عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحركات الطلابية من النضال الوطنى..لانقسام الميادين!!

احتجاجات طلابية بالجامعات
احتجاجات طلابية بالجامعات

على مدار عقود طويلة ..كانت أروقة الجامعات المصرية ميداناً سياسياً ترفع فيه أصوات الطلاب، لإسقاط الأنظمة الاستبدادية، فمثلت جرس إنذار للسلطة الحاكمة على مدار أربعة رؤساء ..لم تخرسها السياسة القمعية، ولا أوقفتها ظلمات المعتقلات الأمنية.

فقد لعبت الحركة الطلابية المصرية دورًا كبيرًا في الحركة الوطنية على مدارعقود طويلة، لقد كانت انعكاس لأزمات الشارع والساحة السياسية، فضلاً على أنها تمثل أحد مؤشرات مساحة الديمقراطية المتاحة في مصر..فمع اختلاف الأهداف والتوجهات صار شعار مصلحة الوطن هى أساس انتفاضتهم.
ولكن تحولت الحركة الطلابية في الفترة الأخيرة لمنعطف آخر قد يؤثر على وحدة الهدف بين الطلاب، فقد تأثرت خلال تاريخها الطويل بالمناخ السياسي الذي تفرضه وتسمح به الأنظمة السياسية المتعاقبة..فارتفعت رايات الأشخاص فوق رايات الوطن.. فمن  تحقيق الاستقلال التام ومقاومة الملك الفاسد، إلى تحقيق رغبات فصيل معين والمنادة بعودة نظام سقط بشعبية ثورية.. ولذلك كان المؤرخ الفرنسي والتر لاكير صادقاً حينما قال " لم يلعب الطلاب دورا في الحركة الوطنية مثل الدور الذي لعبه الطلاب في مصر " .
الحركة الطلابية والأزمات السياسية
ويرجع فضل تنظيم الطلبة كقوة فعالة في مجال العمل الوطني إلى الزعيم مصطفى كامل الذي اهتم بتنظيم صفوف طلبة المدارس العليا لدعم الحركة الوطنية عام 1905 بهدف تنمية الوعي السياسي للطلبة وتعبئتهم ضد الاحتلال البريطاني .. كانت شعارات و خطب و مقالات مصطفى كامل يغلب عليها الطابع الرومانسي وتلهب مشاعر الجماهير لكنها لا توحي بعمل شيء محدد أو القيام بتمرد يشعل ثورة .. و ذلك لأن الحزب الوطني الذي أسسه مصطفى كامل كان حزبا ليبراليا ملكيا ينادي بالاستقلال عن الإنجليز والاحتفاظ " بالتبعية " للدولة العثمانية .
كان للحركة الطلابية دور هام في أغلب الأزمات السياسية في مصر، بداية من مواجهة الإحتلال ..مروراً بتظاهرات الطلاب المؤيدة للزعيم السياسي سعد زغلول بعد نفيه، حتى تظاهرات المطالبة بالحرب لاسترداد سيناء حتى عام 1973.
ثم تصاعد النشاط الطلابي داخل الجامعات في عهد الرئيس الراحل أنور السادات وأسفر عن بروز شخصيات سياسية بارزة من بينها المرشحين الرئاسيين السابقين حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح والرئيس المعزول محمد مرسي، إلا أن هذه الحركة خفتت منذ تولي الرئيس المخلوع مبارك وتلاشى العمل الطلابي أمام البطش الأمني لفترة تصل الى 20 عامًا، قبل أن يعود مجددًا بعد ثورة يناير وتعود المناظرات السياسية والتظاهرات بشكل حر داخل الجامعة، غير أن عقبات جديدة واجهتها بعد أحداث 30 يونيو الأخيرة.
طلاب الإخوان في عهد مبارك
فحينما جاء مبارك وتولى السلطة أحال دور اتحاد الطلبة على مدار الثلاثين عاما من حكمه - لدور آخر من خلال اللائحة الطلابية والتى قام بتعديلها ،ليقتصر دور اتحاد الطلاب فقط على الأنشطة الفنية و الحفلات والندوات، وأصبح النشاط السياسى محظورا حتى لا يستطيع الطلاب أن يعبروا عن آرائهم بحرية داخل الجامعة أو ترتفع أصواتهم، ولكن ذلك لم يمنع الحركات الطلابية الاخوانية من الظهور ثانية.. بعد أن اثمرت الشجرة التي زرعها السادات بنمو الجماعات المتأسلمة داخل الجامعة والتى راحت تمارس نشاطها بدون قيود و كأن لها لائحة طلابية أخرى تطبق عليهم غير اللائحة التي تطبق على بقية الطلبة .

فتحرك الطلاب بعد اندلاع الانتفاضة الأولى في الأراضي المحتلة و قاومهم أمن مبارك بكل شراسة و اعتقل العديد منهم مع العديد من قيادات الطبقة العاملة ..
و في بداية التسعينات خرجت الحركة الطلابية المصرية للتنديد بالعدوان على العراق الشقيق، فقاومتهم السلطة بكل عنف حيث ألقت عليهم القنابل المسيلة للدموع و أطلقت كلابها البوليسية و ضربتهم بالمياه .
وفي عام 2006 وفي تصعيد جديد للمواجهة بين طلاب جماعة الإخوان المسلمين والأمن داخل الجامعات..أقام بعض طلاب "الاتحاد الحر" لجامعة الأزهر عرضاً بأزياء شبه عسكرية أمام مكتب الدكتور أحمد الطيب رئيس الجامعة، احتجاجا علي فصل خمسة من طلاب الاتحاد لمدة شهر.
وارتدي نحو ٥٠ طالبا زيا أسود، ووضعوا أقنعة علي رؤوسهم مكتوبا عليها "صامدون" وأجروا استعراضا لمهاراتهم في لعبتي الـ"كونغ فو" و"الكاراتيه"، بينما تابعت قوات الأمن العرض الذي اصطف فيه الطلاب في طوابير منظمة تشبه طوابير الميليشيات.
وتعتبر تلك الأزمة والتى سميت بميلشيات جامعة الأزهر، أهم الأحداث الطلابية فى العقدين الأخيرين،ولا يمكن فهم ما جرى في مجمل تطوراتها سوى بوضعها في سياقها الصحيح،  والذي يتمثل بالأساس في صراع الأجهزة

الحكومية والأمنية من جهة وبين جماعة الإخوان المسلمين من جهة أخرى والتي يحكمها منطق صراعي ورؤية أمنية ،تتمثل في أن الجماعة تسعى لأن تكون بديلاً للنظام القائم ولابد من تحجيمها واحتوائها وإلا ستكون مصر "محاصرة" أو "متناحرة" على غرار النموذجين الفلسطيني والجزائري.
ومن هنا تغير تعامل النظام السياسي في عهد مبارك مع الطلاب المنتمين للجماعة داخل الجماعات المصرية، فسعى إلى استغلال تحركات الطلاب المضادة وأخطائهم في الدعاية ضدهم، وذلك من أجل تشويههم وتوجيه الضربات الأمنية القوية لهم بغرض إضعاف صوتهم "العالي"والمستمر ضد النظام، مع العمل في نفس الوقت على إيجاد بديل طلابي حكومي أقوى من البدائل الأمنية والحكومية السابقة التي فشلت في مجاراة نشاط طلاب الإخوان في الجامعة.
وهكذا وطوال فترة مبارك ..نادى طلاب الجامعات بعودة الاتحادات إلى دورها الحقيقى من خلال تعديل اللائحة الطلابية ولكن هذا لم يحدث حتى عندما جاء الإخوان للحكم تمسكوا بنفس الرؤية القديمة باستثناء بعض التعديلات على اللائحة وإعطاء بعض الصلاحيات التى لم تحقق الهدف الأساسى لاتحاد الطلاب بنقل صوت الطلبة وحقوقهم ومشاكلهم وأن تصبح كلمتهم هى المؤثرة فى مجالس الكليات واتخاذ قرارات مصيرية لصالح الطلبة.

القمع بعد ثورة يناير
وبعد رحيل المخلوع عقب ثورة يناير ..عادت الحركة الطلابية من جديد إلى ساحات الجامعات آملين في تحويل ساحات الكليات إلى "ميدان تحرير"جديد ،هدفه تطهير الجامعات المصرية من عملاء نظام الدولة البوليسية.. ولكن على مدار عامين ونصف، اشتعل عدد ضخم من الاحتجاجات الطلابية، واجهتها الإدارات الجامعية بموجة واسعة من القمع، من فصل تعسفي للطلاب، واستخدام الحرس الجامعي الجديد ليقوم بنفس دور الأمن المركزي في عهد مبارك، بل وفي حالات مثل اعتصام جامعة "مصر الدولية" استخدمت الإدارة بلطجية في ضرب الطلاب المعتصمين بالخرطوش!
أما في عهد المعزول مرسي ..قامت الحركات الطلابية المتأسلمة باستغلال الجامعة سياسياً لإيصال أصواتهم الانتخابية في انتخابات اتحادات الطلبة ، ولكن باءت محاولتهم بالفشل فلم يحصلوا على الأصوات التى حلموا بها .. لتنهار كافة امنياتهم واحلامهم بثورة يونيو التى أطاحت برئيسهم .
فجاء العام الجامعى الجديد ليشهد أجواء غير مسبوقة من الكراهية والعنف والانقسام والاستقطاب الحاد بين طرفي المعادلة السياسية في مصر، المؤيد للشرعية والرافض لما أسماه بالانقلاب العسكري والمؤيد لعزل مرسي وخارطة الطريق التي وضعهتا القيادة العامة للقوات المسلحة.. الأمر الذي ألقى بظلاله على الحركات الطلابية فقد شهد شهر سبتمبر وفق تقرير المركز التنموي الدولي الكثير من التحركات الطلابية والتي بلغ عددها داخل الجامعات نحو 146 حالة احتجاج، كانت جامعة القاهرة متصدرة المشهد بواقع 22 حالة احتجاج.. الامر الذي يضع تلك الانتفاضات في مواجهة جديدة مع النظام الحالى الذي عليه أن يعى أن موقفه من الثورة الطلابية يمثل بارومتر للعالم لقياس تقدمية أو رجعية أي نظام سياسي .. فالفكر لا يواجه إلا بالفكر .. والإرهاب لا يواجه إلا بالعدل!.