رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عماد عفت.. "في التحرير..نتعلم الدرس"

الشيخ عماد عفت
الشيخ عماد عفت

"اللهم إني تصدقت على الناس، وعفوت عمن ظلمني، فمن شتمني أو ظلمني فهو في حل، اللهم إني سامحت كل من اغتابني أو ذكرني بسوء في غيبتي،

وأسألك في ذلك الأجر والمغفرة، وبلوغ مراتب المحسنين".. دعاء أرسله الشيخ الشهيد عماد عفت إلى محبيه قبل استشهاده بأيام، وكأنه يعلم ما تخبئ له الأيام أو لربما شعر بما سيؤول إليه مصيره فآثر التوضيح للجميع بمسامحته لهم.
شارك الشيخ الشهيد في ثورة يناير منذ قيامها، وظل يناصرها حتى استشهاده فى 16 ديسمبر 2011 بأحداث مجلس الوزراء، وعلق أثناء الثورة دروسه بالجامع الأزهر، وعندما سأله طلابه عن مكان الدرس، فأجابهم "في التحرير.. هناك نتعلم الدرس".
"من لم يرَ ميدان التحرير هذه الأيام لم ير مصر، وأنه محروم " بتلك الكلمات اختصر الشيخ حبه الشديد للميدان ولأيام الثورة التى طالما كنا نحلم بحدوثها ونتمناها، فلم يكن التحرير بالنسبة للشيخ الثائر مجرد ميدان للتظاهر فقط، ولكنه كان جنة يعشقها، وقد قال عنه قبل أيام قليلة من استشهاده "إنى لأشم رائحة الجنة من على بعد ميدان التحرير"، وظل الشيخ مدافعا عن الميدان فى أيام الثورة، و خاصة يوم معركة الجمل، ورفض الشيخ الثائر مغادرة الميدان، وأصيب بطلقات خرطوش فى أنحاء متفرقة من جسده" .
ولد الشيخ الثائر بالجيزة، فى 15 أغسطس عام 1959 ، و حصل على ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب جامعة عين شمس عام 1991، و ليسانس الشريعة الإسلامية من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بتقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف عام 1997، كما نال دبلومة الفقة الإسلامى العام من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر عام 1999، ودبلومة الشريعة الإسلامية من كلية دار العلوم بالقاهرة.
تقلد الشيخ عدة وظائف، قبل أن يصل إلى منصب أمين عام للفتوى بدار الإفتاء المصرية قبل استشهاده، وعمل كباحث فقهي بدار التأصيل للدراسات الشرعية، وباحث شرعي في شركة العالمية للبرمجيات، ومُراجِع للكتب الدينية، ثم مُدخِل للبيانات على الحاسب الآلي، ثم عمل رئيساً للفتوى المكتوبة بدار الإفتاء المصرية فى عام 2003، كما عمل مديراً لإدارة الحساب الشرعي بدار الإفتاء و عضو لجنة الفتوى بها.
رحل إمام الثورة تاركاً خلفه أربعة أبناء، هم سمية ومحمد وخديجة وإبراهيم، بعد أن علمهم حب الوطن والإخلاص له منذ صغرهم، فكان دائما ما يأخذهم معه إلى الميدان ليروا بأنفسهم نضال الشباب الثائر لكى يصبحوا يوما ما "لسان حق ضد سلطان جائر" كما كان أبوهم، مثبتا أن حبه لبلده كان أكبر وأن مصر بالنسبة له تستحق أن يفنى روحه من أجلها، فقد طغى حبه لبلده على حبه لأهله و ولده.
للشيخ الثائر مواقف سياسية معلنة، فقبل استشهاده بأيام وتحديداً فى الثالث من شهر ديسمبر، وجه رسالة شديدة اللهجة إلى شباب الإخوان لعدم مشاركتهم مع شباب الثورة فى أحداث مجلس الوزراء، قائلًا " إن أشخاصا من عموم

الناس الذين ليس لهم انتماءات حزبية ولا فكرية نزلوا لنصرة المظلومين بدافع ديني أو بدافع أخلاقي أو بدافع إنساني، وباتوا يحرسون ميادين التحرير، وأنتم بِتم مقيدين بمواقف قادة الجماعة واستجبتم لها حتى قبل أن يخرج بيان منهم يبرر قعودهم، وهذه هي الطاعة المذمومة التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان: طاعة لمجهول في غير مشروع، ظلمات بعضها فوق بعض، جمعت حَشَفًا وسوءَ كيلة، ولسان حالكم يقول: ما دامت الجماعة قد اتخذت هذا الموقف فقد صَدَقَت! "
و فى تعليق للشيخ على بعض ممن استخف واستهزأ بقيام والدة خالد سعيد بتعزية والدة مينا دانيال، مدعين أن ذلك "حرام شرعا"، قال لهم "أنا شخصيًّا مدين للثوار ومنهم مينا دانيال بالحرية والخلاص من مبارك وجماعته، وكل ما منّ الله تعالى علينا به في هذه الثورة المباركة، ولا أستطيع شكر الله تعالى حتى أشكرهم جميعا، كم كنت أصحو وأنام وأنا أنتظر اليوم الذي نستيقظ فيه على خبر موت مبارك، بغض النظر عمن يخلفه بعد ذلك."
و مع إعلان الشباب للاعتصام أمام مجلس الوزراء، كان يذهب الشيخ إلى عمله فى دار الافتاء صباحا ثم يخلع جبته وعمامته بعد ان ينتهى من عمله ليتوجه الى ميدان التحرير ليشارك فى الاعتصام، واستشهد الشيخ برصاصتين غادرتين أثناء فض الاعتصام.
و فى يوم السبت الموافق17-12-2011 ،خرجت الآلاف لتشييع جثمان إمام الثورة و شيخ الثوار من الجامع الأزهر، و زين شباب الثورة صورة الإمام برسم جرافيتى على حائط شارع محمد محمود واصفين بها الشيخ الثائر بالملاك الذى له جناحان، يحلق بهما فى سماء الوطن ليعلوه حريه وكرامة إنسانية، كالتى كان ينادى بها دائما.
للشيخ الثائر أبيات الشعر نظمها كدعاء يناجى به الله أملا فى النجاة بالقرب من المولى، قائلاً : "وربِّ الضُّحى والليلِ يَسجُو ويَغشى.. لَسوفَ يُـرَضِّيكَ الإلـهُ ويَرضى... فـكــم مَـرّةٍ أَغـنـى الإلــهُ وأَقـــنـى.. فَسَلِّم لهُ الأَقدارَ تَنجُو وتَرضى".