رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إيران - قطر - تركيا.. محور تسييس الحج

الحج-صورة ارشيفية
الحج-صورة ارشيفية

الدعوة لتدويل الحج ليست جديدة؛ فهى تعود وتتجدد كلما اشتعل الخلاف السياسى؛ قديمًا وحديثًا، حتى خلال فترة الصراع العثمانى - الصفوى، كان هناك من يدعو لجعل مكة المكرمة والمدينة المنورة خارج الإدارة العثمانية.

لكن فكرة جعل الحرمين الشريفين تحت سيادة أو إشراف جماعى فكرة بائسة وغير واقعية، ليس لأنها تنتقص من السيادة السعودية على أراضيها فقط، وهو ما يعلم الجميع استحالة الإقرار به.

أهم أسباب تهافت الفكرة أن البديل لإدارة المملكة العربية السعودية للحج هو إنشاء هيئة دولية للعب هذا الدور، وهو أمر يعنى أن منظومة الحج ستدور فى أفلاك الفوضى، خاصة أن الدول العربية والإسلامية ليس لها أى رصيد تاريخى من النجاح فى العمل المشترك. وحتى إذا وجدت مثل هذه المنظمة، فستكون مرتهنة بالتجاذبات السياسية والطائفية التى تعج بها كل بقعة فى العالم الإسلامى، وساعتها ستتحول الأخطاء العفوية المحدودة فى تنظيم الحج إلى كوارث، ناهيك عن أن هذه المنظمة ستجد مشكلة فى التمويل، خاصة مع ما هو معروف عن تنصل كثير من دول عالمنا العربى والإسلامى عن التزاماتها المالية فى المنظمات التى هى عضوة فيها.

كل الذين يطالبون بتدويل الحج يعرفون تلك الحقائق، ومع ذلك يمضون فى غيهم لتحقيق مآربهم السياسية الفاسدة ضد المملكة.

 

«الفخ» القطرى.. والمؤامرة التركية

 

 

بالرغم من أن تدويل الحج فكرة إيرانية منذ اندلاع الثورة الإسلامية، إلا أنها لاقت هوى عند كثيرين ممن يكنون العداء للنظام السعودى ويرغبون فى ضرب استقرار المملكة وتقسيمها. استغل العقيد الليبى الراحل معمر القذافى هذه الفكرة كى يكايد للأسرة المالكة السعودية فى إطار خلافاته الحادة مع آل سعود.

أيضاً لا يمكن قراءة خطاب قطر الذى يتهم السعودية بتسييس الحج، بعيداً عن التقارب بين الدوحة وطهران فى الفترة الأخيرة. لكن قطر خطت خطوات ملموسة فى طرح المسألة عبر خطاب أرسلته عبر ما يسمى باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إلى المقرر الخاص بالأمم المتحدة بشأن ما زعمته بأن السلطات السعودية تضع العراقيل أمام الحجاج القطريين؛ للتضييق عليهم فى أداء مناسك الركن الخامس من أركان الإسلام. ورغم نفى قطر دعوتها إلى تدويل الحج بشكل مباشر، لكن خطابها إلى الأمم المتحدة عن تسييس الحج يخدم المشروع الإيرانى لتدويل الركن الخامس فى الإسلام، ويضع لبنة جديدة فى هذا المخطط المشبوه الذى لا يمكن أن يكون بمعزل عن المؤامرات التى تحاك ضد المملكة العربية السعودية والتى تهدف فى نهاية المطاف إلى تقسيمها.

ولم تكن قطر وحدها التى تعزف معزوفة التدويل. فتركيا أيضاً تعزف هذه المعزوفة النشاز. تركيا أيضاً تتبنى هذا الطرح. فقد دعم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وأنصاره فى عام 2015، عقب حادث تدافع منى، الطرح الإيرانى بتدويل الحج، بل وخرج مفتى أنقرة لتأييد المقترح.

الغريب أن هذه الدول الثلاث التى تدعو إلى تدويل الحج هى نفسها الدول التى تناصب العداء للنظام السعودى وتقف وراء كثير من مشروعات التقسيم فى المنطقة.

لقد لعبت أنقرة والدوحة وإيران أدواراً فعَّالة ومؤثرة فى خلق حالة الفوضى فى المنطقة. قطر وتركيا بدعمهما تنظيمات إرهابية ومسلحة فى سوريا وليبيا ومصر، وإيران بشن حروب بالوكالة عن طريق حلفائها فى اليمن ولبنان ودعم عوامل زعزعة الاستقرار فى البحرين، ورعاية الطائفية فى العراق وسوريا، بما يحقق لها تشكيل هلال شيعى يحيط بالمملكة العربية السعودية تمهيداً لتسهيل مشروعات تقسيمها.

ورغبة إيران فى تقسيم السعودية ليست من أوهامنا، فقد كان أوضح إعلان لذلك عندما قال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليمانى الذى يقود ميليشيات الشيعة المقاتلة فى دول المنطقة شخصياً، وتعهد فى إحدى جلساته مع ميليشيات الحشد الشعبى فى العراق بالقضاء على النظام السعودى وفتح مكة وتمكين الشيعة من حكم السعودية. وتزداد خطورة مثل

هذا الطموح الإيرانى عندما تصدر من قطر، حليفة إيران والعضوة فى مجلس التعاون الخليجى، التى  أعلن أميرها السابق فى تسجيل مسرب له مع الزعيم الليبى معمر القذافى أن هدفه تقسيم السعودية.

وكما وتتفق الدوحة مع طهران فى الرغبة فى تقسيم السعودية، فهى تتفق أيضاً فى طرح تدويل شعائر الحج. وهذا يبين لنا كيف تسير مخططات التآمر على المملكة، ذلك أن فكرة تدويل الحج والإشراف على المشاعر المقدسة فى مكة والمدينة تعنى ضمناً إبعاد هذا القطاع الجغرافى من المملكة عن السيادة السعودية لتكون «فاتيكان» إسلامية، ما يعنى ضربة البداية لتقسيم المملكة، وهو الأمر الذى تحدث عنه رالف بيترز ضابط الاستخبارات الأمريكية المتقاعد. وفى حال أن أصبح هذا التدويل واقعاً، فإن بقية المشروع تصبح أكثر سهولة مع المحاولات المستمرة لاختلاق صراعات داخل العائلة المالكة، وتحريض سكان المنطقة الشرقية التى يغلب على سكانها المذهب الشيعى، ودعم الحوثيين فى اليمن لتهديد الحدود الجنوبية للمملكة. 

التورط التركى أيضاً فى هذا السيناريو واضح، فأنقرة التى أيدت من قبل بشكل علنى تدويل الحج، خرج أحد مسئوليها البارزين قبل شهرين ليحرض على نظام الحكم فى السعودية. قال يجيت بولوت، مستشار الرئيس التركى رجب طيب أردوغان للشئون الاقتصادية، إن المملكة العربية السعودية بحاجة إلى ربيع عربى. وأضاف بولوت، خلال لقاء على القناة الرسمية «تى آر تى»، أن «السعودية بأكملها تخضع لقبيلة وملكية واحدة، وهذا أمر لا يمكن أن يتقبله العقل والمنطق البشرى، لذلك قد تشهد ربيعًا ولا بد من ذلك».

إذن فالثلاثى (إيران ـ قطر ـ تركيا) يسعى بوضوح لتنفيذ ذلك السيناريو الكارثى وكل منهم يختار التوقيت المناسب والنغمة الملائمة. ثلاثتهم يدعم تدويل الحج وتغيير النظام الحاكم فى السعودية، ويدعم أعداء السعودية.

فمثلاً إيران تدعم ميليشيا الحوثى فى اليمن والتى تهدد الحدود الجنوبية للسعودية. وهذه الميليشيا تجد دعما من قطر، التى أكدت عبر وزير خارجيتها أنها أجبرت على الانضمام إلى التحالف العربى فى اليمن، لكنها لم تلعب سوى دور الجاسوس لصاح حلفاء إيران أيضاً الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أكد دعمه للرياض وأعلن مشاركته اللوجستية فى التحالف العربى ومن يومه لم تطلق أنقرة طلقة رصاص فى هذه الحرب.

كما أن أنقرة والدوحة غيرتا من موقفيهما المعادى للرئيس السورى بشار الأسد فى إطار التقارب مع الأجندة الإيرانية لضرب استقرار السعودية وإعادة ترسيم خرائط المنطقة. إذ تخلت العاصمتان عن مطلبهما الثابت والمنادى برحيل الأسد بعد تدخل روسيا وإيران.