رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوهام تمكين الإخوان تبخرت فى 2014

بوابة الوفد الإلكترونية

ما أقبح الشعارات خاصة إذا تلفح بها مدعى التدين ذوى اللحى الخادعة، يقابلوننا بالسلام والسكينة ورفع راية بيضاء، ويأبون أي نهاية سوى الخواتيم الممتزجة بدمائنا .. فسحقاً للشرعية إذا كان الثمن هو دماء الأبرياء.

بعدما احتفلت الشعوب العربية بنجاح ثوراتها، وبقدرتها الصارمة على عزل حكامها، جاء حكم الإخوان ليضيق الخناق على تلك الشعوب، فيوزع المناصب علي جماعته، ولا يبالي بالأصوات الصارخة بمطالبها، بل اتسم نظام حكمهم بالغموض، حتى أدركت تلك الشعوب أن الخلاص لا مفر منه، وأن الثورة الثانية ستختم عصر الخذلان الذى عانى منه العرب لعقود ومع ذلك تعددت سيناريوهات حكم الإخوان في البلدان العربية.
سقوط الجماعة في مصر
في 30 يونيو 2012 احتفل المصريون بتتويج أول رئيس منتخب، فصعد الرئيس المعزول محمد مرسي منصة ميدان التحرير الذي انطلقت منه ثورة يناير ليعلن نفسه رئيساً بإرادة ثورية، وقتها هلل الجميع في الميدان وتفاءل الملتفون حول شاشات التليفزيون، حتى المعارضون للحكم الإسلامى تمنوا للدولة الخلاص وتخيلوا وقتها أن كلمة البداية سطرت من نور تلك المرة .. ذاك المشهد لن تستطيع الذاكرة محوه مهما قامت الثورات ومهما علت الأصوات.
وبعد قضاء الشعب لحالة الفرح التى جلبتها الانتخابات ذاك الوقت، بدأت مرحلة جديدة من ديكتاتورية الحاكم المتوقعة، فبدأ في إصدار القرارات التى تمكن جماعته من مقاعد الحكم، فمن إعادة مجلس الشعب المكون بأغلبية إسلامية، وتولية 14 وزيرا إخوانيا لمقاعد الحكومة، فضلاً عن انتشار عدد كبير من أسماء الجماعة أعلى كراسي المناصب المحلية، الأمر الذي أطلق عليه وقتها "أخونة الدولة".
وعلى الجانب الآخر تجاهل الرئيس آلام الشعب التى تكررت في حوادث عدة، منها حادثة رفح الأولى الذى سقط فيها 16 جنديا مصريا وحادث أطفال أسيوط الذي سقط فيه 54 طفلا مصريا وغيرها، قابل الرئيس تلك الحوادث بلا مبالاة غير مبررة، حيث كان أقصى رد فعل اتخذه في ذاك الوقت وعود بصرف التعويضات لأسر الضحايا، لذا انطلقت موجة من الغضب بنفوس الشعب وأعد الشعب عدته للثورة على الحكم الظالم.
وتدهورت الحالة الاقتصادية فى مصر إلى أدنى مستوياتها وأصبح على المصرى أن يقف فى الشمس الحارقة ساعات طويلة من أجل الحصول على بضعة ليترات من البنزين والجاز، فضلاً عن ارتفاع الأسعار الجنونية للسلع الغذائية وتدهور الحالة المعيشية للمواطن المصرى البسيط، بالإضافة إلى تدهور علاقات مصر مع الدول العربية والغربية وفقدان مصر لمكانتها الرائدة فى دول العالم النامى والعالم أجمع.
ومع بداية شهر مايو لعام 2012 أعد الشعب لسحب كرسي من الجماعة بطريقة رسمية، عن طريق إطلاق حملة تمرد بجمع توقيعات الشعب لسحب الثقة من الرئيس، تلك الاستمارات التى انتشرت بشكل غير مسبوق، وحصدت أكثر من 23 مليون توقيع إبان ثورة ينويو..أى نهاية حكم المعزول ومن بعدها تتابعت المشاهد.
كانت المهلة التي أعطاها الجيش لمحمد مرسى هى رسالة موجهة للمتظاهرين فى الميادين العامة للبقاء لمدة 48 ساعة فقط، وبعدها سينتزع الحكم ممن لا يستحقون بأوامر شعبية وليست عسكرية كما ادعوا، فحكم مرسى انتهى وما تبقى  عبارة عن مراسم شكلية للإعلان عن تنحى الرئيس أو خلعه بطريقة قانونية.
"نهاية الحكم ستصحبه دماء كثيرة وعمليات إرهابية واسعة فى سيناء والشارع المصرى" كانت تلك هى الرسالة التى بثها الإخوان من منصة رابعة العدوية التى أعتصم بها مؤيدو الإخوان، فمرسى فتح أبواب مصر على مصراعيها للإرهاب ولكن بالرغم من ذلك فقد أثبت الشعب المصرى الأصيل أنه لا يمكن ان يفقد هويته ولا يمكن تغيير عاداته وتقاليده بواسطة حفنة مرتزقة تسمى بالإخوان.
ولكنها أيام قليلة وتم القبض فيها على كافة قيادات الجماعة، منهم من حاول الهرب متنكراً فى زى سيدة منتقبة، وآخرون قاموا بحلاقة لحيتهم في محاولة مستميتة للهروب من غضب شعب فاض به فثار علي كل ما يعيق حريته.

إخوان تونس
ولإخوان تونس قصة أخرى، ترجع بدايات الحركة إلى أواخر الستينيات تحت اسم الجماعة الإسلامية، من أبرز مؤسسيها أستاذ الفلسفة راشد الغنوشي والمحامي عبد الفتاح مورو والدكتور المنصف بن سالم، وقد لاقي نشاط الجماعة في الأول ترحيبا ضمنيا من طرف الحزب الاشتراكي الدستوري، الذي رأى في الحركة الإسلامية سندا في مواجهة اليسار المهيمن وقتئذٍ على المعارضة، وفي عام 1974 سمح لأعضاء الجماعة بإصدار مجلة "المعرفة" التي أصبحت المنبر الفعلي لأفكار الحركة.
وفي أغسطس 1992 حكمت محكمة عسكرية على 256 قياديا وعضوا في الحركة بأحكام وصلت إلى السجن مدى الحياة، وواصلت السلطة في السنوات التالية ملاحقتها للمنتمين للحركة وسط انتقادات واسعة من جمعيات حقوق الإنسان، رغم الإفراج عن أغلب عناصرها المسجونين بقيت نشاطات الحركة محظورة بشكل كلي في تونس واقتصر نشاطها المعروف على أوروبا وأمريكا الشمالية في أوساط التونسيين في الخارج حتى سقط حكم بن علي.
وأتت الثورة ليكتب لإخوان تونس عهد جديد، فعلى اثر الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التونسي، فازت حركة النهضة ب89 مقعدا من اصل 217 أي حوالي 42% من المقاعد، ودخلت في ائتلاف حاكم مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات و أطلق عليه الترويكا.
تحصلت حركة النهضة على المركز الأول في كل دوائر تونس داخليا وخارجيا، إلا في دائرة سيدي بوزيد فقد جاءت خلف العريضة الشعبية في المركز الثاني، وبعد ذلك الصعود الذي شهده الشارع السياسي التونسي، وقع سقوط مدو لجماعة الإخوان هناك، تمثل فى فوز حركة النهضة الإسلامية فى الانتخابات البرلمانية، حيث ظهرت النتائج التي تؤكد فوز حزب "نداء تونس" العلماني بأغلبية في مقاعد البرلمان على حركة النهضة في تحول جديد للمشهد التونسي منذ اندلاع ثورة "الياسمين" التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي في 2011.
وجاء برلمان 2014 لطمة علي وجه الجماعة، والذي يمثل المعارضة العلمانية على حزب "النهضة" الذي هيمن على السلطة منذ عامين بعد الثورة، حيث حصل نداء تونس على 39% مقابل 33% لحركة النهضة، في حين تقاسم بقية الأحزاب، وبلغت نسبة المشاركة نحو60%.
ووفقاً لهذه النتائج يتم تكليف "نداء تونس" والذى أسسه السبسى فى 2012 بتشكيل حكومة تونسية بصفته أكثر الأحزاب حصولا على الأصوات في الانتخابات التشريعية وفقا للدستور المصدق عليه فى مطلع 2014، ويضم الحزب منتمين سابقين لحزب "التجمع" الحاكم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ونقابيين ويساريين، ويتكرر المشهد الآن مرة أخرى في إطار الانتخابات التى تشهدها الدولة التونسية والتى صعد فيها قائد السبسى ومصعب المرزوقي، ويتوقع أغلب الخبراء فوز السبسى

الأمر الذي من الممكن أن يسجل بداية  النهاية للإخوان في تونس.
الإخوان في ليبيا
أما عن الإخوان في ليبيا.. فمن الصعب تحديد الفترة الدقيقة لدخول فكر الإخوان هناك، فليبيا تعتبر من أوائل البلدان التي بدأ بها نشر فكر جماعة الإخوان، في نهاية الأربعينيات من القرن العشرين حين لجأ ثلاثة أشخاص منتمين للإخوان المصريين متهمين بمحاولة اغتيال محمود فهمي النقراشي وزير داخلية مصر آنذاك إلى ليبيا طالبين اللجوء عند الأمير إدريس أمير برقة فآواهم ورفض تسليمهم للحكومة المصرية التي كانت تلاحق الإخوان في مصر آنذاك ما أدى لتوتر العلاقات وإغلاق الحكومة المصرية الحدود بينها وبين برقة، وقد سعى هؤلاء لاحقاً إلى نشر فكر الإخوان في ليبيا.
وبعد سقوط القذافي في ليبيا، شهدت الدولة عمليات إرهابية موسعة من قبل مسلحين، حتى إن الدولة المصرية أعربت عن قلقها من تفاقم الأزمة هناك، وتدور الآن محاورات بين البلدين لأعداد الخطط لإقصاء الفصيل الإرهابي الذي يقوم بتعدياته من أجل زعزعة الاستقرار.
الإخوان في اليمن
اعتبر اجتياح "الحوثيين" نسبة إلى حسين الحوثي، الذي قتل على يد القوات اليمنية عام 2004، والذى يعد الأب الروحي للجماعة الإسلامية في اليمن، قلب معادلة توازن القوى التي قامت عليها ثورة فبراير 2011 ولاحقًا النظام الانتقالي، بشكل ملموس خصوصًا في شقيها القبلي والعسكري، ليقوم على أنقاضها توازن قوى جديد أطرافه ثلاث قوى رئيسية تتصدر المشهد، هي"الرئيس عبد ربه منصور هادي، والرئيس السابق علي صالح، وحركة أنصار الله".
وقد شكل سقوط العاصمة وباقي المحافظات في ثورة فبراير 2014  بهذه الصورة مفاجأة الجميع ووضع العديد من علامات الاستفهام، ويكاد يكون من المسلَّم به أن اكتساح العاصمة المدججة بترسانة كبيرة من الأسلحة والوحدات العسكرية، ما كان ليتم لولا حصول الحوثيين على تسهيلات قدَّمتها أطراف في الدولة، ورضا وقبول ضمني من أطراف إقليمية ودولية.
وبصورة رئيسية، تُوجَّه أصابع الاتهام إلى الرئيس السابق علي عبد الله صالح وبقايا نظامه، بالدخول في تحالف غير معلن مع الحركة الحوثية، قام بموجبه بتسخير نفوذه القبلي والسياسي والعسكري لدعم وتأمين الغطاء الداخلي لتوسعاتها العسكرية، والتدخل المباشر أحيانًا إلى جانبها، بغرض تصفية حسابات قديمة مع خصومه السياسيين، واستخدام الحركة الحوثية كرأس حربة للانتقام منهم والقضاء عليهم، وبشكل خاص اللواء علي محسن الأحمر القائد السابق للفرقة الأولى مدرع المنشق عن نظام صالح، ومشايخ آل الأحمر، وحزب الإصلاح الإسلامي، القوى الرئيسية الداعمة لثورة فبراير 2011 ضد نظام صالح.
ومن المتوقع أن يؤدي قرار مجلس الأمن الأخير بفرض عقوبات على الرئيس صالح تمنعه من السفر وتجمد أرصدته المالية، إلى الحد من قدرته على الحركة والمناورة داخليًّا بصورة متدرجة، وعلى الأرجح أن رد الفعل المتسرع على العقوبات، باتخاذ اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر الشعبي العام -بإيعاز من الرئيس صالح- قرارًا بتنحية الرئيس عبد ربه منصور هادي والدكتور عبد الكريم الأرياني من منصبيهما كأمين عام وأمين مساعد للحزب، ستكون له تداعيات خطيرة على تماسك الحزب وفاعليته خلال الفترة القادمة جرَّاء الاستياء المتصاعد من العديد من قيادات الحزب في الشمال والجنوب من هذا القرار.
أما القوة النامية في معادلة توازن القوى الجديد فهي حركة أنصار الله، حيث مكَّنتها الأحداث الأخيرة من اكتساب عناصر قوة جديدة على حساب باقي الأطراف، واستولت أثناء تمددها العسكري على أعداد كبيرة من الأسلحة تجعلها تضاهي في قوتها دولة صغيرة، وأصبحت شريكًا رئيسيًّا في إدارة الدولة والنظام السياسي، وهو ما كانت ترفض بعض الأطراف قبوله إلا بعد أن تتحول الحركة إلى حزب سياسي وتسلِّم أسلحتها الثقيلة والمتوسطة للدولة.
ويبدو أن الحركة تتجه لتصبح القوة الرئيسية الأولى خلال الفترة القادمة، بسبب قضمها المتدرج من عناصر قوة الأطراف الأخرى، ومضيها بخطى ثابتة نحو الاندماج في مؤسسات الدولة الحيوية، وتوسيع قدرتها على تقديم مزيد من المنافع والخدمات، وكونها حركة نامية فتيِّة ومتوثبة جعلها مصدر جذب لأعداد متزايدة من الشباب سواء غير المتحزب أو من قواعد الأحزاب السياسية في المناطق الأقرب إليها سياسيًّا واجتماعيًّا، وبشكل خاص حزب المؤتمر الشعبي العام، حيث يساعد التقارب في المواقف فيما بين الطرفين في إذابة الحدود السياسية والفكرية الفاصلة، وسهولة الانتقال من جانب إلى آخر، لتنظر اليمن نهاية المعركة وأما إن يسجل لها نهضة جديدة أو الاستغراق في السقوط في المستنقع أكثر وأكثر.