصف مقاعد برلمان كردستان البالغ 111 مقعداً، وهو ما يهدد بانفجار صراع كردى – كردى، وهو أمر حدث كثيراً، بالإضافة إلى الصراع الشهير لثنائية برزانى – طالبانى.

كما أن الحكومة المركزية فى بغداد لن تسمح باستيلاء الأكراد على مناطق النفط، وخصوصاً بعد الدعوة لأن يشمل الاستفتاء كركوك، وهو ما عبرت عنه، أيضاً، القوى الشيعية المختلفة، وعلى رأسها ميليشيات الحشد الشعبى، ولو أدى ذلك إلى استخدام القوة المسلحة، وهو ما لا يصب فى صالح الميليشيات الكردية المعروفة بالبيشمركة، خاصة أن الحكومة العراقية فوضت رئيس الوزراء حيدر العبادى بـ«اتخاذ التدابير الضرورية للحفاظ على الوحدة الوطنية»، وهو الذى أكد على التدخل العسكرى فى حالة حدوث عنف بين الطوائف العراقية المختلفة.

بالإضافة إلى أن الإقليم باستثناء النفط محدود الإمكانيات وفقير فى الموارد، ويعيش على المساعدات الغربية، ولن يكون له أى منافذ بحرية، بل وسيكون محاصراً من جميع الجهات بغابة من الأعداء، ويعانى أزمات اقتصادية عنيفة منعته من سداد مرتبات موظفى الإقليم منذ شهور.

من ناحية أخرى، تبدو القوى الإقليمية المحيطة بالإقليم، وهى تركيا وإيران رافضة بشدة وبحسم قيام دولة كردية على حدودها، بينما تخوض هى حرباً داخلية مع الجماعات الكردية المسلحة داخل أراضيها والتى تسعى أيضاً لإنشاء دولة كردية فى تركيا والتى يصل عدد الأكراد فيها إلى حوالى 15 مليوناً، وفى إيران والتى يصل عدد الأكراد فيها إلى حوالى 8 ملايين، وقد تدخلت تركيا عسكرياً فى سوريا لمواجهة الأكراد، وفى العراق لحماية التركمان، وهو ما يفتح المجال لحرب إقليمية واسعة لا يحتملها العالم الآن.

والأهم أنه باستثناء إسرائيل، فإن الموقف الدولى غير مرحب بقيام دولة كردية مستقلة، وهو ما اعتبرته الأمم المتحدة بأنه عمل غير مشروع، كما يرفضه الاتحاد الأوربى بشدة لا سيما فى ظل تنامى نزاعات الانفصال فى العديد من دول أوروبا، كما فى إسبانيا وبريطانيا وغيرهما، بالإضافة إلى منح المجتمع الدولى الأولوية للحرب على الإرهاب، وهزيمة تنظيم داعش فى العراق وسوريا، ومواجهة الإرهاب الذى طال العواصم والمدن الأوروبية، واندلاع حرب جديدة قد يؤدى لموجات جديدة من الإرهاب.

 

إقليم كردستان.. حكومة وبرلمان وجيش وعلم ونشيد

تعنى كردستان طبقاً للموقع الرسمى لحكومة إقليم كردستان أرض الكرد - الأكراد- لذا يسمون أنفسهم الكرد، ويطلقون اسم كردستان على المنطقة الجغرافية التى وزعت بين تركيا، وإيران، والعراق، وسوريا، طبقاً لاتفاقية لوزان الموقعة بين الدول المنتصرة فى الحرب العالمية الأولى، وتشمل أجزاء من شمال العراق، وشمال غرب إيران، وشمال شرق سوريا، وجنوب شرق تركيا، كما يتواجد الكرد بأعداد كبيرة فى كل من لبنان وأرمينيا وجورجيا.

و«الكرد» مصطلح يستخدم للتعبير عن الشعب الكردى، والذى يعتبر نفسه الشعب الأصلى للمنطقة، وطبقاً لما أورده المؤرخ الكردى محمد أمين زكى فى كتابه «خلاصة تاريخ الكرد وكردستان»، يتكون الكرد من جنسين، الأول الشعوب التى كانت تقطن كردستان منذ فجر التاريخ، ويسميها شعوب جبال زاكروس، وهى الأصل القديم جداً للشعب الكردى، والجنس الثانى هو شعوب الهندو- أوروبية التى هاجرت إلى كردستان فى القرن العاشر قبل الميلاد، واستوطنت كردستان مع شعوبها الأصلية، وامتزجت مع شعوبها الأصلية ليشكلا معاً الأمة الكردية، بينما يعرفهم ابن خلدون فى مقدمته بأنهم «بدو الفرس».

ويشير الموقع إلى أن الكرد إحدى أكبر القوميات التى لا تملك وطناً أو كياناً سياسياً موحداً معترفاً به عالمياً، ويعتبرون أنفسهم شعباً مستقلاً بذاته ولهم خصائص تميزهم عن بقية الشعوب ممثلة فى الزى واللغة والعادات والتقاليد، وتعتبر اللغة الكردية من أصول هندو- أوروبية، ويغلب عليها اللغات الإيرانية مثل الفارسية والبشتو.

وطبقاً للموقع تدين الغالبية الكبرى من سكان إقليم كردستان بالمذهب السنى، وتنتشر بينهم الطرق الصوفية خاصة الطريقة القادرية، والطريقة النقشبندية، كما توجد أقلية تنتمى للمسيحية، والأيزيدية، والعلويين وغيرهم.

ويقدر عدد سكان إقليم كردستان بأكثر من 5.2 مليون نسمة فى محافظات أربيل، السليمانية، دهوك، ولا تشتمل الإحصائيات طبقاً لحكومة إقليم كردستان على المناطق الكردستانية، الواقعة خارج إدارة الحكومة فى حدود محافظات نينوى، صلاح الدين، كركوك وديالى. 

ويشير الموقع إلى أن عهد الاستقلال الذاتى لإقليم كردستان، بدأ فى أعقاب حرب الخليج عام 1991، حينما قامت دول التحالف الدولى بقيادة أمريكا وبريطانيا وفرنسا بفرض حظر جوى فوق الإقليم وإنشاء منطقة أمنية، الأمر الذى شجع اللاجئين الأكراد على العودة، خاصة أن صدام حسين قام بسحب قواته العسكرية ومؤسساته الإدارية من الإقليم، ما دفع الجبهة الكردستانية التى تضم تحالف القوى السياسية فى الإقليم إلى الدعوة لإجراء انتخابات عامة، وكان الهدف الرئيسى من هذا الإجراء هو تأسيس إدارة لضمان توفير الخدمات العامة وتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين.

وجرت هذه الانتخابات بتاريخ 19 مايو عام 1992، وكانت أول انتخابات حرة ونزيهة فى تاريخ العراق. وتم تحديد نسبة 7٪ كحد أدنى لتمثيل الأحزاب فى البرلمان، وأدت هذه الانتخابات إلى تشكيل أول جمعية وطنية كردستانية وتشكيل حكومة إقليم كردستان، وعقد البرلمان أولى جلساته بتاريخ 15 يوليو عام 1992 صادق خلالها على اعتبار المجلس الوطنى الكردستانى السلطة التشريعية فى إقليم كردستان، وتم تغيير اسم المجلس الوطنى الكردستانى إلى برلمان إقليم كردستان، وتجرى انتخاباته كل 4 سنوات ويتكون من 111 عضواً.

ويحتل الحزب الديمقراطى الكردستانى 38 مقعداً، يليه قائمة التغيير 24 مقعداً، ثم الاتحاد الوطنى الكردستانى 18 مقعداً، فالاتحاد الإسلامى الكردستانى 10 مقاعد، ثم الجمعية الإسلامية الكردستانية 6 مقاعد، ثم الحركة الإسلامية مقعد واحد، فالحزب الشيوعى «قائمة الحرية»  مقعد واحد، ثم الحزب الشيوعى الكردستانى مقعد واحد، كما تم تخصيص 11 مقعداً للأقليات، مع ملاحظة أنه نظراً إلى الخلافات السياسية بين الأحزاب توقف البرلمان عن الاجتماع منذ أكثر من عامين، ولم ينعقد إلا الأسبوع الماضى للتصديق على الدعوة للاستفتاء.

وتمارس حكومة إقليم كردستان السلطة التنفيذية وفقاً لقوانين إقليم كردستان التى يسنها برلمان كردستان المنتخب، ويتولاها حالياً حكومة ائتلافية برئاسة نيجيرفان بارزانى، رئيس الوزراء منذ عام 2014، ويعترف الدستور العراقى بحكومة إقليم كردستان وبرلمان كردستان وجميع المؤسسات الرسمية الأخرى فى الإقليم، وبالشكل ذاته يعترف بالبيشمركة كقوة شرعية لحماية حدود إقليم كردستان.

ووقعت حكومة إقليم كردستان على العشرات من عقود تقاسم الإنتاج مع شركات من 17 دولة بهدف الاستفادة من مواردها الطبيعية، بشكل مستقل عن الحكومة المركزية ببغداد.

ويتولى مسعود برزانى منصب رئيس الإقليم منذ انتخابه 2005 كأول رئيس لإقليم  كردستان، ثم أعيد انتخابه مرة ثانية عام 2009، ورغم انتهاء مدة رئاسته للإقليم عام 2013، فإنه يمارس دوره بموجب قرار من البرلمان.

ولإقليم كردستان علم يتكون من ثلاثة ألوان الأحمر، والأبيض، والأخضر، والشعار القومى لعلم كردستان عبارة عن شمس ذهبية مؤلفة من 21 شعاعاً متساوية ومتشابهة، بالإضافة إلى نشيد وطنى خاص.

 

تركيا: تدق ناقوس الحرب

 

اعتبرت تركيا أن قرار تنظيم استفتاء حول الاستقلال يشكل خطأ فادحا، وقال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إن بلاده لا تعتبر هذه الخطوة صائبة، وأبلغنا حكومة الإقليم بذلك، وأنهم سيندمون على هذه الخطوة، لأن بارزانى وحكومة الإقليم ليسا جاهزين لهذه المرحلة، وإن هذه الخطوة مخالفة لمبدأ وحدة الأراضى العراقية، وحذر من قيام فئات أخرى بالعراق ستطالب بنفس الشيء، و دعا أردوغان إلى عقد اجتماع مجلس الوزراء ومجلس الأمن القومى برئاسته غدا، قائلا: «سيرى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزانى حساسيتنا تجاه هذا الاستفتاء ووحدة العراق بعد الاجتماعين».

ووصف رئيس الوزراء بن على يلدريم، القرار بأنه غير مسئول وأن موقف أنقرة واضح وصريح حيال هذه المسألة، وهى تريد وحدة الأراضى العراقية، وقال إن استفتاء الانفصال لن يصب فى صالح العراق، ولا فى صالح الإقليم الكردى، محذرا كل من يفكر بالمساس بالأمن القومى التركى بالرد المباشر والفورى، ومن أن بلاده لن تسكت تجاه أحلام الذين يسعون لإقامة دولة مصطنعة فى العراق وسوريا، مضيفا أن تركيا قامت بالتحذيرات اللازمة، وستقوم بالإجراءات اللازمة.

بينما أشارت وزارة الخارجية إلى أن تنظيم الاستفتاء سيشكل خطأ فادحا، وان الحفاظ على سيادة الأراضى والوحدة السياسية للعراق هو أحد أسس السياسة التركية فيما يتعلق بالعراق، وأعلن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن بلاده ستقوم بأى نوع من التدخل لوقف الاستفتاء.

وتعارض تركيا بقوة إعلان دولة كردية مستقلة على حدودها، رغم أن لديها علاقات قوية مع بارزانى، كما تقاتل المقاتلين الأكراد فى سوريا لذات السبب، حيث توجد لديها أكبر أقلية كردية فى العالم، وتخشى أن يؤدى ذلك لتحفيزهم فى معركتهم التى يقودها حزب العمال الكردستانى لإقامة دولة كردية فى تركيا.

وهددت أنقرة بوقف تصدير نفط كردستان عبر أراضيها. وبدأ الجيش التركى مناورات عسكرية على الحدود مع العراق، بمشاركة عشرات الدبابات والصواريخ والمدافع وآلاف الجنود.

 

إسرائيل: ندعم الاستقلال وعلاقتنا قوية

 

عبرت إسرائيل عن دعمها الكبير لقيام دولة كردية، حيث ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، أبلغ وفداً مكوناً من 33 عضواً فى الكونجرس الأمريكى تأييده إقامة دولة كردية مستقلة، واصفاً العلاقات مع أكراد العراق بأنها علاقات جيدة.

ومعتبراً فى تصريحات سابقة أن منطقة الشرق الأوسط ستشهد صراعات بين السنة والشيعة، وأنه يجب دعم التطلعات الكردية من أجل الاستقلال، مشيراً إلى أن الأكراد شعب مناضل أثبت اعتداله ويستحق الاستقلال، وفجر نتنياهو مفاجأة بتأكيده على أن الوجود الإسرائيلى نشط فى كردستان العراق بطلب من برزانى، وأن علاقة إسرائيل مع الأكراد العراق ناجحة،

كما يعتمد الأكراد على التأثير الإسرائيلى الكبير فى أمريكا والغرب لدعم الدولة الكردية فى حال قيامها فى مواجهة التهديدات المحتملة من جانب العراق أو إيران أو تركيا.

وتعود بداية العلاقات الإسرائيلية - الكردية إلى زمن بارزانى الأب، حيث دعمته إسرائيل فى تمرده عام 1963 ضد الحكومة العراقية من خلال عشرات المستشارين الذين تولوا تدريب ميليشيات الحزب الديمقراطى الكردستانى، ثم تولوا تدريب قوات البشمركة بعد سقوط صدام حسين.

ولوحظ أنه فى العديد من المهرجانات الكردية التى أقيمت فى بعض المدن الأوربية لدعم الاستفتاء، رُفِعت خلالها الأعلام الإسرائيلية إلى جانب الأعلام الكردية.

 

روسيا: العصا من المنتصف

 

لم تبد أى موقف رسمى تجاه مسالة الاستفتاء وأمسكت العصا من المنتصف، حيث أشار وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف إلى أن موسكو تأمل فى أن تأخذ أربيل فى الحسبان كل العواقب المحتملة لنتائج استفتاء الاستقلال لدى ترجمته إلى أرض الواقع، ولكنه أكد فى نفس الوقت أن موسكو تنظر للاستفتاء باعتباره «تعبيراً عن التطلعات الشرعية للشعب الكردي، وأنه يحظى بدعم أغلب سكان إقليم كردستان العراق، وأن هذه التطلعات أسوة بالشعوب الأخرى، يجب أن تتحقق وفق القوانين الدولية، وهو ما ينطبق على قرار إجراء الاستفتاء».

بينما شدد نائبه ميخائيل بوغدانوف، على أن موسكو ستحلل نتائج استفتاء كردستان العراق على الاستقلال، لكن مسألة الاعتراف بنتيجته أو عدمها غير مطروحة حاليا، مشيراً إلى أن بلاده تدعم وحدة وسلامة أراضى العراق وتدعو إلى الالتزام بدستور البلاد.

ويرى البعض أن حرج الموقف الروسى نابع من تعقد علاقاتها مع الأطراف الرئيسية، فلديها اتفاقات نفطية كبيرة مع حكومة إقليم كردستان، لا تحظى بدعم المعارضة الكردستانية الرافضة الاستفتاء، وفى ذات الوقت لديها تحالف استراتيجى مع طهران التى ترفض بشدة الاستفتاء فيما يتعلق بسوريا وقضايا المنطقة، كما لديها علاقات تعاون وثيق مع تركيا.

 

ألمانيا: تعريض وحدة العراق للخطر

 

كان الموقف الألمانى أكثر وضوحاً، عبر عنه البيان الرسمى الصادر عن وزير الخارجية الألمانى سيغمار غابرييل الذى حذر من تعريض وحدة العراق للخطر، معتبراً أن الرغبة فى رسم حدود جديدة، ليست طريقاً صحيحاً، داعياً جميع الأطراف للحوار، وأنه لابد من حل المشاكل بالتوافق، وعدم تأجيج الخلافات واتخاذ خطوات أحادية الجانب فى هذه القضية، خصوصاً أن إعادة رسم حدود الدولة ليست هى الطريق الصحيحة وقد تؤدى إلى تفاقم الموقف الصعب والمضطرب أصلا فى أربيل وبغداد أيضاً، مشيراً إلى أن بلاده تشعر بالقلق الشديد حيال تصريحات الإقليم الكردى المتعلقة بإجراء استفتاء للانفصال عن العراق.

مشيراً إلى أن الحرب على داعش لم تنته بعد، وأنه يمكن التغلب على المشاكل عبر الوحدة، وتأتى أهمية الموقف الألمانى من أن ألمانيا داعم رئيسى لأكراد العراق خاصة من الناحية العسكرية.

 

المؤيدون:بغداد تهربت من التزاماتها.. ومحاولات الاندماج فشلت

 

يشكل الحزبان الديمقراطى الكردستانى، والاتحاد الوطنى الكردستانى، أكبر وأهم حزبين فى تاريخ حركة التحرر الكردستانية، حيث قادا معركة استقلال كردستان عبر العقود الماضية.

 وفى أعقاب حرب الخليج الأولى، شكَّل الحزبان التحالف الكردستانى الذى تولى إدارة شئون إقليم كردستان بدعم من قوات التحالف الدولى، بعد تاريخ حافل من الصراع والعداء بينهما.

ومنذ اتفاقية 2005، اتفق الحزبان على تقاسم السلطة، وشكلا لجنة موسعة لتحديد وقت وآلية الاستفتاء والتى انتهت إلى تحديده فى 25 سبتمبر الجارى، ويقود الحزبان عملية تأييد الاستفتاء، والدعوة إلى إقامة دولة كردية مستقلة فى إقليم كردستان؛ تتويجاً لكفاح الأكراد، وتحقيق حلمهم وحقهم المشروع، بعد فشل محاولات الاندماج مع بغداد.

وشكَّل الحزب الديمقراطى الكردستانى عام 1946، على يد الملا مصطفى برزانى، ويعرف نفسه بأنه حزب ديمقراطى وطنى قومى ليبرالى، يؤمن بحقوق الإنسان والعدالة، وحق الأمة الكردية فى تقرير مصيرها، وإعادة ما يسمى «المناطق المستقطعة» مثل إقليم كركوك.

وفى أعقاب وفاة مصطفى البرزانى، خلفه فى رئاسة الحزب ابنه مسعود برزانى منذ عام 1975 وحتى الآن، وتعد محافظتا أربيل ودهوك مركزى نفوذه، ويتولى زعيمه مسعود البرزانى رئاسة إقليم كردستان، كما يمتلك الحزب 38 مقعداً من إجمالى مقاعد برلمان كردستان البالغة 111 مقعداً، ويعد الحزب الأول الآن فى الإقليم، ويتولى الحزب وزعيمه الدعوة لإقامة دولة كردية مستقلة بما فى ذلك المناطق المتنازع عليها مع الحكومة العراقية.

بينما تأسس حزب الاتحاد الوطنى الكردستانى عام 1975، فى عملية انشقاق قادها جلال طالبانى رئيسه الحالى، ورئيس العراق السابق، وفؤاد معصوم، رئيس العراق الحالى، وذلك فى أعقاب اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران عام 1975، والتى أدت إلى إيقاف الدعم الإيرانى للحزب الديمقراطى، وإصابة الثورة الكردية بنكسة فادحة.

ويصف الحزب نفسه بأنه حزب اشتراكى ديمقراطى، يسعى للنضال من أجل ترسيخ الديمقراطية فى العراق، وتمتع الحزب بعلاقات قوية مع الأحزاب الشيوعية فى العالم، وانضم إلى الاشتراكية، وقد تراجع موقف الحزب فى الانتخابات البرلمانية الخاصة بإقليم كردستان، حيث حلَّ فى المركز الثالث بحصوله على 18 مقعداً؛ نظراً إلى الانشقاق الذى شهده بخروج العديد من قياداته التاريخية بقيادة نوشيروان مصطفى، ليؤسسوا حركة التغيير التى حصلت على 25 مقعداً خصماً من رصيد الحزب، ومع ذلك يظل للحزب قيمته وتأثيره بوصفه الحزب الأكثر علمانية

والأقل قبلية كما يقولون.

ويتفق الحزبان فى ضرورة قيام دولة كردية مستقلة، لتحقيق الحلم التاريخى، ورداً على تهرب بغداد من التزاماتها خلال العقد الماضى.

 

المعارضون: انتهازية سياسية وتغطية للفساد

 

يتصدر حركة التغيير والقوى الإسلامية قائمة الأحزاب والقوى الرافضة للاستفتاء، باعتباره جاء تعبيراً عن محاولات الحزبين الكبيرين تحقيق مكاسب سياسية وتغطية الفساد والانهيار الاقتصادى الذى يعانى منه الإقليم، ويشكل انتهازية سياسية.

وتأسست حركة التغيير عام 2009، بقيادة نوشيروان مصطفى، والذى انشق عن حزب الاتحاد الوطنى الكردستانى، بسبب الخلاف حول الموقف من قضايا الفساد والتحالف مع الحزب الديمقراطى الكردستانى، ونجحت فى الحصول على 25 مقعداً فى انتخابات البرلمان بالإقليم عام 2013، لتأتى فى المركز الثانى بعد الحزب الديمقراطى الكردستانى فى مفاجأة كبيرة، بتقدمها على الاتحاد الوطنى بفارق 7 مقاعد، وتصف الحركة نفسها بأنها كيان سياسى يسعى لتعديل دستور إقليم كردستان وإقامة نظام ديمقراطى يواجه التعصب والإرهاب والتشدد ومنع التمييز، ومواجهة الفقر والبطالة، كما تطالب الحركة بإعادة كركوك والمناطق المستقطعة إلى إقليم كردستان، وتثبيت اللغة الكردية كلغة رسمية، ولكن فى إطار عراق موحد، وتعتبر أن الدعوة للاستفتاء ما هى إلا سعي لتحقيق مكاسب سياسية رخيصة على حساب القضايا الحقيقية للشعب الكردى.

وفى ذات السياق تأتى الحركات الإسلامية الرافضة للاستفتاء، وعلى رأسها الاتحاد الإسلامى الكردستانى، الذى تأسس عام 1994 كفرع لجماعة الإخوان المسلمين يسعى لتحقيق أهداف الأمة الكردية فى التحرر والاستقلال ويشارك الحزب فى الحكومة الائتلافية، ولديه 10 مقاعد داخل برلمان كردستان، ويتمتع بعلاقات قوية مع تركيا، ويعد الحزب الوحيد الذى لا توجد لديه ميليشيات عسكرية، ويشدد فى مواقفه برئاسة أمينه العام صلاح الدين محمد بهاء على أنه لن يسمح بتجزئة العراق، وأن حقوق الأكراد يجب أن تتحقق فى إطار دولة العراق الموحدة.

ويليه حزب الجماعة الإسلامية، الذى يمثل أهل السنة والجماعة، وينتمى لفكر الإخوان المسلمين، وكانت قياداته ضمن حزب الحركة الإسلامية الكردستانية، ولكن الشيخ على بابير أحد قياداتها قاد الانشقاق عنها وأسس حزب الجماعة الإسلامية وهو حزب يؤمن بحمل السلاح ولديه ميليشيات مسلحة، وحصل فى الانتخابات الأخيرة على 6 مقاعد، والحزب يؤكد أنه مع تأسيس دولة كردية مستقلة، ولكنه يرفض الآلية المطروحة من الحزبين الكبيرين، ويرى أن هناك خطوات يجب تنفيذها قبل الإقدام على تأسيس دولة كردية مستقلة.

 

الأمم المتحدة.. تعتبره غير شرعى وتطرح فرصة أخيرة للحل

 

عبر المبعوث الخاص للأمین العام للأمم المتحدة إلى العراق يان كوبيتش، عن موقف الأمم المتحدة بقوله، إن الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان غير شرعى لأنه يخالف دستور العراق الذى ينص على وحدة العراق، مؤكدا ضرورة تسویة الخلافات بین بغداد وأربيل عبر الحوار والمفاوضات، وأعلنت الأمم المتحدة أنها لن تشارك بأى بطريقة أو شكل فى عملية الاستفتاء.

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، فى بيان له أن قرار الأكراد الأحادى بتنظيم الاستفتاء سيحد من القدرة على هزيمة تنظيم «داعش» وإعادة اللاجئين والمهجرين، وبناء المناطق المحررة، وشدد على احترامه سيادة وسلامة ووحدة أراضى العراق، وضرورة حل كل القضايا المعلقة بين الحكومة الاتحادية ببغداد وحكومة إقليم كردستان عبر حوار منظم وتسوية بناءة، داعيا أكراد العراق إلى العودة عن قرار تنظيم استفتاء، ومطالبا كل قادة العراق للتعامل مع المسألة بصبر وبضبط نفس.

وفى إطار جهوده لإيقاف الاستفتاء وتقديم حلول للأزمة، قدم المبعوث الأممى إلى العراق يان كوبيتش مقترحا لمسعود بارزانى، يتضمن عدم إجراء الاستفتاء، مقابل بدء الحكومة العراقية وحكومة كردستان مفاوضات منظمة وحثيثة ومكثفة من دون شروط مسبقة، وبجدول أعمال مفتوح على سبل حل كل المشاكل، تتناول المبادئ والترتيبات التى ستحدد العلاقات المستقبلية والتعاون بين بغداد وأربيل.

ونص المقترح على ألا تتجاوز المفاوضات 3 سنوات على الأقصى، ولهما أن يطلبا من الأمم المتحدة، تقديم مساعيها الحميدة سواء فى عملية التفاوض أو فى وضع النتائج حيز التنفيذ.

وأن يبقى مجلس الأمن متابعا لتنفيذ هذا الاتفاق من خلال تقارير منتظمة يقدمها الأمين العام للأمم المتحدة، وذلك فى محاولة لطمأنة الأكراد على وجود متابعة ورقابة دولية للمفاوضات، تضمن التزام حكومة بغداد بنتائجها.

 

الجامعة العربية ترفض الاستفتاء بالإجماع

 

رفض اجتماع المجلس الوزارى للجامعة العربية بالإجماع، خلال اجتماعه المنعقد الأسبوع الماضى إجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان عن العراق، وقالت وزارة خارجية العراق عبر موقعها الرسمى إن وزير الخارجية الدكتور إبراهيم الجعفرى شارك فى الاجتماع الوزارى للجامعة العربية فى الدورة العادية الـ148 فى القاهرة، وإن الاجتماع الوزارى خرج بالإجماع بقرار يدعم وحدة العراق، ويرفض إجراء استفتاء إقليم كردستان، وهو ثاني إجماع يحصل عليه العراق فى الجامعة بعد الإجماع الأول فى مسألة انتهاك القوات التركية الأراضى العراقية.

وإن القرار أشار إلى أن الاستفتاء خرق للدستور العراقى وللقانون، وإنه دعا القرار إلى اعتماد آلية الحوار، وكلف أمين عام الجامعة ببذل الجهود على هذا الصعيد، ودعم وحدة العراق لما تمثله من عامل رئيسى لأمن واستقرار المنطقة، وأن تهديد هذه الوحدة يمثل خطرا على أمن المنطقة وقدرة دولها وشعوبها على مواجهة الإرهاب.

كما أكد مندوب العراق الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير حبيب الصدر، أن الاستفتاء يعتبر خطوة تمهد للانفصال، نظرا لانشغال العراق بحربه المصيرية ضد الإرهاب، الذى بدأ يضرب ويزعزع الأمن والاستقرار فى المجتمع الدولى.

وقال الصدر إن وزراء الخارجية العرب اعتبروا أن الاستفتاء غير قانونى، ويتعارض مع الدستور العراقى، الذى يجب احترامه والتمسك به، وإنهم حثوا الجميع لاعتماد مبدأ الحوار كأساس لحل الخلافات وفقاً للدستور، معبرين عن قلقهم العميق إزاء الاستفتاء، باعتباره خطوة ستمتد للمنطقة، وستؤدى إلى اختلالات سياسية غير قابلة للسيطرة.

وكان أمين العام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، قد قام بزيارة خاصة لبغداد وأربيل، فى 9 سبتمبر الجارى، ودعا فيها خلال لقائه بارزانى إلى تأجيل الاستفتاء وبدء حوار بين الحكومة العراقية وأربيل، وأشار فى كلمته خلال الاجتماع الوزارى للجامعة العربية، فى الدورة العادية الـ148 فى القاهرة، إلى أنه يثق فى أن العراقيين بعدما نجحوا فى اختبار التحرير، سوف ينجحون فى اختبار التغيير، وأن استئصال شأفة داعش، ينبغى أن يكون فاتحة فصل جديد فى تاريخ الجمهورية، تكتبه كافة مكونات الدولة العراقية بلا إقصاء أو استثناء أو نبذ، عنوانه الحفاظ على الوطن بكيانه وحدوده ووحدته، مشيراً إلى أن العرب يمدون أيديهم إلى إخوتهم الأكراد، ومضيفاً أنه خلال زيارته لمس فجوة فى الثقة بين الحكومة المركزية والإقليم، برغم أن القيادات على الجانبين لديها تقدير كبير لبعضها البعض، وبرغم المعركة المشتركة التى خاضوها ضد عصابات داعش، ومشدداً على أن بقاء العراق الموحد الفيدرالى متعدد الأعراق والمكونات، هو مصلحة للعراق بعربه وكرده وللأمة العربية كلها، داعياً الأكراد إلى إعطاء الفرصة للحوار، حفاظاً على الدستور الذى شاركوا فى صياغته، وصوناً للنظام الذى يحفظ للعراق وحدته.

 

أمريكا: هزيمة داعش أولاً

 

تبنت أمريكا موقفاً معارضاً للاستفتاء، حيث حذرت وزارة الخارجية من أن يؤدى الاستفتاء لصرف الانتباه عن أولوية هزيمة تنظيم داعش، وأكدت دعمها عراقاً موحداً يقوم على النظام الاتحادى وينعم بالاستقرار والديمقراطية، وطلب وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون، تأجيل تنظيم الاستفتاء فى الإقليم قائلاً: «إن الولايات المتحدة تعارض إجراء استفتاء الاستقلال فى إقليم كردستان، مشيراً إلى دعمها المستمر لعراق موحد اتحادى وديمقراطى، وأنه يجب مواصلة الحوار مع بغداد».

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، إنهم يدعمون عراقاً موحداً ومستقراً، معتبرة أن من شأن الاستفتاء إبعاد جميع الأطراف عن أولوية القضاء على تنظيم الدولة، وفى ذات الوقت وصفت الاستفتاء بأنه شأن عراقى داخلى، مضيفة أنه لدينا أصدقاء فى الشمال، ولدينا أيضا أصدقاء داخل الحكومة العراقية، لكن ينبغى علينا أولاً إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش، وعقب تحقيق هذا الهدف يمكن مناقشة الاستفتاء لاحقاً.

بينما شدد المبعوث الأميركى لدى التحالف الدولى ضد داعش، بريت مكغيرك، فى تصريحات صحفية على أن الاستفتاء المقرر لا يحظى بدعم المجتمع الدولى ولا يحظى بالشرعية، وأنه من أجل عملية معترف بها يجب أن يكون هناك مراقبون والأمم المتحدة وشرعية دولية، وهو ما لا يتوافر فى هذا الاستفتاء لعدة أسباب، ومشيراً أن بلاده قدمت لبارزانى مساراً بديلاً للاستفتاء على استقلال الإقليم، وأن القرار بشأنه ليس قرار بارزانى وحده ولكنه قرار كل القادة السياسيين فى كردستان، داعياً إياهم إلى تبنى هذا المسار، ونوه مكغيرك إلى أن التحالف الدولى الذى تقوده واشنطن يرى أن إجراء الاستفتاء مسار خطر، وسيساعد فى خلق مساحة للجماعات المتطرفة.

وفى خطوة أخيرة طالب البيت الأبيض فى بيان رسمى له، إقليم كردستان العراق بالتخلى عن مشروع تنظيم الاستفتاء، معتبراً أن إجراءه سيكون خطوة استفزازية ومزعزعة للاستقرار وسيقوض الجهود الرامية للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، وإرساء الاستقرار فى المناطق المحررة منه، ودعا البيان حكومة الإقليم الكردى إلى التخلى عن الاستفتاء والبدء بحوار جدى ومتواصل مع بغداد، بمساهمة من الولايات المتحدة.

 

إيران: مؤامرة من أعداء المسلمين

 

ترفض إيران بشدة مسألة استقلال الإقليم، حيث أكد المرشد الأعلى آية الله على خامنئى اعتراضه على الاستفتاء، والتزام إيران بالسلامة الإقليمية للعراق، مهدداً بسلسلة من العقوبات على الإقليم من بينها قطع المنافذ الحدودية، وقال إيران تعارض إجراء استفتاء لانفصال جزء من العراق، وأنها كجارة لها تعارض إجراء استفتاء لانفصال جزء منها وتعتبر من يثير هذا الأمر بأنه ضد استقلال وهوية العراق.

وقال المستشار الأعلى للقائد العام للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء يحيى رحيم صفوى، إن «هناك مؤامرة جديدة يتم التحضير لها بعد هزائم الإرهابيين فى سوريا والعراق، وإن أعداء المسلمين الصهاينة والبريطانيين والأمريكيين يفكرون فى تقسيم سوريا والعراق، مما يعنى تقسيم شمال العراق وبدء حرب وإيجاد فوضى طويلة الأمد لتلك المنطقة، وإن المتضرر الأول من هذا التقسيم سيكون أكراد شمال العراق الذى عليهم القضاء على خطط الدول الأجنبية التى تريد تقسيم العراق».

وتعتبر طهران أن أى مطلب قومى للأكراد يشكل تحديا لنظامها السياسى وتماسكها الداخلى، لوجود أقلية كردية كبرى، وبحسم شديد أكد المتحدث باسم خارجيتها، بهرام قاسمى، أن موقف الحكومة الإيرانية «واضح فى هذا الموضوع، وهو دعم حماية وحدة الأراضى العراقية وسيادتها، وأن العراق بحاجة إلى تضامن وطنى أكثر من أى وقت مضى».

بينما أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى، على شمخانى، أن انفصال كردستان سينهى الاتفاقات العسكرية والأمنية بين إيران والإقليم، وسيؤدى لإعادة النظر فى مواجهة الأنشطة المعادية لإيران فيه، وسيكون تعاملها بشكل مختلف تماما، وسيغلق الممرات الحدودية معه، مشيرا إلى أن الاستفتاء ليس له أى اعتبار، وأن إيران لن تعترف إلا بحكومة عراقية واحدة.

 

مصر: يحقق أطماع تركيا وإيران

 

رغم عدم صدور موقف رسمى معلن من مصر تجاه الاستفتاء، إلا أن السفير المصرى فى العراق علاء موسى، أكد فى تصريحات صحفية أن قوة العراق تكمن فى بقائه موحداً بين أطيافه المتعددة، مشيراً لرفض مصر لأى تحركات أحادية دون التنسيق مع الحكومة المركزية، ومطالباً بألا تؤثر الخلافات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية على جهود مكافحة الإرهاب، ودعا للتوافق حول القضايا العالقة بهدف الحفاظ على وحدة العراق، ومحذراً من مؤامرات التقسيم التى تواجه المنطقة العربية فى هذه المرحلة.

ومن ناحية أخرى دعا البيان الصادر عن لجنة الشئون العربية بالبرلمان برئاسة اللواء سعد الجمال، إلى إلغاء الاستفتاء لتعارضه مع الدستور العراقى، والذى ينص على أن العراق دولة اتحادية واحدة، ومحذراً من أن الاستفتاء قد يؤدى إلى معارك وحروب أهلية وإقليمية بين أطراف الشعب العراقى ذاته مع دخول تركيا وإيران كأطراف أصحاب مصلحة وأطماع فى العراق، كما ينبئ عن بداية تقسيم حقيقى للدولة العراقية بعرقياتها ومذاهبها المتنوعة، وأن الدعوة للانفصال تلقى بظلال من القلق والخوف على مستقبل العراق بل على الأمن القومى العربى بأكمله.

مطالباً الأكراد بإلغاء الاستفتاء أو تأجيله والمشاركة بحوار جاد مع الحكومة المركزية ببغداد فى إطار الحوار الوطنى الموسع هناك حفاظاً على الدولة والأرض والشعب العراقى.

 

سوريا: مخطط أمريكى لتفتيت المنطقة

 

لا يختلف الموقف السورى عن موقف دول الجوار إيران والعراق، حيث ترفض سوريا إجراء الاستفتاء، وترى أن الأكراد ينفذون مخططا أمريكا لصالح تفتيت المنطقة، خاصة بعد أن فشل مخطط تقسيم سوريا بعد هزيمة الجماعات الإرهابية المدعومة من واشنطن، واستعادة الجيش السورى فى ظل الدعم الروسى جزءاً كبيراً من المدن السورية والمعابر الحدودية.

بالإضافة إلى القلق من تنامى دور قوات سوريا الديمقراطية باتت تسيطر على مناطق ومدن كبيرة شمال سوريا بعد تحريره من داعش و رفرف العلم الكردى على 3 مناطق هى الجزيرة وكوبانى وتل أبيض وعفرين، كما يستعد أكراد سوريا لإجراء أول انتخابات فى مناطق سيطرتهم فى 22 سبتمبر الجارى، بعد أن أعلنوا فى مارس 2016، النظام الفدرالى فى مناطق سيطرتهم فى شمال سوريا، وقسموها إلى ثلاثة أقاليم هى الجزيرة والفرات وعفرين، وأقروا دستورا للنظام الفدرالى أطلقوا عليه «العقد الاجتماعى وهو الأمر الذى تعارضه الحكومة والمعارضة السورية على حد سواء، خوفا من تقسيم سوريا.