رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مصطفى إسماعيل مقرئ الملوك والرؤساء

علاء مصطفى إسماعيل
علاء مصطفى إسماعيل (مضيف جوى)

قيثارة السماء محمد رفعت وصفه قائلًا: «أنت صاحب مدرسة جديدة»

الأسطى فتوح الترزى اقترح عليه الانضمام لرابطة القراء.. و«الصيفى» اختاره للتلاوة أمام الإذاعة

ناظر الخاصة الملكية استدعاه لسراى عابدين بالبوليس من قريته بالغربية

أمر ملكى بتكليفه قارئًا لإحياء ليالى رمضان بقصرى رأس التين والمنتزه بالإسكندرية

 «عبدالوهاب» أطلق عليه لقب «الفتوة».. «الحفنى»: أنت وحدك معهد كامل للموسيقى

 «السادات» اصطحبه فى زيارة القدس.. ووسام الدولة فى عيدالعلم 1965 تكريمًا له

زوجة ابنه: كان إنسانًا لطيفًا.. وحفيده: 56 ألف ساعة قرأها فى حياته

 نزيف بالمخ أنهى حياة قارئ الملوك.. ودفن جثمانه فى حديقة منزله بميت غزال

 

فى البداية يقول علاء مصطفى إسماعيل (مضيف جوى) حفيد الشيخ رحمه الله: ولد الشيخ مصطفى محمد المرسى إبراهيم الشهير بـ«مصطفى إسماعيل» فى قرية ميت غزال بمركز السنطة بمديرية الغربية فى 17 يونية عام (1905) لأب فلاح. وألحقه والده بكتاب القرية فى سن (5 سنوات) فاستطاع حفظ القرآن بكتاب الشيخ «عبدالرحمن النجار». ثم انتقل إلى كتاب الشيخ «عبدالرحمن أبو العينين»، حيث تعلم القراءة والكتابة وجزءًا من القرآن. ثم انتقل إلى كتاب الشيخ «محمد أبوحشيش» وأتم الحفظ على يديه فى العاشرة من عمره. كما تلقى علوم التجويد والقراءات على يد الشيخ إدريس فاخر فى السادسة عشرة من عمره قبل التحاقه بالمعهد الدينى التابع للأزهر الشريف بمدينة طنطا، لكنه لم يكمل دراسته به، وذاع صيته فى قرى الغربية والمحافظات المجاورة كقارئ واعدٍ موهوبٍ. وفى عام 1927 التقى الشيخ مصطفى إسماعيل الشيخ محمد رفعت فى مأتم أحد أعيان طنطا ومحافظة الغربية وهو حسين بك القصبى عضو مجلس الشيوخ وأمام كبار المسئولين فى الغربية والأعيان استمع الشيخ رفعت إلى القارئ الشاب الذى أجاد فى هذه الليلة فى التلاوة إجادة كبيرة. فلما انتهى الشيخ مصطفى إسماعيل من تلاوته بعد أكثر من ساعة ونصف صافحه الشيخ رفعت وقبّله وقال له: «أنت صاحب مدرسة جديدة» ونصحه بمراجعة القراءات على يد شيخ كبير فى المسجد بطنطا وعمره كان 22 عاما حتى تركه ولم يكمل دراسته به.

ومرت الأيام ليلتقى الشيخ محمد سلامة فى أحد المآتم.. إلا أن الشيخ محمد سلامة اعتذر عن عدم الحضور فانفرد الشيخ مصطفى إسماعيل بدكة التلاوة ليلتها وسحر الجمهور بصوته وعبقرية أدائه، وكانت الليلة الموعودة نقطة التحول الأولى فى حياة هذا القطب القرآنى الفذ، ولأنَّ الموهبة مثل الشمس لا يستطيع أن يحجبها أحد، فقد ذاع صيته فى الغربية ووجه بحرى بأكمله فقد قرأ أول ليلة فى طنطا نهاية سنة 1927م واشتهر سنة 1928م بعد عزاء حسين بك القصبى قبل أن ينتقل للقاهرة.

أسرته والعائلة

يلتقط طرف الحديث مصطفى وحيد حفيد الشيخ مصطفى إسماعيل متحدثًا عن زواج الشيخ قائلًا: فى عام 1927م مات سعد زغلول زعيم ثورة 1919م وأقيمت السرادقات فى مختلف المحافظات ودعى الشيخ مصطفى للقراءة فى دمياط وانطلق صوته ليستقر فى أعماق القلوب، وأصر أحد المستمعين ويدعى الأستاذ محمد عمر صاحب المدارس المعروفة باسمه فى دمياط على دعوة الشيخ مصطفى فى منزله، وأعجب الشيخ بابنة الأستاذ ولم يفصح عن مكنون نفسه، وجاء فى العام التالى يطلب الزواج من فاطمة محمد عمر، وكان والدها قد توفى، فخطبها من شقيقها الأكبر وتزوجها وعمره 26 عامًا فى عام 1931م، وأنجب منها 3 أولاد و3 بنات، وكانت وش السعد عليه. حيث افتتح مكتبًا فى طنطا تولى إدارته شقيقه محمد إسماعيل وعرف طريقه لإحياء المآتم والليالى فى القاهرة عام 1938م. أما عن العائلة (آل إسماعيل) بقرية ميت غزال بمسقط رأسه مركز السنطة مديرية الغربية آنذاك، فقد كان ينتهز أى فرصة لزيارة بلدته، والشىء الغريب حتى الآن بعد مرور أكثر من 43 عامًا على وفاته أنه كان ملمًا بأحداث قريته وكل ما يدور فيها، أما عن سيرة جدى فقد سافرت إلى العديد من البلدان خارج مصر مثل تركيا ورأيت شهرة جدى وصيته الذائع هناك حتى الآن، ومازالوا يعرفون اسمه، كل ذلك ببركة القرآن واسم الشيخ، والذى نشرف جميعًا بالانتماء إليه رحمه الله.

الإذاعة

ويواصل علاء حسنى حفيد الشيخ حديثه قائلًا: لعبت الصدفة دورًا مهمًا فى شهرة الشيخ مصطفى إسماعيل، حيث ذهب إلى القاهرة لشراء بعض الأقمشة وإصلاح سيارته، وبالصدفة مرَّ على شارع الأزهر، فقرأ لافتة مكتوبًا عليها «رابطة تضامن القراء» وكان من عادته تفصيل ملابسه عند ترزى عربى اسمه «الأسطى فتوح» وكان معجبًا بهذا الترزى، ويأتيه من طنطا كلما أراد تفصيل الملابس، وتوثقت بينهما الصداقة، وكان الأسطى فتوح يطلب منه تلاوة القرآن فى منزله، فقال له الشيخ إنه مر برابطة تضامن القراء، ولم يكن يعلم بها، وذلك فى أوائل عام 1944م فأشار عليه الأسطى فتوح أن يلتحق بهذه الرابطة. وهناك التقى الشيخ محمد الصيفى رئيس الرابطة، وأعلن عن رغبته فى الانضمام للرابطة، فطلب منه الشيخ «الصيفي» أن يقرأ عليه بعض آيات القرآن الكريم فقرأ عليه سورة الفجر فاستعذب صوته، فاختاره لإحياء ليلة الرابطة بالمسجد الحسينى فى الاحتفال بذكرى المولد النبوى عام 1944م، والذى سينقل على الهواء من مسجد الإمام الحسين وسيحييه الشيخ عبدالفتاح الشعشاعى لكنه تخلف، فما كان من الشيخ «الصيفي»، إلا أن أجلس الشيخ مصطفى إسماعيل على دكة التلاوة ليقرأ، فرفض المسئولون فى البداية، لأنه غير معتمدٍ فى الإذاعة لكنهم استسلموا لطلب الشيخ «الصيفي» لأنهم تعرضوا لمأزق غياب الشيخ «الشعشاعي» وقرأ لمدة نصف ساعة من سورة التحريم. وانطلق صوت الشيخ مصطفى إسماعيل عبر أثير الإذاعة لأول مرة على الهواء مباشرة، وكانت تلك الليلة بداية عهدٍ جديدٍ فى دولة التلاوة، لتكون نقطة التحول الثانية فى حياة الشيخ مصطفى إسماعيل دون مروره على اختبارات أو امتحانات من لجنة الإذاعة.

القصر الملكى

● ويضيف حفيد الشيخ: فى هذه الليلة سمع مراد محسن باشا ناظر الخاصة الملكية الشيخ مصطفى إسماعيل فى الإذاعة وأرسل فى طلبه فى قريته عن طريق البوليس، وكان الشيخ يشرف على جنى القطن فى حقله، ولما عاد للمنزل أخذه الضابط فى سيارة البوليس، ومن طنطا بدأت مسيرة السيارة إلى القصر الملكى بعابدين وأدخلوه على الفور إلى مكتب مراد باشا فقال له استمعت لصوتك بالإذاعة وأرجو أن تقرأ لنا الآن ولم يكد الشيخ يجلس للتلاوة حتى دخل عليهم محمد حيدر باشا القائد العام للقوات المسلحة وانتهت المقابلة بين الشيخ مصطفى إسماعيل ورجال الملك فى القصر الملكى، ولكن مراد باشا وهو يودعه على باب مكتبه قال له: (نريدك فى احتفال الذكرى السنوية السابعة لرحيل الملك فؤاد فى 28 أبريل 1945م، وسيحضر الملك فاروق وسيذيع الراديو قراءتك)، وبالفعل حضر الاحتفال وقرأ فيه، حتى صدر أمر ملكى بتكليفه قارئًا للقصر الملكى لإحياء رمضان بقصرى رأس التين والمنتزه بالإسكندرية، وطلبوا منه ترك طنطا، منذ 1945م، وعندما اشتكى لمراد باشا محسن ناظر الخاصة الملكية، من مشقة السفر ذهابًا وإيابًا استضاف الشيخ فى جناح بفندق (شبرد) وكان القصر الملكى يستأجر ذلك الجناح طوال العام باسم الملك، وقد ظل الشيخ مصطفى إسماعيل مقيمًا بذلك الجناح فى ضيافة القصر الملكى منذ شهر رمضان يوليو(1945م حتى مطلع 1952م) عندما انتقل الشيخ مصطفى إسماعيل للإقامة فى شقة استأجرها فى حى الزمالك بالقاهرة.

الأزهر الشريف

ويقول المهندس «علاء»: فى عام 1947م اختير قارئًا للسورة بإلحاح الأزهر الشريف عام 1947م على الرغم من عدم اعتماده بالإذاعة، حيث اعترض كبار القراء المعتمدين بالإذاعة على هذا الاختيار، ولكن مساندة الشيخ عبدالفتاح القاضى عالم القراءات والشيخ على الضباع شيخ المقارئ المصرية إلى جانب حماس مراد باشا ناظر الخاصة الملكية ومحمد حيدر باشا القائد العام للجيش المصرى وقتذاك حسمت المعركة لصالح الشيخ مصطفى، وفى عام 1948م اعتمد إذاعيًا وشارك فى لجنة اختباره الشيخ على الضباع والشيخ عبدالفتاح الشعشاعى.

لماذا تأخر؟!

● يبقى تساؤل: لماذا تأخر اعتماد الشيخ مصطفى إسماعيل حتى نهاية الأربعينيات على الرغم من انتشاره وتلاوته فى الإذاعة منذ عام 1943م؟

- يجيب حفيد الشيخ: أن ذلك يرجع إلى خلاف الإذاعة مع الشيخ مصطفى فى أعقاب تلاوته بحفل رابطة القراء، حيث وضع عدة شروط رفضت الإذاعة الاستجابة لها وهى: أن يقرأ القرآن لمدة ساعة كاملة وليس نصف الساعة فقط، وهو ما عبر عنه فى حديث ذكرياته بقوله: «كنت أسأل نفسى أقرأ إزاى فى الإذاعة والمدة لا تتجاوز نصف الساعة قبل أن يسخن صوتى يطلبون منى أن أتوقف، فكنت برفض الذهاب للإذاعة لأننى كنت أشعر أننى لن آخذ راحتى فى القراءة». والثانى أن يسجل له من المساجد على جمهور، لأن الاستديو يحول بينه وبين الأداء العالى. وبعد تدخل الشيخ «الضباع» والشيخ «عبدالفتاح القاضي» ومراد محسن باشا ومحمد حيدر باشا وهم الذين رشحوه للقراءة فى الجامع الأزهر تم الاتفاق على أن يقرأ الشيخ لمدة 45 دقيقة فى الاستديو والاحتفالات التى تقام فى غرة الشهور العربية بالمساجد الكبرى، وحسنًا فعل وإلا فقدنا ثروة قرآنية لا يجود الزمان بمثلها.

علاقته بأم كلثوم وعبدالوهاب

كان الشيخ مصطفى إسماعيل قريبًا من أم كلثوم وكانت ترسل له ليجلس معها فى حديقة منزلها بالزمالك، وكان «عبدالوهاب» يعشق صوته ولم يكن يصرح بذلك، حتى أنه كان يركب سيارته ويذهب لسماع الشيخ فى موالد أبوالعلا وبولاق والمناسبات الدينية، وهناك ليال معينة كان يجلس فى سيارته بالخارج ليستمع له فى الخفاء، وكان يكلمه تليفونيًا ليخبره بذلك، حتى أطلق عليه لقب «فتوة» لأنه كان يراه يصل إلى طبقات صوتية لا أحد يستطيع الوصول لها أو الاقتراب منها، وفى ذكرى الأربعين لرحيل الفنان عبدالحليم حافظ فى مايو 1977م سمع أهل الفن والموسيقى الشيخ مصطفى إسماعيل فقالت له الدكتورة رتيبة الحفنى عميد المعهد العالى للموسيقى آنذاك (ما هذا الجمال ياشيخ مصطفى.. والله أنت وحدك معهد كامل للموسيقي).

علاقته بالرؤساء

وعن علاقة الشيخ مصطفى إسماعيل بالرؤساء قال حفيده: إنه بعد قيام الثورة جاء الرئيس محمد نجيب واختار الشيخ مصطفى إسماعيل ليكون هو القارئ الذى يفتتح حفلاته. ثم جاء «عبدالناصر» وكان الشيخ هو الذى يفتتح حفلاته ويختتمها أيضاً وبعد ذلك جاء الرئيس «السادات» الذى كان من أشد المعجبين بالشيخ مصطفى إسماعيل، حتى أن «السادات» عندما وجد القارئ أحمد نعينع يقلد الشيخ مصطفى إسماعيل فى طريقة أدائه أحبه وعينه قارئًا برئاسة الجمهورية. وقد اصطحب الرئيس «السادات» الشيخ مصطفى إسماعيل معه لزيارة المسجد الأقصى

بالقدس فتلا آيات قرآنية بصوته الذهبى فجر عيد الأضحي.

زياراته الخارجية والأوسمة

وعن زيارة الشيخ مصطفى إسماعيل الخارجية وأهم التكريمات يقول حفيده مصطفى وحيد: كان أول قارئ للقرآن يحصل على وسام الدولة فى عيد العلم عام 1965م، وأول قارئ سجل القرآن الكريم على أسطوانات، كما يعد ثانى أعظم قارئ للقرآن أنجبته الأرض العربية بعد الشيخ محمد رفعت، وقد طاف الشيخ مصطفى إسماعيل بالعديد من دول العالم قارئًا للقرآن. فقرأ شهرًا كاملًا ما بين بيروت وحلب ودمشق. كما قرأ فى فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وماليزيا وباكستان وجميع الدول العربية بما فيها فلسطين. وقرأ فى المسجد الأقصى بالقدس ثلاث مرات عام 1960م، حيث أحيا شهر رمضان هناك، وكانت القراءة الثانية فى عام 1966م، ثم فى صبيحة أول أيام عيد الأضحى المبارك سنة 1977 وقد حدثت هذه الزيارة عندما سافر مع الرئيس «السادات» خلال زيارته التاريخية لإسرائيل. كما طاف بعشرات الدول الأفريقية التى تضم الملايين من الجاليات الإسلامية وحظى بتكريم رؤساء هذه الدول. كما حصل جدى على أعلى الأوسمة من لبنان وسوريا ومن العديد من الدول الأسيوية.

قارئ مميز

أما إيهاب وحيد الحفيد الأصغر للشيخ مصطفى إسماعيل فيقول: للأسف لم أعاصر فترة وجود جدى رحمه الله، فقد توفى قبل مولدى بأربع سنوات تقريبًا، لكن والدى المهندس وحيد كان يحكى لى دائمًا عن جدى، وأهم شىء علمته أنه كان يهتم بالتعليم جدًا، فوالدى كان مهندس كهرباء وعمى الأكبر كان حاصلًا على درجة الدكتوراه، وسافر إلى ألمانيا، كما أن جدى كان مهتمًا بتعليم بناته أيضاً، وألحقهن بمدرسة الأمريكين بطنطا، فقد كان قارئًا متفتحًا، ويرى أن التعليم أهم شىء لتكوين الإنسان، كما علمهم مبادئ الدين الإسلامى وحفظ القرآن، فقد كان محبًا لأسرته، أيضاً والدى كان يحكى لى عن جدى وكيف أن الله اختص بعض الناس لخدمة البشرية فى كافة المجالات ومنهم خدمة كتاب الله عز وجل، وقد اختص بعض المقرئين الكبار أمثال الشيخ محمد رفعت وعبدالباسط ومصطفى إسماعيل، بأن يصل القرآن بأصواتهم إلى جميع الناس فى كافة أنحاء العالم، وكنت أستمع له فى التليفزيون والإذاعة والنادى، ودائمًا سيرة جدى تتردد بين الناس منذ ما يقرب من 115 سنة، والكل يعرف من هو مصطفى إسماعيل وكيف كان صاحب مدرسة كبيرة فى عالم التلاوة حتى فى الدول غير الناطقة بالعربية مثل تركيا وإيران وأوروبا، ويقومون بتقليده، فهذا نوع من أنواع البركة من الله عز وجل أن يحافظ على أصوات هؤلاء القراء العظماء حتى يصبحوا قدوة لمدارس قرآنية تتوارث عبر الأجيال التالية.

كان لطيفًا

أما زوجة المهندس وحيد نجل الشيخ مصطفى إسماعيل فتقول: إن عمى الشيخ مصطفى إسماعيل (حماى) كان إنسانًا جميلًا جدًا، وكنت أحبه وله منزلة كبيرة فى قلبى، وكان إنسانًا لطيفًا ويرحب بى دائمًا، وفى الحقيقة عايشته لمدة عامين لكننى كنت أراه كل يوم خلالهما، وكانت له لمسات إنسانية كثيرة، وكان متعلقًا بنجلى مصطفى، وهو الذى أطلق عليه نفس الاسم، وكان يحبه جدًا، وكنت أسافر معه كثيرًا إلى البلدة وفى فيللته بالإسكندرية التى كان يعشقها كثيرًا لوجود أصدقاء كثيرين له هناك، وكان يحب الحياة ومنفتحًا رغم أنه كان يتحفظ على أشياء كثيرة، إلا أنه كان يحب أولاده وأسرته وعائلته، وبارًا بإخوته وأهله، وكانت وفاته صدمة كبيرة بالنسبة لى، لأننى افتقدته فقد كنت أحبه كثيرًا بمثابة والدى، وكان علمًا فى التلاوة وصوته يملأ كل مكان، وسيبقى إلى يوم الدين بإذن الله، وكلنا نفتقده، لكن عزاؤنا أن أعمال وتلاواته باقية، وما نلاقيه من حفاوةٍ وترحابٍ فى كل مكان نذهب له لأننا أسرة الشيخ مصطفى إسماعيل، وأدعو بالرحمة له دائمًا له.

رحيل الأسطورة

يختتم علاء حسنى حفيد الشيخ الحديث عن تراث الشيخ ورحلة النهاية والرحيل قائلًا: جمعنا تراث الشيخ كأسرته على مدار 50 عامًا، وقد بدأ جمع التراث خالى عاطف مصطفى إسماعيل بعد انتهائه من دراسة الطب فى ألمانيا وعودته إلى مصر من أصدقاء الشيخ الحافظين للتراث ثم أكملت أنا المسيرة بعد ذلك، فالشيخ تقريبًا هو المقرئ الوحيد الذى يعتبر إنتاجه غزيرًا يتراوح بين 52 و56 ألف ساعة قرأها فى حياته، لأن المعجبين به على مستوى القطر المصرى وخارج مصر كانوا يسجلون له أيضاً بخلاف سماعهم له، وإذاعة سوريا والأردن وتلاوات المسجد الأقصى وفى العراق ولبنان، فهناك تسجيلات كثيرة جدًا، وكنا نجمع هذا التراث، حتى وصل إلى 2000 ساعة صوتية مسجلة غير المصحف المجود والمرتل، وهناك أكثر من 70 تسجيلًا فى مكتبة الإذاعة المصرية لم تر النور حتى الآن، فالشيخ مصطفى إسماعيل تميز بمقومات أفاض الله عليه بها كاملة، فى الحنجرة كمساحة وحجم، والمقامات الموسيقية، فهمه للقرآن، فكان يخدم القرآن بصوته، ومبدعًا فى تلاواته، التى تختلف من تسجيل إلى آخر بالرغم أنها نفس الآيات، وهذا هو الإبداع الموجود لدى الشيخ مصطفى إسماعيل والذى لا يوجد عند غيره. أما عن رحيله فلم يتخلف الشيخ مصطفى إسماعيل عن دعوة وجهت إليه لتلاوة القرآن الكريم وكانت آخر دعوة تلقاها من رئاسة الجمهورية التى كانت تطلبه شخصيًا، حيث طلب منه أن يقوم بتلاوة آى الذكر الحكيم فى مسجد (البحر) بدمياط قبل صلاة الجمعة فى شهر ديسمبر 1978 م فاستقل سيارته صباح ذلك اليوم من قرية ميت غزال، حيث كان يقيم وتوجه إلى دمياط، وعندما كان الشيخ يقطع الطريق من ميت غزال إلى دمياط، كان الرئيس «السادات» مجتمعًا مع رؤساء وممثلى النقابات المهنية فى محافظتى دمياط والدقهلية بمبنى المحافظة، بينما كان الشيخ مصطفى إسماعيل يهيئ نفسه لتلاوته الأخيرة بعد وصوله إلى مسجد البحر. وكان موكب الرئيس «السادات» يطوف بشوارع دمياط حتى أفضى إلى المسجد، وعندما انتهت شعائر صلاة الجمعة خرج الرئيس «السادات» ليواصل جولته بالمدينة ولتمرق فى أعقاب موكبه سيارة الشيخ مصطفى إسماعيل فى طريقها إلى الإسكندرية، حيث داهمته جلطة فى المخ بعد وصوله إلى داره فى حى رشدى بالإسكندرية، نقل على إثرها إلى وحدة ناصر للعلاج المركز بالمستشفى الجامعى بالإسكندرية. ولم يلبث الشيخ طويلًا بوحدة العلاج المركز، حتى أصابه نزيف بالمخ عقب دخوله المستشفى بيومين لتصعد روحه إلى بارئها بعد ظهر الثلاثاء 26 ديسمبر 1978 م وقبل مغرب يوم الخميس 28 ديسمبر 1978م دفن جثمانه فى المدفن الخاص بمنزله بناء على وصيته بجوار المسجد الذى بناه فى الستينيات فى قرية ميت غزال. فقد كانت أمنيته أن يدفن فى حديقة منزله الريفى بقريته «ميت غزال» وأثناء احتضاره تم نقل هذه الوصية للمحافظ لكنه رفض قائلًا هذا يحتاج إلى إذن من رئيس الجمهورية، فذهب الحاج عبدالعزيز إسماعيل وهو شقيق الشيخ إسماعيل وكان شيخ البلد بقرية ميت غزال وذهب إلى الرئيس «السادات» فى ميت أبو الكوم الذى استقبله فورًا وأمر بتنفيذ وصية الشيخ مصطفى إسماعيل.