عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد علي وأطول رحلة لبناء مصر الحديثة

محمد علي باشا
محمد علي باشا

هو حاكم مصر الأول ومنقذها من كبواتها المتلاحقة أثر هيمنة الحكم العثمانى، جاء إلى مصر لتحريرها من الفرنسيين، فخاض حربه ضد الأنجليز والمماليك حتى اعتلى عرش الحكم، وبنى مصر الحديثة بكل معالمها الوفيرة التى نشهدها الآن.

هو محمد علي باشا، الذى تحل علينا ذكرى مولده اليوم، صاحب أطول رحلة في تاريخ الأمة المصرية من محاربة الاحتلال حتى بناء الدولة.
تولي الحكم
نشأ محمد علي نشأة عسكرية، حين أدرج نفسه في سلك الجندية، الأمر الذى كان سببًا في وصوله لمصر، فحين قررت الدولة العثمانية إرسال جيش إلى مصر لانتزاعها من أيدي الفرنسيين كان هو قائد الكتيبة، حتى فشل الحملة الفرنسية على مصر، وخروجها عام 1801، تحت ضغط الهجوم الإنجليزي على الثغور المصرية، الذي تواكب مع الزحف العثماني على بلاد الشام، إضافة إلى اضطراب الأوضاع في أوروبا في ذلك الوقت.
في تلك الفترة عمت البلاد حالة من الفوضى؛ نتيجة لصراع المماليك على الحكم إلى جانب الصراع بين العثمانيين الراغبين في أن يكون لهم سلطة فعلية لا شكلية على مصر، خلال هذه الفترة من الفوضى، استخدم محمد علي قواته الألبانية للوقيعة بين الطرفين، وإيجاد مكان له على مسرح الأحداث، كما أظهر محمد علي التودد إلى كبار رجالات المصريين وعلمائهم ومجالستهم والصلاة ورائهم، وإظهار العطف والرعاية لمتاعب الشعب المصري وآلامه، مما أكسبه ود المصريين.
وفي مارس 1804، تم تعيين والٍ عثماني جديد يدعى "أحمد خورشيد باشا"، وما أن وصل جيشه حتى عاث في القاهرة فسادًا مستوليًا على الأموال والأمتعة معتديًا على الأعراض، مما أثار تذمر الشعب، وأشعل ثورة الشعب التي أدت إلى عزل الوالي، واختار زعماء الشعب بقيادة عمر مكرم - نقيب الأشراف- محمد علي ليجلس محله، وفي 9 يوليو 1805، وأمام حكم الأمر الواقع، أصدر السلطان العثماني سليم الثالث فرمانًا سلطانيًا بعزل خورشيد باشا من ولاية مصر، وتولية محمد علي على مصر.

محاولات التفرد بالسلطة
بعد أن تولى محمد علي مقاليد الحكم، كان عليه أن يواجه الخطر الأكبر المحدق به، ألا وهو المماليك بزعامة محمد بك الألفي الذي كان المفضل لدى الإنجليز، ولم يمض إلا 3 أشهر حتى قرر المماليك مهاجمة القاهرة، وعندما علم محمد علي بما يدبر له، طالب من رؤساء الجند مجاراتهم واستدراجهم لدخول المدينة حتى هاجم ألف من المماليك القاهرة، ليقعوا في الفخ الذي نصبه محمد علي لهم، وأوقع بهم خسائر فادحة، مما اضطرهم للخروج والركون إلى الصعيد.
بعدها حدد محمد علي أهدافه للانفراد بحكم مصر فكان أولها هو التخلص من الانجليز، إلى أن استطاع بالفعل القضاء عليهم بحملة فريزر، ثم استولى عليه هاجس التخلص من الزعامة الشعبية، على الرغم من المساعدات التي قدمتها الزعامة الشعبية بقيادة نقيب الأشراف عمر مكرم، لمحمد علي بدءً بالمناداة به واليًا، ثم التشفع له عند السلطان لإبقائه واليًا على مصر.
وفي شهر يونيو من عام 1809، فرض محمد علي ضرائب جديدة على الشعب، فهاج الناس ولجأوا إلى عمر مكرم فتوعد بتحريك الشعب إلى ثورة عارمة ونقل الوشاة الأمر إلى محمد علي، فأرسل يستدعي عمر مكرم إلى مقابلته، فامتنع عمر مكرم، فجمع جمعًا من العلماء والزعماء، وأعلن خلع عمر مكرم من نقابة الأشراف وتعيين الشيخ السادات، معللاً السبب أنه أدخل في دفتر الأشراف بعض الأقباط واليهود نظير بعض المال، وبنفي عمر مكرم اختفت الزعامة الشعبية الحقيقية وحل محله مجموعة من المشايخ الذين كان محمد علي قادرًا على السيطرة عليهم إما بالمال أو بالاستقطاعات .
مذبحة القلعة
ثم جاء دور المماليك الذين تحايل محمد علي عليهم، فأعلن التصالح معهم ودعاهم للعودة إلى القاهرة، ثم أعلن عن احتفال في القلعة بمناسبة إلباس ابنه طوسون خلعة قيادة الحملة على الوهابيين، وحدد له الأول من مارس سنة 1811،

وما أن انتهى الاحتفال حتى دعا محمد علي إلى السير في موكب ابنه، تم الترتيب لجعل مكانهم في وسط الركب.
وما أن وصل المماليك إلى طريق صخري منحدر يؤدي إلى باب العزب المقرر أن تخرج منه الحملة، حتى أغلق الباب فتكدست خيولهم بفعل الانحدار، ثم فوجئوا بسيل من الرصاص انطلق من الصخور على جانبي الطريق ومن خلفهم يستهدفهم، راح ضحية تلك المذبحة المعروفة بمذبحة القلعة كل من حضر من المماليك، وعددهم 470 مملوك، ولم ينج من المذبحة سوى مملوك واحد يدعى "أمين بك"، الذي استطاع أن يقفز من فوق سور القلعة.
علي ومصر الحديثة
خطط بناء الدولة المصرية على النسق الأوروبي، فاستعان في مشروعاته الاقتصادية والعلمية بخبراء أوروبيين، كما ولي حاكم مصر مسئولية بناء الجيش أهمية قصوى، حيث رأى محمد علي الجيش المكون من الأكراد والألبان لا يعتمد عليه، فبذل جهده في إنشاء جيش يضارع الجيوش الأجنبية في قتالها، وقرر أن يستبدل جنوده غير النظامية بجيش على النظام العسكري الحديث.
كما شرع محمد علي في دعم أسطوله الذي بناه، حيث اقتضت الحاجة إلى بناء سفن لنقل الجنود عبر البحر الأحمر، فشرع في إنشائها في ترسانة بولاق، اعتمد محمد علي على شراء السفن من أوروبا، كما تعاقد على بناء سفن أخرى في مواني أوروبا
من ناحية أخرى، أدرك محمد علي أنه لكي تنهض دولته، يجب عليه أن يؤسس منظومة تعليمية، تكون العماد الذي يعتمد عليه لتوفير الكفاءات البشرية التي تدير هيئات دولته الحديثة وجيشها القوي. لذا بدأ محمد علي بإرسال طائفة من الطلبة الأزهريين إلى أوروبا للدراسة في مجالات عدة، ليكونوا النواة لبدأ تلك النهضة العلمية. كما أسس المدارس الابتدائية والعليا، لإعداد أجيال متعاقبة من المتعلمين الذين تعتمد عليهم دولته الحديثة.
السقوط
بعد خروج الجنود المصرية من بلاد الشام وفصل الأخيرة عن مصر وعودتها لربوع الدولة العثمانية بدعم دولي كبير، وبعدما تبيّن أن فرنسا ليست مستعدة لخوض حرب في سبيل مصر أو واليها، أصيب محمد علي باشا بحالة من جنون الارتياب، وأخذ يُصبح مشوش التفكير شيئًا فشيئًا، ويُعاني من صعوبة في التذكّر، ما زاد حالة محمد علي باشا سوءًا كانت المصائب التي حلّت بمصر وعليه بعد أن ديون الدولة المصرية قد بلغت 80 مليون فرنك.
وبعدها تكالبت المصائب على محمد علي حتى عاد إلى مصر حتى اشتدت عليه الشيخوخة، وبحلول عام 1848 كان قد أصيب بالخرف وأصبح توليه عرش الدولة أمرًا مستحيلاً، فعزله أبناؤه وتولّى إبراهيم باشا إدارة الدولة.