رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مي زيادة ومانديلا ومبارك.. مصادفة أم حكمة

بوابة الوفد الإلكترونية

تاريخ لن ينساه المصريون، وضعوا فيه نهاية لثلاثين عاما من الفساد على جميع مستويات الدولة، أو هكذا اعتقد معظمهم، ومن مفارقات الزمان وعجائب المصادفات أن نفس التاريخ شهد ميلاد الأديبة مي زيادة، وإطلاق سراح المناضل العظيم نيلسون مانديلا.. إنه 11 فبراير.

في مثل هذا اليوم من 4 سنوات لم يجد الرئيس المخلوع مبارك غير التنحي  عن السلطة أمام إصرار الشعب الذي بلغ حد اللا تراجع عن إتمام ما بدأه في 25 يناير 2011، وفي مثل هذا اليوم عام 1886 ولدت أديبة الشرق والعروبة "الفلسطينية – اللبنانية" مي زيادة، وفيه أيضا أطلق سراح المناضل العظيم نيلسون مانديلا في عام 1990.
الإسهاب في ذكر مفارقات الزمان وتصاريفه، وعجائب المصادفات وغرائبها، قد يلزمه مجلدات.. أما ميلاد مي وإطلاق سراح مانديلا في نفس يوم تنحي مبارك.. هل كان مصادفة أم حكمة.. أو ربما "نحسا"؟.
تقارير محلية ودولية أشارت إلى فساد نظام مبارك في هيئات ومصالح حكومية، كما يظهر ترتيب مصر المتأخر على مؤشر منظمة الشفافية الدولية، كما تورط عدد من وزراء نظامه في عمليات فساد كبيرة، وتناسوا حق الشعب في الحياة والحرية والتعليم.. وردد معظم رجال نظامه أن "الشعب غير مستعد للديمقراطية"، "يحسب بعضهم أن السدود التي يجتهدون كثيراً في إقامتها تكفي لإطفاء نور الشمس وتضيق رحاب الفلك"، وتجاهلوا قول المناضل مانديلا: "الحرية لا يمكن أن تعطى على جرعات، فالمرء إما أن يكون حرّاً أو لا يكون حرّا".
أما مي زيادة فقالت عن الثورة: إن "الثورة ككل جرأة.. في وقتها ومكانها عبقرية وانتصار, وفي غير ذلك حماقة واندحار".. وما من شك في أن الثورة على مبارك كانت في وقتها-إن لم تكن تأخرت- وفي مكانها كما قالت "مي".
انتصار مانديلا أعظم معتقل في التاريخ؛ و"انقلاب قضبان نوافذ سجنه لأوتار قيثارة لأنه عرف أن ينفث في الجماد حياةً".. ولإيمانه بوطنه فأصبح رئيسه بعدما كان سجينا.. ومبارك أصبح سجينا بعدما كان رئيسا فكان لزاما عليه أن يقول "أفندم أنا موجود".. الجملة التي ستظل ساطعة في الضمير المصري، في إحدى تبعات الثورة، وأطربت مسامع المصريين حين كان مبارك

ماثلا بقفص الاتهام بمحكمة شمال القاهرة في أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس، هو ونجليه جمال وعلاء ووزير داخليته حبيب العادلي ومعاونيه، بسبب تهم تتعلق بقتل المتظاهرين، وتضخم الثروة والاستيلاء على المال العام.. لترد مي زيادة: "كنت أحسب الباطل مركبا معقدا والحق بسيطا واضحا، أما الآن فقد بدأت أرتاب وأتساءل لماذا ترى الناس أقرب ما يكونون إلى اعتناق الباطل". وتتساءل: "أليس من المدهشات أن مظاهر الباطل أقدر في الإقناع أحياناً من مظاهر الحق؟".
في 11 فبراير 1990.. أطلق سراح مانديلا بعد 27 عاما قضاها في السجن، أحد أعظم رموز النضال ضد التمييز العنصري في العصر الحديث، وسفر مفتوح من كتاب إفريقيا المقدس، انتصر للحق والحرية والعدل والسلام، وقابلته الحشود التي اجتمعت وهو ممسك بيد زوجته، وبث الحدث على الهواء مباشرة إلى جميع أنحاء العالم.. في مشهد مماثل فرح المصريون في 11 فبراير 2011، لكن لرحيل مبارك عن السلطة وميلاد أمل جديد وانتصار ثورتهم في مفاجأة كبيرة انتظروها طويلا وببراءة أقاموا الأفراح وأعلنوا تركهم للميدان وتجاهلوا هم الآخرين قول مانديلا: إن "إقامة العدل أصعب بكثير من هدم الظلم"، وإقامته "لجنة الحقيقة والمصالحة" التى جلس فيها المعتدي والمعتدى عليه وتصارحا وسامح كل منهما الآخر.
وفي الذكرى الرابعة لتنحي مبارك نتذكر جملة مانديلا الشهيرة أن "التسامح الحق لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل".. كي لا نكرر أخطاء ما قبل 11 فبراير 2011.