رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إعلام 67 ضحية نظام سلطوى

 الدكتور فاروق أبو
الدكتور فاروق أبو زيد

فى خضم الاحتفال بانتصارات أكتوبر المجيدة، كان لابد أن نعرف كيف خدم الإعلام المصرى الحرب؟، وكيف كانت الفائدة متبادلة بين حرب أكتوبر والإعلام المصرى؟،

و كيف استطاع الإعلام المصرى استعادة ثقة المواطن المصرى به عقب النكسة الإعلامية التى تعرض لها فى 67؟، و للتعرف على إجابات كل تلك الأسئلة كان لبوابة الوفد هذا الحوار مع الدكتور فاروق أبوزيد .. عميد كلية إعلام القاهرة سابقا، وعميد كلية الإعلام جامعة مصر للعلوم و التكنولوجيا حاليا، ونائب رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا.
يقول الدكتور فاروق أبو زيد عن عودة الثقة فى الإعلام المصرى، إنه فى نكسة 67 لم نفقد الثقة فى الإعلام المصرى فقط، ولكن فقد كل من النظامين السياسي  الاقتصادى ثقتهما لدى الشعب المصرى، فكان لابد أن يتأثر الإعلام بها لأنه جزء من الدولة، كما يجب ألا نحمل الإعلام وحده مسئولية الهزيمة؛ لأن الوسائل الإعلامية كانت تبث ما يقدم لها من بيانات من قبل إدارة القوات المسلحة، وهذا يدل على أن من يقدم هذه البيانات هو الكاذب وليس الإعلام، كما أن اذاعة الأخبار الكاذبة أمرا متوقعا نظرا لأن البلاد كانت فى حالة هزيمة فكانت تسعى لتخفيف وطأة هذه الهزيمة، بينما فى حرب أكتوبر "كنا منتصرين" فكان لابد من التفاخر بهذا النصر المجيد، مشيرا إلى أن الإعلام هو من قام بإعادة الروح المعنوية إلى الشعب المصرى مرة أخرى من خلال ما كان يقدمه من أغانى وطنية وأشعار للأبنودى والشيخ غزال فى السويس، وعندما تغير النظام السياسى تغير معه الإعلام وكان له دوره الجدى فى حرب أكتوبر العظيمة.
وعن الدور الذى لعبه الإعلام فى حرب أكتوبر يوضح دكتور فاروق أن الإعلام المصرى لعب دور التعتيم الإعلامى على إسرائيل، وذلك من خلال نشر أخبار غير صادقة أو غير مؤكدة لإعطاء العدو فكرة بأن الجيش المصرى لن يحارب، كما تم نشر أخبار حول سفر الجنود المصريين لأداء العمرة، مضيفا أن الرئيس الراحل أنور السادات عندما استخدم مصطلح "سنة الحسم" انتقده الإعلام، هذا إضافة إلى تنمية الروح الفدائية لدى الجنود والاستمرار فى رفع معنوياتهم بالأغانى الوطنية والحماسية.
أما عن الأخبار المغلوطة التى كان يبثها الإعلام الغربى أثناء تحقيق انتصارات حرب أكتوبر، فيشير دكتور أبو زيد إلى أن الإعلام كان يرد عليها من خلال البيانات العسكرية لتصحيح ما بها، أو عقد مؤتمرات صحفية، أو حتى عمل لقاءات مع بعض مراسلى الصحف الأجنبية، مضيفا أن مصر لها مستشارين إعلاميين بالخارج فضلا عن الدور الإعلامى الذى تلعبه السفارات المصرية بالخارج، والتى يستطيع السفير تصحيح أى خطأ ينشر فى البلد المتواجد بها.
بينما الشائعات التى كانت تنطلق فى مصر ذاتها يقول دكتور فاروق أن الإشاعات لابد و أن تصدر عن أشخاص خاصة فى وقت الحرب، فهى تعد من أقوى أسلحة المخابرات، و أن جزء من كفائتها يتمثل فى كيفية إسقاط هذه الشائعات و كيفية القضاء عليها و نفيها.
وعن التغطية العسكرية التى كانت تتم لحرب أكتوبر يذكر الدكتور أبو زيد أن كل جريدة كانت تختار ممثلا لها و كان لابد من موافقة القوات المسلحة و إجراء تحريات حولهم لأن ليس أى فرد يمكن إدخاله إلى المواقع العسكرية، فيجب أن يكونوا أهل ثقة حتى يتم السماح لهم بالدخول إلى أرض المعركة، مضيفا أنهم كانوا يتلقون بعض التدريبات العسكرية نظرا لما قد يواجهوه من مواقف صعبة و شاقة يجب أن يتعاملوا معا و يتعلموا كيفية تحملها، و كان من بينهم جمال الغيطانى و ياسر رزق، أما مراسلى الصحف الأجنبية فكان لا يسمح لهم بدخول المواقع العسكرية بالطبع، و كانوا يستقون أخبارهم من خلال لقاءات مع المسئولين أو حضور المؤتمرات الإعلامية.
ويضيف أبو زيد أن "من سوء حظنا أن لحظة العبور الحقيقة لم يتم تصويرها" و هو فى الأغلب كان

قرارا صادرا عن الرئيس السادات مما يدل على وجود بعض المخاوف، و أن ما يتم تداوله على شاشات التلفاز إنما تم تصويره عقب ذلك.
وأما بشأن التغيرات الجذرية التى حدثت فى المنظومة الإعلامية عقب حرب أكتوبر أوضح الدكتور فاروق أبو زيد أن الإعلام فى 67 كان ضحية نظام سلطوى، أى أنه إعلام تابع للدولة ولا يتمتع بأى قدر من الحرية، و كان شعار الإعلام فى هذه الفترة هو "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، إذ لا يوجد الرأى و الرأى الآخر ولا توجد معارضة، وكان لابد من تنحية كافة الخلافات جانبا إلى أن يتم انتهاء الحرب لاسترداد الأرض المحتلة.
و أضاف أنه عقب وفاة جمال عبد الناصر 1970 استمر نظامه كما هو والمنظومة الإعلامية لم تتغير، بل حدث بها انقسام، و كان الجناح اليسارى بها يقوده على صبرى و شعراوى جمعة، و الجناح اليمين كان يقوده السادات و انضم له محمد حسنين هيكل و فى مايو وانتهى الصراع بانتصار السادات، و دخل الجناح اليسارى جميعه السجن، مما أجبر الرئيس السادات على تغيير كافة رؤساء التحرير ليصبح الإعلام موالى له، و لكن كان هذا تغيرا شكليا فقط، بينما جاء التغيير الموضوعى عقب تحقيق نصر أكتوبر العظيم.
مشيرا إلى أن السادات كان يسعى لتحويل النظام الإعلامى من نظام سلطوى إلى نظام ديموقراطى، و يعود الفضل فى ذلك إلى هيكل؛ لأنه من قام بإقناعه بهذه الفكرة، و لكنه كان عندما يتقدم خطوتين يعود خطوة إلى الخلف مرة أخرى، و كان الجانب السلطوى أكثر هيمنة عليه،فبدا متناقضا، فهو من أزال الرقابة عن الصحف المصرية عقب الحرب بأربعة أشهر، و و كذلك إلغاء الرقابة على برقيات الصحافة الأجنبية، و سمح بوجود صحافة حزبية، و هو أيضا من أمر باعتقال 1500 فرد من رموز المجتمع من بينهم العديد من الصحفيين و الكتاب، الأمر الذى شكل أحد أسباب إغتياله.
و ختاما أشار الدكتور فاروق أبو زيد الى مدى استفادة الإعلام المصرى من حرب أكتوبر، إذ أنه اكتسب مصداقيته مرة أخرى، فكان هناك إصرار من القيادة العسكرية فى غضون حرب أكتوبر بأن يتم تزويد الإعلام المصرى بالأخبار الصحيحة و الدقيقة، إضافة إلى إكسابه السبق الصحفى، حيث كانت توفر له المعلومات قبل أى صحف أخرى فى دول أخرى، وكل ذلك كان سببا فى إعادة بناء جسر الثقة بين القوات المسلحة و الشعب المصرى مرة أخرى، و رفع الروح المعنوية للجنود و للمواطنين و هذا هدف نبيل يشرف أى فرد بتحقيقه.