رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هوذا الكل قد صار جديدًا

 الأنبا إيلاريون
الأنبا إيلاريون أسقف البحر الأحمر

 

السنة الجديدة هى لوحة لم تُرسَم بعد، وطريق لم نَسِر عليه بعد، لكن الله -فى نعمته- منحنا القدرة على تغيير نمط حياتنا وإعادة صياغة أهدافنا وتشكيلها! صحيح أن التغيير قد يبدو مُخيفًا للبعض، لكن المُخيف حقًا هو السماح للخوف بأن يَمنعنا من النمو والتطور!

عندما كُنَّا أطفالاً، كان حلول عام جديد يُخيفنا قليلاً، إذ كنا نتساءل بشأن ما يُخفيه لنا!، لكننا أدركنا بمرور السنين أن تَغيُّر التقويم لا يمكن أن يُغيِّر أمانة الله أو عنايته بنا: «مِنْ إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَنَّنَا لَمْ نَفْنَ، لأَنَّ مَرَاحِمَهُ لاَ تَزُولُ. هِيَ جَدِيدَةٌ فِى كُلِّ صَبَاحٍ. كَثِيرَةٌ أَمَانَتُكَ» (مرا ٣: ٢٢، ٢٣).

لقد خلقنا الله بأداة رائعة، هى «ذاكرتنا». فكما نستخدم مرآة الرؤية الخلفية فى السيارة فى مساعدتنا على التحرك إلى الأمام، كذلك يساعدنا التأمل فى أعمال الله معنا فى العام الفائت- بروح الصلاة والشكر- على استخدامه كأساس نبنى عليه أحلامنا فى المستقبل بالإيمان والثقة والقوة. فالتطلع إلى الماضى والاستفادة من دروسه هو الذى يُعطى الحكمة للمُضى قُدُمًا!

كذلك يجب علينا أيها الأحباء أن نعى جيدًا أن الخطوة الأولى للوصول إلى مكان ما هى أن نُقرِّر أننا لن نبقى فى مكاننا الحالى. فبغض النظر عن مدى الصعوبات التى مررنا بها فى الماضى، يمكننا دائمًا أن نبدأ من جديد. فلا ندعن خيبات الأمل اليوم تلقى بظلالها على أحلام الغد، ولا نقللن أبدًا من القدرة التى نمتلكها على أن نوجه حياتنا إلى اتجاه جديد. فالعام الجديد هو كفصل فى كتاب ينتظر من يكتبه.

لذلك ينبغى ألا يستشير المرء مخاوفه وإنما آماله وأحلامه. وألا يفكر فى إحباطاته، بل فى إمكاناته التى لم يستثمرها بعد. وألا يهتم بما حاول وفشل فيه، بل بما لا يزال قادرًا على القيام به. وأن يقرر أن الوقت قد حان لتنحية نكسات وإخفاقات الماضى جانبًا، وأن ينظر بثقة إلى اليوم الجديد الذى يُدعَى «الغَد»، مُحتضنًا إياه بالرجاء والأمل والطموح. فالهدف من العام الجديد هو أن نمتلك قلبًا جديدًا وروحًا جديدة: «وَأُعْطِيكُمْ قَلْبًا جَدِيدًا وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً فِى دَاخِلِكُمْ» (حز 36: 26).

أيها الحبيب، ضع فى قلبك أن تتسلق الجَبل، لا ليَراك الناس، بل لتتمكن من رؤية العالم. ابدأ بنفسك وكن أنت التغيير الذى ترغب فى رؤيته فى العالم، واثقًا بأن المستقبل مِلك للذين

يؤمنون بجمال أحلامهم!

يقول القديس يوحنا ذهبى الفم: «إذا بلغت اليوم الأخير من السنة فاشكر الإله السماوى الذى أوصلك إلى نهاية العام. اتضع بقلبك، واعدد أيام حياتك، وقل لنفسك: الأيام تمر وتذهب، والأعوام سوف تنتهى، وقد مضى القسم الأكبر من حياتى، فما الذى فعلته من أعمال البر؟ كيف أترك هذه الحياة دون أن أتزود شيئاً من أعمال الحق؟». ويقول المتنيح قداسة البابا شنودة: «اعتبر العام الجديد صفحة بيضاء جديدة من حياتك قد وهبت لك من الله، فلا تكتب فيها إلا كل شىء مُشرِّف لا تخجل منه أمام الله وملائكته فى يوم الدينونة».

لا يهم حجم التحديات التى تواجهها، ولا شدتها أو طبيعتها، فطالما أن إيمانك بالله سليم، سيكون القدير معك وسَيُساعدك على تجاوزها جميعًا. 

فى ليلة رأس السنة، يحتفل العالم كله بحقيقة أن التاريخ يتغير. فدعونا نحتفل فى هذا العام بالتواريخ التى نُغيِّر فيها العالم بإبداعاتنا وبمحبتنا الصادقة لكل إنسان!

ونحن نستقبل العام الجديد، نُصلى إلى الله بفرح القلب، مُمتنين ومُرَحبين ببركات العام الجديد وعيد الميلاد المجيد، ونرجوه أن يُنعِم علينا براحة الدفء فى علاقاتنا، وبالسلام والمسرة فى كل قلب. نصلى إلى الله من أجل بلادنا الغالية ورئيسها المحبوب وقادتها، خصوصًا فى هذه الأوقات الصعبة. نصلى من أجل كل أولئك الذين يسعون إلى تحقيق السلام والعدالة فى عالمنا المُضطرب. ونصلى بشكل خاص من أجل حمايته لكل من يخدمون فى قواتنا المسلحة، ونشكرهم على التزامهم بالدفاع عن حرياتنا، حتى على حساب حياتهم. ونتمنى للجميع عامًا جديدًا وسعيدًا وواعدًا.