رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أزهريون لإبراهيم عيسى: لن نكفرك ولكنك ضلالى

بوابة الوفد الإلكترونية

رد عدد من علماء الأزهر علمياً على ما قاله الإعلامي إبراهيم عيسي فى مقاله الأخير "محمد القرآن غير محمد السُنة"، المتعلق بوجود تعارض بين صورة الرسول -صلى الله علية وسلم- فى القرآن وصورته في السنة المطهرة، مؤكدين أن ما تحدث عنه "عيسى" وغيره من الإعلاميين افتراءات و إدعاءات قديمة ظهرت في عصور مبكرة من التاريخ الإسلامي على لسان الزنادقة، الهدف منها الآن إما تضليل الناس وزعزة ثقتهم في دينهم، أو تحقيقاً لشهوة الظهور والإدعاء أنهم تنويريون ومفكرون إسلاميون.

شدد العلماء الأزهريون على أن قول الرسول "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله"، حديث خاص له ظرف تاريخي المقصود به كفار قريش فقط، أما حديث "لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام"،  هذا حديث خاص بغزوة بني قريظة لا يعمم لأنه واقعة حال وليست واقعة عين، ففي وقت الحرب لا سلام مع من نحاربه، مؤكدين أنه كان من الواجب على من يحاول التشكيك في صحيح السنة أن يتعرف على جهود العلماء  الكبار فى حفظها وتنقيتها من الأحاديث الموضوعة والزائفة.
وأكد علماء الأزهر لـ"الوفد" أن طعن بعض الإعلاميين في السنة الصحيحة مخالفة شرعية تستوجب التعزير من القضاء وولي الأمر والإرشاد من العلماء، وليست خروجاً عن الملة.
من جانبه أعرب الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر، عن دهشته من تخصيص بعض القنوات ساعات من البث اليومي لشخص غير متخصص ليتحدث عن كتب التراث (لم يسمه)، ويهاجم ثوابت الدين الإسلامي، ويضلل الناس دون أن يكون لديه أي أساس علمي.
وأوضح مهنا لـ"الوفد"، على هامش مشاركته في ندوة  علمية لكلية إعلام الأزهر، أن يهاجم كتب التراث الإسلامي من الإعلاميين يعتمدون على افتراضات وتحليلات بعيدة من أي منهجية علمية، مؤكداً أن الطعن في التراث الإسلامي يعد هدماً لتاريخ الأمة الإسلامية وتغريباً لها بما يقوض أسسها، مشدداً على أن الأزهر لن يسمح بهدم التراث أبداً.
وقال رجب عبدالمنصف، مستشار بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف، ورئيس الإدارة المركزية للسيرة والسنة سابقاً: "إن زعم إبراهيم عيسى أن هناك تعارضاً بين صورة الرسول في القرآن وصورته في السنة المطهرة إدعاءات ليست جديدة، بل شيء قديم ظهر منذ عصور مبكرة في التاريخ الإسلامي نتيجة لأسباب عدة منها ما قام به الزنادقة من وضع أحاديث تسيء إلى الرسول والإسلام والقرآن الكريم، فضلاً عن قيام  بعض المغفلين من الصوفية باختلاق بعض الأحاديث ظناً منهم أن هذا تكريم وتعظيم للرسول".
وأضاف الرئيس السابق للإدارة المركزية للسيرة والسنة: "قد لا نستغرب في الأزمة القديمة أن يسيء بعض الناس الفهم في معنى الحديث فيدعي أنه يخالف القرآن أو متعارض معه، لكن الآفة تأتي عندما يكون هناك أناس يعرفون الحقيقة لكنهم يعبثون بها  ويتجنبونها، فمن يتحدث الآن عن أن هناك خللاً في السنة أو ركاماً من الزيف اخترق صحيح السنة يخدعون أنفسهم ويكذبون ويعرفون أنهم يكذبون ويفتون بما لا يعلمون، لشيء في نفوسهم، إما تحقيقاً لشهوة الظهور أو الادعاء أنهم من التنويريين".
وتابع: “إبراهيم عيسى تحدث أن هناك تعارضاً بين وصف الرسول بأنه رحمة للعالمين وبين بعض الأحاديث التى تتناول حقبة معينة من الزمن، يجب علينا أن نعلم أن الإنسان ليس قالباً مصنوعاً محدداً لا يتغير وإنما هو يواجه الواقع، وكل الدول والأديان والفلسفات بها جانب الرحمة والسمو الإنساني وفى الوقت ذاته بها ما يردع المجرمين ويأخذ على أيديهم، فلماذا نريد من الرسول أن يكون بشراً من غير البشر”.
وأشار إلى أن الناس في  قوله صلى الله علية وسلم "أمرت أن أقاتل الناس"، لفظ عام المراد به خاص، أي أمرت بقتال مشركي العرب الذين كانوا يناصبونه العداء، وتساءل: "فهل يخالف الرسول القرآن عندما يدافع عن دولته أو يرد كيد المعتدين عليه؟
وذكر أنه ورد في أقوال سيدنا عيسي - علية السلام -  ما يشير إلى أن للجهاد والحرب مدخلاً فى سيرته، وكذلك أنبياء اليهود ما من نبي جاء إلا ودعا إلى الحرب وشجع عليه، وتعجب قائلاً: عندما يقيم الرسول – صلى الله علية وسلم-  الدولة ويواجه المعتدين عليها تأخذنا الرأفة والرحمة في غير موضعها، ونقول كيف يحارب وكيف يقاتل؟!! وهل قامت ديانة من الديانات أو دولة من الدول دون أن تجمع بين عنصرين مختلفين، موضحاً أن السيف والرحمة والندى أشياء متجاورة ومتتابعة، يستخدم كل منها فى وقتها.
وأوضح مستشار بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن علماء الحديث قاموا بعمل كبير وعظيم فى تنقية السنة والسيرة، ووضعوا عشرات الكتب التي بيّنت الصحيح من الضعيف، ولولا جهود العلماء لما كانوا يعرفون أنه حديث صحيح أو ضعيف.
وأردف قائلًا: "نحن لا ننكر أن هناك أحاديث ضعيفة وأخرى موضوعة"، وذكر في هذا الشأن: "أن محدثاً قديماً يدعى نوح الجامع (سمي بذلك لأنه جمع أنواع عدة من العلوم) سولت له نفسه أن يضع بعض الأحاديث بحسن نية في فضل تلاوة القرآن الكريم، فقال من يقرأ سورة الفاتحة له كذا وكذا من الحسنات، واتفق العلماء على أن هذا الحديث باطل، وعندما حذره العلماء من قول الرسول (من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار).. قال إنما أنا أكذب له.

وأشار  إلى أن "ابن كتيبة" نبه لهذه التحريفات ووضع كتابه بعنوان "مختلف الحديث"، تناول فيه الأحاديث التي أساء الناس فهمها، أو كانت ضعيفة وموضوعة، ثم قام من قبله وبعض المحدثين بتنقية التراث، ووضعوا العديد من المؤلفات فيما سموه الموضوعات في الحديث النبوي الشريف، وهناك عشرات من الكتب تبرز ما قال به العلماء من جهد كبير وبيان الأصيل منها من الزائف، حيث كتب السيوطي "الأحاديث الموضوعة"  وكتب ابن الجوزي كتاباً ضخماً بعنوان "الموضوعات"، وقام الإمام الغزالي منذ قرابة ربع قرن بوضع كتاب  بعنوان "الفقه بين أهل السنة وأهل الحديث" إلى آخر التراث الكبير الذي جاهد ودافع عن السنة.
وقال: "نحن نرحب بالنقد العلمي، ولا ندعي أن هناك كتاباً بعد كتاب الله معصوماً أبدا مهما كان صاحبه، فالبخاري ومسلم اجتهدا وأصابا ولا مانع من أن يخطئ أحدهما، وكان من الواجب على من يحاول التشكيك في صحيح السنة أن يتعرف على جهود العلماء الكبار فى حفظها وتنقيتها من الأحاديث الموضوعة والزائفة".
وأضاف: بعض الشيعة المصريين وضع كتاب بعنوان "دفاعاً عن الرسول ضد صحيح البخاري ومسلم "وأعتقد  إبراهيم عيسي وغيره يأخذون من هذه الأحاديث، كما أن هناك آخرين يأخذون من مصادر مشابهة ويحاولون أن يدعوا  أن ما يتحدثون به من بنات أفكارهم، إذن المشكلة تكمن في محاولة الإدعاء بأن هذا مفكر إسلامي وآخر حر وثالث تنويري، وهم فى النهاية مجرد أبواق لنعرات قديمة ظهرت في عصور متقدمة من التاريخ الإسلامي كل ما في الأمر يغيرون أزياءهم من وقت إلى آخر. 
بدوره قال الدكتور عبد رب النبي، أستاذ السياسة الشرعية، ومستشار الفقه وأصوله بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية: "نؤمن بأن ما قاله الله تعالى حق، وما قاله الرسول في السنة الصحيحة صدق، لكن أمثال إبراهيم عيسى وإسلام بحيري ومن على شاكلتهما يريدون أن يعملوا على زعزعة ثقة المسلمين في دينهم من باب أنهم يدافعون عن الإسلام وصريح القرآن وصحيح  السنة".
وأوضح أن أمثالهم الإعلاميون، يتكئون على أحاديث مكذوبة وبعضها ضعيف الرواية ويقولون في صحيح البخاري ومسلم، فأحاديث "بعثت بالسيف"، و"جعل الله رزقي تحت ظل رمي"، و"وأتيتكم بالذبح"،  كلها روايات ليس لها دليل في البخاري ومسلم أو كتب السنة الصحيحة، وإنما هى روايات وضعها الزنادقة في عهد انتشر الإسلام فيه ودخل كثير من الفرس خوفاً من قوة هذه الأمة بظاهرهم وأبطنوا الوثنية والشرك وعملوا على زعزعة العقيدة.
وأضاف: الأمانة العلمية تقتضي على هؤلاء الإعلاميين إن أرادوا أن يحدثوا الناس عن مثل هذه الأمور أن يحددوا الموطن والمصدر، ولا يخدعوا  المشاهدين بقولهم إن هذا ورد في صحيح البخاري، لو كان عند هؤلاء ضمير تجاه الأمانة العلمية لرجعوا إلى الأحاديث الموضوعة وإلى ما رد عليه علماء الحديث الكبار كابن الجوزي والشوكاني".
وتابع: "عندما يقول إبراهيم عيسى كيف نوفق بين قول الله تعالى لا إكراه في الدين وبين حديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله"؟ نقول لابد أن تعلم أن هناك فرقاً بين وقائع العين ووقائع  الأحوال، فما قاله النبي "صلى الله وسلم" من أحاديث لابد أن نحدد زمان الحديث ومكانه والظرف والتاريخ الذي قاله النبي في هذا الحديث، موضحا أن العلماء المتخصصين في علوم الحديث أكدوا أن ما قاله الرسول حديث خاص بكفرة قريش لاسيما الذين حاربوه.
وشدد على أن قتال الرسول لقريش لم يكن من أجل الدخول في الإسلام وإنما من أجل أن يعيش الناس أحراراً، فالخلاف في العقيدة يكون مرجعه إلى الله يوم القيامة، أما ما يتعلق بحفظ الفطرة وحماية الحريات والمساواة بين الناس فيدخل في حقوق الله، ولافتا إلى أن بقية الروايات تحدثت عن أن "من أذى ذمياً فقد آذاني".. و“من ظلم معاهدا فأنا حجيجه يوم القيامة".
كما أوضح أن حديث "لا تبدؤوهم بالسلام" حديث خاص بغزوة بني قريظة، لا يعمم، لأنه واقعة حال  وليست واقعة عين، ففي وقت الحرب لا سلام مع من نقاتله، وأما العام إفشاء السلام على الكل، وتساءل: “كيف يذهب الرسول إلى غزو بلد فيلقي عليهم السلام".
وأكد  مستشار الفقه وأصوله بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن طعن بعض الإعلاميين في السنة الصحيحة مخالفة شرعية تستوجب التعزير من القضاء وولي الأمر والإرشاد من العلماء، وليست خروجاً عن الملة، مطالباً مثل هؤلاء الإعلاميين بالاستعانة بعلماء الأزهر عن الحديث في مثل هذه الأمور لا أن ينقلوا عن المستشرقين.
واختتم حديثه قائلاً: “نرفض ما يقولونه لكننا نحبهم كمسلمين مصريين ونخشى عليهم الهلكة وضياع النفس في الدنيا والآخرة، فالله تعالى يستر ويستر ويستر لكن في النهاية يفضح فنخشى عليهم الفضيحة".