رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

15 مليار جنيه حجم تجارة القمامة سنويًا

بوابة الوفد الإلكترونية

سنوات طويلة عانى خلالها الشعب من مشكلة القمامة التى ملأت الشوارع، وعجزت الشركات الأجنبية عن السيطرة عليها، حتى أصبحت أزمة القمامة حديث المواطنين فى الصباح والمساء.

وفى الوقت الذى استطاعت فيه كثير من الدول المتقدمة الاستفادة منها عجزت مصر عن استثمار تلك الثروة الهائلة القادرة على أن تدر عائداً قدره 15 مليار جنيه سنوياً.

ومؤخراً انطلق مشروع أكشاك شراء القمامة من المواطنين فى منطقة مصر الجديدة، والذى شهد إقبالاً ملحوظاً من المواطنين، الذين توافدوا منذ الصباح على الأكشاك لبيع مخلفاتهم، والاستفادة منها.

التجربة تهدف لخلق فرص عمل للشباب، وتوعية المواطنين بأهمية الاستفادة من القمامة، فهل سيكتب لها النجاح؟.. أم ستواجهها العراقيل التى تحكم عليها بالفشل؟.. هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.

تشير البيانات إلى أن حجم القمامة فى مصر يبلغ نحو 70 مليون طن سنوياً، تنتج القاهرة الكبرى منها نحو 19 ألف طن مخلفات مع شروق كل شمس، منها نحو 17 ألف طن من محافظة القاهرة وحدها.

ويقدر الخبراء سعر طن القمامة بنحو 6 آلاف جنيه، فى حين يصل عدد مصانع تدوير القمامة فى مصر إلى نحو 53 مصنعاً تقريباً، منها 3 مصانع بالقاهرة، لتدوير وتصنيع القمامة، أحدها فى القطامية، وتصل قدرته الاستيعابية 640 طناً يومياً، وآخر بالمنطقة الجنوبية بطاقة استيعابية تصل لنحو 1600 طن يومياً، والثالث بمدينة السلام بطاقة استيعابية تصل لنحو 260 طناً يومياً.

وتستقبل تلك المصانع الثلاثة ما يقرب من 2500 طن يومياً من القمامة، لتدويرها وإنتاج الأسمدة، وبدائل الطاقة.

لم تكن تجربة شراء القمامة فى مصر الجديدة هى الأولى من نوعها، فقد سبقها عدة تجارب بالمحافظات، حيث شهدت محافظة الفيوم أول تجربة لمشروع شراء القمامة من المواطنين فى منتصف عام 2016 الماضى، والتى كانت تهدف لتنظيف الشوارع، وتوفير فرص عمل للشباب، والتخلص من القمامة نظير عائد مادى للمواطنين، وأعلن المحافظ وقتها أنه سيتم توفير ما يقرب من 1000 كشك نموذجى فى جميع القرى، على أن يتم البدء بـ 200 كشك، ووقتها طرحت المحافظة نحو 12 كشكاً فقط كبداية داخل مدينة الفيوم، إلا أن التجربة لم يكتب لها النجاح نتيجة عدم وجود مصانع لتدوير القمامة فى المحافظة.

وليست محافظة الفيوم هى الوحيدة التى طبقت تجربة أكشاك القمامة، حيث طبقت فى محافظة كفر الشيخ أيضاً التجربة نفسها، وتم افتتاح 4 أكشاك كبداية للمشروع فى شهر أغسطس الماضى، واعتمد المشروع على جمع المخلفات وشرائها من المواطنين بالتروسيكل، إلا أن تلك التجربة لاقت نجاحاً كبيراً بالمحافظة لوجود مصانع لتدوير المخلفات بكفر الشيخ، كما لاقت إقبالاً كبيراً من قبل المواطنين، ووصل سعر طن المخلفات إلى 3 آلاف جنيه.

وقد شهدت منطقة مصر الجديدة افتتاح أول تجربة لبيع القمامة من خلال أكشاك لجمع القمامة أحدها بمنطقة «ميدان ابن سندر»، والآخر بشارع أسوان، وتهدف التجربة إلى تطهير شوارع العاصمة من القمامة، وتعد النائبة البرلمانية شيرين فراج صاحبة فكرة أكشاك شراء المخلفات بالتعاون مع النائبة الدكتورة نادية هنرى.

وقد بدأ منذ أيام التشغيل التجريبى للمشروع من خلال منفذين فقط، تمهيداً لتعميم التجربة إذا أثبتت نجاحها، على أن تتولى محافظة القاهرة متابعة المشروع والإشراف عليه، فضلاً عن تيسير استخراج التراخيص لإقامة الأكشاك، التى تتولى الجمعيات الأهلية ورجال الأعمال إقامتها، لمساعدة الشباب على توفير فرص عمل، على أن يتم بيع القمامة لمصانع التدوير.. ومن ناحية أخرى تم توفير 4 سيارات من قبل محافظة القاهرة لشراء القمامة من المواطنين الذين لا يستطيعون الذهاب للمنفذين.

ورحب مواطنون بالفكرة، مؤكدين أنها جيدة، وسوف يستفيد منها عدد كبير من المواطنين.. فيقول محمد أحمد: رغم أن العائد المادى يعد بسيطاً إلا أنه يمثل ربحاً للكثيرين، خصوصاً البسطاء الذين يجدون فى الأموال التى يحصلون عليها من بيع القمامة مصدراً لشراء احتياجاتهم المنزلية البسيطة، ومنها الشاى والأرز وبعض الحلوى للأطفال، فضلاً على أن المشروع سيسهم فى نظافة الشوارع، فلن نشاهد أى مخلفات على الأرصفة، فأغلب البسطاء سيقومون بتجميعها، لبيعها والاستفادة منها، ومن ناحية أخرى يمكن أن تساهم تلك التجربة فى تحفيز الأطفال على الحفاظ على نظافة الشوارع.

وطالبت نادية محمد، بتعميم التجربة فى المناطق الشعبية والتى تشهد كثافة سكانية كبيرة، وتعانى من أزمات القمامة التى تملأ الشوارع والميادين، بعد عجز وفشل شركات النظافة طوال السنوات الماضية فى جمع القمامة.

وأكدت أن الفكرة جيدة، وتعمل على تشجيع المواطنين على الحفاظ على نظافة البيئة، وتوعيتهم بأهمية القمامة، التى تحولت لمصدر رزق من خلال هذا المشروع الحيوى.

وتوقعت أن تلقى التجربة نجاحاً كبيراً، خصوصاً إذا تم تعميمها.. وتقول: «المناطق الشعبية يعيش بها الكثير من الفقراء الذين هم بحاجة إلى مثل هذا المشروع الذى يدر لهم ربحاً يعد بالنسبة لهم مصدر رزق جيداً».

مواطن آخر، هو الحاج رمضان، قطع مسافات طويلة من أجل رؤية المشروع على أرض الواقع، والتأكد من بيع القمامة وإعطاء المواطن الثمن وقت التسليم، وكل ما يحمله عبارة عن مخلفات بسيطة.

وعندما وصل إلى الكشف ثم وزن المخلفات وتم تسعيرها قال رمضان: «إن هذا المشروع يعد باب رزق ويجب استغلاله والحفاظ عليه»، وطالب بضرورة توفير الأكشاك فى كل مكان، خصوصاً أنه يسكن بعيداً عن أماكن تواجدها ويحتاج لأكشاك تنتشر فى كل مكان.

التقينا أحد الشباب العاملين بالمشروع ويدعى ممدوح محمد، والذى وجد فى المشروع فرصة عمل تدر ربحاً ملائماً، وأكد أن التجربة لاقت إقبالاً من المواطنين فى أول أيام التشغيل التجريبى، حيث يتم تجميع القمامة من المواطنين مقابل مبلغ مالى تم تجديده، فمثلاً الكيلو جرام من فوارغ «الكانز» بـ 9 جنيهات والبلاستيك بـ 3 جنيهات للكيلو والزجاج بـ 20 قرشاً والكرتون بـ 80

قرشاً، على أن يتم وزن المخلفات ومنح المواطنين ثمنها فى الحال.

ويقول: قبل البدء فى تطبيق المشروع تم التعاقد مع مصانع لتدوير القمامة لشرائها من المنافذ، مقابل مبلغ مالى تم الاتفاق عليه من جانب المحافظة وبالفعل تم تجميع كميات كبيرة من المخلفات، بلغت فى اليوم الأول نحو 100 كيلو بلاستيك و104 كيلو جرامات من الزجاج، فضلاً عن كميات كبيرة من الكرتون والورق.. ويؤكد ممدوح أن هناك متعهدين لجمع القمامة يقومون بجمع المخلفات لبيعها فى المنفذ.

وأوضح أن المواطنين أبدوا إعجابهم بالفكرة التى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام، وطالبوا بتعميمها فى باقى الأحياء.

أما المنفذ الثانى الموجود فى شارع أسوان بمصر الجديدة، فقد شهد إقبالاً معقولاً، وأكدت نرمين طلعت، المسئولة عن المنفذ، أن الفكرة تهدف للحفاظ على بيئة السكن نظيفة وتوعية السيدات بأهمية المخلفات، فضلاً عن تشجيعهن على جلب عائد مادى بسيط، بدلاً من التخلص من القامة بإلقائها فى الشوارع، فالسيدات هن أكثر حرصاً على تدبير النفقات.. وتقول: لم نكن نتوقع أن تلقى التجربة نجاحاً كبيراً ورد فعل إيجابيًا كما حدث إذ فوجئنا بإقبال كبير فى الأيام الأولى من الافتتاح.

ففى أول يوم تم توريد ما يقرب من 310 كيلو جرامات من الكرتون و15 كيلو جراماً من الصفيح و51 كيلو بلاستيك، ويتم التوريد للمصانع التى تتولى عمليات إعادة التدوير مقابل مبالغ مالية، لكن لم يتم تحديد أسعار فعلية وثابتة نظراً لأن المشروع فى مرحلة التجربة، لكننا بدأنا بالبيع للمصانع بسعر 4 جنيهات للكيلو البلاستيك على سبيل المثال.

وأكدت نرمين أن هناك تعاوناً من قبل عمال النظافة الذين حرصوا على المشاركة والاستفادة من بيع المخلفات.

وأكدت الدكتورة نادية هنرى، نائبة البرلمان عن دائرة مصر الجديدة، خلال افتتاح المشروع أن فكرة فصل القمامة من المنبع كانت تراودها منذ سنوات حتى تبلورت الفكرة بالتعاون مع الدكتور شيرين فراج عضو مجلس النواب وصاحبة فكرة أكشاك جمع القمامة من المواطنين مقابل مبالغ  مالية بسيطة، وتم عرض الفكرة على مجلس النواب، وبالفعل تم التنفيذ فى حى مصر الجديدة، بعد موافقة رئيس الحى، ويهدف المشروع إلى مواجهة الإهدار فى القمامة وللوصول لنظافة الشوارع والميادين، كما أن فصل القمامة من المنبع يعد مكسباً لكل المتعاملين فى هذا القطاع.

الدكتور سيد عبدالبارى، الأستاذ بكلية العلوم جامعة المنصورة، أكد أن مشروع شراء القمامة تأخر سنوات طويلة، وكان مفترضاً أن تتم الاستعانة بـ «الزبالين» الموجودين فى الشوارع، لأن مصر بها ثروة مخلفات ولا يتم استغلالها رغم أن القمامة تدر عوائد اقتصادية جبارة فى دول العالم المتقدم.

فقد استطاعت أمريكا أن تغرس فى عقول مواطنيها أهمية الاستفادة من القمامة.. ويقول: المشكلة الحقيقية تكمن فى المخلفات العضوية التى يصعب التخلص منها، وتمثل نحو 75٪ من حجم القمامة فى مصر، ومع الأسف لم تتم الاستفادة منها أو محاولة إعادة تدويرها، رغم أنه يمكن دفنها فى الجبل لاستخراج أسمدة طبيعية، تعاد إضافتها للتربة.

أما تجربة أكشاك القمامة، فيرى أن هناك صعوبة فى تقييمها الآن، فلا يمكن الحكم على التجربة إلا بمرور وقت كافٍ على تشغيلها، لكنها تعد فكرة جيدة للقضاء على أزمة انتشار القمامة فى الشوارع، وتشجيع المواطنين على التخلص من القمامة نظير مبلغ مالى خصوصًا أن أخطر مراحل التدوير هى تصنيف المخلفات.

لكننا ما زلنا نعانى من عدم وجود مصانع كافية لتدوير المخلفات، مما أدى لانتشار مصانع «بير السلم»، التى تنتج كل ما هو ضار بصحة الإنسان واستخراج أسوأ أنواع البلاستيك من مخلفات المستشفيات، مما يزيد من معدلات الإصابة بأمراض السرطان، لذا يجب على الدولة محاولة تقنين أوضاع تلك المصانع ومساعدتها على التدوير السليم للمخلفات وجلب مزيد من الأموال كما هو متبع فى كثير من البلدان الأوروبية.