رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مقهى "ريش".. التاريخ والثقافة

مقهى ريش
مقهى ريش

"يعيش المثقّف على مقهى ريش .. يعيش يعيش يعيش.. محفلط مظفلط كتير الكلام .. عديم الممارسة عدو الزّحام.. وكام اصطلاح .. يفبرك حلول المشاكل قوام.. يعيش المثقّف .. يعيش يعيش يعيش"..

هكذا كتب شاعر العامية المصري أحمد فؤاد نجم عن مقهى ريش، الذي لا يعد مجرد مقهى عادي أو كافيه يلتقي عليه الشباب للترويح عن أنفسهم،  بل هو مكان يحمل داخل جدرانه التاريخ والثقافة، وذكريات لمشاهيرمن كتاب وأدباء وشعراء.

يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1908، حيث أنها تأسست على أنقاض قصر محمد علي، وتقع في شارع طلعت حرب بوسط القاهرة، وقد تم بناء العمارة التي يوجد بها المقهى على يد عائلة يهودية تسمى عادا.

أما المقهي فقد تأسس علي يد رجل الأعمال النمساوي "بيرنارد ستينبرج"، وفي 26 أكتوبر عام 1914 م باعه لرجل الأعمال الفرنسي "هنري ريسن"، الذي أعطى له اسم "ريش" ليتشابه بهذا الاسم مع أشهر مقاهي باريس التي ما زالت قائمة إلى الآن، وتسمى "كافيه ريش" ثم انتقل إلي ملكية اليوناني "ميشيل بوليتس" عام 1916م وظل المقهي ملك لليونانيين حتى عام 1960م، ثم انتقلت ملكيته إلي "عبد الملاك خليل" صعيدي مصري.

وكان المقهي في ذلك الوقت ممتدا إلي ميدان سليمان باشا (طلعت حرب حاليا) وكان بجانبه مسرح غنائي غنى عليه عمالقة الغناء وقتها، وعلى رأسهم صالح عبد الحي وزكي مراد، وبجوار المقهى تم إنشاء صالة مصارعة ومكان للعب الطاولة.

واشتهر المقهى قديما بتوافد كبار الكتاب أمثال نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وأمل دنقل، ويحيى الطاهر عبد الله، وصلاح جاهين، وثروت أباظة، ونجيب سرور، وكمال الملاخ، والصحفيين والفنانين بصفة يومية، لتناول فنجان القهوة.

وكانت تعقد جلسات نجيب محفوظ الأدبية إلى جانب ندوات العقاد في زمان آخر، وتوفيق الحكيم في زمان ثالث، وتبادل الحديث في السياسة والاقتصاد وهموم المجتمع المصري على مناضده، ولهذا

فالمقهى يزين جدرانه بصور هؤلاء المشاهير، وللمقهى دور وطني ففي عام 1919، لأنها كانت مكانا تكتب فيه المنشورات والمطبوعات أثناء الثورة، وهذا ما تؤكده "المطبعة" التي تم العثور عليها منذ سنوات داخل بدروم المقهى، ففي عام 1992 ضرب زلزال القاهرة أصاب المقهي بشروخ، وعندما بدأت عملية الترميم اكتشف دهليز صغير يؤدي إلي مخزن قديم وجدت به براميل كحول فارغة وماكينة طباعة يدوية تدل علي إن المنشورات كانت تطبع في المقهى".

وقد ذكرها عبد الرحمن الرافعى في كتابُه تاريخ مصر القومي فى الفتره من 1914 إلى 1921، حيث قال" قهوة ريش كانت المكان اللى بيقعدوا فيه الأفنديه من الطبقة الوسطى، كمان اتعرفت كمقر بيجتمع فيه دعاة الثورة والمتحدثون عنها او عن البلاد ككل".

وللمقهى طقوس معينة منها عدم تقديم "الشيشة" لزبائنها بالإضافة إلى منع اللعب بالأوراق والكوتشينه وعلى الرغم من امتلاء القهوة بالناس إلا أن الهدوء هو سمة المكان الأساسية.

ومقهى ريش من الداخل بمثابة ألبوم يحكي تاريخ القاهرة، فتجد صور للأهرامات الفيضان في مصروصور لميادين القاهرة قديما أما المكان نفسه فعندما تدخله تشعر براحة غريبة وإحساس فريد، وتخرج من صخب الشارع لتستريح أذنك على صوت محمد عبد الوهاب يشدو علي "الجرامافون".