عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"ديسباسيتو" بين الجدل الثقافي والمشهد الغنائي المصري

لويس فونسي ودادي
لويس فونسي ودادي يانكي

 

بقدر ما يثير الانتشار المذهل لأغنية "ديسباسيتو" في شتى أنحاء العالم من جدل ثقافي وإشارات دالة حول العلاقة بين الموسيقى والحداثة فضلًا عن الرياضة فإن الظاهرة التي ولدت في "بورتوريكو" تستدعي أيضًا أسماء مشاهير في عالم الأغنية مثل "شاكيرا" كما تلفت الأنظار للمشهد الغنائي الراهن في مصر.

ومن نافلة القول أن الأغنية تدخل في صميم ثقافات الشعوب فهي تعبر عن الذوق والوجدان لأي شعب من الشعوب وفيها تتبلور أفراحه وأحزانه وهمومه وطموحاته وعواطفه وآماله ليصح وصفها بأنها "سجل المزاج الشعبي"، ومن هنا تتردد عبارات منسوبة لحكماء ومثقفين كبار مثل مقولة: "إذا أردت أن تتعرف على شعب فاستمع إلى أغانيه".

ومن العبارات المنسوبة للفيلسوف اليوناني الشهير أرسطو: "عندما تدخل إلى مدينة فاسأل عن مؤلف أغانيها فيما نسب للفيلسوف الصيني كونفوشيوس قوله: "لا يهمني من يضع القوانين للناس بقدر ما يهمني من يضع لهم أغانيهم".

وواقع الحال أن أغنية البوب "ديسباسيتو"؛ أو الظاهرة الغنائية التي تكتسح العالم الآن، اكتسبت في البداية الانتشار بفضل مجموعة من مشجعي كرة القدم في الأرجنتين وسرعان ما انتقلت بإيقاعها المبهج للملاعب حول العالم ليكون "اللقاء البهيج بين اللعبة المبهجة والأغنية المبهجة والجماهير المبتهجة"، وليتحقق الانتشار المذهل لهذه الأغنية.

وأغنية "ديسباسيتو" التي تعني "ببطء"، أو "رويدا.. رويدا" للمغنيين لويس فونسي ودادي يانكي والتي تجاوز عدد مرات مشاهدتها على موقع يوتيوب المليارين ونصف المليار مشاهدة في وقت قياسي، تتضمن مشاهد ومعالم طبيعية وسياحية في بورتوريكو بما أفضى لزيادة كبيرة بلغت 45 في المائة بمعدل التدفق السياحي لهذه الجزيرة الكاريبية وأنعشت اقتصادها.

وهذه الأغنية ذات المشاهد المصورة والتي تنتمي لما يعرف بالفيديو كليب، ظهرت لأول مرة باللغة الأسبانية يوم الثاني عشر من شهر يناير الماضي لتلتقط ألحانها وإيقاعها مجموعة من عشاق الساحرة المستديرة ومشجعي فريق سان لورينزو في العاصمة الأرجنتينية بوينس ايرس والتي تعرف معنى البهجة لتتحول الأغنية إلى نشيد كروي في الملاعب.

وهنا بالتحديد ومن قلب اللقاء الحميم بين الرياضة والفن وعبر مشجعي اللعبة الجميلة حول العالم بدأ الانتشار المذهل لأغنية "ديسباسيتو" في العالم ككل خاصة بعد أن شارك المغني الكندي جاستين بيبر في غنائها ضمن نسخة جديدة وليتجاوز انتشارها بين أربعة أركان المعمورة ذلك الانتشار المذهل لأغنية "ماكارينا" بين الشباب في تسعينيات القرن العشرين.

ومن هنا وجه المغني لويس فونسي الشكر لجماهير فريق سان لورينزو الذي حل سابعًا في الموسم الأخير للدوري الأرجنتيني الممتاز "البريميرا" فيما قال بحق: "ما أحلى أن تكون مشجعًا رياضيًا فهذا شيء جميل".

ودلالات "ديسباسيتو" تشير إلى أن الأغنية على وجه الخصوص بمقدورها أن تظهر ذلك التشابه الإنساني بين البشر في كل مكان على اختلاف الأجناس والألوان كما أنها قادرة على أن تظهر أجمل ما في البشر من مشاعر

وتتيح متنفسًا للباحثين عن البهجة.

وهكذا لم يكن من الغريب أن تتردد أصداء هذه الأغنية في كتابات لمثقفين مصريين وعرب مثل الدكتور وحيد عبد المجيد الذي أشار للتفاعل اللافت من جانب الجيل الشاب في مصر مع "ديسباسيتو" بوصفها الأغنية الأكثر انتشارا الآن في العالم فيما اعتبر أن حجم التفاعل مع أغنية ما قد يكون دالا على "حالة الحداثة في مجتمع ما".

وإذ لفت لإحصاءات أفادت بأن أكثر من نصف سكان العالم سمعوا وشاهدوا هذه الأغنية، فقد اعتبر أنه "عندما يتخطى أي عمل إنساني الحدود على هذا النحو ويحقق رقمًا قياسيًا غير مسبوق لا بد أن يكتسب قيمة عالمية تؤهله لأن يكون مقياسًا لعلاقة أي مجتمع بالعالم ومؤشرًا على وجود قابلية للحداثة من عدمه".

ولاحظ وحيد عبد المجيد أن انتشار هذه الأغنية في أرجاء العالم رغم أن كلماتها باللغة الأسبانية؛ "يؤكد أن الموسيقى الحديثة صارت لغة عالمية تخلق موجة جديدة من الحداثة تتجاوز الفن إلى الحياة في مجملها كما أن الإيقاعات الراقصة لموسيقى البوب في هذه الأغنية تحمل الكثير من البهجة التي يزداد شوق الناس إليها".

وبعض النجاح المدوي لهذه الأغنية بكلماتها الأسبانية أعيد إنتاجها بعدة لغات أخرى وكتب لها المزيد من الشهرة والانتشار بعد أن شوهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو يردد"ديسباسيتو" كما تغنى بها الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

وفيما يمكن ملاحظة العلاقة بين الحداثة والموسيقى والغناء في مهرجان دولي شهير مثل مهرجان أدنبرة الذي يستمر في عاصمة سكوتلاندا حتى الثامن والعشرين من شهر أغسطس الجاري وسط اهتمام كبير من جانب الصحافة البريطانية بهذا الحدث الثقافي والفني السنوي يرى مثقف مصري مثل وحيد عبد المجيد أنه "إذا كانت الحداثة نمط حياة مثلما هي طريقة في التفكير تصبح أغنية ديسباسيتو معبرة عنها بامتياز وصالحة لقياس مستوى التقدم في المجتمعات الحديثة".