عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سكر «بنات»

بوابة الوفد الإلكترونية

الحياة حلوة.. والدنيا أوسع من أربع جدران.. والسماء أعلى من سقف الحجرة، ومن حق البنات تضحك وتلعب وتغنى وتحلم حتى لو عجز الأب عن شراء فستان جديد للعيد، فالأم شاطرة، وتستطيع جعل فستان الأخت الأكبر الذى ضاق عليها منافساً قوياً لأجمل فستان ببعض التعديلات البسيطة، ستقتنع الابنة الأصغر أنها ستصبح أميرة الأعياد بما صنعت لها أمها ولمَ لا؟؟ وهى التى صنعت لها من قبل أجمل عروسة من قصاقيص القماش والملابس البالية، وبحشوة قش صار لها جسد طرى تغوص فيه أنامل الصغيرة إذ ضمته لصدرها، ونسجت لها شعر عروس البحور من نفس شعر الطفلة، ففرحت كما لم تفرح من قبل وتملكها إحساس قوى أن عروستها هى جزء منها، إن لم تكن صورة مبهجة لصاحبتها الأميرة الصغيرة.. فقط أضافت لها من روحها ابتسامة بريئة، واحتضنتها بقوة فمنحتها نبضاً من قلبها الصغير.

الفقر ليس دائماً مرادفاً للتعاسة عند البنات الصغار؛ لأن الدنيا كلها ملك أحلامهن.. وإلا لما ضحكت ليلى بصوت مسموع عندما سألتها:

لماذا تتسابقون فى حمل كومات القش؟ هل هى لعبة لا أعرفها؟؟

قالت وقد كشفت ابتسامتها عن سعادة لا توصف: أمى فى الدار تنتظر لتصنع لنا جميعاً عرايس نلعب بها فى العيد.

وهنا قالت مروة صديقتها، وهى تقبض القش بكلتا يديها، وتنثره فى السماء: هنعمل عرايس كتير مع خالتى أم ليلى، وهنفصله فستاناً جديداً من «هدومنا القديمة» علشان العروسة تعيد.

نظرت إلى الطفلتين باندهاش شديد، فهما تتسابقان لإسعاد عرايس قش من صنع أيديهما فتنتقل اليهما السعادة وتفرحان بصدق دون تصنع.

مروة وليلى تحاولان جذب زينب إلى «مصنع السعادة»، لكنها كانت مشغولة بملء وعاء كبير من بالماء من «الترمبة» كما نطقتها، حاولت زينب أن ترسم على وجهها ابتسامة دون جدوى، فلمحت

الحزن يملأ قسمات وجهها، وتكاد تنهمر من عينيها الدموع، قالت: أمى مريضة فى البيت، وأنا أخدم إخوتى، وأقوم بكل شيء كانت تقوم به، وأخاف ألا أستطيع الذهاب إلى المدرسة بسبب مرضها.

وبروح الأطفال المرحة، قالت ليلى لصديقتها: إن شاء الله هتخف وتبقى زى الفل وتيجى تلعبى معانا، وهخلى أمى تعملك عروسة قماش وقش ونلعب مع بعض.

استطاعت كلمات ليلى أن تزيح الهموم عن زينب فرحةً بالعروسة المنتظرة وشاركتها اللعب وجمع القش وقالت: لا أنتظر فستاناً جديداً للعيد أبويا دايماً يقول «ده عيد اللحمة»..

ضحكت مروة وقالت مداعبة: قال يعنى هتدبحوا العجل؟؟

زينب: البلد كلها بتاكل لحمة فى العيد من الناس اللى بتقدر وتدبح وتفرق المهم «الفتة تبقى فى البيت»

مروة: المهم إننا نعمل العرايس ونلبسها فستاناً جديداً ونلعب فى المراجيح وده يبقى أحلى عيد.

  «مروة وليلى وزينب من أطفال الريف الذين يستيقظون مع إشراقة شمس كل يوم للبحث عن نافذة يطلون منها على غد أفضل يفتشون عن الأمنيات وسط الزرع الأخضر فى الغيطان الممتدة بعرض الأحلام وطولها لربما يأتى يوم يحمل لهم ما عجزوا عن تحقيقه بالأمس أو يترك لهم لذة الأمل وشقاء الانتظار».