رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فرحة أهل «العمار».. فى «المشمش»!

بوابة الوفد الإلكترونية

لون الشمس في وقت الغروب.. ذهبي بطابع حسن ع الخدين.. مبهج ضاحك علي الشجر كعناقيد جواهر ثمينة.. عمار يامشمش! هذا كان زمان. ولكن ورغم سوء الحال وموت الشجر امام عيوننا إلا أننا مازلنا نفتش عن الفرحة في موسم الحصاد بين أهالى «قرية العمار» أشهر قرية تنتج هذا المحصول الذى أصبح معروفاً فى كافة أنحاء مصر.

كانت «زينب» تقلب في بضع ثمرات في كومة وضعتها أمامها في «مشنة» علي السكة بجوار الغيط حيث حركة نشاط غير عادية ، رجالا وشبابا وأولادا من كل الأعمار يربطون حبلاً متيناً علي الوسط فيصنعون من الجلباب جرابا كبيرا يتسلقون شجرة المشمش ويجمعون الثمار الناضجة ويلقونها في «عب الجلابية» فتمتلئ بالخير الجلابيب، بينما يعمل الصبيان والبنات الصغيرات العمل نفسه لكنهم يلتقطون الثمار التي نضجت فسقطت علي الأرض. تقف النساء وبعض الرجال من كبار السن علي الطريق الزراعي لجذب الزبائن من المسافرين علي الطريق ويعرضون بضاعتهم، إما في عبوات وكراتين زنة الواحدة خمسة كيلو بـ75 جنيهاً أو كما تفعل «زينب» و«رضا» و«فاطمة» و«ليلي» من نساء القرية اللاتى يعرضن كميات تباع «بالبركة» .

تضحك زينب في حياء فلاحة مصرية أصيلة وتقول: «المشمش ده كان فرحتنا وجواز أولادنا.. وسترة بناتنا دايما كانت ع الموسم لكن للأسف المحصول قل والطرح لم يعد زي زمان.

نظرت الي هذه القرية التي تفرح بينما تخبئ حزناً عميقاً، فبلد المشمش الأشهر في مصر والتي تبعد عن القاهرة بـ35 كيلو شمالاً معروفة منذ سنوات وقرون طويلة بزراعة الفاكهة النادرة والتي تجود بأفضل أنواع المشمش في أرضها بل لا يستقيم زراعة أي محصول آخر بجوار أشجار المشمش كما يقول أشرف بينما يقلب في الثمار ليرشد الأولاد إلي ما طاب ووجب قطفه.

قال «أشرف»: أجدادنا طول عمرهم عايشين علي المشمش وهناك بلاد أخري حاولت زراعته وفشلت.. فأرض «العمار» تنتج أجود الانواع والسكان وعددهم يزيد علي 200 ألف يعيشون علي زراعة المشمش وكانت أرضنا بها أكثر من 30 ألف فدان تقلصت وحققنا خسائر فادحة وبدا المحصول في

الانهيار والأشجار في السقوط منذ أن جاء أحد وزراء الزراعة أيام «مبارك» في بداية التسعينيات وجلب إلينا أنواعاً من المبيدات والسماد من إسرائيل فبدأ الموت تدريجياً ليتناقص إنتاج الفدان تدريجياً كأنها سممت  الشجر.. والفدان الذي كان يعطي من 5 إلي 10 أطنان لم يعد يعطي أكثر من نصف طن.

يجلس عم «حمدان» الفلاح العجوز بجوار كومة مشمش ينظر إليها ويحكى قائلاً: خسارة احلي مشمش يضيع كنا نعيش افراحا أيام الحصاد ونزوج اولادنا وكانت البلد كلها تأكل مشمش حتي اللي ماعندوش.

والفدان كان يستوعب أكثر من 200 شجرة ويثمر بعد 4 سنوات ولكنها كانت شجرة معمرة تظل في الأرض أكثر من 150 سنة وظلها كبير كنا نحتمي به ونستظل ونعيش من خيرها ونخدمه بصحتنا طول السنة إلي أن يحين موسم الحصاد فتفرح كل بيوتنا وكان الثمر يظهر اخضر ثم يبدأ في التحول إلي اللون الاصفر الفاتح ثم الأغمق إلي أن يطيب ويصبح كلون الشمس الذهبية.

ويضيف عم «حمدان»: راح كل هذا الخير والآن يجمع الفلاحون أول «قطفة» وهذه يشتريها كبار التجار ليهادوا بها بهوات مصر ثم يبدأ الجمع الكبير لكنه لا يساوي ما انفقنا في زراعته من صحة وأسمدة ومبيدات وكلها تضاعفت أسعارها ثم لا يأتي المحصول بتكلفته والديون التي تراكمت علينا وأصبحنا لا نذوق طعم الفرحة حتي في موسم الحصاد.