رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فرد أمن.. مهنة بلا ضوابط

بوابة الوفد الإلكترونية

«لقمة عيش» مغموسة بالتعب والألم وأحياناً بالذل والمهانة يبحث عنها الكثيرون هرباً من شبح البطالة الذى يطارد الملايين، ما يدفعهم إلى العمل فى مهنة «فرد أمن» والتى أصبحت ملاذاً لكثير من الشباب والكبار أيضاً والذين أحالهم المعاش المبكر إلى «قوة عاطلة» ولكن الكثير منهم يتعرضون لإهانات بالغة تصل لحد الضرب مثلما حدث مؤخراً، ويصبح الحصول على الحق فى علم الغيب.

ففى الآونة الأخيرة انتشرت الحوادث التى يتعرض لها أفراد الأمن من قبل أصحاب النفوذ أو المشاهير، حيث تعرض فرد أمن لإهانة من أحد سكان كمباوند بمنطقة المعادى والذى اعتدى عليه بالضرب، وقبله قامت ابنة لاعب مشهور وأصدقاؤها بالاعتداء على فرد أمن، كما اعتدى طبيب فى أحد المستشفيات على فرد أمن ودائماً ما خفى كان أعظم فما علمته «الوفد» من معاناة يتعرص لها هؤلاء يؤكد أن حقوق هذه الفئة من العمال مهدرة ويحتاجون إلى نظرة من الدولة.

«كسرة نفس والناس بتحبس جواها علشان محتاجه».. هكذا بدأ «ك.س» الشاب فى أواخر العشرينات حديثه والذى يعمل فى مهنة فرد أمن، مشيراً إلى أنه عند التعاقد للعمل فى الشركة يكون الراتب 6 آلاف جنيه مقابل العمل لـ12 ساعة فى اليوم إلا أن ما يحصل عليه الفرد بالفعل لا يزيد على 2800 جنيه، أما من يعمل لـ8 ساعات فلا يحصل إلا على 2000 جنيه رغم أن التعاقد يكون مقابل 4 آلاف جنيه، فضلًا عن أن القبض يكون يوم 10 من الشهر الجديد، وليس هذا فقط، بل لا يوجد تأمين ولا وجبات رغم الإعلان عن ذلك عند التوظيف، وإذا قدمت الشركات وجبة طعام تكون غير آدمية، وأضاف أنهم يتعرضون لخصومات بسبب الاعتراض على الإهانات المتتالية من بعض المواطنين.

وتابع: «أكثر الاهانات نتعرض لها عند العمل بالنوادى الخاصة، حيث إن عامل النظافة له قيمة أكثر من فرد الأمن، والمرتب لا يزيد على 2700 جنيه ووجبة واحدة، ولو العضو فى النادى أهان أو تعدى على فرد الأمن، لا أحد يدافع عنه وإذا حاول الفرد الدفاع عن نفسه أو وقف الإهانات يتم رفده فوراً، مشيرًا إلى أنه لا توجد عقود فكلها أوراق وهمية فى مكاتب التوظيف.

وأضاف قائلاً: «لا يوجد لدينا سلاح لتأمين أنفسنا وهناك ضغوط نفسية نتعرض لها بسبب تدنى المرتبات والمعاملة السيئة، مشيرا إلى أن الزيادة السنوية لا يحصلون عليها فى يناير بل فى شهر مايو ولو حصل الفرد على «جزا» ولو ليوم واحد لا يحصل على الزيادة، كما أن شركات الأمن تقوم بتشغيل أى شخص المهم أن يكون على دراية بالقراءة والكتابة ولا يشترط بنية جسمانية.

«ع.خ» البالغ من العمر 33 عامًا، يروى تفاصيل معاناته، وقصة كرامته المسلوبة بسبب لقمة العيش ليقول:«لا نحصل إلا على المرتب وهى أضعف مرتبات، وجميع حقوقنا مهدرة فلا توجد تأمينات ولا تأمين صحى ولا توجد نقابة تدافع عن حقوقنا.

«أ.ز» شاب حاصل على شهادة جامعية متزوج حديثًا، يعمل فرد أمن فى محطات المترو، يقول: «هناك مشاكل كثيرة وحقوقنا مهدرة، ومن ناحية المقابل المادى قليل جداً، مشيراً إلى أن الشركات تتعاقد مع المواقع مقابل مبالغ كبيرة ويمنحون فرد الأمن الفتات، بينما تحقق الشركات أرباحاً من وراء كل فرد يعمل فيها، وأضاف أنه يتم مساواة كل المؤهلات فى الرواتب وهذا ظلم، فلا فرق بين المؤهل العالى أو المتوسط أو حتى الحاصل على الإعدادية، وجميعنا نحصل على مرتبات ضعيفة، وعند مواجهته للشركة أكدوا أن مشكلة المترو أنه يسير بنظام واحد، ولا توجد ترقيات،

وأضاف أن هناك شركات تطلب أفراد أمن بمرتبات ضعيفة فإحدى الشركات يعمل فيها الفرد ١٢ ساعة، و٩ ساعات مقابل ٢١٤٦ جنيهاً، ولا توجد حوافز أو زيادات مهما كان عدد سنوات العمل فى الشركة.

وقال: نحن كأفراد أمن نعمل فى المترو من ٢٠١٨ ونحص على 2000 جنيه كراتب من الشركة وزيادة سنوية قيمتها ٢٠٠ جنيه، بينما تحاسب الشركة المترو على ٦ آلاف جنيه وأكثر، وقامت الشركة القديمة بنقلنا إلى شركة جديدة، وأصبح المرتب ٢١٥٠ جنيهاً، ثم أكدت لنا الشركة أنها ستطبق الحد الأدنى، وفوجئنا بأننا نحصل على 2000 جنيه فقط، والشهر التالى حصلنا على ٢١٥٠ ولم يطبق علينا الحد الأدنى للأجور حتى الآن، وفى شهر رمضان لم نحصل على وجبات إفطار إلى أول يومين فقط ولم نحصل على بدل إفطار ولا أى شىء على الإطلاق.

وطالب (أ) أن يكون هناك تقدير مادى ومعنوى لأفراد الأمن وتطبيق العدل وعدم المساواة بين مرتبات المؤهلات المختلفة وزيادة الحوافز والترقيات، لأنه يوجد أفراد مسئولون عن بيوت وأقل بيت لا يمكن أم ينفق أقل من٤ آلاف جنيه فى الشهر، مشيراً إلى ضرورة وجود نقابة لهم أو أن تنظر إليهم وزارة القوى العاملة بعين الرأفة.

«م.هـ» رجل أربعينى، شغل منصباً حكومياً سابقاً، ثم عمل بالأمن إلا أنه ترك المهنة حفاظًا على ما تبقى من كرامته، ويقول: «مالناش حقوق، فى أى لحظة يتم الاستغناء عنا، لا توجد معاشات، مشيرًا إلى أن شركات الأمن لا تقوم بالتأمين على موظفيها إلا بعد 6 أشهر، وقبل انتهاء هذه الفترة يتم فصلهم، ولذلك يطالب «م» بضرورة وجود عقود موثقة بين الشركة وأفراد الأمن.

ويضيف: «نعمل ساعات طويلة حتى نجنى مبلغاً بالكاد يكفى احتياجاتنا فى ظل الأجور المتدنية التى يفرضها أصحاب الشركات لاستغلال ظروفنا، مشيراً إلى أن شبح الإصابة بعاهة مستديمة يهددهم جميعاً وخطر الوفاة وارد جدًا، وعندما نصاب لا يتكفل صاحب العمل بنفقاتنا ونضطر إلى العودة للعمل رغم الإصابة، حتى نوفر الاحتياجات المالية لأسرنا».

واختتم حديثه مطالباً الدولة بضرورة وجود تأمين صحى لأفراد الأمن ومعاش لأبنائه فى حالة الوفاة.

لجان تفتيش

وردًا على مشاكل أفراد الأمن، قال مجدى البدوى، نائب رئيس اتحاد عمال مصر وعضو المجلس القومى للأجور، إن قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، خاص بالقطاع الخاص، ويضم جميع العاملين فى القطاع الخاص، مثل أفراد وشركات الأمن، وهذا القانون من المفترض أن يضمن حقوق العمال، بالإضافة إلى أن هناك طرقاً مشروعة لحصول أفراد الأمن على حقوقهم من الشركات، وذلك عن طريق لجان تفتيش من وزارة القوى العاملة، والتى من المفترض أن تقوم بدورها وهو التفتيش على شركات الأمن ومرتبات العاملين بها، والأمن الصناعى الخاص بهم.

وتابع «البدوى»: إذا لم توجد لجان تفتيش من القوى العاملة داخل شركات الأمن، عليهم التوجه لأقرب مكتب قوى عاملة ويتقدمون بشكوى جماعية للمطالبة بحقوقهم، ومن المفترض أن تقوم مديرية القوى العاملة بدورها، وهو التواصل مع الشركة لعمل جلسات تفاوض بين الشركة وأفراد الأمن لأخذ حقوقهم المسلوبة.

وأكد نائب رئيس اتحاد عمال مصر أن السبب فى الأضرار التى طالت أفراد الأمن، هى عدم وجود تنظيم نقابى يكفل حقوقهم، لذا يجب عليهم عمل لجان نقابية، حيث إن أية مهنة يتعدى عددها الـ50 فرداً يستطيعون تقديم أوراقهم وعمل نقابة لهم، لافتًا إلى أن الاتحاد العام لعمال مصر دائمًا ما يدعوهم لعمل تلك اللجان النقابية، ولكن هناك بعض المشكلات التى تواجههم، وهى أن معظم العاملين يعملون بعقود مؤقتة، ولهذه الأسباب أفراد الأمن مظلومين، مشيرًا إلى وجود حل وهو التواصل مع أقرب مكتب عمل وتقديم شكاوى والمكتب بدوره سيرسلها لوزارة القوى العاملة لبحث المشكلة وإرسالها للجهة المختصة لفحص الشكوى.

القانون يضمن حقوق أفراد الأمن المهدرة ولكن بشروط

ومن جانبه، علق الدكتور شريف عثمان، المحامى المتخصص فى القضايا العمالية والتعويضات، قائلًا:«إن إهانة أفراد الأمن، خاصة فى الفترة الأخيرة، تثير العديد من الإشكاليات خاصة المتعلقة بحقوق العمال فى القطاع الخاص، وهل استطاع قانون العمل حماية العامل من تعسف صاحب العمل، خاصة أن أصحاب العمل وخاصة فى مجال الأمن يعملون على تعيين أفراد بدون عقد للتهرب من الحقوق التى فرضها قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 حتى يسهل عليه التخلص منهم بدون تحمل أى حقوق لصالحهم.

ولفت «عثمان» أن قانون العمل عالج هذه الفرضية من

تهرب أصحاب الشركات من إبرام وعمل عقود موثقة، حيث وضع المشرع قاعدة عامة فى المادة / 32 من القانون لإثبات عقود العمل، حيث فرض على صاحب العمل الإثبات بالكتابة فى جميع الأحوال، وخفف عبء الإثبات على العامل فأجاز له الإثبات بكافة الطرق بما فيها البينة وشهادة الشهود، وذلك مراعاة لضعف مركز العامل أمام صاحب العمل، والذى يضع تحت يده المستندات التى تثبت حق العامل والذى لا يملك حق الاعتراض على الاستمرار فى العمل من عدمه، وإلا تعرض إلى جزاءات من صاحب العمل، وهو ما راعته أحكام المحاكم العمالية المختلفة كما جعل قانون العمل الحقوق التى يمتع بها العامل من القواعد الآمرة التى لا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو الانتقاص منها. حيث تمثل الحد الأدنى للحقوق المقررة للعامل ويقع باطلاً كل شرط أو اتفاق يخالف أحكام هذا القانون إذا كان يتضمن انتقاصاً من حقوق العامل المقررة فيه.

أما عن حملهم السلاح للحفاظ على حياتهم، فأكد عثمان أن شركات الامن لن تستطيع توفير أسلحة لكل الأفراد العاملين بها وذلك للعديد من الأسباب أولها ارتفاع تكاليف شراء الأسلحة النارية، وثانيها تشدد الدولة فى منح التراخيص لاستخدام الأسلحة النارية للحد من انتشارها، اما بالنسبة إلى الاعتداء على أفراد الامن من جانب بعض الأشخاص، فذلك يخرج من حماية قانون العمل الذى ينظم علاقة العمل بين صاحب العمل والعامل، ويخضع الأمر إلى قانون العقوبات والذى يهدف إلى حماية الحياة الخاصة للمواطن من الاعتداء.

والتقط محمد نور المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة أطراف الحديث، مشيراً إلى أن ما يحدث مع أفراد الأمن وآخرهم ضرب مواطن لفرد الأمن تعد جريمة بلطجة واستعراض قوة، عقوبتها الحبس سنتين بموجب نص المادة 375 مكرر من قانون العقوبات ولا يوجد بها تصالح، والجريمة ثابتة بالفيديو، وفرد الأمن يعتبر فرداً عادياً مُعتدى عليه، واذا حدثت له إصابات جراء الاعتداء عليه يعتبر اصابة عمل لذا وجب التعويض من جهة العمل ومن الجانى أيضاً، بالإضافة إلى التعويض المادى جراء الإصابات النفسية والأدبية التى حدثت له سواء من انتشار الفيديوهات أو بسبب ما وقع عليه.

أما عن الإهانات والفصل التعسفى الذى يحدث داخل الشركات، فقد أكد «نور» أن حقوق العامل فى القطاع الخاص بوجه عام عند فصله تعسفيًا، هى إلزام المؤسسة بمنح العامل جميع حقوقه المادية، وفى حالة عدم تنفيذ ذلك فإن للعامل الحق فى اللجوء لمحكمة العمال التى تقضى بصرف تعويض له، وغالباً ما يكون التعويض عبارة عن مبلغ براتب شهرين عن كل سنة قام بالعمل فيها فى المكان المفصول منه، كما يحصل العامل على مقابل للإجازات التى لم يأخذها وكانت متاحة له، ومن حقه الحصول على كافة الأوراق الشخصية الخاصة به من المكان المفصول منه، كما يحصل على شهادة خبرة موثقة بعدد سنوات خبرته التى عمل بها فى هذا المكان، وإذا كان العامل قد عمل فى المكان مدة تزيد على عشر سنوات، فإن من حقه الإخطار بالفصل قبلها بثلاثة أشهر، وإلا يحرر محضراً بعكس ذلك ويطالب بالتعويض، واذا امتنعت الشركة عن ذلك يتوجه لقسم الشرطة لتحرير محضر، ويتوجه لمكتب العمل لتحرير شكوى ويجب الرد على الشكوى خلال أسبوعين وإلا يتم إحالتها إلى المحكمة العمالية لتقدير التعويض.

ضرب أفراد الأمن... إهانة للمجتمع كله

 ومن جانبه، أكد جمال والى، الخبير والمفكر والباحث الاجتماعى، أن إهانة وتعنيف أفراد الأمن، هى واقعة مخجلة ومخيفة، وتعكس أهمية إحاطة المجتمع بكأميرات تراقب وتدقق فى ظل حالة السيولة وعجز الأمن المجتمعى عن مواكبة الزيادة فى عدد السكان والأحياء والتجمعات السكنية، مؤكداً أنه لا وقاية لنا كشعب إلا بدولة القانون، والمواطنة التى تحمى حقوق الجميع، ولابد أن نسعى لكى تكون سيادة القانون على الجميع دون تمييز لصالح أحد حتى القائمين على تطبيق القانون وإنفاذه لحماية المواطن وحقوقه وحرياته، والقضاء على الجريمة.

ومن جانبها، عقبت عبير علوى، عضو بالمركز الوطنى لحقوق الإنسان، عما يحدث من إهانات لأفراد الأمن مؤكدة أن هذا لا يليق بمجتمع يحترم كرامة الانسان، مشيرة إلى ضرورة اتخاذ إجراء قانونى، مشيرة إلى أن عدم إعمال القانون مسئولية العديد من الأفراد ومنهم المجنى عليه، الذى يجب أن يبحث عن حقه، لافتة إلى أن هناك شركات أمن إدارى وشركات أمن وحراسة، والأمن الإدارى يكون موظفاً حاصلاً على مؤهل متوسط ويشبه حارس العقار ولا توجد لديه آلية خاصة للدفاع عن نفسه أو عن المكان ودوره حراسة المكان أو العقار وإتاحة دخول الأفراد فقط، أما شركات الأمن والحراسة فلديهم مواصفات بدنية معينة وعندهم ترخيص بحمل السلاح، وهؤلاء يستطيعون حماية أنفسهم وحماية الأماكن القائمين عليهم.

أما عن عقود العمل فتكون بين مكتب العمل وبين شركة الأمن، فلا يجب أن يوافق فرد الأمن على العمل الا بموجب عقد موثق فى مكتب العمل، حتى لا يفرط فى حقه، وحالياً رئيس الوزراء ألزم القطاع الخاص بقرار تطبيق الحد الأدنى للأجور، وإذا لم تستجب الشركة فلا بد من تقديم شكوى لمكتب العمل.

وطالبت عبير بضرورة أن تكون لهم نقابة تكفل حقوقهم ويجب أن يتبنى أحد نواب البرلمان قضيتهم، خاصة أنهم أصبحوا شريحة كبيرة من المجتمع.