عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الوفد» تكشف سيناريوهات «الجمسي» لتحديد موعد حرب العبور

بوابة الوفد الإلكترونية

 «السادات» حدد ساعة الصفر تيمناً ببدء حملة الرسول لفتح مكة.. وصدق على الخطة بعد اجتماع استمر 10 ساعات مع «مبارك»

العميد «عبدالقادر»: الأقباط شاركونا الصوم.. وصيحة الله أكبر زلزلت الأرض

«مصر اليوم في عيد» ..مصر اليوم في عيد ليس لأنها تستقبل الذكري ٤٤ على انتصار العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر ٧٣ الذي تحطمت فيه الأسطورة الإسرائيلية بالعبور العظيم فحسب، بل لأن مصر في هذا اليوم استعادت الكرامة والأرض بأفواه صائمة تهتف الله أكبر ، وتقتلع كل ما يقابلها بعزيمة وروح الفداء والتضحية من أجل مصرهم الغالية. إن يوم العاشر من رمضان سيظل على مدى التاريخ شهادة فخر واعتزاز لكل مصري بقواته المسلحة وخير أجناد الأرض الذين حققوا المستحيل بهزيمة أكبر جيش جهزه الغرب بأحدث الأسلحة والكوادر البشرية والعلمية ، ليكتب الأبطال تاريخا جديدا من تاريخ النضال والنصر المبين على أعداء الوطن، يضاف إلى سجلات التاريخ المصري في تحقيق الانتصارات خلال شهر رمضان الكريم، والذي كان له أثر عظيم كمفتاح النصر في يوم العاشر من رمضان، حينما انطلقت في الثانية وخمس دقائق 220 طائرة مقاتلة مصرية لعبور قناة السويس لتدمير مراكز قيادة ومطارات إسرائيل في سيناء، في نفس الوقت الذي أطلق 2000 مدفع حممها على العدو الإسرائيلي، لاسترداد الأراضي المحتلة إيذانا ببداية حرب العاشر من رمضان عام 1973، التي اهتزت لها القلوب طربًا، وابتسمت لها الثغور فرحًا، ولهجت بها الألسنة ثناء، وسجدت الجباه من أجلها لله شكرًا وتحطمت فيها أسطورة الجيش الذي لا يقهر، حيث عبر الآلاف من خير أجناد الأرض قناة السويس الي الضفة الشرقية من القناة ، ولم يخشوا كل ما تردد عن النابالم الحارق الذي ينتظرهم عند عبور القناة ، بل كانت عزيمتهم في السماء، عندما حطت أرجلهم الطاهرة على الضفة الشرقية، ليحطموا حصون خط بارليف المنيع وسطروا أسمى معاني النصر المبين ويقطعون يد إسرائيل الطولى كما قال الرئيس السادات بطل العبور في ٦ ساعات، وعن هذا اليوم العظيم يقول العميد محمد عبدالقادر أحد أبطال سلاح المدفعية في حرب العاشر من رمضان: ليس منصفا من ينظر إلى حرب العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر من ناحية التخطيط العسكري فقط  على أهميته وكونه أهم عوامل النصر، إلا أن هذه الحرب اجتمع لها من عوامل النجاح الكثير منها جودة التسليح  ومنها كفاءة القائمين على التدريب ، ومنها الإعداد الجيد للفرد المقاتل، كما أن منها التأهيل النفسي والأخلاقي والروحي، فقد تمثلت جودة التسليح في الاستفادة من فترة العمليات السابقة على الحرب والتي عرفت «بحرب الاستنزاف» في إدخال أسلحة جديدة ذات قوة نيران عالية ودقة متناهية، ومن أمثلتها المقذوف الموجه المضاد للدبابات «مالوتيكا» والذي وصلت درجة دقة الاصابة به  إلى 100%، ووسائل استطلاع حديثة وأسلحة دفاع جوي متطورة ( الصواريخ سام2 ، وسام3 والصواريخ المحمولة على الكتف ستريللا)،أما كفاءة التدريب، فقد تمثلت في خطط التدريب المركز النهاري والليلي والتي بمقتضاها كان يتم التدريب حوالي أربع عشرة ساعة يوميا. الأمر الذي أوصل الجندي المصري إلى مرحلة الاحتراف. كما كان لتدريب الضباط على كافة مستوياتهم في المعاهد العسكرية المتخصصة الأثر الأكبر في إكساب جنودهم الخبرة والكفاءة، والتي برزت جلية في الأيام الأولى للقتال في حرب رمضان المجيدة، ولم يغب التأهيل النفسي والروحي عن أنظار متخذي القرار في القوات المسلحة، فكان لكل وحدة دار العبادة الخاصة بها مهما صغرت الوحدة من حيث الحجم. كما كانت لإدارة الشئون المعنوية خطة لمرور الوعاظ ورجال الدين على الوحدات في لقاءات مفتوحة تناقش الجوانب الدينية والعقائدية والأخلاقية، فكان له أكبر الأثر في إشباع الناحية الروحية للفرد المقاتل خلال فترة الإعداد للحرب.  

 

وعن الصوم في هذا اليوم يقول عبدالقادر: كانت الأوامر قد صدرت لنا بالإفطار اعتبارا من الثالث من أكتوبر «السابع من مضان» . ولغرض السرية أعلن أن السبب هو الجهد المبذول في المناورة التدريبية بالذخيرة الحية والتي تقوم بها كافة وحدات الجيش. وأستطيع القول إن هذا الأمر ربما هو الوحيد الذي لم يجد استحسانا لدى غالبية الأفراد، فقد كان هذا مخالفا لتكوينهم الروحي، وما تربوا عليه من تقديس لفريضة الصوم، وبدأت الوحدات تنفيذا للأمر في تغيير مواعيد إعداد وصرف وجبات الغذاء اليومية لتكون ثلاث وجبات بدلا من وجبتين تمشيا مع القرار. إلا أنني في الحقيقة لم أجد على الأقل في نفسي وفي جنودي وكافة الوحدات المجاورة من أقدم على الإفطار . ولست هنا في حاجة إلى ذكر معلومة سبق الإشارة إليها كثيرا ، وهي أن إخواننا من المسيحيين كانوا يشاركوننا هذا الأمر طواعية وعن قناعة، وأود ان أشير هنا إلى أن رفض الإفطار في رمضان كان قرارا فرديا اتخذه كل منا عن قناعة دون أن يناقش فيه الآخرين، فكان ذلك أكبر دليل على تمسك الجندي المصري بعقيدته الدينية تماما كما هو متمسك بعقيدته القتالية.

ويضيف: «حين حل يوم الخامس من أكتوبر (التاسع من رمضان)، وتأكد لدينا اقتراب العملية العسكرية وعبور القناة، ازداد تمسك الجنود بصومهم إرضاء لرب العالمين، وإيمانا منهم بأنه لن يخذلهم فيما هم مقدمون عليه وهذا حالهم. وقد كان لهذا الصوم وتلك المشاعر الإيمانية في شهر الإيمان أثره البالغ في معنويات الجنود فكانت صيحة «الله أكبر» والتي صدرت عن جميع الجنود دون اتفاق مسبق هي تعبير تلقائي عن مدى الإيمان برب العالمين ، فزلزلت الأرض تحت أقدام الأعداء لحظة العبور، تلك الصيحة التي كانت وما زالت تدوي في أذني حتى اليوم، وأغلب ظني أنها كانت أحد مفاتيح النصر في السادس من أكتوبر 1973.

ويكمل: وما إن عبرت القوات وبدأت المعارك الفعلية على الضفة الشرقية لقناة السويس حتى كان الصوم حتميا ، إذ من ذا الذي يمكنه أن يتقاعس عن تأدية مهمة موكولة إليه قائدا كان أو جنديا من أجل أن يتناول لقمة أو يرشف رشفة ماء؟ خلاصة القول إن اختيار شهر رمضان المبارك لتنفيذ حرب التحرير كان اختيارا موفقا استلهم فيه الجميع روح معركة بدر واستحضروا معاني الإيثار والإيمان والكرامة، فكان النصر حليفهم، مصداقا لقول رب العالمين «إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم».

ويوم العاشر من رمضان الموافق يوم 6 أكتوبر فى ذلك العام كان يوافق يوم «كيبور» وهو أحد أعياد إسرائيل وهو «عيد الغفران»، وقد أعلنت مصر وسوريا الحرب على إسرائيل فى هذا اليوم لأسباب يذكرها المشير الراحل محمد عبد المنعم الجمسى رئيس هيئة العمليات للجيش المصرى خلال الحرب فى مذكراته ويقول (وضعنا فى هيئة العمليات دراسة على ضوء الموقف العسكرى للعدو وقواتنا ، وفكرة العملية الهجومية المخططة ، والمواصفات الفنية لقناة السويس من حيث المد والجزر، ودرسنا كل شهور السنة لاختيار افضل الشهور فى السنة لاقتحام القناة على ضوء حالة المد والجزر وسرعة التيار واتجاهه وشملت الدراسة أيضا جميع العطلات الرسمية فى إسرائيل بخلاف يوم السبت، وهو يوم أجازتهم الأسبوعية، حيث تكون القوات المعادية أقل استعدادا للحرب. وجدنا أن لديهم ثمانية أعياد منها ثلاثة أعياد فى شهر أكتوبر وهي يوم كيبور، عيد المظلات ، عيد التوراة . وكان يهمنا فى هذا الموضوع معرفة تأثير كل عطلة على إجراءات التعبئة فى إسرائيل، ولإسرائيل وسائل مختلفة لاستدعاء الاحتياطى بوسائل غير علنية ووسائل علنية تكون بإذاعة كلمات أو جمل رمزية عن طريق الإذاعة والتليفزيون، ووجدنا أن يوم كيبور هو اليوم الوحيد خلال العام الذى تتوقف فيه الإذاعة والتليفزيون عن البث كجزء من تقاليد هذا العيد، أى ان استدعاء قوات الاحتياط بالطريقة العلنية السريعة غير مستخدم، وبالتالى يستخدمون وسائل أخرى تتطلب وقتا أطول لتنفيذ تعبئة الاحتياطى، وكان يوم السبت عيد الغفران 6 أكتوبر 1973 وهو ايضا العاشر من رمضان أحد الايام المناسبة وهو الذى وقع عليه الاختيار.

وقد قام الرئيس محمد أنور السادات بتكليف اللواء الجمسي رئيس العمليات بعمل بحث عن انسب الايام لساعة الصفر، وقد وضع الجمسي ثلاثة مجاميع وهي المجموعة الاولي: في النصف الثاني من مايو 73، والمجموعة الثانية: في شهر سبتمبر، والمجموعة الثالثة: في شهر أكتوبر، وتم تأجيل ساعة الصفر في المجموعة الاولي وذلك لأسباب سياسية ، ولم تنفذ ساعة الصفر فى المجموعة الثانية، وذلك بسبب نقص الأسلحة، وتم الاتفاق علي ساعة الصفر انها في يوم

6 اكتوبر وقد أرجعت اسباب اختيار عام 73 بالتحديد الى استكمال بعض الاسلحة والمعدات التي كانت تنقص الجيش المصري، ووصول معلومات تفصيلية الي القيادة المصرية بأن اسرائيل قامت بعقد اتفاقيات عن عقود التسليح وعن الأسلحة ونوعياتها التي سوف تصلها في عام 74 لذلك فإن الانتظار الي ما بعد عام 73 سوف يعرض القوات  إلي مفاجآت، وعن أسباب اختيار يوم العاشر من رمضان ٦ أكتوبر بالتحديد ، أنه يوم عيد الغفران عند الاسرائيليين، وقبل حلول الشتاء فى سوريا وظهور الثلج، وإتمام وصول بعض الانواع المعينة من الاسلحة، وأيضا استخدام ضوء القمر والمد والجزر، وقد قام الرئيس السادات بالتصديق علي الخطة في يوم اول اكتوبر الخامس من رمضان، وذلك وسط اجتماع استمر 10 ساعات للرئيس مع الرئيس الأسبق  حسنى مبارك والذي كان قائداً للقوات الجوية فى هذا الوقت، ومع قيادات أخرى للقوات المسلحة وقد صدق علي الخطة بتاريخ 10 رمضان، ويذكر انه تم تحديد العاشر من رمضان أيضا لأنه يوافق أحد الايام العظيمة فى التاريخ الإسلامى حيث بدأ فيه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، حملته فى فتح مكة.

ولقد كان لتحديد العاشر من رمضان نفحة روحانية خاصة لدي خير أجناد الأرض، وارتفاع عزيمتهم ، ففيه تم العديد من الفتوحات والغزوات والانتصارات على أعداء الوطن وأعداء الإسلام، ففيه  قاد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم المسلمين في تسع غزوات كان من بينها غزوتان في شهر رمضان هما غزوة بدر وفتح مكة.

وكان لشهر رمضان نصيب وافر في الانتصار على الفرس والروم، وبدأ ذلك في عام 12 هـ، حيث معركة الفراض التي انتصر فيها المسلمون بقيادة خالد بن الوليد على تحالف ثلاثي ضم بعض العرب والروم والفرس لمحاولة كسر شوكة المسلمين، وفي 14 رمضان في عام 13 هـ انتصر المسلمون بقيادة المثنى بن الحارثة على الفرس في موقعة «البويب» على ضفاف نهر الفرات (قرب مدينة الكوفة)،ومن أبرز المعارك التي انتصر فيها المسلمون معركة القادسية، التي تم الإعداد لها في شهر شعبان سنة 15 هـ ثم انتصر فيها المسلمون في شهر رمضان بجيش قوامه 10 آلاف جندي بقيادة الصحابي سعد بن أبي وقاص على الفرس الذين بلغ تعداد جيشهم في تلك المعركة أكثر من 120 ألف جندي، وأثناء ولاية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب تم أيضا فتح مصر في يوم الجمعة غرة شهر رمضان سنة 20 هـ الموافق 13 أغسطس عام 641م على يد عمرو بن العاص رضي الله عنه، وتوالت الفتوحات والانتصارات الإسلامية في عصر ما بعد الخلفاء الراشدين في كل حدب وصوب. وكان لشهر رمضان المبارك نصيب كبير من هذه الفتوحات؛ ففي عهد معاوية بن أبي سفيان تمكن المسلمون من فتح جزيرة رودس في رمضان سنة 53 هـ.

وتمكن المسلمون بقيادة زياد بن الأغلب من فتح جزيرة صقلية، أكبر جزر البحر المتوسط، في 9 رمضان سنة 122 هـ، أسس المسلمون كذلك مدينة كانديا في جزيرة كريت في رمضان سنة 217 هـ، حيث كان سبق للمسلمين وأن فتحوا الجزيرة في سنة 55 هـ، ومن جزيرة رودس نزل المسلمون للمرة الأولى في شهر رمضان سنة 91 هـ على الشاطئ الجنوبي لبلاد الأندلس. وفي 28 رمضان سنة 92 هـ فتح المسلمون بلاد الأندلس ودخل الإسلام إسبانيا في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بعد أن انتصر طارق بن زياد قائد جيش المسلمين على ملك القوط رودريك في معركة شذونة أو وادي لكة.

ولم يتوقف المسلمون الفاتحون عند الأندلس، بل سعوا إلى عبور جبال البرانس الفاصلة بين الأندلس وفرنسا؛ فكانت معركة بلاط الشهداء في 22 رمضان سنة 114 هـ بين المسلمين بقيادة «عبد الرحمن الغافقي» والفرنجة بقيادة «شارل مارتل»، وجرت المعركة في فرنسا بين مدينتي تور وبواتييه ولم تنته المعركة بانتصار أحد الفريقين، إلا أن الغافقي تمكن بعد ذلك من السيطرة على نصف فرنسا الجنوبي خلال بضعة أشهر، وفتح المسلمون بلاد السند قبل الوصول إلى الأندلس، في 6 رمضان سنة 89 هـ، حينما انتصر محمد بن القاسم على جيوش الهند بقيادة الملك داهر عند نهر السند، ليدخل الإسلام بلاد السند ومنها إلى بلاد الأفغان على يد هذا الفاتح الشاب الذي لم يبلغ العشرين من عمره.

وفي رمضان سنة 588 هـ رحل صلاح الدين الأيوبي إلى بيت المقدس، وقام بتحصين المدينة هناك وتشييد الأسوار حولها وفي رمضان سنة 595 هـ تمكن الملك العادل من صد هجوم للصليبيين على مدينة صور.

وفي رمضان سنة 647 هـ، كانت معركة المنصورة ضد الصليبيين، حينما قاد «لويس التاسع» ملك فرنسا جيشا قوامه 110 آلاف مقاتل في أحدث حملة صليبية كانت الحملة الصليبية السابعة ضد مصر، وانتهت المعركة التي قادها فخر الدين ابن شيخ الإسلام الجويني بأسر المسلمين مائة ألف من الصليبيين وقتل 10 آلاف منهم، وأسر الملك لويس التاسع، وسجنه بدار ابن لقمان بالمنصورة، وإطلاق سراحه بعد ذلك بفدية قدرها 40 ألف دينار.

ومن أيام رمضان المشهودة انتصار المسلمين بقيادة السلطان سيف الدين قطز على التتار بعد أن تولى حكم مصر، حيث كانت معركة عين جالوت يوم 25 رمضان 658 هـ، والتي أدت إلى انحسار نفوذ المغول في بلاد الشام وخروجهم منها نهائيا وإيقاف المد المغولي المكتسح الذي أسقط الخلافة العباسية وهدد أوروبا بعد ذلك، وفي 29 رمضان سنة 699 هـ حدثت موقعة الخازندار، والتي تسمى (مرج الصفر) جنوب شرق دمشق، واستطاع فيها القائد أحمد الناصر بن قلاوون هزيمة التتار.