رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سقوط بغداد .. 21 يومًا من الاحتلال المغولى

بوابة الوفد الإلكترونية


هى فاجعة من كوارث التاريخ العربي  التى لا تمحى من الأذهان بسهولة ، فعام بعد عام تحل الذكرى لتدر علينا ذاك التاريخ الأسود من الكتاب العربي العامر بآثار الاحتلال وهزائمه .

ولعل بغداد من الجروح العربية التى لا تندمل، بعد سقوطها مرتين علي يد أعتى جيوش الاستعمار، مرة علي يد المغول الذين اشتهروا بالغلاظة وسفك الدماء، ومرة علي يد الاحتلال الأمريكى الذين جعل من النووى والحفاظ علي الاتفاقيات الدولية حجة للاحتلال، لتسقط فى 21 يوما، ولم يكتب لها نهوض حتى تلك اللحظة.
بدأ الاحتلال حين وضع هولاكو بغداد نصب عينيه، بعد أن قضى على طائفة الإسماعيلية، فسار لتحقيق هدفه الثاني، الذي رسمه له أخوه منكو خان، وهو الاستيلاء على بغداد، والقضاء على الخلافة العباسية، التي أدركتها الشيخوخة وظهرت عليها مظاهر الضعف والانهيار.
والواقع أن جذور الضعف والتفكك قد امتدت إلى جسم الخلافة العباسية قبل مجيء المغول بمدة طويلة بسبب عوامل كثيرة ، فلقد تفككت الروابط القوية التي كانت تربط الخلافة العباسية بمختلف الأمصار الإسلامية، حيث نشأت دول عديدة وإمارات مستقلة في قلب الخلافة العباسية وأطرافها ، وعندما بدأ المغول زحفهم على الممالك الإسلامية في الشرق كان الخليفة العباسية في ذلك الوقت هو المعتصم بالله .
لذا بدأ هولاكو مخططه بإرسال رسول إلى الخليفة مصاغة في قالب من التهديد والوعيد جاء فيها "لا بد أنه قد بلغ سمعك على لسان الخاص والعام، ما حل بالعالم والعالمين على يد الجيش المغولي، منذ عهد جنكيز خان إلى اليوم، والذي حاق بأسر الخوارزمية والسلجوقية وملوك الديالمة والأتابكية وغيرهم ممن كانوا ذوي عظمة وشوكة، فإذا أطاع الخليفة، فليهدم الحصون ويردم الخنادق، ويسلم البلاد لابنه، ويحضر لمقابلتنا، وإذا لم يرد الحضور فيرسل كلاً من الوزير وسليمان شاه، والدواتدر، ليبلغوه رسالتنا دون زيادة أو نقصان ".
لذا رفض المعتصم بشدة ورد على هولاكو برسالة كلها احتقار قال فيها" أيها الشاب الحدث ... المتمني قصر العمر، ومن ظن نفسه محيطاً ومتغلباً على جميع العالم مغتراً في يومين من الإقبال، متوهماً أن أمره قضاء مبرم، وأمر محكم، لماذا تطلب مني شيئاً لن تجده؟ ألا يعلم الأمير أنه من الشرق إلى الغرب وأنه من الملوك إلى الشحاذين ومن الشيوخ إلى الباب ممن يؤمنون بالله ويعملون بالدين، كلهم عبيد هذا البلاط وجنود لي".
وعلى إثر ذلك أصدر هولاكو أمره بأن تتحرك جيوش المغول من أطراف بلاد الروم متجهة نحو بغداد لتحاصرها من الجهة الغربية، وتنتظر حتى تصل إليهم جيوش هولاكو من الناحية الشرقية، وقد استطاع هولاكو أن يستميل إلى جانبه سكان الأماكن الجبلية المتاخمة للعراق بواسطة الأموال التي كان يبذلها لهم، كما استطاع أن يضم إليه كثيرا من جنود سليمان شاه .
ولما رأى الخليفة حرج موقفه، أراد أن يهد المغول ويثنيهم عن عزمهم على إتمام

الفتح وذلك بإرسال الرسل والهدايا، ولكن هولاكو لم يستجب لهذا النداء، ولجأ الخليفة إلى صديقه مؤيد الدين العلقمي الشيعي وسأله ماذا يفعل؟ وأشار إليه الوزير أن يخرج لمقابلة هولاكو بنفسه لكي يجري معه مفاوضات، وذهب الرسل إلى هولاكو تخبره بقدوم الخليفة، فأمر هولاكو أن يأتي الخليفة ولكن ليس وحده، بل عليه أن يأتي معه بكبار رجال دولته، ووزرائه وفقهاء المدينة، وعلماء الإسلام، وأمراء الناس والأعيان، حتى يحضروا جميعاً المفاوضات وبذلك تصبح المفاوضات ـ كما يزعم هولاكو ـ ملزمة للجميع.
وجمع الخليفة كبار قومه، وخرج بنفسه في وفد مهيب إلى خيمة هولاكو خارج الأسوار الشرقية لبغداد، خرج وقد تحجرت الدموع في عينيه، وتجمد الدماء في عروقه، وتسارعت ضربات قلبه، وتلاحقت أنفاسه، لقد خرج الخليفة ذليلاً مهيناً، وهو الذي كان يستقبل في قصره وفود الأمراء والملوك، واقترب الوفد من خيمة هولاكو، ولكن قبل الدخول على زعيم التتار اعترض الوفد فرقة من الحرس الملكي التتاري، قتل الوفد بكامله إلا الخليفة والذين كانوا معه ، ولم يقتل الخليفة لأن هولاكو كان يريد استخدامه في أشياء أخرى.
وبدأ هولاكو يصدر الأوامر في عنف وتكبر واكتشف الخليفة أن وفده قد قتل بكامله وعرف أن التتار وأمثالهم لا عهد لهم ولا أمان "لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمةً" التوبة " .
بعد أن ألقى أهل المدينة السلاح وبعد أن قتلت هذه الصفوة، وبعد إن انساب جند هولاكو إلى شوارع بغداد ومحاورها المختلفة، أصدر هولاكو أمره الشنيع باستباحة بغداد ، وأتوا على كل ما فيها، فخربوا المساجد بقصد الحصول على قبابها المذهبة وهدموا القصور بعد أن سلبوا ما بها من تحف نادرة ، وأباحوا القتل والنهب وسفك الدماء، وكان استهتار المغول بالنفوس بالغاً حد الفظاعة، فيروى أن أحدهم دخل زقاقاً، وقتل أربعين طفلاً شفقة منه ورحمة حين علم أن أمهاتهم قتلن من قبل.