عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قصة حقيقية.. «الذوق» مات ومدفون فى ضريح بشارع المعز

ضريح العارف بالله
ضريح العارف بالله سيدى الذوق

بات المجتمع المصرى المعاصر يعيش فى موقف لا يحسد عليه، تبدلت الملامح الشرقية الملتزمة بالعادات والتقاليد المنضبطة، إلى حالة يصعب أن نكمل بها طريق المستقبل، وأصبحنا لا نستطيع أن ننكر أن مصر التى نشاهدها فى أفلام اللونين «الأبيض والأسود»، وقيم أجدادنا، تغيرت تمامًا، حتى نسى الجيل الجديد كثيرًا من الفضائل.. وخلال رحلة «الوفد» للبحث عن الذوق فى شوارع المحروسة؛ لم نجده إلا فى ضريح بشارع المعز لدين الله.

عند المرور بالقرب من باب الفتوح، الكنز الموروث من الدولة الفاطمية، بمدخل شارع المعز، وبجوار مسجد الحاكم بأمر الله، ستجد قبة صغيرة خضراء، مشوهة ببواقى أسمنت لا تسر الناظرين ولا المارين، اعتلتها مئذنة ذهبية اللون، تعلقت بها لافتة خشبية مكتوب عليها: «ضريح العارف بالله سيدى الذوق»، وبضعة سلالم محطمة أكلها التراب، تصل بك إلى باب حديدى أخضر اللون، مغلق بقفل حديث الصنع.

لصاحب الضريح نصيب الأسد فى الروايات، أسطورة لم يسجلها التاريخ، وسيطر عليها الغموض، ولكن أبرز هذه الروايات وفقًا لأهالى منطقة الحسين، عن رجل الذوق، الذين أطلقوا عليه المثل السائر: «الذوق ماسبش مصر»، كتعبير عن وفاته بالقاهرة، وأن الذوق لم يطاوعه جسده على الخروج من بلدنا، وذلك أصبح من سابع المستحيلات أن يرحل بعيدًا عن مصر.

خلال عصر الدولة الفاطمية، كان يعيش رجل بجوار مسجدى الأزهر الشريف والحسين، عرف ما بين أهالى المحروسة، بفض ما نزع بينهم من مشاحنات، حيث عرف بفض الخناقات بين فتوات المنطقة، ويمنعهم من فرض الإتاوات، عرف بالصلح بين المتخاصمين، يقف دائمًا مع المظلومين، ناصف للحق ولو على رقبته، له العديد من المواقف الرجولية، حتى كان الجميع ينصت له وينزل على رأيه... إنه «حسن الذوق».

إلا أنه خلال إحدى المنازعات بين فتوات القاهرة، فى ذاك الوقت، فشل «رجل الذوق» فى الصلح بينهم، حتى تطور الموقف ووصل إلى الحاكم العسكرى، الذى أمر بالقبض عليهم ووضعهم فى السجون العسكرية، دون أن يحاول إتمام الصلح بينهم.

عندما علم حسن الذوق بخبر القبض عليهم، لم يتحمل الموقف، شعر بالعجز فى عدم الصلح بين الفتوات، خصوصًا أنها أول مرة يصل حد النزاع مبلغه الاستماع إليه، واكتشف أن الحال فى المحروسة تغير عما كان، لم يفلح معهم الصلح، واستشعر الخوف فى استمرار حياته فى القاهرة، وقرر مغادرة المحروسة، وقلبه يتألم من الحزن على فراق مصر وشعبها، لم يقدر على التحرك، قدمه تصلبت فى الأرض، وعقله يعرض عليه مسيرة حياته فى المنطقة وصلحه بين المتخاصمين، فحياة «حسن الذوق» حياة خالية من الحقد والجشع وكره الغير، رجل عاش حياته على حب الناس، يصعب عليه كرههم.

مع استمرار عرض ذاكرة حسن الأحداث، سقط على الأرض، التف حوله المارة من محبيه، تحدثوا معه لم يرد عليهم، وعلموا أنه توفي، على بعد خطوات من باب الفتوح، قبل أن يغادر البلاد، أصيب أهالى المنطقة بحالة من الذهول، وقرروا أن يدفنوه؛ حيث وقع، ومن هنا عرفت قصة المثل الشعبى السائد: «الذوق ماسابش مصر».

لقد توفى «حسن الذوق» من أجل منازعات صغيرة محدودة بين عدد من الفتوات بالمحروسة، فماذا لو كان حياً حتى وقتنا هذا وشاهد ما يتعرض له الوطن من صراعات بين جميع الأطراف، وحالة اللامبالاة والتبلد والشعور الدائم بالاضطهاد والكراهية التى وصلت إلينا فى وقتنا الحالى؟