المدنيون يدفعون ثمن الحرب فى جنوب السودان
كان غابرييل مابيل يجلس فى منزله فى بينتو فى جنوب السودان، حين وصلت الحرب إلى عقر داره، اندفعت الرصاصات لتكسر الجدار وتصيب ابنه البالغ من العمر سبع سنوات فى حلقه.
وبدلًا من المنزل انتقل ابنه ستيفن كويث ليمضى وقته فى سرير فى مستشفى الناصر، تغطيه الضمادات، وهو يحاول التمسك بالحياة قدر المستطاع برغم الأنابيب التى تساعده على التنفس والغذاء.
وفى المستشفى الواقع فى ولاية النيل الأعلى النفطية، يقول مابيل: "أنا قلق على ابنى فلا أعرف ما إذا كان سيستطيع النجاة وهو فى هذه الحالة".
أما الأطباء فلا يعلمون ما إن كان الطفل سيشفى أو حتى كيف سيشفى.
وكويث ليس حالة استثنائية بل انه واحد من بين آلاف المواطنين المدنيين الذين يعانون حربًا مستمرة منذ نحو اربعة اشهر، حرب لا علاقة لهم بها فليسوا هم من أشعلها. وما يحصل بكل بساطة هو نتاج عداء سياسى بين الرئيس الجنوب سودانى سلفا كير من اثنية الدينكا ونائبه السابق من اثنية النوير رياك مشار. شهدت العاصمة جوبا بدايات تلك الحرب فى 15 (ديسمبر) الماضي، لتمتد بعد ذلك الى الولايات النفطية بشكل خاص، وينتج عنها تشريد أكثر من مليون شخص. اما ضحايا هذا النزاع الدموى من قتلى فهم بالآلاف أو حتى عشرات الآلاف. وبحكم الانتماءات القبلية لكل من الرئيس ونائبه السابق، اتخذت الحرب صبغة اثنية بين الموالين للدينكا من جهة والمقاتلين المدنيين والقوات المنشقة عن الحكومة الموالين لمشار من جهة ثانية. ومثل مستشفى الناصر، يقبع فى المستشفيات عبر البلاد ضحايا تلك الحرب، ومن بينهم من هو مستعد للمشاركة فيها ومن يرفض تماما ان يكون جزءا منها. ويقول احد منسقى منظمة "اطباء بلا حدود" جوناثان سيمز، والموجود فى مستشفى الناصر، "نستقبل مرضى اكثر بكثير من السابق"، معظمهم اصيبوا بطلقات نارية. وكما حصل مع الطفل كويث، استهدفت ريبيكا نيالواك فى منزلها حيث اطلق جنود النار عليها، وهى الرافضة تماما لان تكون طرفا فى هذه الحرب. وتروى نيالواك "قلت لهم: لماذا انتم هنا؟ لماذا تقاتلونني؟ ولكنهم عمدوا الى اطلاق النار على رجلي". وهى الآن قابعة فى مستشفى الناصر مثل غيرها من ضحايا تلك الحرب فى دولة لم يتخط عمرها ثلاث سنوات. فى البداية