رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ثورة الجياع.. بركان يهز أى نظام فى مصر

بوابة الوفد الإلكترونية

يظن البعض أن الانتفاضة الأولى للشعب المصرى, التى نادت بالعيش و العدالة الاجتماعية فى الخامس و العشرين من يناير,عام  2011،

و لكن هذه الاعتقادات مغايرة للواقع فأول انتفاضة حقيقة عرفها الشعب المصرى فى العصر الحديث تنادى بالعيش و العدالة الاجتماعية كانت فى عام 1979 ، ما أطلق عليها  " ثورة الخبز أو ثورة الجياع " أو كما أطلق عليها الرئيس الراحل أنور السادات " انتفاضة الحرامية "، ليكسر بها المصرى القاعدة المعروفه " يتحرك أبو الهول و لا يتحرك المصرى " .
فى 18و19 يناير 1977, خرجت الملايين  الغاضبة، فى انتفاضة تشبة يوم الغضب فى الثامن و العشرين من يناير، تطالب بالحد الأدنى من الحياة و هو  "رغيف الحبز "، رافضين غلاء ست سلع رئيسية وهى الأرز، والسكر والدقيق والصابون والزيت والجاز بنسب تتراوح من 25 إلى 70% ولم تتعد الزيادة مبلغ الـ3 قروش لكل سلعة .
اعتمدت الحكومة, فى ذاك الوقت بشكل مباشر على الإعانات و القروض الخارجية، و أصدرت قانون  " الانفتاح الاقتصادى " عام 1974 و تم  اعتبار بورسعيد  منطقة حرة  و اعتبرت الحكومة أن هذا القانون سيحقق الرفاهية الاقتصادية  لمصر، إلا أن الرياح تأتى دائما بما لا تشتهى السفن، حيث بدأت الضغوط الخارجية من قبل بنك و صندوق النقد الدوليين، بضرورة تحرير الأسعار و رفع الدعم عن السلع.
و بناء عليه أصدرت الحكومة المصرية, قرارا برفع الدعم عن السلع، و فوجئ المواطنين بارتفاع أسعار هذه السلع الست دون زيادة فى الدخل، مما دفعهم إلى الخروج بالملايين إلى الشوارع المصرية.
و فى تمثيل دقيق لمقولة " الجوع كافر " خرجت الملايين البسيطة  الغاضبة تجتاح الشوارع القاسية  و تقطلع كل ما بأيدى الأغنياء سواء كان حق لها أم لا، كما حرقت كل شئ أمامها ، حتى طال الحريق استراحات الرئاسة ومؤسسات الدولة، مما استدعى الرئيس السادات إلى إعلان حالة الطوارئ و نزول الجيش لأول مرة بعد ثورة يوليو إلى الشوارع للسيطرة على الغضب الجماهيرى، و الذى أسفر عن مقتل 77

مواطن و إصابة 566 من الأهالى و الشرطة .
بدأت المظاهرات بالعمال و انطلقت من حلوان، نظرا للكثافة العمالية بالمدينة، و امتدت إلى القاهرة و بدأت تنتشر بعد ذلك بصورة عنيفة، و وجه العمال من خلال هتافتهم رسالة إلى النظام الحاكم تلخص أبعاد المشكلة بعدد قليل من الكلمات  " يا حاكمنا فى عابدين فين الحق و فين الدين ؟ و "سيد مرعى يا سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه ".
اضطر السادات إلى التراجع عن قرارته لمواجهة تلك الأزمة التى هزت أركان نظامه و كادت أن تؤدى بحكمه إلى الهاوية، واتخذ مجموعة من القرارات العقلانية  بسرعة البديهة التى كان يتميز بها، أولها: إعطاء الأمر للمشير محمد عبدالغنى الجمسى، القائد العام للقوات المسلحة، بنزول الجيش وحظر التجول، كما تم إعلان إلغاء قرارات رفع الأسعار مع استمرار منح العلاوة الإضافية التى قررت .
و تمكن السادات من حل الأزمة خلال ثلاثة أيام فقط من حدوثها ، ففى 21 يناير ، تم رفع حظر التجوال و سحب قوات الجيش من الشارع .
تعتبر " ثورة الجياع " بركان يهز ثبات أى نظام إذا لم يتمكن من تحجيم نسبة الفقر وتقليل الفارق بين الطبقات، و يبقى التساؤل هنا " هل سيستطيع النظام القادم تحجيم تلك الأزمة، أم ستشهد مصر ثورات جياع فى الفترة المقبلة  ؟ " .