رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"التصلب العصبي المتعدد" مرض "خراب البيوت"

بوابة الوفد الإلكترونية

M.S حرفان يحملان كارثة لإنسان قد يكون في «عز شبابه» وقد يكون طفلا ضعيفا.. وربما يصبح الفريسة عجوزا مسنا يرغب في الراحة من الدنيا.

مرض «التصلب العصبي المتعدد» وحش يقترب من الضحية، يصيبها بأعراض تبدأ من آلام بسيطة أو ضعف بصر أو دوخة وينتهي بـ«العمي» والشلل الكامل.
الخطأ التشخيصي أحد أشد مخالبه شراسة.. وتكاليف العلاج أنياب تمزق ضحاياه.. حكايات العذاب والألم من مرض التصلب العصبي المتعدد. تؤكد أننا أمام كارثة إنسانية هي السبب الثاني في الإعاقات بمصر.. حيث يؤكد الخبراء والمختصون أن 120 ألف مريض يعانون من الـMS وأغلبهم تصيبهم تكاليف علاجه بالعجز واليأس!
«عبدالمنعم» شاب عمره ولا ألف عام انتهت أحلامه في كلية الهندسة بالتزامه كرسيا يسير علي عجلات كان طموحا متفوقا لكن المرض قدر كان عليه تقبله بإيمان ورضا  يقول: المشكلة ليس في أنني صرت عاجزا عن الحركة.. لكن مفيش علاج.. والسبب أنني عندما شعرت منذ ثلاثة أعوام بزغللة في العين وبعض آلام في البطن وتنميل بالقدم ذهبت لأطباء العيون والباطنة وخضعت لأوامرهم وأجريت العديد من التحاليل والأشعات البعض أخبرني أنني أعاني من قولون عصبي وآخرون أكدوا لي أن الحكاية مجرد «سوء تغذية» وطبيب أكد لي أن «نفسيتي تعبانة» ومحتاج راحة.. أخيرا اكتشف أحد أطباء المخ والأعصاب حقيقة مرضي وهنا بدأت مأساتي فالعلاج مكلف جدا ووزارة الصحة لا تدعمه سوي بـ2000 جنيه في الشهر. رغم أنه يكلفني أكثر من 23 ألف جنيه ومن هنا حدث أغرب ما يمكن أن يصدقه إنسان صرت أتعمد الرسوب في الكلية حيث كنت أتعالج علي حساب الجامعة.. لكني قررت أن أنجح واللي يحصل يحصل لكنني بعدها واجهت الحقيقة المرة لقد صرت عاجزا عن الحركة وعن العلاج أيضا!!
أما إيمان التي لم يتجاوز عمرها 40 عاما فهي أم لثلاثة أطفال في عمر العصافير.. قالت: بدأت منذ خمسة أعوام أشعر بإرهاق شديد ونظري ضعف، ولاحظت تكرار الالتهابات في عيني وتم  تشخيص حالتي علي أنها مجرد التهابات في حدقة العين وزاد الإرهاق حتي أصبحت لا أستطيع أن أخدم أولادي ولا أقوم بدوري نحوهم لدرجة وصلت الي عدم قدرتي علي الحركة وأخيرا تم اكتشاف «المتناثر» الذي حطم حياتي وحياة أبنائي وانتقلت أمي للعيش معي دون جدوي علاجي بـ«الكورتيزون» لكنه فقد لتقليل هجمات المرض وتقليل حدتها لكني لا أشعر بأي تحسن والعلاج يفوق قدرة أي إنسان فأنا أعالج بـ«البيتافيرون» وهذا يكلف 5 آلاف جنيه شهريا وفوجئت في التأمين أنهم لا يدفعون سوي ألفين فقط فمن أين آتي بالفرق وزوجي عامل بسيط فهل سيطعمني أنا وأولادي أم سيعالجني؟
أما مشكلة محمود علي الدين فهو أنه لم يتم اكتشاف إصابته للمرض إلا بعد 12 عاما من إصابته به وبعد أن تسبب في فقدان بصره تماما وبالتالي فقدان عمله وانهيار أسرته بعد أن عجز عن تلبية أبسط احتياجاتهم، محمود اضطر لبيع سيارته «التاكسي» التي كانت مصدر رزقه لأنه أولا أصبح غير قادر علي قيادته بعد تسرب نظره بالتدريج ثانيا لأنه كان بحاجة الي أن يطعم أولاده الأربعة بعد أن استنفد كل ما يملك لينفقه علي أطباء العيون بل والأمراض النفسية حيث شخّص أحدهم حالته علي أنها مجرد وساوس الاستسلام له هو من تسبب في تطور حالته، لكن أحد أصدقائه نصحه بمراجعة دكتور مخ وأعصاب الذي طلب منه أشعة رنين مغناطيسي كشفت عن إصابته بالتصلب العصبي المتعدد منذ سنوات طويلة.
للأسف لا يوجد لدينا احصائية دقيقة بعدد ضحايا هذا المرض لكن جمعية رعاية مرض التصلب المتعدد قدرت عددهم بـ20 ألفا أما الجمعية المصرية للأمراض العصبية فتقول إن هناك 3 من كل 100 ألف مصاب بهذا المرض.
والاقتراب من معرفة كيفية حدوثه في حد ذاته يعد أملا في ملف مرضي التصلب العصبي المتعدد، لكن للأسف مازال أمامنا وقت لنجد العلاج للشفاء النهائي من هذا المرض اللعين.

حشو الأسنان
بعض الدراسات ألمحت الي وجود علاقة ما بين التركيبة المستخدمة في حشو الأسنان والإصابة بالمرض وأشار طبيب بولاية ماساشوستس يدعي «انجلس» الي أن الأمر يبدو وكأن التصلب العصبي المتعدد يسير خلف حالات تسوس الأسنان في إشارة الي أن الزئبق وهو من مكونات حشو الأسنان عامل مسبب لبعض الأمراض العصبية، لكن هذه النظرية واجهها كثير من النقد حيث إن تسوس الأسنان مجرد علامة لوجود عوامل عديدة تساهم فعلا في الإصابة بالتصلب العصبي المتعدد، وصحيح أن الأبحاث أثبتت أن الأشخاص الذين يستخدمون الزئبق في حشو أسنانهم لديهم مستويات أعلي من الزئبق في أجسامهم لكن ذلك لم يكن سببا في وجود نسبة أعلي من المصابين بالمرض لدي الأشخاص الذين استخدموا حشو الأسنان إذن الأمر قد يتعلق كما يؤكد الأطباء بتسوس الأسنان وليس بتركيبة الحشو.

العلاج
الدكتور محمود عبدالكريم أخصائي المخ والأعصاب أكد أن جهود العلاج تركز الآن علي تحقيق الاستقرار والحرص علي تناول العلاج بانتظام لضمان عدم حدوث انتكاسات متتالية فطول المدة التي يقضيها المريض قبل حدوث الانتكاسة يعني أنه يسير في اتجاه العلاج الصحيح لكن توالي الانتكاسات علي فترات قريبة يشير الي خطأ ما.
وفي دراسة نشرت عام 2010 بمجلة «جورنال اون مديسين» أجريت علي 1272 مريضا، تنوعت نسبة الحالات المنتكسة بين 0.18٪ و0.16٪ لمستخدمي علاج «چيلينا آر» ونسبة 0.4٪ لمن استخدم

علاجا وهميا. أما المجموعة المعالجة التي استخدمته 1.25 ميلليجرام من الدواء قلت لديها الإعاقة خلال عامين، إلا أنه وبشكل عام تعكف الأبحاث العلمية علي إيجاد علاج شافٍ يقضي علي المرض نهائيا.

صدمة
ينبه الأطباء الي ضرورة التعامل مع المريض برفق وأنه ليس كل المرض ينتهي بهم الحال الي العجز الشديد، والأهم من ذلك تأتي مرحلة التشخيص كأهم خطوة علي طريق العلاج لأنه للأسف يعاني ضحاياه هذا المرض من سوء التشخيص مما يزيد حالتهم سوء ويستلزم التشخيص الدقيق فحص قاع العين حيث تظهر مناطق بها ملتهبة مما يشير لوجود التهاب في العصب البصري وكذلك يعد الرنين المغناطيسي من أهم وسائل التشخيص كما تشير الدكتورة مني محمود أستاذ المخ والأعصاب حيث يظهر الرنين المغناطيسي أماكن نزع المايلين بالمخ والنخاع الشوكي التي تظهر في شكل بقع ويتم فحص السائل النخاعي الذي يظهر مستوي البروتين المرتفع في الدم والأجسام المضادة، وتتعدد أنواع التصلب العصبي المتعدد فمنها الحميد والانتكاسي والثانوي والمتطورة حيث تحدث إصابات حسية وحركية عبارة عن هجمات متلاحقة تهاجم المريض ومما يزيد صعوبات التشخيص أنه يتم التأكد منه خلال عامين علي الأقل من الإصابة يعاني فيها المريض من إرهاق شديد وتنميل بالوجه ودوخة شديد وقد يحدث اكتئاب حاد وعدم وضوح الرؤية في عين واحدة أو عينين كذلك ضعف في العضلات المصابة وصعوبة في التحكم بالحركة وصعوبة في ضبط البول والمدهش أن هناك فترات قد يشعرها فيها المريض بتحسن نسب «فترات كمون» وأخري تهاجمه الأعراض بشدة «فترات نشاط».

حقائق عن المرضي
الأشخاص من شارع 20 الي 40 عاما هم الأكثر ترشحا للإصابة خاصة النساء وهناك ما يزيد علي 2.5 مليون مصاب بالمرض علي مستوي العالم في أوروبا وحدها 350 ألفا أما أعلي نسبة إصابة فهي في اسكتلندا وتصل النسبة لـ85 لكل مائة ألف من السكان والوضع في الدول العربية ليس بأحسن حال حيث تصل نسبة الإصابة لـ35 من بين كل مائة ألف أما في مصر فالأرقام العالمية تتحدث عن وجود 20 ألف مريض.
ورغم أنه يصيب الإنسان في بداية الأربعينات إلا أن حقيقة المرض تكشف عن إصابة أطفال عمر 5 سنوات به كما أن 70٪ من المرض نساء لكن المشكلة الأكثر في مرضي التصلب العصبي المتعدد أن كثيرا من المرضي يطرقون كل الأبواب ليصلوا في النهاية الي التشخيص السليم بعدما تكون الحالة قد ازدادت سوءا ويصبح المريض أمام أعراض شديدة الخطورة والازعاج له ولمن حوله فالـ MS ليس معروفا بالدرجة الكافية لدي كثير من الأطباء رغم أنه من أمراض المناعة يصيب الجهاز العصبي المركزي والأعصاب المخية ويأتي علي شكل نوبات متكررة يصاحبها فقدان للبصر وشكل كامل وقد يصيب المريض اكتئاب شديد أو نوبات ضحك شديدة ويعد هذا المريض ثاني سبب من أسباب الإعاقة في مصر ورغم ذلك فهو غير معترف به ضمن برنامج العلاج علي نفقة الدولة ولا يوجد بروتوكول خاص به رغم أنه مكلف جدا للمرض وقد تصل تكلفة الدواء لـ5 آلاف جنيه في الشهر يتكبدها المريض فقط لمحاولة الحصول علي أكبر قدر من استقرار الحالة، في حين قد تصل تكاليف العلاج الي 25 ألف جنيه شهريا.
وهنا يضطر المرضي إما الي التوقف عن العلاج فتسوء حالاتهم وتزداد إعاقاتهم وتتوالي هجماته الشرسة ويصبح الأمل الآن في أن تتحمل الدولة رعاية هؤلاء المرضي وتكلفة العلاج لغير القادرين لأنها تفوق طاقة الكثيرين منهم.. فضلا عن أن هذا المرض يتسبب فعلا في انهيار أسر بأكملها.