رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الصيادون الصغار.. في البحر سمكة وفي القلب ضحكة

بوابة الوفد الإلكترونية

علي شط المية قاعد.. مستني الرزق من اللي ما ينسي ولا ينام.. رزقي في البحر وهيجيلي في صنارة، في شبكة، في «قُفة أحلام».

أمام عينيه الدنيا وما فيها، الارض باتساعها والسماء علي ارتفاعها والمياه وبها كل شيء حي، لا شيء يساوي الأمل إنه ألذ متع الحياة، هو الحياة نفسها، بل هو اللذة التي يبحث عنها الصبي، يفتش في المستقبل، ليس عن سمك يبيعه ويعيش من ثمنه هو وأمه واخوته، بل عن الكيان والوجود.

عليه أن ينتظر حتي تهتز صنارته، حينئذ ستنطلق الضحكة المحبوسة في قلبه منذ أيام، هي الحكاية نفسها تتكرر كل يوم، يصحو الصياد الصغير من نومه في الصباح الباكر يحمل العدة والطعم ويجري ليلحق بسباق «أكل العيش» بعد أن كتب عليه الشقاء وتحمل مسئولية الرجال منذ نعومة أظافره، «شايل هموم الدنيا» فوق رأسه.. لا وقت للانشغال سوي بما سيهديه الله له في نهاية اليوم، عندئذ سيشتري الطعام لإخوته والدواء للأم المريضة.. وربما يتبقي له القليل ليلهو مع زملائه من الصيادين.

«محمد» صياد ابن صياد و«أحمد» و«إبراهيم» زملاء المهنة والمدرسة سابقاً جميعهم أبناء هذه المهنة التي لا يؤهلهم لها سوي الصبر والقدرة علي الحلم رغم الضباب والاشواك التي تجرح طفولتهم، لكنهم وكما يقول «محمد» لا ينظرون الي الشوك في طريقهم بقدر ما يدركون حلاوة العودة إلي بيوتهم وقد فازوا بقوت اليوم، فرحة الامهات بالسمك هي الجائزة الاكبر وعندها أيضاً تنطلق ضحكات القلوب المغلقة علي أسرار الدنيا.

هم في النهاية أطفال لكل منهم أمل في الحياة تجذبه ظروف العيش الي مستوي الواقع الي أسفل تحت الأقدام فقد تركوا التعليم بوابة الخروج من سجن الفقر إلي الفقر نفسه، وبات العمل في الصيد هو الأمل دون سواه،

 

(لا يحق لنا أن نحلم بغير ذلك فلن أكون طبيباً، و«إبراهيم» لن يصبح مُعلماً كما كان يتمني).

كلمات قالها «محمود» ذو الـ14عاماً لخصت قضيته هو وزملائه من الصيادين الصغار، فهم أبناء الصيادين فتحوا عيونهم علي البحر والشبك والمراكب، هو لا يدعي انه مظلوم أو غير راض عن واقعه بل يحاول أن يثبت انه سعيد ويضحك وحتي كون السمك شحيحاً أو أن حركة البيع «مخنوقة» بسبب ارتفاع الأسعار، أمر تعود عليه الصيادون، واعتادوا التعامل مع كل الظروف والصبر علي الرزق، يعتبر الصيادون الصغار ان مهنتهم هي الأكثر ارتباطاً بالإيمان بالله وبالقدر والنصيب وهي المدرسة الحقيقية للصبر كما علمهم آباؤهم، لذا مهما حاصرتهم الأحزان يضحكون وكأنهم يملكون الدنيا وما فيها.