رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

انتفاضة الأمن المركزي.. أول مواجهة مسلحة

بوابة الوفد الإلكترونية

سجلت كأخطر تمرد أمني شهدته مصر على مر العصور باسم انتفاضة الأمن المركزي، ففي الخامس والعشرين من فبراير، شهدت البلاد أعمال عنف أودت بحياة المئات من الأفراد فضلًا عن أنها كانت أول مواجهة مسلحة بين المؤسسة الأمنية ممثلة في الشرطة ومؤسسة الجيش الذي تولى مهمة إنهاء التمرد العسكري.

بدأت الأزمة نتيجة تمرد داخلي على قيادات الشرطة حين خرج ثمانية آلاف جندي في مظاهرات احتجاجية، مدججين برشاشاتهم وبنادقهم، وخوذاتهم السوداء لتحطيم فندق"الجولي فيل" المواجه لأحد معسكرات الأمن المركزي، في معسكر الجيزة بطريق الإسكندرية الصحراوي، وعلى الطريق بين القاهرة والفيوم، احتجاجًا على سوء أوضاعهم، فضلاً عن تردد الشائعات بينهم تفيد بقرار مد فترة التجنيد الإجباري من ثلاث سنوات إلى أربع، وأن تخفيضًا صغيرًا سوف يلحق بمرتبات الجنود لسداد ديون مصر.                      
تطورت الأحداث بعد ذلك فيما يشبه انتفاضة شاملة امتدت إلى ستة معسكرات مختلفة من الجمهورية (القاهرة، والجيزة، والقليوبية، وسوهاج، وأسيوط، والإسماعيلية)، وحطم الجنود الواجهات الزجاجية لفندق"الجولي فيل"، ثم اقتحموا الفندق، وبدءوا يحرقون كل ما فيه، كما قاموا بإحراق فندق هوليداي سفنكس، ومبنى قسم شرطة الهرم، وفندق ميناهاوس، وبعض المحلات التجارية الكبيرة في المنطقة.
وخلال ساعات استطاع الجنود احتلال منطقة الهرم بأكملها بما في ذلك مداخل طريق الإسكندرية الصحراوي وطريق الفيوم وترعة المنصورية، وفي الثالثة من صباح الأربعاء 26 فبراير أعلنت حالة الطوارئ، وتم فرض حظر التجول في تلك المنطقة.
وبعد ثلاث ساعات في السادسة صباحًا انتشرت قوات الجيش واحتلت عددًا من المواقع التي يتواجد فيها الجنود المتمردون، وبدءوا في حصار الجنود، ثم نشبت بعد معارك ضارية استطاعت قوات الجيش أن تسيطر على المنطقة، حتى ذلك الحين لم يكن ما يجرى في منطقة الأهرام قد امتد إلى بقية العاصمة، وما كادت ساعات صباح الأربعاء الأول تمر حتى بدأت الانتفاضة في أغلب معسكرات الأمن المركزي الأخرى في العاصمة، في شمالها وشرقها وجنوبها الغربي. وتعالت أصوات اشتباكات الرصاص مع قوات الجيش التي كلفت بسحب السلاح من جنود الأمن المركزي في كافة المعسكرات، بعد أن تزايدت الشكوك من اختراق سياسي واسع داخل جهاز الأمن المركزي.
ووقعت أول هذه الأحداث في معسكر الهايكستب القريب من مطار القاهرة، في الثامنة ونصف تجمهر جنود الأمن المركزي بمعسكر لهم يقع في شارع جسر السويس، وحين وصلت القوات المسلحة إلى المعسكر اشتبك معهم الجنود وتحول الاشتباك إلى مطاردة في الشوارع الجانبية المتفرعة من جسر السويس، وشوهدت آثار الدماء على أرض الشارع، واحترقت إحدى سيارات الجيش على الأقل، وتم إغلاق شارع جسر السويس وتعزيز قوات الجيش، وفي الدراسة، حيث يقع معسكر ضخم لقوات الأمن المركزي، تبادل الجنود المحتشدون النار مع قوات الجيش، ولجأ بعض جنود الأمن المركزي إلى البيوت المحيطة بالمعسكر ومنطقة المقابر بعد نفاذ ذخيرتهم.
أما في معسكر شبرا، فقد رفض الجنود الاستسلام للجيش وانتشروا في المنطقة المحيطة بهم، وكادوا ينجحوا في تحطيم أكبر محطة للكهرباء في القاهرة، ويعد تحرك الأمن المركزي

في منطقة طرة أخطر التحركات جميعًا، في أثناء محاولة الجيش استلام المعسكر واجههم الجنود بإطلاق النار، وبدأت طائرات الجيش الهليكوبتر بقذفهم بالرصاص، وخرج جنود المعسكر بالآلاف فارين إلى الشوارع حاملين معهم أسلحتهم وتوجهوا إلى سجن طرة واستطاعوا أن يقتحموا السجن ومساعدة السجناء على الهرب وبحثوا عن الضباط كي يقتلوهم.
وبدأ الوضع يأخذ منحى آخر في شارع الهرم، حيث انحازت كتلة من الفواعلية وعمال التراحيل والشحاذين والطلاب والعاطلين عن العمل، الذين يسكنون في أفقر منطقة في الهرم هي الطالبية، إلى جنود الأمن المركزي، وبدءوا يشتركون معهم في تحطيم الكباريهات والفنادق الموجودة في المنطقة: كازينو الليل، والأهرام، وأوبرج الهرم، والأريزونا، وغيرها، فعند هذا الحد انتاب الذعر الطبقة الحاكمة، وتم إعلان حظر التجول في مناطق العاصمة، وتم تحذير المواطنين من البقاء في شوارع المدينة بعد ساعتين من قرار الحظر، خوفًا من أن تشجع حركة الجنود فئات أخرى على التحرك ضد النظام، خاصة أن عناصر من المهمشين والعاطلين بدأت تشارك جنود الأمن المركزي الفارين في الهجوم على السيارات والمحلات التجارية في منطقة الدقي.
ويروى أن الوضع خارج القاهرة كان أقل وطأة، حيث انحصرت انتفاضة الجنود في القليوبية والإسماعيلية وسوهاج داخل المعسكرات، واستطاعت قوات الجيش أن تحاصرهم وتنزع أسلحتهم بسهولة، بينما كان الاستثناء الوحيد في أسيوط، حيث كانت الأحداث أشد عنفًا، فقد كان محافظ أسيوط آن ذاك هو زكي بدر، الذي أصبح وزيرًا للداخلية بعد ذلك، فتح الهويس (القناطر) في أسيوط للحيلولة دون وصول جنود الأمن المركزي من معسكرهم في البر الشرقي الذي أحرقوه وخرجوا منه وذلك على غرار حادثة كوبري عباس الشهيرة.
كانت حصيلة انتفاضة الأمن المركزي أكثر من 107 قتيل معظمهم من الجنود 104 في القاهرة و3 في أسيوط و719 جريحًا، وبعد إعادة الجيش السيطرة على الأوضاع، تم القبض على آلاف من الجنود، كما تم طرد 21 ألف جندي من الخدمة، وتسببت في إقالة وزير الداخلية"أحمد رشدى" في ذلك الوقت.